|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
فضل الإيمان عبدالله أحمد علي الزهراني الخطبة الأولى إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا مزيدًا؛ أما بعد:فقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]. عباد الله، في خضم الدعوة إلى الله إبَّان المرحلة المكية، حلف أبو جهل لئن رأى محمدًا يصلي – يقصد النبي صلى الله عليه وسلم – ليرضَخَنَّ رأسه، فأتاه وهو يصلي ومعه حجر ليدمغه، فلما رفعه أُثبتت يده إلى عنقه، وأُلزق الحجر بيده. فقال رجل من بني مخزوم: أنا أقتله، فأتاه وهو يصلي صلى الله عليه وسلم ليرميه بالحجر، فأعمى الله تعالى بصره، فجعل يسمع صوته ولا يراه، وقال: حال بيني وبينه شيء كهيئة الفحل – أي البعير الضخم – يخطر بذَنَبِه، لو دنوتُ منه لأكلني. فأنزل الله تعالى: ﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ ﴾ [يس: 8]. إن بعض النفوس الخبيثة حُجبت عن الإيمان؛ قال البغوي: "منعناهم عن الإيمان بموانع، فجعل الأغلال مثلًا لذلك". وقال الفراء: "حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ ﴾ [الإسراء: 29]؛ أي: لا تُمسكها عن النفقة. قال مجاهد: مقمحون مغلولون عن كل خير، وهي أيضًا وعيدٌ بما سيحل بهم يوم القيامة حين يُساقون إلى جهنم بالأغلال. هذه الآية - عباد الله - تشير إلى أن الإيمان أمر عظيم القدر، لا يُنال إلا بتوفيق واختيار من الله؛ قال تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ ﴾ [الحجرات: 7]، ﴿ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾ [الحجرات: 17]. وقال صلى الله عليه وسلم: ((من يرِد الله به خيرًا، يُفقهه في الدين)). وقال أيضًا: ((الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالمٌ أو متعلم)). القيمة الحقيقية في الإيمان وارتباط العبد بالله؛ ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو: ((اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا)). الإيمان - عباد الله - شأنه عظيم، ومكانته رفيعة، نور القلوب وحياة الأرواح، وبه تستقيم الجوارح. قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: ((قل: آمنت بالله ثم استقم)). المؤمن مهما عظُمت به الخطوب، ونَكَأتْهُ الجروح، واستطال بؤسه، فإنه قد عرف طريقه، واستبانت له غايته، واطمأنَّ قلبه بربه، وأصبح في حصن حصينٍ، لا تُزعزعه العواصف والفتن. الإيمان والإنفاق والعطاء ليس بمقدور كلِّ أحد، بل الإيمان أوسع من ذلك، فهو سَكينة يسكبها الله في قلب من أحبَّه، فيصبح هانئَ العيش، سعيدًا، راضيًا، عظيمَ الثقة بالله، عظيم الرجاء في رحمته، والحياء من لقائه. طوبى لمن طيَّبه الله بالإيمان، فقلبه لا يعمره إلا نور اليقين، وطوبى لمن ملأ فؤاده بحبِّ القرآن، فصار يجد في القرآن أنسَه إذا استوحش، وراحته إذا تعب، وهداه إذا اختلطت عليه السُّبل. جاء في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بدأ الإسلام غريبًا، وسيعود غريبًا كما بدأ، فطوبى للغرباء)). وفي رواية أخرى: ((الذين يصلحون إذا فسد الناس)). قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "هم الذين يستقيمون على دين الله حين يتأخر الناس عن دين الله، وتكثر معاصيهم وشرورهم". عباد الله: إن الإيمان إذا خالط القلوب زكَّاها، والقرآن إذا ما جرى في الأرواح أحياها؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22]. أيها المؤمنون، يا أخي، الإيمان والطاعة والقرآن، ظننتَ فأحسِن الرحمن ظنَّك. يا أخي، الإيمان والطاعة والقرآن، عرفتَ الدين فالزم، ولا تعدُ عيناك عن المؤمنين، فتضل الطريق، ثم تهوي في قاع سحيق. عبدَالله: أبعْدَ الإيمان ولذته، والاستقامة وجمالها، والصيام وأناقته، والقيام وطيبه، والنفقة وبركتها، والدعاء وإجابته؛ بعد هذا يدخل القلب شكٌّ أو ريب؟ ألطاف من الله يجمعها لصفوة أحبهم، فهداهم واجتباهم، فقوَّاهم، وأظلَّهم بثوب سَكينته، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. قال تعالى: ﴿ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132]، ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ [النمل: 59]. فطوبى لروحٍ رزقها الله أنسَ القرب منه، فلا ترى إلا بعين الله، ولا تُبصر إلا ببصيرة الإيمان. فمن وجد الله، فماذا فقد؟ ومن فقد الله، فماذا وجد؟ ثبِّتوا قلوبكم على الإيمان ونوره، واصدقوا الله في السير إليه، فإن أعظم الفقد: فقد الإيمان، وإن أعظم الخسران: ظلام القلب بعد الهداية، وأكرم الهِبات: ثبات العبد على طاعة مولاه. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]؛ أما بعد عباد الله: فإذا كان العبد قد ذاق حلاوة الإيمان، واستنار قلبه بنور الطاعة، ووجد أنسه في السجود والذكر، وشعر ببركة القيام وشفافية الصيام، ورأى أثر الدعاء وإجابته؛ فكيف له أن يستطيب نقصه، أو تلتفت عينه لمتاع زائلٍ فتتعلق به؟ وهنا نتذكر – وما أطيب الذكر حين يجيء من عبق سيرة النبي صلى الله عليه وسلم! – حين قسم الغنائم لقريش وللمؤلَّفة قلوبهم، فوجد الأنصار في أنفسهم شيئًا، فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعد أن حمِد الله وأثنى عليه: ((يا معشر الأنصار، ألم آتِكم ضُلَّالًا فهداكم الله، وعالةً فأغناكم الله، وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألَا تُجيبون يا معشر الأنصار؟ قالوا: وما نقول يا رسول الله؟ وبماذا نجيب؟ المنُّ لله ولرسوله. فقال صلى الله عليه وسلم: والله لو شئتم لقلتم فصدَقتم وصُدِّقتم: جئتنا طريدًا فآويناك، وعائلًا فآسيناك، وخائفًا فأمَّناك، ومخذولًا فنصرناك. فقالوا: المن لله ولرسوله. فقال صلى الله عليه وسلم: أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لُعاعة من الدنيا، تألفت بها قومًا أسلموا، ووكلتكم إلى ما قسم الله لكم من الإسلام؟ أفَلَا ترضَون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وتذهبون أنتم برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالذي نفسي بيده، لو أن الناس سلكوا شعبًا وسلكَتِ الأنصار شعبًا، لسلكتُ شعب الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار. اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار. فبكى القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهم وقالوا: رضينا بالله ربًّا، وبرسوله قسمًا)). وهنا - عباد الله - أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلم الأنصار والأمة كلها، أن الفوز الحقيقيَّ ليس في كثرة المال ولا في سَعة الدنيا، وإنما في امتلاء القلب بالإيمان، وأن الإيمان الذي في قلوبكم أعظم من الدنيا وما فيها. فإذا دخل الإيمان القلب، زهِد في المال كما زهدتُم، ولم تعُد الأموال تشغله عن الدين. لأن النور إذا ولج القلب صغُرت الدنيا، وتضاءلت، وغدت النفوس كبارًا بالإيمان والتقوى، وحب الله ورسوله والمؤمنين. هذا عباد الله، وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه؛ فقال جلَّ شأنه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |