خواطر الكلمة الطيبة… فضل ترديد الأذان
- أربع كرامات عظيمة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات: مغفرة الذنوب، واستجابة الدعاء، ونيل الشفاعة، ودخول الجنة
تمرّ على الإنسان نفحاتٌ ربانية عظيمة دون أن يشعر بقيمتها، أو يدرك ما أودع الله فيها من الأجور والكرامات، ومن أعظم هذه النفحات نداءٌ يتكرر في اليوم والليلة خمس مرات، تسمعه الآذان، وتغفل عنه القلوب إلا من رحم الله، نداءٌ لو أدرك المسلم معناه، وقام بحقه، لكان له بابًا واسعًا للمغفرة، وسببًا لنيل الشفاعة، ومفتاحًا لإجابة الدعاء، وطريقًا موصلًا إلى جنات النعيم، إنه الأذان؛ ذلك النداء المبارك الذي تتنزل معه الرحمات، وتُفتح به أبواب الخير لمن أحسن الاستجابة.
إنه عملٌ واحدٌ يسيرٌ في ظاهره، عظيمٌ في أثره، من أدركه وقام بحقه نال به أربع كرامات جليلة: - الأولى: مغفرة الذنوب، وما أعظمها من منّة، وأجلّها من أمنية؛ أن يغفر الله لعبده ما تقدّم من ذنبه وما تأخر!
- الثانية: نيل شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويا لها من كرامة كبرى! إذ للنبي - صلى الله عليه وسلم - شفاعات عظيمة، أعظمها الشفاعة العظمى يوم يقوم الناس لرب العالمين.
- الثالثة: استجابة الدعاء؛ فما دعا العبد ربَّه عند هذا النداء إلا كان حريًّا بالإجابة، ولا سيما في المواطن التي أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
- الرابعة: دخول الجنة والرحمة، وهي الغاية العظمى، ونهاية المطاف، وتمام الفوز.
تأمّلوا أن هذه الكرامات الأربع تتكرر فرصتها خمس مرات في اليوم والليلة، ولكن الشيطان يصرف القلوب، ويشغل النفوس، حتى تمرّ هذه النفحات دون اغتنام، وفي هذا المعنى تحضرني قصة عالقة بالذاكرة؛ ففي أوائل التسعينيات، زرنا سماحة الشيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- في الطائف، وكنا مجموعة من شباب الكويت، دخلنا عليه وسلّمنا، وسألنا عن أحوالنا، وكان المجلس عامرًا بالأسئلة، وحين أذّن المؤذن لصلاة العشاء، بدأ الجمع يقلّ، فاغتنمت الفرصة، وقبّلت رأسه، وعرّفت بنفسي، فما كان منه إلا أن قال لي: «ردّد الأذان» عندها أدركنا سرّ حرص العلماء على ترديد الأذان، وتعلّمنا أن نعتني به كما نعتني بالفاتحة، بل كان السلف ينصتون للأذان كما ينصتون للقرآن؛ لما علموه من فضلٍ عظيم دلّ عليه كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -, ومن ذلك ما جاء أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، إن المؤذنين قد فَضلونا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «قولوا كما يقول المؤذن، ثم سلوا تُعطَوا»، فكما ينال المؤذن فضل أذانه، كذلك المردد خلفه ينال مثله ذلك الفضل، وتكون الدعوة بين الأذان والإقامة من مواطن إجابة الدعاء، وتزداد فضلًا مع الترديد، وفي حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال - صلى الله عليه وسلم -: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا»، فتخيّل أنك تجدد أسباب دخول الجنة خمس مرات في اليوم. ثم يزداد الفضل، بأن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدعو بالدعاء الوارد: «اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته»، فمن قالها حلّت له شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة، فكم مرة في عمرك استوجبت بها هذه الشفاعة العظيمة؟ ويكتمل الفضل بما جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًا ورسولًا؛ غُفر له ذنبه». - فهذه أربع كرامات عظيمة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات: مغفرة الذنوب، واستجابة الدعاء، ونيل الشفاعة، ودخول الجنة، والآن قد عرفنا سبب حرص أهل العلم على الأذان، واغتنام لحظاته، وعدِّه من أعظم أبواب الخير.
اعداد: د. خالد سلطان السلطان