|
ملتقى الفتاوى الشرعية إسأل ونحن بحول الله تعالى نجيب ... قسم يشرف عليه فضيلة الشيخ أبو البراء الأحمدي |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الطلاق أثناء الحيض أعد وأجاب على سؤال هذا العدد مجلة التوحيد أحمد فهمي أحمد ورد إلينا سؤال من الأخ الفاضل الأستاذ صلاح الدين أحمد محمد على المحامي من الإسكندرية حول موضوع الطلاق، ونلخص رسالته في ما يلي: (طلقت زوجتى ثلاث طلقات منفصلة، وكانت هذه الطلقات قد وقعت أثناء كون الزوجة في الحيض، ولقد قرأت في كتاب (المسح على الجوربين) وكتاب (الاستئناس لتصحيح أنكحة الناس) للقاسمي رحمه الله أنه قد ذهب إلى عدم الاعتداد بطلاق المرأة وهي حائض عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وسعيد بن المسيب، وطاوس، وابن تيمية، وغيرهم من الأئمة ... الخ. وإني أرجو افتائي فيما إذا كانت الطلقة التي أوقعتها على زوجتي وهي حائض تعتبر باطلة، وبالتالي فتعتبر الثلاث طلقات طلقتان فقط أم لا؟ علما بأن هذه الطلقة الباطلة هي الطلقة الثانية وليست الأخيرة). الإجابة بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. (وبعد) فقد روى البخاري ومسلم بسندهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض عنده حيضة أخرى، ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها، فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء (اللفظ لمسلم) . وفي رواية أخرى لهذا الحديث عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: (( مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا )) . وفي بعض روايات هذا الحديث أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد احتسب هذه التطليقة. ونقول: إن هذا الحديث الشريف يوضح لنا قول الله تعالى: {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1] أي إذا أردتم التطليق فطلقوهن مستقبلات العدة، وتكون المطلقة مستقبلة للعدة إذا طلقها بعد أن تطهر من حيض أو نفاس، وقبل أن يجامعها. والحكمة من ذلك: أن المرأة إذا طلقت وهي حائض، فإن بقيت مدة الحيض لا تحسب من العدة، وبهذا فإن طلقها وهي حائض يكون سببا في إطالة مدة العدة، وفي ذلك إضرار بها. أما إذا طلقت في طهر مسها فيه زوجها، فإنها لا تعرف هل حملت أم لم تحمل، فهل تكون عدتها طبقا لقول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} [البقرة: 228] أم تعتد بعدة الحامل طبقا لقول الله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} [الطلاق: 4] . وقد أطلق الفقهاء على هذا الطلاق - الذي يتم في طهر لم يمسسها فيه زوجها. اسم (الطلاق السني) ، وعلى الطلاق الذي يتم أثناء الحيض أو النفاس، أو في طهر مسها فيه زوجها، أطلقوا اسم (الطلاق البدعي) . وقد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن الطلاق البدعي يقع، مستدلين لذلك بدليلين: الأول: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قد احتسب هذه التطليقة. الثاني: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (( مره فليراجعها )) فقالوا: لو لم يقع الطلاق لم تكن رجعة، لأن كلمة (الرجعة) لا تحمل على معناها اللغوي - وهو الرد إلى حالها الأول - وإنما بمعناها الشرعي. بل ذهب بعض الفقهاء إلى أن هذه الرجعة مستحبة لا واجبة (ذكره النووي في شرحه لصحيح مسلم) . وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الطلاق البدعي لا يقع، منهم ابن علية من السلف، وابن تيمية، وابن حزم، وابن القيم، وخلاس ابن عمرو (تابعي) ، وأبو قلابة (تابعي) ، وسعيد بن المسيب، وطاوس (من أصحاب ابن عباس) وغيرهم. وقد استدل هؤلاء العلماء على بطلان الطلاق البدعي بالأدلة الآتية: أولا - أنه ليس من الطلاق الذي أمر الله به في قوله تعالى: {فطلقوهن لعدتهن} بل هو مخالف لذلك. ثانيا - صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه غضب عندما بلغه أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طلق زوجته وهي حائض، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب مما أحله الله. ثالثا - قول ابن عمر إنها حسبت تطليقة، لا يعني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حسبها تطليقة. رابعا - لو كان قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب: (( مره فليراجعها )) دليلا على أن الطلاق قد وقع لكانت رجعتها ليطلقها مرة أخرى في الطهر الأول أو الثاني زيادة ضرر عليها، وهذا ليس من المبادئ الأساسية للإسلام. خامسا - روى أحمد وأبو داود والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فردها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرها شيئا. وإسناد هذه الرواية صحيح، وهي مصرحة بأن الذي لم يرها شيئا هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعارضها احتساب ابن عمر لهذه التطليقة، لأن الحجة في روايته لا في رأيه. ونضيف على ذلك: أنه باستقراء القواعد الأساسية للإسلام في شأن تكوين الأسرة، نرى أن الله تبارك وتعالى عندما شرع لنا الطلاق، بين لنا في نفس الوقت أنه أبغض الحلال إلى الله، فقد روي عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أبغض الحلال إلى الله عز وجل الطلاق )) رواه أبو داود والحاكم وصححه. وعن ثوبان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (( أيما امراة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة )) رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي. وعلى هذا الأساس فإن الله تبارك وتعالى لا يأمرنا بالطلاق لأول عارض يعترض سعادتنا الزوجية، بل اقرأ معي قول الحق سبحانه: {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} [النساء: 19] ، ثم اقرأ أيضا قوله عز وجل: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا} [النساء: 128] . وعلى هذا شرع الله الطلاق لاستعماله في أضيق الحدود، بعد أن تستنفذ كل وسائل الإصلاح السابقة على الطلاق، مثل قوله تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا إن الله كان عليا كبيرا - وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا} [النساء: 34، 35] . والطلاق شرع من شرائع الله، لا يجوز الخروج فيه على النصوص الواردة في كتاب الله، وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان الطلاق في مدة الحيض عملا لم يأمرنا به الإسلام في كتاب ولا سنة، وعلى هذا سمي (طلاقا بدعيا) فإننا نذكر هنا قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد )) أي مردود على صاحبه غير مقبول منه. وقد أطلعنا كذلك على فتاوي الشيخ محمود شلتوت رحمه الله، فإذا به يورد النص الآتي بعد أن أفاض في الشرح: (أما الناحية الأخرى، وهي ناحية الفتوى بوقوع الطلاق أو الحكم بوقوعه، فقد جرينا نحن المفتين والقضاة على الإفتاء، أو الحكم بوقوع الطلاق على مذاهب معينة قد تشهد الحجة القوية لغيرها في عدم وقوعه. والرأي أنا لا نفتي ولا نحكم بوقوع الطلاق إلا إذا كان مجمعا من الأئمة على وقوعه، فإن الحياة الزوجية ثابتة بيقين، وما يثبت بيقين لا يرفع إلا بيقين مثله، ولا يقين في طلاق مختلف فيه). وعلى هذا فلا نحكم بوقوع الطلاق إلا إذا كان مرة، مرة، وكان منجزا مقصودا للتفريق، في طهر لم يقع فيه طلاق ولا إفضاء، وكان الزوج بحالة تكمل فيها مسئولية) إلى أن قال في سياق الحديث عن الحالات التي لا يقع فيها الطلاق: (ولا يقع والمرأة في حيض أو نفاس أو طهر اتصل بها فيه) . وعلى هذا، وعلى ضوء ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم: (( وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )) ، فإننا نفتي الأخ السائل الذي طلق زوجته ثلاث طلقات منفصلة، وكانت إحدى هذه الطلقات - وهي الثانية - قد وقعت أثناء كون الزوجة في الحيض، نفتيه بأن هذه الطلقة باطلة لا يعتد بها، ولا يهم هنا كونها الثانية أو غير الثانية، فالعبرة بأنها طلقة باطلة لم يأمر بها الله عز وجل والله أعلم. وفقنا الله للتفقه في دينه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أحمد فهمي أحمد
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |