الحياء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموازنة بين سؤال الخليل عليه السلام لربه وبين عطاء الله للنبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 61 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200711 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 03-12-2024, 11:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,444
الدولة : Egypt
افتراضي الحياء

الحياء

د. أمين بن عبدالله الشقاوي



الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:
فإن من الصفات الحميدة التي دعا إليها الشارع: صفة الحياء؛ قال تعالى عن موسى - عليه السلام - عندما سقى للمرأتَيْن: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [القصص:25]، وعن سعيد بن زيد - رضي الله عنه -: أن رجلاً قال: يا رسول الله، أوصني، قال: ((أوصيك أن تستحيَ من الله؛ كما تستحي رجلاً من صالحي قومك))[1].

وعن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ مما أدرك الناس من كلام النبوَّة الأولى: إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ))[2]، وهذا الحديث فيه دليلٌ على أن الحياء مانعٌ للإنسان من ارتكاب ما يضره في دينه، أو يُخِلّ بأدبه ومروءته، فإذا فُقِدَتْ منه هذه الخصلة؛ لم يُبالِ بما صَنع.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الإيمان بضعٌ وسبعون شُعْبَة - أو بضع وستون شعبة – فأفضلها: قولُ لا إله إلا الله، وأدناها: إماطةُ الأذى عن الطريق، والحياء شُعْبَةٌ من الإيمان))[3].

وكانت العرب في الجاهلية تتحلى بصفة الحياء، فهذا أبو سفيان قبل إسلامه عندما وقف أمام هِرَقْل ملك الروم؛ ليسأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبر عن نفسه قائلاً: لولا الحياءُ من أن يأثروا عليَّ كذبًا لكذبت عليه".

قال ابن القيم - رحمه الله -: "وخلق الحياء من أفضل الأخلاق، وأجلّها وأعظمها قدرًا، وأكثرها نفعًا، وهو خاصة الإنسانية؛ فمن لا حياء فيه ليس معه من الإنسانية إلا اللحم والدم وصورتهما الظاهرة، كما أنه ليس معه من الخير شيء، ولولا هذا الخلق – أي: الحياء – لم يُكْرَم ضيف، ولم يوفَ بالوعد، ولم تؤدَّ أمانة، ولم تقض لأحد حاجة؛ ولا تَحَرَّى الرجل الجميل ففعله، والقبيح فتجنبه، ولا ستر له عورة، ولا امتنع عن فاحشة؛ فإن الباعث على هذه الأفعال: إما ديني، وهو رجاء عاقبتها الحميدة، وإما دنيوي، وهو حياء فاعلها من الخلق؛ فقد تبين أنه لولا الحياء - إما من الخالق، أو من الخلائق - لم يفعلها صاحبها... إلى آخر ما قال"[4].

وقال عمر - رضي الله عنه -: "من قَلَّ حياؤه، قلَّ وَرَعُه، ومن قلَّ وَرَعُه، مَات قلبه"[5].

وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: "مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رجل من الأنصار، وهو يعِظُ أخاه في الحياء، فقال: دعه فإن الحياء من الإيمان"[6].

قال الشاعر:
إِذَا لَمْ تَخْشَ عَاقِبَةَ اللَّيَالِي وَلَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا تَشَاءُ
فَلا وَاللهِ مَا فِي العَيْشِ خَيْرٌ وَلا الدُّنْيَا إِذَا ذَهَبَ الحَيَاءُ
يَعِيشُ المَرْءُ مَا اسْتَحْيَا بِخَيْرٍ وَيَبْقَى العُودُ مَا بَقِيَ اللُّحَاءُ


قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومِنْ عُقُوبات المعاصي: ذَهَاب الحياء الذي هو مادة حياة القلب، وهو أصل كل خير، وذهابه ذهاب الخير أجمعه، فقد جاء في الحديث الصحيح: ((الحياء لا يأتي إلا بخير))[7]، والمقصود أن الذنوب تضعف الحياء من العبد حتى ربما انسلخ منه بالكلية، حتى إنه ربما لا يتأثر بعلم الناس بسوء حاله ولا باطلاعهم؛ بل كثير منهم يخبر عن حاله وقبح ما يفعل، والحامل له على ذلك انسلاخه من الحياء، وإذا وصل العبد إلى هذه الحال لم يبق في صلاحه مطمع، ومن استحيا من الله عند معصيته استحى الله من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستح من معصيته لم يستح الله من عقوبته". أ هـ [8].

ومثاله: ما يقوم به بعض الذين يسافرون إلى الخارج؛ لقضاء الشهوات والملذات، ثم يخبر أحدهم بجريمته التي فعل من شرب خمر أو فاحشة، أو غير ذلك من المعاصي؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كل أمتي مُعَافًى إلا المُجَاهِرِين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح - وقد ستره الله - فيقول: يا فلان، فعلت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه))[9].

وهؤلاء لهم نصيب من قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].

وهنا أمر ينبغي التنبه له: وهو أن ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ليس مِنَ الحياء، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الأحزاب: 53].

قال الإمام النووي: "قد يُشكِل على بعض الناس من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يُجِلُّه، فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق، والجواب عن هذا ما أجاب به جماعة من الأئمة – منهم أبو عمرو بن الصلاح -: أن هذا المانع ليس من الحياء؛ بل هو عجز وخور ومَهَانة، فالحياء الحقيقي خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق". اهـ[10].

وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على إنكار المنكر وأمر بتغييره؛ فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))[11].
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
=========================================

[1] الزهد للإمام أحمد (ص46)، والشعب للبيهقي (6/ 145-146) برقم (7738).
[2] صحيح البخاري (4/ 113) برقم (6120).
[3] صحيح البخاري (1/ 20) برقم (9)، وصحيح مسلم (1/ 63) برقم (35).
[4] مختصر من كتاب "مفتاح دار السعادة" لابن القيم (ص277) نقلاً عن كتاب "نضرة النعيم" (5/ 1802).
[5] مكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا (ص82-83) برقم (93).
[6] صحيح البخاري (1/ 24) برقم (24)، وصحيح مسلم (1/ 63) برقم (36).
[7] صحيح البخاري (4/ 113) برقم (6117)، وصحيح مسلم (1) 263 برقم (37).
[8] الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي (61-62).
[9] صحيح البخاري (4/ 104) برقم (6069)، وصحيح مسلم (4/ 2298) برقم (2990).
[10] شرح صحيح مسلم (1/ 5-6).
[11] صحيح مسلم (1/ 69) برقم (49).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.32 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]