يـــــــا حــاملة الشمعـــــــــــــــة‏

[زهرة الياسمينا]

بسم الله الرحمن الرحيم

يـــــــا حــاملة الشمعـــــــــــــــة

حاملة الشمعة أنتِ..من مثلك
عرفتِ الطريق وسلكتِ الدروب
سرتِ .. وجاوزتِ..وقطعتِ..فلا أهمكِ هم..ولا أوحشتكِ ظلمة
فلديك أنتِ النور..يطل في كل أفق تشرفين منه
كل الرؤوس تطلعت نحو تلك القادمة من بعيد..كلهم تنفس الصعداء بزفرات حارة
لعودة الأمـــــــل
وكلهم تنادوا
أن هلـــــــموا..فقد جاء من لديه نــــــــــور
ولا نور كنور من آتاه الله النور. وأنتِ أمام الركب سائرة..والحشد خلفك ِ..يقتفيكِ
سرب طويل من الأنفس اللاهثة الظمئى..المتعطشة للوصول..المتشبثة ببعضها البعض
سلسلة طويلة ممتدة..بدايتها ..أنتِ ..وشمعتكِ
نعم! .. أنتِ!
كم من متخبطة سارت وراءكِ..وكم من ناقمة على الظلمة استبشرت بخطاكِ
لو التفتى خلفكِ لفتة لرأيتيهم
لا يرفعون أبصارهم عنكِ..يرون أين موضع قدمكِ
فلا تكون خطاهم إلا حيث سارت خطاكِ
وعجبي كل العجب ..من موضع قدم
كلما ازداد الوطأ عليها..ازدادت علوا وشموخا!..حتى لا تكاد تخطؤها عين
وهكذا هي آثار الأشراف دائما..يُستهدى بها..وإن رحل أصحابها
فيـــــا حـــــاملة الشمعـــــــة
وراءكِ سير طويــــــل..وفي عنقكِ أنفس جمة
الركب يجب أن يصل.. والنور يجب أن ينتشر.. وإلا
فمـــــا أديتِ الأمــــــــانة
فإياك وإياك والغفـــــــــــلة.. فمثلكِ ما كان ليغفل
وإنها الظلمة تتربص كل آونة بالقافلة
أحيطى الشمعة بذراعيكِ من كل صوب..فهبة ريح بسيطة تصيبها
قد تخمد النور الذي عليه تسير القافلة و يجتمع الحشد
وعلى هذا الطريق كونى واحدة.. أنتِ أنتِ.. لا تغير ولا تبدل
فليس الموضع موضع هـــزل
وانحراف الدلـــــيل..هو لانجــراف التــابعــين .. أقصــر سبيل
إن استرسلت نفسكِ أو تمادت..فازجريها وانهــريها..
واعلمى أنكِ متى ما غفلتِ عن هذا الزجر والنهر..طاشت النفس من بين يديكِ..وعاثت..
ولن تستيقظى إلا على دوي الظلمة في كل زاوية..
واعلمى بأنك تمرين على أقوام..فتوقدين لهم..وتنادي فيهم مــــادة يديكِ:
أن اركــبــوا معنــــا..
فيلوون رؤوسهم ويعرضون..فلا تحزنى ..ولاتكونى باخعة نفسك عليهم
أولــئك أقوام طال مكوثهم في الظلمة..حتى ألفتها أعينهم واستأنست بها
فما عادت ترغب بالنور..لأنهــــــــا لا تــــــقوى علـــــــــيه
يا حاملة الشمــــــعة
وإن طال الطريــــــــق
وإن شـــــح الزاد
وإن عـــــز الناصــــر
أو قل الرفيــــق
فتشبثى باليقــــين ولا تحـــــزنى
تأملى جمـــوع الواصليـــن النـــاجين
تجديهم بين مطارد من أهله..
وجــــائع شد الحجر على بطنه..
وفقير لا يجد ما يستر به نحول بدنه
ومكلوم ..ومريض
ولكنها نفس المؤمن.. شجــــاعة استحقت الشجاعة بصبــر ســـــــــــاعة
فانقادت لها نواصي الخطوب والملـــمات..
يـــا حــــاملة الشمعــــــــــة
اليــوم شمعة ودمعة..حرقة وعبرة..عمل وعنـــــــاء
وغـــــدا..النــــــــور يمشي بين أيديهم وبأيمانهم
صراط منــير.. وجنان زاهية
فلا تزلّ القدم .. ولا يعرف الهم.. إلا قيلا سلاما سلاما
يا حاملة الشمعــــــة
سماؤك غدا ظل العرش..فأنعمى بالنــــور في ذاك المقـــــام..