|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
بسم الله الرحمن الرحيم قصة الحمّارين الثلاثة وأمير الأندلس كان في مدينة بغداد ثلاثة حمّارين ، يخرجون من الصباح الباكر إلى عملهم ، ولا يعودون إلّا مساءً ، وكان العمل شاقًا طوال اليوم بحثًا عن لقمة عيشٍ يقتاتون بها ، ويطعمون صغارهم . وفي ليْلةٍ من الليالي المقمرة ، جلس الحمّارون الثلاثة يتسامرون ، فقال أحدهم : ما رأيكم لو تمنى كل واحدٍ منا أمنيةً ، علّنا نُسلِّي ليلنا ونقطع الوقت . استحسن أخواه الفكرة ، فبدأ هو بقوله : أنا أتمنى أن يكون عندي حمارٌ آخر ، لأُريح حماري المسكين من عناء العمل المتواصل طِوال اليوم . وقال الثاني : أما أنا فأتمنى علفًا كثيرًا لعل حماري يعمل يومه بنشاط ، ويدِرَّ عليّ رزقًا وفيرًا . وقال الثالث : أما أنا فأتمنى أن أصبح أمير الأندلس . يا إلهي ! قالها صديقاه بوقتٍ واحد، أمير الأندلس!! قال نعم ، أليس الأمر هو مجرّد أماني وأحاديث نفس ، إذن أتمنى أن أكون أمير الأندلس. ضحك صديقاه حتى انقلب الأول على قفاه من الضحك ، فاستوقفهما وقال لهما : ليتمنى كل واحدٍ منكما أمنيةً أحققها له حال ما أصبح أميرًا للأندلس . فقال الأول وكاد يغشى عليه من الضحك ؛ إن أصبحت أمير الأندلس ، فاستدعني إلى بلاطك واجلدني مئة سوطٍ واحملني على ظهر حمارٍ ، اجلسني عليه بالمقلوب ، ولف بي شوارع المدينة وأنا أقول أنا الكذاب أنا الكذاب . قال له : لك ذلك إن شاء الله. والتفت إلى صديقه الآخر وقال له : وانت ماذا تتمنى ؟ قال : بما أن الموضوع هو أمنيات ، فأنا أتمنى جاريةً حسناء ، وقصرًا جميلاً ، ومالاً وفيرًا . قال له : لك ذلك إن شاء الله ودّع الحمّارون بعضهم ، ومضى كلٌ في طريقه . ومرّت السنون والأعوام ، وافترق الحمّارون عن بعض ، وكان الحمّار الثالث طموحًا ، فدفعه طموحه إلى التقديم بالشرطة في بغداد ، وكان له ما اراد . عمل الحمّار جنديًا صغيرًا لفترة من الزمن ، ولذكائه وفطنته ؛بدأ يعتلي المناصب والرُتب ، حتى أصبح رئيس شُرطة بغداد ، وتقرّب من الخليفة هناك . كانت الأندلس آنذاك تحت إمارة أميرٍ ضعيف الشخصيّة ، وكثُرت فيها النزاعات والحروب ، فقرر الخليفة إرسال الحمّار إلى الأندلس ، ليشغَل وظيفة مساعد الأمير . اشتغل الحمّار مساعدًا لأمير الأندلس ، ولكن كُثرة الحروب أدت إلى تنحي أمير الأندلس وتولي الحمّار إمارتها ، وقد أبلى بلاءً حسنًا ، واستطاع أن ينهي الخلافات ويقضي على الفتن . جلس الحمّار على كرسيّ الإمارة في الأندلس ، والحرس من حوله ، وتذكر صديقيه الحمّارين وما وعدهما به ،فأمر حراسه بالبحث عنهما . فلما مثُلا أمامه ، نظر إليهما فعرفاه ، وارتعدت فرائص الحمّار الأول ، بينما استهل وجه الحمّار الثاني بالبِشر والحبور . قال لصديقه الأول : أتذكر يوم كذا عندما تمنينا الأماني ، وضحكت من أمنيتي ، وطلبت مني أن أجلدك وأجول بك في شوارع الأندلس على حمار . قال الحمّار والكرب يعتريه : يا سيدي الأمير ، عفى الله عمّا سلف ، وهذه أماني ذهبت ، فاعف عني ، إن الله يحب المحسنين. قال الأمير : لا والله لن أتركك بدون أن أحقق لك أمنيتك ، وأمر حراسه بأخذه وعمل اللازم معه . والتفت إلى صديقة الآخر وقال له : وأنت أيضًا سأحقق لك أمنيتك . نادى على حرسه ، وأمر له بقصرٍ وجاريةٍ ومال ، فذهب وهو فرحًا مسرورًا ، يدعو للأمير الطيب ، وهو في غاية الدهشة من تحقق أمنيته التي قالها من باب الدعابة انتهت القصة ، ولكن لم أنتهِ بعد. فالأمنيات إن نبعت من ثقةٍ بالله ، وحسن ظنٍ به ، فهي بلا شك ، طريق نرسمه لأنفسنا . فكم من شخص ناجح بدأ طريقه بأماني ربما رآها البعض ضربًا من الجنون ، واستهان بها آخرون . ولكن مع الأيام وجدها حقيقة ماثلة أمام عينيه . فهل يا ترى الحظ هو السبب في تحقيق أمنياتٍ دون غيرها؟ مما لا شك فيه أنّ من يرى الحظ يسيِّر حياته ؛ هو شخصٌ عديم الثِّقة بالله ، وعديم الثقة بالنفس ، وهذا لا ينافي الإيمان بالقدر قال تعالى "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ " التوبة : 105 فالعمل العمل ، وإياكم والتواني والكسل ، ولا يغُرنَّكم طول الزمان ، وبُعد المكان ، فسبحان من لا يعجز عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء ، والفرج آتٍ ولو بعد حين . والآن ليتمنَ كل واحدٍ منا أمنيةً ،وولنتذكرها، فلربما بعد مضي أعوام يكتب الله لنا اللقاء ، ووقتها سنذكر كيف كنا ننظر إليها بعين العجب ، وبأنها بعيدة ، ومستحيلة . ما رأيكم ؟ هيا لنتمنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أختكم في الله بشرى
__________________
![]() يا أقصى والله لن تهون
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |