شعر المرأة : هل هو من عورتها أم لا ؟

[أبو خولة]

بسم الله
عن شعر المرأة : هل هو من عورتها أم لا ؟
قال لي أخٌ من الإخوة في يوم من الأيام :
[1-الآية القرآنية التي وردت عن حجاب النساء تتعلق بزوجات النبي عليه الصلاة والسلام وحدهن وفقط , ولا تعني سائر المسلمات والمؤمنات .
2- "جمال البنا " شقيق مؤسس الإخوان المسلمين "حسن البنا " كتب كتاباً مهماً أوضح فيه أن الأحاديث التي وردت في الحجاب , لا تصلح مصدراً للتشريع لأنها غير يقينية .
3- الحجاب - بالمفهوم الدارج الآن - شعارٌ سياسي وليس فرضاً دينياً ورد علي سبيل الجزم والقطع واليقين والدوام ، لا في القرآن ولا في السنة ، بل فرضته جماعات الإسلام السياسي للتمييز بين بعض السيدات والفتيات المنضويات تحت لوائهم وغيرهن ، ثم تمسكت به هذه الجماعات وجعلته شعارا لها وأفرغت عليه صبغة دينية . إن عداءهم الصارخ للمرأة وكراهيتهم الفجة لها هو الذي جعلهم يتصورون أن كل ما فيها عورة : شعرها ، صوتها ، وجهها ، جسدها ، ... ولو كان ذلك يُقبل في الماضي ، فإن القول به الآن يمثل ردة جاهلية وانحصاراً وسجناً للمسلمين في الماضوية وعدم إدراك لروح ومتطلبات العصر : عصر حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين ... ثم ماذا ونحن نرى المتأسلمين يأمرون حتى " بالنقاب " الذي ما أنزل الله به من سلطان.!!! ثم ذهب هذا الأخ ينتقد تغطية المرأة لكذا وكذا من جسدها وينتقد خاصة تغطية المرأةَ لشعرها على اعتبار أن شعر المرأة ليس من عورتها !]. انتهى كلامه .
وبعد هذا الحديث بأيام قليلة استنجدتْ بي أختٌ من الأخوات في منتدى من المنتديات الإسلامية كان النقاشُ في قسم من أقسامه على أشده بين من يقول بأن شعرَ المرأة عورةٌ ومن يقول " لا ! هو ليس بعورة " . وقبل أن أستجيبَ للأخت الكريمة قرأتُ النقاشَ الدائر ووجدتُ رجالا لا يكادون يعرفون شيئا من الدين يتحدثون في الدين وكأنهم علماءُ . ووجدتُ البعضَ منهم يستهزئ بالقولِ بأن الشعرَ من المرأة عورةٌ , ويعتمدُ من ضمن ما يعتمدُ عليه على أن رؤيةَ الرجلِ لشعر المرأة أو لمسه لا يثيره (!) , ويقول
" الناس وصلوا إلى القمر وغيره , وأنتم ما زلتم تتحدثون عن شعر المرأة : عورة أم لا ؟ "! .
وعلقتُ على مقالة الأخ وعلى استنجادِ الأختِ بجملة تعليقات طويلة , هذا جزء منها :
1- أنا أحبُّ وأعشق التوسطَ والاعتدال وأكره وأمقت التعصبَ والتشدد والتزمت .
2- من علامات التعصب المذموم هو تحويل المسائل الخلافية في الدين إلى اتفاقية .
3-في المسائل الخلافية : المطلوب سعة الصدر , ومن يضيقُ صدره يعتبرُ متشددا ومتعصبا ومتزمتا و ...
وهذا أمر ممقوتٌ في ديننا . وفي المسائل الاتفاقية : المطلوبُ التشددُ والتعصب , ومن يُوسِّع صدرَه يمكن أن يُعتبر مائعا أو منحلا في الدين .
4-ومنه أنا أرى بأن المسألة التي نحن بصدد الحديث عنها ( هل شعرُ المرأة من عورتها أم لا ؟!) مسألةٌ أصولية وليست مسألة خلافية , ومنه فأنا أتشددُ وأتعصب , وإذا اتهمتني
-أخي - بأنني متعصبٌ ومتزمت ومتشدد , فإنني أقول لك بأنه إذا كان هذا تعصبا , فإنني أسألُ اللهَ أن يحييني متعصبا وأن يميتني متعصبا وأن يبعثني يوم القيامة متعصبا . هذه مسألة اتفاقية ولا نقبلُ من أحد أن يتساهلَ معك فيها . نيتكَ الحسنةُ لا تعفينا من الرد عليك بقوة , ومن جهة أخرى إسلامُنا يطلبُ منا أن نردَّ - في المسائل الأصولية - بقوة ولكن بالتي هي أحسن.
أخي الكريم - الذي يقول بأن الشعرَ من المرأة ليس عورة- أنا أقولُ لك بأنك هنا أخطأتَ في العنوان .
هذا الذي تقوله هنا هو خروجٌ عن الإجماع ,ومنه فلا يجوز لنا ولا يصحُّ أن نقول لك هنا بأنك شجاعٌ وجريء . هذه ليست شجاعة وليست جرأة , إلا أن تكون شجاعة وجرأة في محاربة الدين والإسلام ولو بنية حسنة أو طيبة .
لقد أخطأتَ العنوانَ ثم أخطأتَ العنوانَ أخي الحبيب . وأنا أرى بأنه لا يجوز لنا أن نسكتَ عليك كما لا يجوز لغيرنا أن يسكتَ عليك , ولا يُعذر الساكتُ إلا أن يكون غيرَ قادر على الردِّ عليك .
5-تمنيتُ لك أن تذكرَ ولو عالما واحدا من علماء الإسلام الذين أجمعت الأمةُ على وضع الثقة فيهم سواء مثل الألباني وبن باز والعتيمين و...رحمهم الله تعالى رحمة واسعة , أو من علماء مثل القرضاوي والغزالي والبوطي و...حفظهم الله . أعطني عالما أونصف عالم يقولُ كما تقول أنتَ بأن الشعرَ من المرأة ليس بعورة أمام الأجنبي من الرجال .
تمنيتُ أن تذكرَ لي ولو داعية واحدا من الدعاة محل ثقة أغلبية الناس , يقول بما قلتَ أنتَ . اعطني داعية أو نصف داعية محترم يقول ما تقوله أنت هنا .
ليس هناك دليل إلا أن يكون "جمال البنا " صاحب الترابي في خرجات أخيرة مخالفة لثوابت الدين . " جمال البنا " الذي يختلفُ كلَّ الاختلاف عن أخيه الشهيد والداعية الكبير "حسن البنا " رحمه الله .
6-النقابُ اختلف العلماءُ في حكمه بين واجب ومستحب وجائز , ومع ذلك هو شرعٌ وليس هو " ما أنزل الله به من سلطان " كما ادعيتَ أنتَ وزعمتَ . والقدمان كذلك اختلفَ العلماء فيهما بين "يجب سترهما في الصلاة وخارجها " و " يجوز كشفهما في الصلاة وخارجها " , ولكن لم يختلف عالمان من علماء الدنيا قديما وحديثا في وجوب ستر المرأة المسلمة البالغة لجميع ما تبقى من الجسد ( غير الوجه والكفين والقدمين )
( بما في ذلك الشعر يجبُ سترهُ بلا خلاف ) .
7- الكلام الذي قاله الأخ تعودنا سماعه من :
ا- نوال السعداوي وغادة السمان و...وأمثالهما .
ب- الأنظمة المحاربة للدين مثل النظام الجار للجزائر الذي يعاقبُ على الحجاب ويجازي على التبرج والسفور و... ويعاقبُ على تعدد الزوجات ويجازي على تعدد العشيقات .
جـ- أدعياء الدعاة ممن خرجوا على الإجماع أمثال جمال البنا ومن لف لفه .
د- العلمانيون واللائكيون الحاقدون على الإسلام وعلى الإسلاميين .
ووالله ما تمنيتُ أبدا أن يضع بعضُ الإخوة أنفسَهم في نفس الصحن مع كل هؤلاء , مهما كان قصدُهم حسنا ومهما كانت نيتُـهم حسنة .
8- وأما حكاية " أن رؤيةَ شعر المرأة أو لمسه لا يثير " فهي حكاية فارغة قد تصلحُ " نكتة بايخة " كما يقول إخواننا الشرقيون , ولكنها لا تصلحُ أبدا حجة أو دليلا شرعيا . وكذلك فإن حكاية " الناس وصلوا إلى القمر وغيره , وأنتم ما زلتم تتحدثون عن شعر المرأة : عورة أم لا ؟ " حكايةٌ تافهة , ببساطة لأنه لا تناقضَ أبدا بين محافظةِ المرأة على عفتها وشرفها و...وبين وصولِـها إلى أبعد درجات العلم والتقدم والرقي . إن الذي يجتهدُ في الدراسة وفي طلب العلم وفي التقدم والازدهار هي المرأةُ وليس شعرَها المغطى أو غيرَ المغطى.
رجاء : أكتب أخي في أي محرك بحث في الأنترنت : " ما حكم الإسلام في الحجاب ؟ " أوما شابه ذلك , ثم اضغط على "بحث" , وستظهرُ لكَ مئاتُ المقالات التي تؤكدُ بأنك مخطئ فيما قلتَ 100 % , وبأنك أخطأتَ في العنوان , وستجدَ الأدلةَ الشرعية الناصعة والقوية والصحيحة و... من الكتاب والسنة والإجماع والقياس و...على أن الحجابَ واجبٌ وعلى أن الشعرَ مع العنقِ يجب تغطيتُهما. يجب ذلك بلا خلاف , ولا شبه خلاف .
أخي الحبيب أنا أصيب في أشياء وأخطئ في أخرى , وأنت تصيب في أشياء وتخطئ في أخرى , ولكنني أرى - وأنا متأكد هنا 100 % - بأنك هنا على خطأ وعلى خطأ كبير. ومع ذلك شكرا لك ثم شكرا .
والله أعلى وأعلم . اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه آمين .
منقول من أحد المنتديات