تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 734 - عددالزوار : 116977 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4934 - عددالزوار : 2020532 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4507 - عددالزوار : 1298826 )           »          معركة السويداء تحدد مستقبل سوريا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          من ذنوب المعرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          خديجة رضي الله عنها.. السند النفسي الأول للنبي ﷺ وسند الرسالة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاعتصام بغير الله هلاك .. !! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس في التربية النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          هل الهوية الإسلاميَّة في خطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          العلم مكانه، من طلبه وجده، سواء كان عربيا أو عجميا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-11-2007, 08:19 AM
ضيف خفيف ضيف خفيف غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Aug 2007
مكان الإقامة: ارض العطـــــــــــــــــــــاء
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Oman
10 تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن

تفسير وبيان لأعظم سورة في القرآن

معنى "بسم الله" :
قال ابن كثير : قوله : "بسم الله" هو اسم أو فعل (متقاربان) ، وكل قد ورد به القرآن : أما من قدره باسم تقديره : بسم الله ابتدائي ، فلقوله تعالى : {وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} .
ومن قدره بالفعل فلقوله تعالى : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}
وكلاهما صحيح ، فإن الفعل لا بد له من مصدر ، فلك أن تقدر الفعل ومصدره ، وذلك بحسب الفعل الذي سميت قبله ، إن كان أكلاً أو شرباً أو قراءة أو وضوءاً أو صلاة .
فالمشروع ذكـر اسم الله في الشروع في ذلك كله، تبركاً وتيمناً واستعانة على الإتمام والتقبل، والله أعلم.
(الله) : علم على الرب تبارك وتعالى ، ويقال ، إنه الاسم الأعظم ، لأنه يوصف بجميع الصفات ، كما قال تعالى : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} .
فأجرى السماء الباقية كلها صفات له :
قال تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} .
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة) .
ومعنى أحصاها : أي فهم معناها حق الفهم وعمل بحقها ، وحقها أن يكون موحداً بها توحيد الذات ، وتوحيد الصفات ، وتوحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية من كل جوارحه ، وفي قرارة نفسه ، ثم مات على ذلك من التوحيد الخالص دون أن يخل بأي معنى من معانيها ، وله من العمل ما لا ينافيها لا قولاً ، ولا اعتقاداً دخل الجنة .
أما فهم معنى الإحصاء بالحفظ غيباً ، فإن كثيراً من الناس من يحفظها ويغيبها عن ظهر قلب ويرددها بسرعة دون تفهم لمعانيها ، وله من العمل ما ينافيها ، فهذه المنافاة نقض القول ، ومثل هذا لا يكون قد أحصاها إذ ليس المقصود من الإحصاء إلا الفهم والإخلاص .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ :
عن ابن عباس رضي الله عنهما :
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يعرف فصل الصورة حتى ينزل عليه "بسم الله الرحمن الرحيم" )
واتفق العلماء على أنها بعض آية من سورة "النمل" ثم اختلفوا هل هي آية مستقلة في أول كل سورة ، أم أنها في الفاتحة دون غيرها ، أو إنها للفصل بين السور ، والأرجح أنها للفصل بين السور ، كما سبق من قول ابن عباس الذي رواه أبو داود آنفاً ، ومن قال إنها آية من الفاتحة ، فقد رأى الجهر بها في الصلاة ، والذين لم يروا فقد أسروا بها .
ولكل من أصحاب القولين جماعة من الصحابة رأوا ما رأوا ...

من هداية الآية :
1- إن{بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} جزء من آية من سورة النمل .
2- إن {بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} للفصل بين السور .
أ- قال الرسـول صلـى الله عليه وسلم : ( الحمد لله رب العالمين) أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني ...)
{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ}


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ:
(الحمد لله) الشكر له خالصاً دون سائر ما يُعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، فلربنا الحمد على ذلك أولاً وآخراً .
والألف واللام في الحمد ، لاستغراق جميع أجناس الحمد وصنوفه لله تعالى : كما جاء في الحديث :
(اللهم لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الأمر كله) .
(رب العالمين) : الرب : هو المالك المنتصرف ، ولا يقال : ( الرب ) معرفاً بالألف واللام إلا لله تعالى ، ولا يجوز استعمال كلمة الرب لغير الله إلا بالإضافة ... فنقول : رب الدار ، ورب السيف ، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل .
(العالمين) : جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله جل وعلا ، والعالَم جمع لا واحد له من لفظه ، والعوالم أصناف المخلوقات في السموات والأرض في البر والبحر ، فالإنس عالّم ، والجن عالّم ، والملائكة عالّم ..
وهكذا قال بشر بن عمارة بسنده عن ابن عباس : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} الحمد لله الذي له الخلق كله في السموات والأرض وما فيهن وما بينهن مما نعلم ومما لا نعلم .
وقال ابن جرير رحمه الله : (الحمد لله) : ثناء أثنى به على نفسه ، وفي ضمنه أمر عبادة أن يثنوا عليه ، فكأنه قال : قولوا الحمد لله .
قال : وقد قيل : إن قول القائل : " الحمد لله " ثناء عليه بأسمائه وصفاته الحسنى ، وقوله : "الشكر لله" ثناء عليه بنعمه وأياديه .
من هداية الآية :
1- الحمد يكون لله فقط ولا يكون لغيره ، لأنه رب العالمين .
2- في الآية توحيد الرب الذي كان يعترف به المشركون : قال تعالى عن المشركين :
{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ * قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} .
فالمشركون اعترفوا بأن الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم ، كما اعترفوا بأن الله خالقهم ، ولكن هذا الاعتراف لم يستفيدوا منه ، لأنهم أشركوا بالله حينما دعوا وعبدوا غيره .


فضل "الحمد لله" ومواضعها :
1- بعد الأكل والشرب : لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
أ- (إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ، أو يشرب الشربة فيحمده عليها) .
ب- وقال صلى الله عليه وسلم : (من أكل طعاماً فقال : الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة ، غُفر له ما تقدم من ذنبه) .
2- عند النوم : عن أنس رضي الله عنه :
أ- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال :
الحمد الله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا ، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى).
ب- وعن علي رضي الله عنه :
أن فاطمة رضي الله عنها شكت ما تلقى في يدها من الرحى ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بسبى (عبيد) فانطلقت ، فلم تجده ، فوجدت عائشة فأخبرتها .
فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عائشة بمجئ فاطمة ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم الينا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبت لأقوم ، فقال : ( على مكانكما) فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ، وقال :
( ألا أعلمكمـا خيراً مما سألتماني ؟ إذا أخذتما مضاجعكما : فكبرا أربعاً وثلاثين ، وسبحا ثلاثاً وثلاثين ، وأحمدا ثلاثاً وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم) . ويجوز أن يقال قبل النوم :
(سبحان الله 33) و ( الحمد لله 33) و (الله أكبر 33) .
3- عند العطاس : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا عطس أحدكم فليقل "الحمد لله" وليقل له أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، فإذا قال له : يرحمك الله ، فليقل : يهديكم الله ويصلح بالكم) .
4- بعد الرفع من الركوع : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده ، فقولوا : " ربنا ولك الحمد" فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفر له ما تقدم من ذنبه) .
5- عند الاستيقاظ من النوم ليلاً : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من تعارّ من الليل (أي استيقظ) فقال : لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير ، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، اللهم أغفر لي ، فإن دعا استجيب له ، فإن توضأ وصلى قُبلت صلاته)

الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
(الرحمن الرحيم) : إسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، والرحمن مشتق ، ودليل ذلك عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( قال الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته) .
قال القرطبي : هذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق .
روى ابن جرير بسنده عن العزرمي يقول : "الرحمن الرحيم" قال :
الرحمن : لجميع الخلق ، الرحيم : قال : المؤمنين .
قالوا : ولهذا قال تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} .
وقال : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
فذكر الاستواء باسمه الرحمن ، ليعم جميع خلقه برحمته .
وقال : {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} فخصهم باسمه الرحيم .
قالوا : فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمن من (الرحيم) لعمومها في الدارين .
الرحمن عام والرحيم خاص
(الرحمـن) : أي يرحـم أهل الدنيا والآخرة ، و (الرحيم) خاص بالمؤمنين يوم القيامة ، إن الله يرحم المؤمنين والكافرين في الدنيا على السواء وذلك من نواحي أمورهم المعاشية ، وأسباب حياتهم ، وما يكفل لهم حياتهم الدنيا ، فرحمته هنا عامة وإذا لم تكن الرحمة هذه عامة، لا تتكامل أسباب التكليف من الإنعام عليهم بنعمة العقد الذي بواسطته يعرفون الحق من الباطل ، ونعمة تسخير ما في الكون ليستفيد منها أهل الأرض من الإنس والجن .
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} ، فتكامل أسباب التكليف في الدنيا سيكون عليه في الآخرة مدار الحساب .
وأما ما جاء في الدعاء المأثور :
( يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما) ، فقوله :
رحيمهما محمول على معنى أنه يرحم المؤمنين في الدنيا فيما أطاعوه من الإيمان به ، وتنفيذ أوامره ، واجتناب نواهيه وتسهيل سبل ذلك لهم ، ويرحمهم في الآخرة بإدخالهم الجنة جزاء ما أسلفوا من إيمان وطاعة : فطاعتهم لـه في الدنيا رحمة منه تعالى ، وجزاؤهم بالجنة ، رحمة منه تعالى ، وهذا معنى قوله : رحيمهما ، والله أعلم .

فائدة مهمة :
قوله تعالى : {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} وصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم ، لأنه لما كان في اتصافه بـ{رَّبِّ الْعَالَمِينَ} ترهيب قرنه بـ {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} لما تضمن من الترغيب ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه ، فيكون لـه أعون على طاعته وأمنع كما قال : {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} .
وقال تعالى : {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} .

من هداية الآية
1- الرحمن : اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به ، ولا بأي اسم خاص له .
ومثله : ( الله ، والخالق ، والرازق ، ونحو ذلك )
2- الرحيم : اسم وصفة لله تعالى ، وقد وصف به غيره :
قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} .
ومثل الرحيم : السميع والبصير ، قال الله تعالى : {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} .
مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ :
1- قرأ بعض القراء : {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
2- وقرأ آخرون : مَلِك) وكلا القراءتين صحيحة متواتر في السبع ، وليس تخصيص المُلك بيوم الدين خاصاً بيوم الدين من غير الدنيا ، فهو مالك يومي الدنيا والدين لأنه تقدم الإخبار بأنه ربُ العالمين ، وذلك عام في الدنيا والآخرة ، إنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي هناك أحد شيئاً غيره ولا يتكلم أحد إلا بإذنه كما قال تعالى : {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} .
3- وقال الضحاك عن ابن عباس {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يقول : لا يملك من أحد في ذلك اليوم حكماً كملكهم في الدنيا .
4- {يَوْمِ الدِّينِ} : يوم الحساب للخلائق ، وهو يوم القيامة ، يدينهم بأعمالهم إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، إلا من عفا عنه .

من هداية الآية :
1- الملك في الحقيقة هو الله عز وجل ، وهو مأخوذ من المُلك (بضم الميم) ، قال الله تعالى : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} .
وفي الحديث : ( أختــع اسـم عند الله من تسمى بملك الأملاك ، ولا مالك إلا الله) . – أختع : أذل وأقهر - .
قال الله تعالى : {إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا} . فتسمية طالوت بالملك مجاز .
وفي الحديث : ( مثل الملك على الأسرة) .

