|
|||||||
| هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الحادى والعشرون تَفْسِيرِ سُّورَةِ الشورى الحلقة (1221) صــ 531 الى صــ 540 * ذكر من قال ذلك: حدثني محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قول الله عز وجل: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) قال: يعمل حسنة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نزدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا) قال: من يعمل خيرا نزد له. الاقتراف: العمل. وقوله: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) يقول: إن الله غفور لذنوب عباده، شكور لحسناتهم وطاعتهم إياه. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) للذنوب (شَكُورٌ) للحسنات يضاعفها. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ) قال: غفر لهم الذنوب، وشكر لهم نعما هو أعطاهم إياها، وجعلها فيهم. القول في تأويل قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) } يقول تعالى ذكره: أم يقول هؤلاء المشركون بالله: (افْتَرَى) محمد (عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) فجاء بهذا الذي يتلوه علينا اختلاقا من قبل نفسه. وقوله: (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ) يا محمد يطبع على قلبك، فتنس هذا القرآن الذي أُنزل إليك. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) فينسيك القرآن. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، فى قوله: (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) قال: إن يشأ الله أنساك ما قد أتاك. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ، في قول الله عزّ وجلّ: (فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) قال: يطبع. وقوله: (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ) يقول: ويذهب الله بالباطل فيمحقه. (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ) التي أنزلها إليك يا محمد فيثبته. وقوله: (وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ) في موضع رفع بالابتداء، ولكنه حُذفت منه الواو في المصحف، كما حُذفت من قوله: (سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ) ومن قوله: (وَيَدْعُ الإنْسَانُ بِالشَّرِّ) وليس بجزم على العطف على يختم. وقوله: (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) يقول تعالى ذكره: إن الله ذو علم بما في صدور خلقه، وما تنطوي عليه ضمائرهم، لا يخفى عليه من أمورهم شيء، يقول لنبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: لو حدّثت نفسك أن تفتري على الله كذبا، لطبعت على قلبك، وأذهبت الذي أتيتك من وحيي، لأني أمحو الباطل فأذهبه، وأحقّ الحقّ، وإنما هذا إخبار من الله الكافرين به، الزاعمين أن محمدا افترى هذا القرآن من قبل نفسه، فأخبرهم أنه إن فعل لفعل به ما أخبر به في هذه الآية. القول في تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) } يقول تعالى ذكره: والله الذي يقبل مراجعة العبد إذا رجع إلى توحيد الله وطاعته من بعد كفره (وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) يقول: ويعفو له أن يعاقبه على سيئاته من الأعمال، وهي معاصيه التي تاب منها (وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) اختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة "يَفْعَلُونَ" بالياء، بمعنى: ويعلم ما يفعل عباده، وقرأته عامة قراء الكوفة (تَفْعَلُونَ) بالتاء على وجه الخطاب. والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قراءة الأمصار متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، غير أن الياء أعجب إلي، لأن الكلام من قبل ذلك جرى على الخبر، وذلك قوله: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) ويعني جلّ ثناؤه بقوله: (وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) ويعلم ربكم أيها الناس ما تفعلون من خير وشر، لا يخفى عليه من ذلك شيء، وهو مجازيكم على كل ذلك جزاءه، فاتقوا الله في أنفسكم، واحذروا أن تركبوا ما تستحقون به منه العقوبة. حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف، عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر، عن إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، قال: أتينا عبد الله نسأله عن هذه الآية: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) قال: فوجدنا عنده أناسا أو رجالا يسألونه عن رجل أصاب من امرأة حراما، ثم تزوجها، فتلا هذه الآية (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) . القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26) } يقول تعالى ذكره: ويجيب الذين آمنوا بالله ورسوله، وعملوا بما أمرهم الله به، وانتهوا عما نهاهم عنه لبعضهم دعاء بعض. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثام، قال: ثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن سلمة بن سبرة، قال: خطبنا معاذ، فقال: أنتم المؤمنون، وأنتم أهل الجنة، والله إني لأرجو أن من تصيبون من فارس والروم يدخلون الجنة، ذلك بأن أحدهم إذا عمل لأحدكم العمل قال: أحسنت رحمك الله، أحسنت غفر الله لك، ثم قرأ: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) . وقوله: (وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) يقول تعالى ذكره: ويزيد الذين آمنوا وعملوا الصالحات مع إجابته إياهم دعاءهم، وإعطائه إياهم مسألتهم من فضله على مسألتهم إياه، بأن يعطيهم ما لم يسألوه. وقيل: إن ذلك الفضل الذي ضمن جلّ ثناؤه أن يزيدهموه، هو أن يشفعهم في إخوان إخوانهم إذا هم شفعوا في إخوانهم، فشفعوا فيهم. * ذكر من قال ذلك: حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن إبراهيم النخعيّ في قول الله عزّ وجلّ: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) قال: يُشَفَّعُون في إخوانهم، ويزيدهم من فضله، قال: يشفعون في إخوان إخوانهم. وقوله: (وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ) يقول جلّ ثناؤه: والكافرون بالله لهم يوم القيامة عذاب شديد على كفرهم به. واختلف أهل العربية في معنى قوله (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) فقال بعضهم: أي استجاب فجعلهم هم الفاعلين، فالذين في قوله رفع والفعل لهم. وتأويل الكلام على هذا المذهب: واستجاب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لربهم إلى الإيمان به، والعمل بطاعته إذا دعاهم إلى ذلك. وقال آخر منهم: بل معنى ذلك: ويجيب الذين آمنوا. وهذا القول يحتمل وجهين: أحدهما الرفع، بمعنى ويجيب الله الذين آمنوا. والآخر ما قاله صاحب القول الذي ذكرنا. وقال بعض نحوي الكوفة (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا) يكون "الَّذِينَ" في موضع نصب بمعنى: ويجيب الله الذين آمنوا. وقد جاء في التنزيل (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) والمعنى: فأجاب لهم ربهم، إلا أنك إذا قلت استجاب، أدخلت اللام في المفعول؛ وإذا قلت أجاب حذفت اللام، ويكون استجابهم بمعنى: استجاب لهم، كما قال جلّ ثناؤه: (وإذا كالوهم أو وزنوهم) والمعنى والله أعلم: وإذا كالوا لهم، أو وزنوا لهم (يُخْسِرُونَ) . قال: ويكون "الَّذِينَ" في موضع رفع إن يجعل الفعل لهم، أي الذين آمنوا يستجيبون لله، ويزيدهم على إجابتهم، والتصديق به من فضله. وقد بيَّنا الصواب في ذلك من القول على ما تأوّله معاذ ومن ذكرنا قوله فيه. القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ وَلَكِنْ يُنزلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) } ذكر أن هذه الآية نزلت من أجل قوم من أهل الفاقة من المسلمين تمنوا سعة الدنيا والغنى، فمال جلّ ثناؤه: ولو بسط الله الرزق لعباده، فوسعه وكثره عندهم لبغوا، فتجاوزوا الحدّ الذي حدّه الله لهم إلى غير الذي حدّه لهم في بلاده بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم، ولكنه ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه. * ذكر من قال ذلك: يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال أبو هانئ: سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون: إنما أزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ وَلَكِنْ يُنزلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ) ذلك بأنهم قالوا: لو أن لنا، فتمنوا. * حدثنا محمد بن سنان القزاز، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقري، قال: ثنا حيوة، قال: أخبرني أبو هانئ، أنه سمع عمرو بن حريث يقول: إنما نزلت هذه الآية، ثم ذكر مثله. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ) ... الآية قال: كان يقال: خير الرزق ما لا يُطغيك ولا يُلهيك. وذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: "أخْوَفُ ما أخافُ على أمَّتِي زَهْرَةُ الدُّنْيا وكَثْرَتُها" . فقال له قاتل: يا نبيّ الله هل يأتي الخير بالشرّ؟ فقال النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: وهَلْ يَأتِي الخَيْرُ بالشَّرِّ؟ "فأنزل الله عليه عند ذلك، وكان إذا نزل عليه كرب (1) لذلك، وتربَّد وجهه، حتى إذا سرّي عن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال:" هَلْ يَأْتِي الخَيْرُ بالشَّرِّ "يقولها ثلاثا:" إنَّ الخَيْرَ لا يأتِي إلا بالخَيْرِ "، يقولها ثلاثا. وكان صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وتر الكلام: ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألمّ فأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه فى سبيل الله التي افترض وارتضى، فذلك عبد أريد به خير، وعزم له على الخير، وأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذّاته، وعدل عن حقّ الله عليه، فذلك عبد أريد به شرّ، وعزم له على شرّ" . وقوله: (إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) يقول تعالى ذكره: إن الله بما يصلح عباده ويفسدهم من غنى وفقر وسعة وإقتار، وغير ذلك من مصالحهم ومضارهم، ذو خبرة، وعلم، بصير بتدبيرهم، وصرفهم فيما فيه صلاحهم. (1) في (اللسان: كرب) : وفي الحديث: كان إذا أتاه الوحي كرب له، أي أصابه الكرب فهو مكروب. القول في تأويل قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) } يقول تعالى ذكره: والله الذي ينزل المطر من السماء فيغيثكم به أيها الناس (مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا) يقول: من بعد ما يئس من نزوله ومجيئه. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة: أنه قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: أجدبت الأرض، وقنط الناس، قال: مطروا إذن. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا) قال: يئسوا. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا أمير المؤمنين قحط المطر، وقنط الناس قال: مطرتم (وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) . وقوله: (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) يقول: وهو الذي يليكم بإحسانه وفضله، الحميد بأياديه عندكم، ونعمه عليكم في خلقه. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) } يقول تعالى ذكره: ومن حججه عليكم أيها الناس أنه القادر على إحيائكم بعد فنائكم، وبعثكم من قبوركم من بعد بلائكم، خلقه السموات والأرض. وما بثّ فيهما من دابة، يعني وما فرّق في السموات والأرض من دابة. كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) قال: الناس والملائكة. يقول: وهو على جمع ما بث فيهما من دابة إذا شاء جمعه، ذو قدرة لا يتعذر عليه، كما لم يتعذر عليه خلقه وتفريقه، يقول تعالى ذكره: فكذلك هو القادر على جمع خلقه بحشر يوم القيامة بعد تفرق أوصالهم في القبور. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30) وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31) } يقول تعالى ذكره: وما يصيبكم أيها الناس من مصيبة في الدنيا في أنفسكم وأهليكم وأموالكم (فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) يقول: فإنما يصيبكم ذلك عقوبة من الله لكم بما اجترمتم من الآثام فيما بينكم وبين ربكم ويعفو لكم ربكم عن كثير من إجرامكم، فلا يعاقبكم بها. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا أيوب، قال: قرأت في كتاب أبي قلابة، قال: نزلت: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وأبو بكر رضي الله عنه يأكل، فأمسك فقال: يا رسول الله إني لراء ما عملت من خير أو شر؟ فقال: "أرَأيْتَ ما رَأَيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مِنْ مَثَاقِيلِ ذَرّ الشَّرّ، وَتَدَّخِر مَثاقِيلَ الخَيْرِ حتى تُعْطاهُ يَوْمَ القِيامَةِ" ، قال: قال أبو إدريس: فأرى مصداقها في كتاب الله، قال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) . قال أبو جعفر: حدّث هذا الحديث الهيثم بن الربيع، فقال فيه أيوب عن أبي قلابة، عن أنس، أن أبا بكر رضي الله عنه كان جالسا عند النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فذكر الحديث، وهو غلط، والصواب عن أبي إدريس. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) .... الآية "ذُكر لنا أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقول:" لا يُصِيبُ ابْنُ آدَمَ خَدْش عُودٍ، ولا عَثْرَةُ قَدَم، ولا اخْتِلاجُ عِرْقٍ إلا بذَنْب، ومَا يَعْفُو عَنْهُ أكْثَرُ "." حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) .... الآية، قال: يعجل للمؤمنين عقوبتهم بذنوبهم ولا يؤاخذون بها في الآخرة. وقال آخرون: بل عنى بذلك: وما عوقبتم في الدنيا من عقوبة بحدّ حددتموه على ذنب استوجبتموه عليه فبما كسبت أيديكم يمول: فيما عملتم من معصية الله (وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) فلا يوجب عليكم فيها حدّا. * ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الحسن (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) ... الآية، قال: هذا في الحدود. وقال قتادة: بلغنا أنه ما من رجل يصيبه عثرة قدم ولا خدش عود أو كذا وكذا إلا بذنب، أو يعفو، وما يعفو أكثر. وقوله: (وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأرْضِ) يقول: وما أنتم أيها الناس بمفيتي ربكم بأنفسكم إذا أراد عقوبتكم على ذنوبكم التي أذنبتموها، ومعصيتكم إياه التي ركبتموها هربا في الأرض، فمعجزيه، حتى لا يقدر عليكم، ولكنكم حيث كنتم في سلطانه وقبضته، جارية فيكم مشيئته (وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ) يليكم بالدفاع عنكم إذا أراد عقوبتكم على معصيتكم إياه (وَلا نَصِيرٍ) يقول: ولا لكم من دونه نصير ينصركم إذا هو عاقبكم، فينتصر لكم منه، فاحذروا أيها الناس معاصيه، واتقوه أن تخالفوه فيما أمركم أو نهاكم، فإنه لا دافع لعقوبته عمن أحلها به. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) } يقول تعالى ذكره: ومن حجج الله أيها الناس عليكم بأنه القادر على كل ما يشاء، وأنه لا يتعذّر عليه فعل شيء أراده، السفن الجارية في البحر. والجواري: جمع جارية، وهي السائرة في البحر. كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبى نجيح، عن مجاهد، قوله: (الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ) قال: السفن. حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ) قال: الجواري: السفن. وقوله: (كَالأعْلامِ) يعني كالجبال: واحدها علم; ومنه قول الشاعر: . كَأَنَّه عَلَمٌ فِي رأسِه نَارُ (1) (1) هذا عجز بيت للخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمي، من قصيدة ترثي بها أخاها صخرا (معاهد التنصيص للعباسي) وصدره. وإن صخرا لتأتم الهداة به وقد استشهد به المؤلف عند قوله تعالى: (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) على أن الأعلام في البيت جمع علم بالتحريك، وهو الجبل. وقد كان العرب يوقدون النار في أعالي الجبال، لهداية الغريب والجائع ونحوهما. يعني: جَبَل. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ![]()
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |