وصايا تربية الأطفال على الإبداع

[هاجر ولخيري]

وصايا تربية الأطفال على الإبداع
ان التفكير الإبداعي هو إعمال العقل للوصول إلى شيء جديد ليس له مثال سابق والكون كله من إبداع الله تعالى فعلينا أن نهتم بأطفالنا منذ السنوات الأولى لهم ونربيهم على التفكير الإبتكارى المبدع وهناك وصايا غالية لننشئ في اولادنا حب التفكير الابتكارى والابداعى ، فنربطهم أولا بإبداعات الله تعالى في الكون وهذا التناسق الكبير فيما بينها حيث يقول عن نفسه سبحانه وتعالى(بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ) ويقول أيضا ( وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ) ، ولنشجع أولادنا على فضيلة التأمل واطلاق التخيل حيث تبدأ الاختراعات دائما بإطلاق الخيال (فيما يسمى بالخيال العلمي ) ، وعلينا أيضا أن نعلمهم المرونة في الفكر وان هناك أكثر من حل واحد صحيح للمسائل وان عليهم التفكير بالبدائل المختلفة والخيارات الأخرى لا أن يكون أحادى الفكر ، ثم يجب أن نفهمهم أن أفكارهم مهما كانت بسيطة بالنسبة إلينا نحن الكبار إنما هي أفكار ثمينة ولها قيمة كبيرة حتى نربى فيهم حب التفكير والإبداع ، بل علينا أيضا أن ننمى فيهم حب الاستطلاع وشغف المعرفة ونشجعهم على كثرة السؤال والاستفسار لان السؤال هو أول التعليم ، ولنربيهم أيضا على المرونة الفكرية وتقبل الآخرين والبعد عن الجمود و التعصب والتشدد في غير موضعه بل نشجعهم على النقد النافع البناء الذي لا إساءة فيه إلى الآخرين ولا تحطيم لأفكارهم بل إنما هو نقد للزيادة وليس للنقص فينشأ عندهم لغة الحوار الرفيع ولنغرس فيهم شجاعة تقبل أراء الآخرين فيهم ولنحذرهم من الخوف من نقد الأصحاب والأصدقاء وألا نخاف من الفشل فإنما الحياة تجربة وخطأ وتكرار للمحاولات ، ولندعوهم أيضا إلى الاستفادة ممن سبقوهم من أصحاب الفكر والعلوم ولنبنى أفكارنا على أفكارهم ولا نستحي من ذلك ولا نبدأ من الصفر فهذا تضييع للوقت والحياة وعلينا أن نقوم بتدريبهم على طرق ووسائل ابتكار الأفكار الإبداعية ونستعين بأهل التخصص في هذا الأمر ونحبب إليهم الالتقاء وتكوين الصداقات مع الناجحين في الحياة بفهم النجاح الصحيح ومع المبدعين والموهوبين وان يحرصوا على الصحبة فالصاحب ساحب كما قيل في المثل والجليس الصالح لا شك في تأثيره الصالح وجليس السوء لا شك في تأثير السوء على أصحابه وعلينا أيضا أن نشجعهم على تكرار المحاولة والتدريب وعدم اليأس إذا صادف فشلا أو خسارة وعلينا أن ندرب أطفالنا على التأني والتروي وعدم الاستعجال في رفض أفكار الآخرين أو نقدها دون تفكير مما ينشأ عنه العداوات والخصومات بل علينا أن نسمح لهم فيما بيننا وبينهم بالاختلاف في الرأي ، ولنعلمهم أدب الحوار والاختلاف ونشجعهم على الحوار والنقاش مع فضيلة التسامح في سماع الفكر المخالف ولنعلمهم حرية الرأي والتعبير في حدود الأدب الشرعي المقبول الذي يسمح باحترام الكبير والعطف على الصغير بل نشجع المبادرات الفردية من أولادنا ونثنى على صاحب تلك المبادرات ، ثم علينا أن نعلم أنفسنا ونعلم أولادنا أن الحياة لا طعم لها ولا قيمة لها من دون عمل نافع مفيد وكلما أتسع ذلك النفع وعم كثيرا من الناس صارت الحياة أكثر قيمة ومنفعة لصاحبها بل وانتقل ذلك النفع مع صاحبه إلى الحياة الأخروية و كما قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم) : (إذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) . وان الشرع الحكيم يثيب المرء على العمل الصالح النافع إذا تعدى نفعه الآخرين أكثر بكثير من عمله الصالح الذي لا يتعدى نفعه على غيره من الناس ، ثم علينا أن نقوم بتدريبه على أدب التعلم من أهل العلم والفضل بدءا من تعليمهم حسن الإنصات والاستماع حتى ينشا عندهم ذلك الأدب فيحسنون الإنصات لأي فكرة أو رأى مهما كان بالإنصاف والحيادية ، ولا ننسى أن نحرص وبشدة على تعليمهم مهارات التواصل بالآخرين مثل مهارات الخطابة والكلام والإلقاء مما يتيح لهم حياة اجتماعية ناجحة جميلة ، ولا ننسى أن ندربهم على ممارسة العادات الصحيحة والسليمة والشرعية أيضا في النوم والأكل والشرب والحركة والراحة وغيرها من العادات والآداب التي امرنا بها الشرع الحكيم وقامت عليها الفطرة السليمة ولعلنا لا نستطيع أن نستوعب الوصايا التي يجب أن نوصى بها أولادنا ليتربوا على التفكير الابتكارى والابداعى بل فقط هذه مقدمة تشجعنا نحن الآباء والأمهات والكبار عموما على البحث والتنقيب ومحاولة تأهيل أنفسنا على حسن الرعاية لأولادنا وان نثقف أنفسنا ثقافة صحيحة شرعية وعلمية واسعة تتيح لنا حسن نقل الخير لأولادنا وتسهل علينا غرس الصفات الحميدة في الأجيال المقبلة التي مردوده خيرا كبيرا على الأمة جمعاء وعلينا أن نتذكر ونذكر أولادنا كذلك أن التوفيق في هذه الأمور وغيرها من الأمور الصالحة إنما هو من الله تعالى وحده فهو المدبر لهذا الكون والمتصرف فيه وحده بالعلم والحكمة والواسعة وان نعلمهم أيضا حسن الاستعانة بالله كما قال المصطفى (صلى الله عليه وسلم) لابن عباس في الحديث الذي رواه قال كنت خلف النبي (صلى الله عليه وسلم) يوما فقال يا غلام إني أعلمك كلامات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجاه تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله وإذا اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف) . كل ذلك مع بذل الأسباب واستخدام الإمكانات للوصول إلى النتائج اعتمادا على العقل وتوكلا على صاحب الفضل وهذا مما نوصى به أنفسنا جميعا تجاه فلذات أكبادنا الذين نرجو لهم مستقبلا باهرا .