|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي الجزء (12) تفسير سورة فصلت من صـ 226 الى صــ 240 الحلقة (451) كافرون "أي لا نتبعكم وأنتم بشر مثلنا ." فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون (15) فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون قال الله تعالى "فأما عاد فاستكبروا في الأرض" أي بغوا وعتوا وعصوا "وقالوا من أشد منا قوة" أي منوا بشدة تركيبهم وقواهم واعتقدوا أنهم يمتنعون بها من بأس الله "أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة" أي أفما يتفكرون فيمن يبارزون بالعداوة فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها وإن بطشه شديد كما قال عز وجل "والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون" فبارزوا الجبار بالعداوة وجحدوا بآياته وعصوا رسله . فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون (16) فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون قال تعالى "فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا" قال بعضهم وهي الشديدة الهبوب وقيل الباردة وقيل هي التي لها صوت والحق أنها متصفة بجميع ذلك فإنها كانت ريحا شديدة قوية لتكون عقوبتهم من جنس ما اغتروا به من قواهم وكانت باردة شديدة البرد جدا كقوله تعالى "بريح صرصر عاتية" أي باردة شديدة وكانت ذات صوت مزعج ومنه سمي النهر المشهور ببلاد المشرق صرصرا لقوة صوت جريه . وقوله تعالى "في أيام نحسات" أي متتابعات "سبع ليال وثمانية أيام حسوما" وكقوله "في يوم نحس مستمر" أي ابتدئوا بهذا العذاب في يوم نحس عليهم واستمر بهم هذا النحس "سبع ليال وثمانية أيام حسوما" حتى أبادهم عن آخرهم واتصل بهم خزي الدنيا بعذاب الآخرة ولهذا قال "لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى" أي أشد خزيا لهم "وهم لا ينصرون" أي في الأخرى كما لم ينصروا في الدنيا وما كان لهم من الله من واق يقيهم العذاب ويدرأ عنهم النكال . وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون (17) وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون وقوله عز وجل "وأما ثمود فهديناهم" قال ابن عباس رضي الله عنهما وأبو العالية وسعيد بن جبير وقتادة والسدي وابن زيد : بينا لهم وقال الثوري دعوناهم "فاستحبوا العمى على الهدى" أي بصرناهم وبينا لهم ووضحنا لهم الحق على لسان نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام فخالفوه وكذبوه وعقروا ناقة الله تعالى التي جعلها آية وعلامة على صدق نبيهم "فأخذتهم صاعقة العذاب الهون" أي بعث الله عليهم صيحة ورجفة وذلا وهوانا وعذابا ونكالا "بما كانوا يكسبون" أي من التكذيب والجحود . ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون (18) ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون "ونجينا الذين آمنوا" أي من بين أظهرهم لم يمسهم سوء ولا نالهم من ذلك ضرر بل نجاهم الله تعالى مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام بإيمانهم وبتقواهم لله عز وجل . ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون (19) ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون يقول تعالى "يوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون" أي اذكر لهؤلاء المشركين يوم يحشرون إلى النار يوزعون أي تجمع الزبانية أولهم على آخرهم كما قال تبارك وتعالى "ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا" أي عطاشا . حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون (20) حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون قوله عز وجل "حتى إذا ما جاءوها" أي وقفوا عليها "شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون" أي بأعمالهم مما قدموه وأخروه لا يكتم منه حرف . وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون (21) وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا" أي لاموا أعضاءهم وجلودهم حين شهدوا عليهم فعند ذلك أجابتهم الأعضاء "قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة" أي فهو لا يخالف ولا يمانع وإليه ترجعون . قال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا علي بن قادم حدثنا شريك عن عبيد المكتب عن الشعبي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم فقال صلى الله عليه وسلم "ألا تسألوني عن أي شيء ضحكت ؟" قالوا يا رسول الله من أي شيء ضحكت ؟ قال صلى الله عليه وسلم "عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة يقول أي ربي أليس وعدتني أن لا تظلمني ؟ قال بلى" فيقول فإني لا أقبل علي شاهدا إلا من نفسي فيقول الله تبارك وتعالى أوليس كفى بي شهيدا وبالملائكة الكرام الكاتبين ؟ قال فيردد هذا الكلام مرارا قال فيختم على فيه وتتكلم أركانه بما كان يعمل فيقول بعدا لكم وسحقا عنكن كنت أجادل "ثم رواه هو وابن أبي حاتم من حديث أبي عامر الأسدي عن الثوري عن عبيد المكتب عن فضيل بن عمرو عن الشعبي ثم قال لا نعلم رواه عن أنس رضي الله عنه غير الشعبي وقد أخرجه مسلم والنسائي جميعا عن أبي بكر بن أبي النضر عن أبي النضر عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي ." عن الثوري به ثم قال النسائي لا أعلم أحدا رواه عن الثوري غير الأشجعي وليس كما قال كما رأيت والله أعلم . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا إسماعيل بن علية عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال قال : قال أبو بردة قال أبو موسى : ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض عليه ربه عز وجل عمله فيجحد ويقول أي رب وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا ؟ فيقول لا وعزتك أي رب ما عملته قال فإذا فعل ذلك ختم على فيه قال الأشعري رضي الله عنه فإني لأحسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى . وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا زهير حدثنا حسن عن ابن لهيعة قال دراج عن أبي الليث عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم فيقول هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول كذبوا فيقول أهلك وعشيرتك فيقول كذبوا فيقول احلفوا فيحلفون ثم يصمتهم الله تعالى وتشهد عليهم ألسنتهم ويدخلهم النار" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال سمعت أبي يقول حدثنا علي بن زيد عن مسلم بن صبيح أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لابن الأزرق إن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا يتكلمون حتى يؤذن لهم ثم يؤذن لهم فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما يحلفون لكم فيبعث الله تعالى عليهم حين يجحدون شهداء من أنفسهم جلودهم وأبصارهم وأيديهم وأرجلهم ويختم على أفواههم ثم يفتح لهم الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول "أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون" فتقر الألسنة بعد الجحود . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان حدثنا ابن المبارك حدثنا صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير الحضرمي عن رافع أبي الحسن قال وصف رجلا جحد قال فيشير الله تعالى إلى لسانه فيربو في فمه حتى يملأه فلا يستطيع أن ينطق بكلمة ثم يقول لآرابه كلها تكلمي واشهدي عليه فيشهد عليه سمعه وبصره وجلده وفرجه ويداه ورجلاه صنعنا عملنا فعلنا وقد تقدم أحاديث كثيرة وآثار عند قوله تعالى في سورة يس "اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون" بما أغنى عن إعادته ههنا . وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سويد بن سعيد حدثنا يحيى بن سليم الطائفي عن أبي خيثم عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر قال "ألا تحدثون بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة ؟" فقال فتية منهم بلى يا رسول الله بينما نحن جلوس إذ مرت علينا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء فمرت بفتى منهم فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها فانكسرت قلتها فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي وجمع الأولين والآخرين وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا ؟ قال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "صدقت صدقت كيف يقدس الله قوما لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم" هذا حديث غريب من هذا الوجه ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سليم به . وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون (22) وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وقوله تعالى "وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم" أي تقول لهم الأعضاء والجلود حين يلومونها على الشهادة عليهم ما كنتم تكتمون منا الذي كنتم تفعلونه بل كنتم تجاهرون الله بالكفر والمعاصي ولا تبالون منه في زعمكم لأنكم كنتم لا تعتقدون أنه يعلم جميع أفعالكم ولهذا قال تعالى "ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم" أي هذا الظن الفاسد وهو اعتقادكم أن الله تعالى لا يعلم كثيرا مما تعملون هو الذي أتلفكم وأرداكم عند ربكم "فأصبحتم من الخاسرين" أي في مواقف القيامة خسرتم أنفسكم وأهليكم. قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمار عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله رضي الله عنه قال كنت مستترا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشي وختناه ثقفيان - أو ثقفي وختناه قرشيان - كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهما أترون أن الله يسمع كلامنا هذا ؟ فقال الآخر إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفعه لم يسمعه فقال الآخر إن سمع منه شيئا سمعه كله - قال - فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل "وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم - إلى قوله - من الخاسرين" وهكذا رواه الترمذي عن هناد عن أبي معاوية بإسناده نحوه وأخرجه أحمد ومسلم والترمذي أيضا من حديث سفيان الثوري عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب بن ربيعة عن عبد الله بن مسعود بنحوه ورواه البخاري ومسلم أيضا من حديث السفيانين كلاهما عن منصور عن مجاهد عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة عن ابن مسعود رضي الله عنه به وقال عبد الرزاق حدثنا معمر عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى "أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم" قال "إنكم تدعون يوم القيامة مفدما على أفواهكم بالفدام فأول شيء يبين عن أحدكم فخذه وكفه" . وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين (23) وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين قال معمر : وتلا الحسن "وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم" ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى أنا مع عبدي عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني" ثم أفتر الحسن ينظر في هذا فقال : ألا إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم فأما المؤمن فأحسن الظن بربه فأحسن العمل وأما الكافر والمنافق فأساءا الظن بالله فأساءا العمل ثم قال : قال الله تبارك وتعالى "وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم" ولا أبصاركم - إلى قوله - وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم "الآية ." وقال الإمام أحمد حدثنا النضر بن إسماعيل القاص وهو أبو المغيرة حدثنا ابن أبي ليلى عن ابن الزبير عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يموتن أحد منكم إلا وهو يحسن بالله الظن فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله فقال الله تعالى" وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين "." فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين (24) فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين أي سواء عليهم صبروا أم لم يصبروا هم في النار لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها وإن طلبوا أن يستعتبوا ويبدوا أعذارا فما لهم أعذار ولا تقال لهم عثرات . قال ابن جرير : ومعنى قوله تعالى "وإن يستعتبوا" أي يسألوا الرجعة إلى الدنيا فلا جواب لهم قال وهذا كقوله تعالى إخبارا عنهم "قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون" . وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين (25) وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين يذكر تعالى أنه هو الذي أضل المشركين وأن ذلك بمشيئته وكونه وقدرته وهو الحكيم في أفعاله بما قيض لهم من القرناء من شياطين الإنس والجن "فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم" أي حسنوا لهم أعمالهم في الماضي وبالنسبة إلى المستقبل فلم يروا أنفسهم إلا محسنين كما قال تعالى "ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون" . وقوله تعالى "وحق عليهم القول" أي كلمة العذاب كما حق على أمم قد خلت من قبلهم ممن فعل كفعلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين أي استووا هم في الخسار والدمار. وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون (26) وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون قوله تعالى "وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن" أي تواصوا فيما بينهم أن لا يطيعوا للقرآن ولا ينقادوا لأوامره "والغوا فيه" أي إذا تلي لا تسمعوا له كما قال مجاهد والغوا فيه يعني بالمكاء والصفير والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله وقال الضحاك عن ابن عباس "والغوا فيه" عيبوه وقال قتادة اجحدوا به وأنكروه وعادوه "لعلكم تغلبون" هذا حال هؤلاء الجهلة من الكفار ومن سلك مسلكهم عند سماع القرآن وقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بخلاف ذلك فقال تعالى "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" . فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون (27) فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ثم قال عز وجل منتصرا للقرآن ومنتقما ممن عاداه من أهل الكفران "فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا" أي في مقابلة ما اعتمدوه في القرآن وعند سماعه "ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون" أي بشر أعمالهم وسيئ أفعالهم . ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون (28) ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون أي بشر أعمالهم وسيئ أفعالهم . وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (29) وقال الذين كفروا ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين قال سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن مالك بن الحصين الفزاري عن أبيه عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى "اللذين أضلانا" قال إبليس وابن آدم الذي قتل أخاه وهكذا روى العوفي عن علي رضي الله عنه مثل ذلك وقال السدي عن علي رضي الله عنه فإبليس يدعو به كل صاحب شرك وابن آدم يدعو به كل صاحب كبيرة فإبليس الداعي إلى كل شر من شرك فما دونه وابن آدم الأول كما ثبت في الحديث "ما قتلت نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل" . وقولهم "نجعلهما تحت أقدامنا" أي أسفل منا في العذاب ليكونا أشد عذابا منا ولهذا قالوا "ليكونا من الأسفلين" أي في الدرك الأسفل من النار كما تقدم في الأعراف في سؤال الأتباع من الله تعالى أن يعذب قادتهم أضعاف عذابهم "قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون" أي أنه تعالى قد أعطى كلا منهم ما يستحقه من العذاب والنكال بحسب عمله وإفساده كما قال تعالى "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون" . إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون (30) إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون يقول تعالى "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" أي أخلصوا العمل لله وعملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع الله لهم قال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا الجراح حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري ثنا سهيل بن أبي حازم حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" قد قالها ناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فقد استقام عليها وكذا رواه النسائي في تفسيره والبزار وابن جرير عن عمرو عن علي الفلاس عن سلم بن قتيبة به . وكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن الفلاس به ثم قال ابن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عامر بن سعيد عن سعيد بن عمران قال : قرأت عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه هذه الآية "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" قال هم الذين لم يشركوا بالله شيئا ثم روي من حديث الأسود بن هلال قال : قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ما تقولون في هذه الآية "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" قال فقالوا "ربنا الله ثم استقاموا" من ذنب فقال لقد حملتموه على غير المحمل قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلم يلتفتوا إلى إله غيره . وكذا قال مجاهد وعكرمة والسدي وغير واحد وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو عبد الله الظهراني أخبرنا حفص بن عمر العقدي عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال سئل ابن عباس رضي الله عنهما أي آية في كتاب الله تبارك وتعالى أرخص ؟ قال قوله تعالى "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا" على شهادة أن لا إله إلا الله وقال الزهري : تلا عمر رضي الله عنه هذه الآية على المنبر ثم قال استقاموا والله لله بطاعته ولم يروغوا روغان الثعالب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما "قالوا ربنا الله ثم استقاموا" على أداء فرائضه وكذا قال قتادة قال وكان الحسن يقول اللهم أنت ربنا فارزقنا الاستقامة وقال أبو العالية "ثم استقاموا" أخلصوا له الدين والعمل . وقال الإمام أحمد حدثنا هشيم حدثنا يعلى بن عطاء عن عبد الله بن سفيان الثقفي عن أبيه أن رجلا قال يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدا بعدك قال صلى الله عليه وسلم "قل آمنت بالله ثم استقم" قلت فما أتقي ؟ فأومأ إلى لسانه . ورواه النسائي من حديث شعبة عن يعلى بن عطاء به . ثم قال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إبراهيم بن سعد حدثني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن ماعز الغامدي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال صلى الله عليه وسلم "قل ربي الله ثم استقم" قلت يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي ؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرف لسان نفسه ثم قال "هذا" وهكذا رواه الترمذي وابن ماجه من حديث الزهري به وقال الترمذي حسن صحيح . وقد أخرجه مسلم في صحيحه والنسائي من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك قال صلى الله عليه وسلم "قل آمنت بالله ثم استقم" وذكر تمام الحديث . وقوله تعالى "تتنزل عليهم الملائكة" قال مجاهد والسدي وزيد بن أسلم وابنه يعني عند الموت قائلين "أن لا تخافوا" قال مجاهد وعكرمة وزيد بن أسلم أي مما تقدمون عليه من أمر الآخرة "ولا تحزنوا" على ما خلفتموه من أمر الدنيا من ولد وأهل ومال أو دين فإنا نخلفكم فيه "وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" فيبشرونهم بذهاب الشر وحصول الخير وهذا كما جاء في حديث البراء رضي الله عنه قال "إن الملائكة تقول لروح المؤمن اخرجي أيتها الروح الطيبة في الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان" وقيل إن الملائكة تتنزل عليهم يوم خروجهم من قبورهم حكاه ابن جرير عن ابن عباس والسدي. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة حدثنا عبد السلام بن مطهر حدثنا جعفر بن سليمان قال سمعت ثابتا قرأ سورة حم السجدة حتى بلغ "إن الذين قالوا ربنا" الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة "فوقف فقال بلغنا أن العبد المؤمن حين يبعثه الله تعالى من قبره يتلقاه الملكان اللذان كانا معه في الدنيا فيقولان له لا تخف ولا تحزن" وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون "قال فيؤمن الله تعالى خوفه ويقر عينه فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين لما هداه الله تبارك وتعالى ولما كان يعمل له في الدنيا وقال زيد بن أسلم يبشرونه عند موته وفي قبره وحين يبعث رواه ابن أبي حاتم وهذا القول يجمع الأقوال كلها وهو حسن جدا وهو الواقع." نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون (31) نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون قوله تبارك وتعالى "نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة" أي تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار نحن كنا أولياءكم أي قرناءكم في الحياة الدنيا نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر الله وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور وعند النفخة في الصور ونؤمنكم يوم البعث والنشور ونجاوز بكم الصراط المستقيم ونوصلكم إلى جنات النعيم "ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم" أي في الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس وتقر به العيون "ولكم فيها ما تدعون" أي مهما طلبتم وجدتم وحضر بين أيديكم كما اخترتم . نزلا من غفور رحيم (32) نزلا من غفور رحيم أي ضيافة وعطاء وإنعاما من غفور لذنوبكم رحيم بكم رءوف حيث غفر وستر ورحم ولطف وقد ذكر ابن أبي حاتم ههنا حديث سوق الجنة عند قوله تعالى "ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم" فقال حدثنا أبي ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين أبي سعيد حدثنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية عن سعيد بن المسيب أنه لقي أبا هريرة رضي الله عنه فقال أبو هريرة رضي الله عنه أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة فقال سعيد أوفيها سوق ؟ فقال نعم أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوا فيها نزلوا بفضل أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون الله عز وجل ويبرز لهم عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة ويوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما فيهم دنيء على كثبان المسك والكافور ما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسا قال أبو هريرة رضي الله عنه قلت يا رسول الله وهل نرى ربنا ؟ قال صلى الله عليه وسلم "نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر ؟" قلنا لا : قال صلى الله عليه وسلم "فكذلك لا تتمارون في رؤية ربكم تعالى ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة حتى إنه ليقول للرجل منهم يا فلان بن فلان أتذكر يوم عملت كذا وكذا - يذكره ببعض غدراته في الدنيا - فيقول أي رب أفلم تغفر لي ؟ فيقول بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه - قال - فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط - قال - ثم يقول ربنا عز وجل قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة وخذوا ما اشتهيتم قال فنأتي سوقا قد حفت به الملائكة فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب قال فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيه شيء ولا يشترى وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنزلة الرفيعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دنيء فيروعه ما يرى عليه من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه وذلك لأنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيهل ثم ننصرف إلى منازلنا فيتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا بحبيبنا لقد جئت وإن بك من" الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه فيقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار تبارك وتعالى وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا به "." وقد رواه الترمذي في صفة الجنة من جامعه عن محمد بن إسماعيل عن هشام بن عمار ورواه ابن ماجه عن هشام بن عمار به نحوه ثم قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . وقال الإمام أحمد حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله" لقاءه "قلنا يا رسول الله كلنا نكره الموت قال صلى الله عليه وسلم" ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه قال وإن الفاجر أو الكافر إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر أو ما يلقى من الشر فكره لقاء الله فكره الله لقاءه "وهذا حديث صحيح وقد ورد في الصحيح من غير هذا الوجه" ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين (33) ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين يقول عز وجل "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله" أي دعا عباد الله إليه "وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين" أي وهو في نفسه مهتد بما يقوله فنفعه لنفسه ولغيره لازم ومتعد وليس هو من الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه وينهون عن المنكر ويأتونه بل يأتمر بالخير ويترك الشر ويدعو الخلق إلى الخالق تبارك وتعالى وهذه عامة في كل من دعا إلى خير وهو في نفسه مهتد ورسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بذلك كما قال محمد بن سيرين والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وقيل المراد بها المؤذنون الصلحاء كما ثبت في صحيح مسلم "المؤذنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" وفي السنن مرفوعا "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الأئمة وغفر للمؤذنين" ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |