|
|||||||
| ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#21
|
||||
|
||||
|
22-قصَّة موسى في القرآن الكريم بقلم : مجـْـد مكَّي المباراة بين موسى والسحرة ويا لله العظيم كم لله تعالى من تدابير تقع على خلاف توقع الناس ومرادهم، وكم من طاغية يحفر قبره بظفره، ويسعى إلى حتفه بظلفه، فسبحان مدبِّر الأمر، ومُسيِّر الخلق ﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ جمع جنود فرعون السحرةَ لإجراء المباراة في الموعد المحدَّد زماناً ومكاناً، في وقت الضحى من يوم الزينة الذي يتفرَّغون فيه من أشغالهم، ويجتمعون ويتزيَّنون، ﴿وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ﴾ قيل لجماهير المصريين على سبيل العرض لا الإلزام: هل أنتم مجتمعون لتنظروا ماذا يفعل الفريقان، ولمن تكون الغلبة ؟ ﴿لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الغَالِبِينَ﴾ [الشعراء:38-40]. ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ : أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ﴾ أقبل السَّحَرة على وجه السرعة -وهذا شأن الأتباع ومنتهزي الفرص- علىفرعون، فقالوا له بلغة المحترف والمستوثق، الذي مقصده الأول والأخير مما يعمله الأجر والعطاء: هل ستكافئنا بالأجر العظيم، والعطاء الوفير إذا غلبناموسى؟ وهنا يجيبهمفرعونقائلاً لهم: ﴿ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ المُقَرَّبِينَ﴾ [الشعراء:41-42]. نعم، لكم أجر ماديٌّ جزيلٌ إذا انتصرتم عليه، وفوق ذلك، فأنتم تكونون بهذا الانتصار من الظافرين بقربي، والمحاطين برعايتي. سألوا فرعون الأجر فوعدهم الأجر الجزيل، والعطاء الجميل، والمنزلة الرفيعة، وحُسن الرعاية والعناية والقرب منه ، وهذا يدل على ما كان يعتمل في قلب فرعون من إرادة الفوز الساحق؛ ليقضيَ على موسى ودعوته، ويحافظ على كبريائه وألوهيته وعبودية الناس له.. اصطفَّ السَّحرة في الميدان للمبارزة؛ فذلك أهيب لهم أمام موسى عليه السلام، وفرعون ورجال دولته يرقبونهم ويشجعونهم، وجموع الناس تحيط بهم تشهد هذا الحدث العظيم، وفرعون يعدهم إن فازوا. ويا للعجب من موسى عليه السلام؛ إذ ما نسيَ الموعظة في موضع المناظرة، ولم يرده عنها ما هو فيه من موقف عصيب، وأعطى السحرة حظهم منها قبل مبارزتهم: ﴿قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى الله كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى﴾ [طه:61]. قال موسى للسحرة الذين جمعهم فرعون قبل المباراة: عذاباً شديداً لكم؛ بسبب ما تُعدون أنفسكم له، فلا تختلقوا على الله الكذب بأعمال السحر التي تخدعون بها أعين الناس، فيهلككم ويستأصلكم بعذاب عظيم، وقد خسر من ادَّعى مع الله إلها آخر، وكذب على الله . ولكن السَّحرة أجمعوا بعد المشورة على المبارزة، فحالهم حال من يريد الظفر وإرضاء سيده؛ ولذا استعجلوا موسى في بدء المعركة، وقالوا له على سبيل التكبُّر وعدم المبالاة:﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ المُلْقِينَ﴾ [الأعراف:115] يا موسى: اخْتر أحد الأمرين: إمَّا أن تُلْقيَ عَصَاك أولاً، وإمَّا أن نكون نحن المُلْقين أدوات سحرنا أولاً.. ﴿ قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون﴾ قال موسى للسَّحَرة: اطرحوا في ساحة المباراة ما تريدون إلقاءه من السحر، فأنا متحديِّكم وقابل تحدِّيكم،﴿فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الغَالِبُونَ﴾ [الشعراء:44].واعتزوا بفرعون، وكان موسى معتزا بالله عز وجل . والواقع أن السحرة برعوا في سحرهم، وأتوا بالأعاجيب في فنهم، ولم يقصِّروا في أداء واجبهم ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [الأعراف:116] أي: فلما ألقُوا حبالَهم وعصِيَّهم، صَرَفوا أعين الناس عن إدراك حقيقة ما فعلوه من التمويه والتخييل، وخوَّفوهم بما فعلوه من السِّحر تخويفاً شديداً، وجاء السَّحَرةُ بسحرٍ عظيم. ومن براعتهم في سحرهم خشي موسى عليه السلام على عامَّة الناس من الفتنة بهم؛ لعظيم ما جاءوا به من السحر، فيكون سحرهم صداً عن دين الله تعالى، فسلام الله على موسى ما أشدَّ حرصه على هداية الخلق للحق، ولكن الله تعالى أوحى إليه أن سحرهم سيبطل: ﴿فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ﴾فأضمر موسى في نفسه الخوف وظنَّ أن ثعابينهم تقصده، ﴿قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى﴾. قال الله الله تعالى لموسى: لا تخف من أعمالهم السحريَّة إنك أنت الغالب عليهم، وستكون لك الغلبة والظفر. ﴿وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [طه:67-69]. وألق عصاك التي في يمينك تتحول فورا حيَّة عظيمة، تلتقم وتبتلع بسرعة حبالهم وعصيهم، ما صنعوا بأعمالهم إلا كيدا سحريا تخيلياً بإيهامها كذباً على الحقيقة أنها ثعابين حقيقية ، ولا يظفر الساحر في أيِّ مكان يأتيه، ويعمل فيه أعماله السحرية، إذ يجعله الله خائبا خاسرا.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |