تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 333 - عددالزوار : 6334 )           »          مصائد الهلاك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          روّض نفسك على تقبل عظيم الأقدار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          في دائرة علاقتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مفهوم العزّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عالم التسبيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من افتتن بالردود عوقب بالصدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          مفاتيح خير الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          عَلِّمْنِي دُعاءً أدْعُو به في صَلاتِي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ومِن نَصرِ الله ورسوله والمؤمنين: توعيةُ المسلمين وتثبيتهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #39  
قديم 06-01-2025, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,173
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشيخ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ


بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
صَاحِبِ الْفَضِيلَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الشِّنْقِيطِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
المجلد التاسع
الحلقة (639)
ترجمة للشيخ رحمه الله
صـ 490 إلى صـ 496





[ ص: 490 ] كما وجد منهجا سليما لعقيدة السلف تعتمد الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة ، فذهب زيف الدعايات الباطلة وظهر معدن الحقيقة الصحيحة ، وتوطدت العلاقة بين الطرفين ، وتجددت رغبة متبادلة في بقائه لإفادة المسلمين .

ورغب رحمه الله في هذا الجوار الكريم وكان يقول : ليس من عمل أعظم من تفسير كتاب الله في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتم ذلك بأمر من جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله وكان الشيخان أقرب الناس إليه ودرس الشيخ عبد العزيز بن صالح الصرف والبيان عليه . رحم الله الموتى وحفظ الله الأحياء .

وهنا كلمة يجب أن تقال للحقيقة ولطلبة العلم خاصة نضعها في ميزان العدالة وقانون الإنصاف : لقد كان لجلوس الشيخ رحمه الله فائدة مزدوجة استفاد وأفاد .

أما استفادته فأمر حتمي ومنطقه علمي للآتي :

وهو أن منهج الدراسة في بلاده كان منصبا أكثر ما يكون على الفقه ، وفي مذهب مالك فقط . وعلى العربية متنا وأسلوبا ، والأصول والسيرة والتفسير . وتقدم أنه رحمه الله درس المنطق بالمطالعة ولم تكن دراسة الحديث تحظى بما يحظى به غيرها للاقتصار على مذهب مالك . وكان الشيخ رحمه الله إماما في كل ما تقدم مما هو شائع في البلاد .

ولما عزم على البقاء وبدأ التدريس في المسجد النبوي وخالط العامة والخاصة وجد من يمثل المذاهب الأربعة ، ومن يناقش فيها ، ووجد في المسجد النبوي دراسة لا تقتصر على مذهب مالك . بل ولا على غيره ، فكان لا بد من دراسة بقية المذاهب بجانب مذهب مالك ، وبما أن الخلاف المذهبي لا ينهيه إلا الحديث أو القرءان ، فكان لزاما من التوسع في دراسة الحديث ، وقد ساعد الشيخ على هذا التوسع والاستيعاب وقوة الاستدلال ودقة الترجيح ما هو متمكن فيه من فن الأصول والعربية ، مع توسعه في دراسة الحديث ، وبالأخص المجاميع كنيل الأوطار وفتح الباري وغيرها .

وقد ظهر ذلك في منهجه في أضواء البيان حينما يعرض لمبحث فقهي مختلف فيه فيستوفي في أقوال العلماء ، ويرجح ما يظهر له بمقتضى الدليل عقلا كان أو نقلا .

وهذا المنهج هو سبيل أهل التحصيل ، الدأب على الدراسة ، ومواصلة المطالعة والتنقيح .

[ ص: 491 ] أما في العقيدة فقد بلورها منطقا ودليلا ، ثم لخصها في محاضرة آيات الأسماء والصفات في أول محاضرات الجامعة ثم بسطها ووضحها إيضاحا شافيا في أخريات حياته ، في كتابي آداب البحث والمناظرة دليلا واستدلالا وعرضا وإقناعا . ومن آثار بيانه لها وأسلوبه فيها ما قاله فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله لما سمع بيان الشيخ لعقيدة السلف في مسجد الشيخ محمد رحمه الله قال : جزى الله عنا الشيخ محمدا الأمين خيرا على بيانه هذا ، فالجاهل عرف العقيدة ، والعالم عرف الطريق والأسلوب .

وهذه الحقيقة تضع بين يدي طالب العلم منهج الاستزادة في التحصيل وطموحه فيه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : منهومان لا يشبعان أبدا : طالب علم وطالب مال هذا جانب استفادته ، أما جانب إفادته فهو ما سنتحدث عنه إن شاء الله .

أولا : في المسجد النبوي : يعتبر التدريس في المسجد النبوي من أهم التدريس في كبريات جامعات العالم ، في نشر العلم ، وهو الجامعة الأولى للتشريع الإسلامي منذ عهد النبوة . وحين كان جبريل عليه السلام يأتي لتعليم الإسلام في مجالس الرسول صلى الله عليه وسلم . ومنذ كانت مجالس الخلفاء الراشدين وعلماء الصحابة رضي الله عنهم أجمعين . إذ كانت المدينة العاصمة العلمية وظلت محافظة على مركزها العلمي ، ولم تخل في زمن من الأزمان من عالم يقوم بحق الله فيها .

وقبل مجيء الشيخ رحمه الله كان قبله الشيخ الطيب رحمه الله نفع الله به كثيرا . وتوفي سنة 1363 هـ . فكان جلوس الشيخ رحمه الله للتدريس في المسجد النبوي امتدادا لما كان قبله ، مع من كان من العلماء بالمسجد النبوي آنذاك من تلاميذ الشيخ الطيب وغيرهم . وكان درس الشيخ في التفسير ، ختم القرءان مرتين .
منهجه في درسه : من المعلوم أن التفسير لا ينحصر في موضوع فهو شامل عام بشمول القرءان وعمومه ، فكان المنهج أولا بيان المفردات ثم الإعراب والتصريف ثم البلاغة مع إيراد الشواهد على ما يورد .

ثم يأتي إلى الأحكام إن كان موضوع الآية فقها ، فيستقصي باستنتاج الحكم وبيان الأقوال والترجيح لما يظهر له . ويدعم ذلك بالأصول وبيان القرءان وعلوم القرءان من عام [ ص: 492 ] وخاص ومطلق ومقيد وناسخ ومنسوخ وأسباب نزول وغير ذلك .

وإذا كانت الآية في قصص أظهر العبر من القصة وبين تاريخها وقد يربط الحاضر بالماضي كربط تكشف النساء اليوم بفتنة إبليس لحواء في الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ، وفتنته للجاهلية حتى طافوا بالبيت عرايا رجالا ونساء وها هو يستدرجهن في التكشف شيئا فشيئا . بدأ بكشف الوجه ثم الرأس ثم الذراعين . . . إلخ . فكان أسلوبا علميا وتربويا في آن واحد ، كما كان أحكاما وحكما .

وكان درسه أشبه بحديقة غناء احتوت أشهر الثمار وأجمل الأزهار ، في تنسيق الغرس وجمال الجداول تشرح الصدر وتشفي القلب وتروق للعين . فيستفيد منه جميع الناس ويأخذ كل واحد ما طاب له وما وسعه .

وقد يستطرد للقاعدة بمبحث كامل كما استطرد في الرد على ابن حزم في رده القياس بإتيانه بأنواعه عند قوله : ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ، وقد طبع في نهاية مذكرة الأصول تعميما للفائدة . وبهذا الشمول والاستقصاء لم يكن يترك مجالا لسؤال ولم يبق لذي حاجة تساؤل .

وأذكر كلمة لقاضي قرية " قرو " في موريتانيا بعد أن سئل رحمه الله عن مهام من المسائل العلمية ، وأجاب إجابة مستفيضة مفصلة كافية . قال قاضي قرو : لم يبق لأحد هنا كلام فقد ظهر الحق . ولا سؤال فقد زال اللبس ، وإن الحضور بين أحد رجلين ، عالم فقد عرف الحق فلم يبق له سؤال ، وجاهل فلا يحق له أن يسأل .

فكان نفعه رحمه الله في المسجد النبوي للمقيم والقادم للقاصي والداني نفعا عظيما .

ثانيا : في سنة 1371 هـ افتتحت الإدارة العامة بالرياض على معهد علمي ، تلاه عدة معاهد وكليتا الشريعة واللغة .

واختير للتدريس في المعهد والكليتين نخبة من العلماء من داخل وخارج المملكة . وكان رحمه الله ممن اختير لذلك فتولى تدريس التفسير والأصول إلى سنة 1381 هـ حين افتتحت الجامعة الإسلامية بالمدينة .

آثاره في الرياض : كانت مدة اختياره للتدريس بالرياض عشر سنوات دراسية ، يعود [ ص: 493 ] لقضاء العطلة بالمدينة ، وما كان عمله في التدريس بالمعهد والكلية كغيره من المدرسين . ولكن لبيان أثره حقيقة نورد نبذة عن الحالة العلمية آنذاك بالرياض .

كانت الرياض عاصمة نجد علميا وسياسيا وكان يفد إليها طلاب العلم من أنحاء نجد لأخذ العلم عن آل الشيخ . وكان مركز الدراسة والتدريس في المساجد إلا خواص الطلاب لدى سماحة المفتي فيدرسون عليه بعض الدروس في بيته ضحى ، وكانت الدراسة عمادها التوحيد والفقه والتفسير وكذلك الحديث والسيرة والنحو ، وكانت دراسة مباركة تخرج عليها جميع علماء نجد ، حتى جاءت تلك الحركة العلمية الجديدة ، أو تنظيم الدراسة الجديد في عام 1371 هـ .

نشأة هذه الحركة : كانت نشأتها كما سمعت منه رحمه الله استجابة لرغبة المرحوم جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله . قال لجماعة العلماء وهم في مجلسه الخاص : لقد كانت الرياض مليئة بالعلماء عامرة بالدروس . وانتقل الكثير منهم إلى رحمة الله ولم يخلفهم من يماثلهم ، وأردت تعاونكم مع سماحة المفتي في تربية جيل من طلبة العلم عن العلوم الصحيحة والعقيدة السليمة ، فنحن وأنتم مشتركون في المسؤولية . فكانت هذه النهضة ترعاها عناية ملكية وتقوم عليها كفاءة علمية ، تولى إدارة المعهد الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم ورئاسته لسماحة المفتي ، وافتتحت الدراسة على طلاب حلق المساجد الأكفاء وفيهم خواص طلاب فضيلة الشيخ محمد رحمه الله وأبناؤه . صنفت الدراسة على ثلاث سنوات ثانوية ومنها إلى الكلية ، يغذي هذا القسم قسم تمهيدي يأخذ من رابعة ابتدائي ويدرس خامسة وسادسة ومن ثم للمعهد الثانوي فالكليتين .

المنهج العلمي : وضع المنهج العلمي لتلك الدراسة على أساس في العلوم الدينية والعربية وتكميل من المواد الاجتماعية وعلوم الآلة من مصطلح وأصول حتى الحساب والتقويم والخط والإملاء والتجويد . فكان قويا في موضوعه شاملا في منهجه . وكان الطلاب من الصفوة الذين درسوا في المساجد المتعطشين للعلوم متطلعين للتوسع وكان القائمون على التدريس نخبة ممتازة من الأجلة الفضلاء من وطنيين وأزهريين . فكان الجو حقا جدا علميا التقت فيه همة عالية من طلاب جيدين مع عزيمة ماضية من مشايخ مجتهدين . كان يسودهم الشعور بأن هذه طليعة نهضة علمية واسعة ، وكان رحمه الله كوالد للجميع وكان درسه التفسير والأصول . فكان في التفسير المجال الواسع لجميع [ ص: 494 ] المواد والعلوم . وكان مع التزامه بالمنهج والحصص إذا تناول بحثا في أي مادة يخاله السامع مختصا فيها ، فعرف له الجميع قدره وتطلع الجميع إلى ما عنده حتى المدرسون : وقد رغب المدرسون آنذاك في قراءة بعض كتب الشيخ ابن تيمية واستيعاب دقائقه فلم يكن أولى بذلك من فضيلته رحمه الله . خصص لذلك مجلس خاص في صحن المعهد بدخنه بين المغرب والعشاء .