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ :
1- {إِيَّاكَ} مفعول قدم للحصر ، ليحصر مراد المتكلم فيما يريد أن يفصح عنه .
2- {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أي لا نعبد إلا إياك ولا نتوكل إلا عليك ، وهذا هو كمال الطاعة ، والعبادة في اللغة من الذلة ، يقال : طريق معبد ، وبعير معبد ، أي مذلل ، وفي الشرع عبارة عما يجمع كمال المحبة والخضوع والخوف ، وهي خاصة بالله سبحانه وتعالى .
3- قال بعض السلف : الفاتحة سر القرآن وسرها – أي الفاتحة – هذه الكلمة :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
فالأول أي : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} تبرؤ من الشرك .
والثاني أي : {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} تبرؤ مـن الحول والطول والقوة ، والتفويض إلى الله عز وجل .
4- في هذه الآية : تحول الكلام من صيغة الغائب إلى صيغة المخاطب بكاف الخطاب بقوله {إِيَّاكَ} وذلك مناسب ، لأن العبـد لما حمد الله وأثنى عليه ومجده وتبرأ من عبادة غيره ، ومن الاستعانة بسواه ، فكأنه اقترب من الله عز وجل ، وأصبح حاضراً بين يديه تعالى ، فناسب أن يخاطبه بكاف الخطاب بقوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
وقال ابن عباس رضي الله عنهما :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إياك نوحد ونخاف ونرجوا يا ربنا لا غيرك .
{وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على طاعتك ، وعلى أمرنا كلها .
وقدم : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} على {وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} لأن العبادة هي الغاية ، والاستعانة هي الوسيلة إليها – ابن كثير- .
قال ابن القيم في مدارج السالكين : وسر الخلق ، والكتب والشرائع ، والثواب والعقاب انتهى إلى هاتين الكلمتين ، وعليهما مدار العبودية والتوحيد ، حتى قيل : أنزل الله مائة كتابة وأربعة : جمع معانيها في التوراة والإنجيل ، وجمع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن في الفاتحة في : {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .

من هداية الآية :
1- ذكر علماء اللغة العربية أن الله تعالى قدم المفعول به (إياك) على الفعل (نعبد) و (نستعين) ليخص العبادة والاستعانة به وحده ، ويحصرها فيه دون سواه ، فيكون معناها : (نخصك بالعبادة والاستعانة وحدك) أو :
( لا نعبد إلا إياك ، ولا نستعين إلا بك يا الله) .
وأركان العبادة : الإخلاص والمحبة والرجاء والخوف ، وعبادة الله وحده بما شرعه الله ، حسب هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .
2- معنى العبادة والاستعانة في قوله تعالى :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} :
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} إياك نوحد ونخاف ونرجو .
{وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على طاعتك .
قال تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
3- إن العبادة في هذه الآية تعم جميع العبادات كلها ، مثل الصلاة ، والذبح ، والنذر ، ولا سيما الدعاء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة) .
فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لرسول ، ولا لولي ، فكذلك الدعاء عبادة ، فهو لله وحده لا لغيره .
{قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} . ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله) .
يقول الإمام النووي في تفسير هذا الحديث ما خلاصته : إذا طلبت الإعانة على أمر من أمور الدنيا والآخرة ، فاستعن بالله ، ولا سيما في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله : كشفاء المرض ، وطلب الرزق والهداية ، فهي مما اختص الله بها وحده ، قال تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ} .
4- وأما الاستعانة بالأحياء الحاضرين فيما يقدرون عليه من مداواة مريض ، أو بناء مسجد ، وغير ذلك فهي جائزة لقوله تعالى : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) .
ومن أمثلة الاستعانة الجائزة قول الله في طلب ذي القرنين من قومه:{فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} .

يتبــــــــــــــــــــــــــــع
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 119.95 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]