في مسجد الشيخ : وفي مسجد الشيخ محمد رحمه الله بدأ درس الأصول لكبار الطلبة في قواعد الأصول ، حضره العامة والخاصة وكان يتوافد إليه من أطراف الرياض ، وكان الشيخ عبد الرحمن الإفريقي رحمه الله يدرس الحديث وكان درس الأصول بمثابة فتح جديد في هذا الفن

في بيته رحمه الله : ولما كان الدرس في الأصول في المسجد عاما - وفي الطلبة من خواصهم رغبوا في درس خاص في بيته رحمه الله ، فكان لهم درس خاص بعد العصر . وكان بيته رحمه الله كمدرسة سواء لأبنائه الذين رافقوه للدراسة عليه وقد أملى شرحا على مراقي السعود في بيته على أخينا أحمد الأحمد الشنقيطي .

لقد كان لتدريسه هذا سواء رسميا في المعهد والكليتين أو في المسجد ، أو في المنزل - كان له أثر طيب ونتائج حسنة لا يسع متحدث التحدث عنها بقدر ما تحدثت هي عن نفسها في أعمال كافة المتخرجين من تلك المعاهد والكليتين المنتشرتين في أنحاء المملكة المبرزين في أعمالهم وفي أعلى مناصب في كافة الوزارات .

ولا يغالي من يقول إن كل من تخرج أو يتخرج فهو إما تلميذ له أو لتلاميذه فهم بمثابة أبنائه وأحفاده وكفى .

تقدير المسؤولين له : لقد كان بعلمه ونصحه وجهده وعفته موضع تقدير من جميع المسؤولين وبالأخص أصحاب الفضيلة آل الشيخ وصاحب الجلالة الملك عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد الرحمن وكان أشد الناس تقديرا له . وقد منحه جلالة الملك رحمه الله أمرا بالجنسية لجميع من ينتمي إليه وفي كفالته ثقة به وإكراما له .

ولما زار الملك محمد الخامس ملك المغرب الرياض استأذن في صحبة الشيخ إلى [ ص: 495 ] المدينة فرافقه تقديرا وإكراما وألقى محاضرته بالمسجد النبوي بحضور الملك محمد الخامس بعنوان اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وقد طبعت مرتين .

وهكذا قدم الرياض رحمه الله في ترحيب وإكرام وانتقل منها في إعزاز وإكبار بعد أن ترك فيها أطيب الآثار ، وساهم في أكبر نهضة علمية في البلاد .

دوره رحمه الله في الجامعة الإسلامية : إن من يعرف نشأة الجامعة الإسلامية ، وقد عرف الحركة العلمية الحديثة بالرياض ليقول إن افتتاح الجامعة الإسلامية امتداد للحركة العلمية الحديثة بالرياض .

والمتتبع للحركات العلمية في العالم الإسلامي ليقول إن افتتاح الجامعة الإسلامية في ذلك التاريخ عناية من الله وتدارك للتعليم الإسلامي حينما أصيبت بعض دور العلم الكبرى بهزات في برامجها .

فكان إيجادها امتدادا للحركة العلمية الحديثة بالرياض ومجيئها آنذاك تداركا لبعض ما فات ، ولعلها جزء من تحقيق الحديث : إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها . ومعلوم أن الإيمان عقيدة وعمل والعلم قبله .

ومن هنا نجدد أو نتذكر أهمية الجامعة الإسلامية ومدى وجودها بالمدينة المنورة ، وبالتالي مجيء أبناء العالم الإسلامي إليها للدراسة وللتربية في هذا الجو الروحي لتبرز لنا قيمة العمل في الجامعة وأن رسالتها تربوية بجانب أنها علمية ، وأنها منعت الانتساب دون الحضور لهذا الغرض نفسه .

وقد كان لوالدنا رحمه الله في هذه المجالات اليد الطولى والمجهود الأكبر فلم يدخر وسعا في تعليم ولم يتوان في توجيه ، سواء في دروسه أو أحاديثه أو محاضراته مع الطلاب أو المدرسين فكان كالأب الرحيم والداعية الناصح الأمين . تحمل عنه تلاميذه إلى أنحاء العالم الإسلامي حينما وصلت منح الدراسة بالجامعة الإسلامية لبلدان العالم الإسلامي ، فهل يمكن أن نقول ولو ادعاء أو تجوزا إنه كان بحق في منزلة [ الشيخ ابن تيمية ] ، في هذا الوقت . ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

وقد كان بجانب التعليم عضو مجلس الجامعة ساهم في سيرها ومناهجها ، [ ص: 496 ] كما ساهم في إنتاجها وتعليمها .

وفي سنة 86 هـ افتتح معهد القضاء العالي بالرياض برآسة فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي وكانت الدراسة فيه ابتداء على نظام استقدام الأساتذة الزائرين فكان رحمه الله ممن يذهب لإلقاء المحاضرات المطلوبة في التفسير والأصول .

قد امتد نشاطه خارج المملكة : إذا كانت الجامعة الإسلامية فتحت للبلاد نوافذ تطل منها على العالم الإسلامي كله ، وجعلت من حق أولئك الأبناء ما يجب من رعايتهم ، وحق تلك الأقطار ما يلزم من تقوية أواصر الروابط . فكانت فكرة إرسال بعثات إلى الأقطار الإسلامية وخاصة إفريقيا ، فكان رحمه الله على رأس بعثة الجامعة إلى عشر دول أفريقية بدأت بالسودان ، وانتهت بموريتانيا موطن الشيخ رحمه الله ، كان لهذه البعثة في تلك البلاد أعظم الأثر ، وأذكر في مجلس من أفاضل البلاد بموريتانيا وفي حفل تكريم للبعثة وكل إلي فضيلته رحمه الله كلمة الجواب فكان منها أن الذكريات لتتحدث وإنها لساعة عجيبة أدارت عجلة الزمان حيث نشأ الشيخ في بلادكم ثم هاجر إلى الحجاز ثم ها هو يعود إليكم على رأس وفد ورئاسة بعثة فقد نبتت غرسة علمه هنا عندكم فذهب إلى الحجاز فنمت وترعرعت فامتدت أغصانها حتى شملت بوارف ظلها بلاد الإسلام شرقا وغربا وها نحن في موطنه نجني ثمار غرسها ونستظل بوارف ظلها . فكانت تلك الرحلة حقا حلقة اتصال وتجديد عهد وإحياء معالم للإسلام .

وكان له رحمه الله العديد من المحاضرات والمحادثات سجلت كلها في أشرطة لا تزال محفوظة ، آمل أن أوفق لنقلها وطبعها إتماما للفائدة إن شاء الله . ونضم إليها منهجه وسلوكه مع الحكام وصغار الطلاب والعوام مما يرسم الطريق الصحيح للدعوة إلى الله على بصيرة وبالحكمة والموعظة الحسنة .

في هيئة كبار العلماء : وكما شكلت هيئة كبار العلماء بعد سماحة المفتي رحمه الله ، وهي أكبر هيئة علمية في البلاد . كان رحمه الله أحد أعضائها . وقد ترأس إحدى دوراتها فكانت له السياسة الرشيدة والنتائج الحميدة . سمعت فضيلة الشيخ عبد العزيز بن صالح حفظه الله وهو عضو فيها يقول : ما رأيت قبله أحسن إدارة منه مع بعد نظر في الأمور ، وحسن تدبر للعواقب .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,458.43 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,456.72 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.12%)]