الحمد لله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية علاج هرمون الحليب المرتفع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الرابط ما بين رائحة الفم والسكري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ما هي مخاطر انخفاض ضغط الدم ومضاعفاته؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيفية علاج التهاب الدماغ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ما هي أسباب التهاب الدماغ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هي أسباب نقص الهيموجلوبين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          كيفية علاج التهاب العصب السابع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التسمم الدوائي عند الأطفال، معلومات مهمة للوالدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ما علاقة الزنجبيل وضغط الدم المرتفع أو المنخفض؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 531 - عددالزوار : 23241 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-08-2024, 07:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,638
الدولة : Egypt
افتراضي الحمد لله

الحمد لله (1)

فضل الحمد ومكانته

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ، الْغَنِيِّ الْحَمِيدِ، ذِي الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ وَالْعِقَابِ الشَّدِيدِ، مَنْ هَدَاهُ فَهُوَ السَّعِيدُ السَّدِيدُ، وَمَنْ أَضَلَّهُ فَهُوَ الطَّرِيدُ الْبَعِيدُ، نَحْمَدُهُ وَهُوَ أَهْلُ الْحَمْدِ وَالتَّحْمِيدِ، وَنَشْكُرُهُ وَالشُّكْرُ لَدَيْهِ مِنْ أَسْبَابِ الْمَزِيدِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ يَعْلَمُ مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ، وَمَا خَفِيَ وَمَا اعْتَلَنَ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى عَبْدِهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ الْبَشِيرُ النَّذِيرُ، وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنْ حَمْدِهِ وَشُكْرِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ ذَلِكَ مِنْ عِبَادِهِ، وَيَجْعَلُهُ قُرْبَةً تُقَرِّبُهُمْ إِلَيْهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

أَيُّهَا النَّاسُ: حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ تَوْحِيدِهِ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْمَدُ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْجَاثِيَةِ: 36]، وَيُحْمَدُ عَلَى أُلُوهِيَّتِهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [غَافِرٍ: 65]، وَيُحْمَدُ عَلَى أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ؛ كَمَا فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ، نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ...» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَهَمِّيَّةِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّهُ كُرِّرَ فِي الْقُرْآنِ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ مَوْضِعًا؛ أَمْرًا بِهِ، وَدَعْوَةً إِلَيْهِ، وَذِكْرًا لِصِيغَتِهِ، وَفِي الْقُرْآنِ تَسْمِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى بِالْحَمِيدِ فِي سَبْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا، مَقْرُونًا مَعَ جُمْلَةٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى، وَالْحَمِيدُ هُوَ الْمَحْمُودُ، وَالْحَمْدُ: «إِخْبَارٌ عَنْ مَحَاسِنِ الْمَحْمُودِ، مَعَ حُبِّهِ وَإِجْلَالِهِ وَتَعْظِيمِهِ».

«فَالْحَمْدُ يَتَضَمَّنُ مَدْحَ الْمَحْمُودِ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ، وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، مَعَ مَحَبَّتِهِ وَالرِّضَا عَنْهُ، وَالْخُضُوعِ لَهُ، فَلَا يَكُونُ حَامِدًا مَنْ جَحَدَ صِفَاتِ الْمَحْمُودِ، وَلَا مَنْ أَعْرَضَ عَنْ مَحَبَّتِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ، وَكُلَّمَا كَانَتْ صِفَاتُ كَمَالِ الْمَحْمُودِ أَكْثَرَ كَانَ حَمْدُهُ أَكْمَلَ، وَكُلَّمَا نَقَصَ مِنْ صِفَاتِ كَمَالِهِ نَقَصَ مِنْ حَمْدِهِ بِحَسْبِهَا؛ وَلِهَذَا كَانَ الْحَمْدُ كُلُّهُ لِلَّهِ حَمَدًا لَا يُحْصِيهِ سِوَاهُ؛ لِكَمَالِ صِفَاتِهِ وَكَثْرَتِهَا، وَلِأَجْلِ هَذَا لَا يُحْصِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِهِ ثَنَاءً عَلَيْهِ؛ لِمَا لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، وَنُعُوتِ الْجَلَالِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا سِوَاهُ».

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَةِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ افْتُتِحَ بِسُورَةِ الْحَمْدِ، الَّتِي افْتُتِحَتْ بِالْحَمْدِ أَيْضًا بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ: ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الْفَاتِحَةِ: 1-2]، وَأَوَّلُ مَا يَحْفَظُهُ الْمُسْلِمُ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْحَمْدِ؛ لِأَنَّهُ يُصَلِّي بِهَا، فَقِرَاءَتُهَا رُكْنٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا؛ وَلِذَا سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى سُورَةَ الْحَمْدِ صَلَاةً؛ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: ﴿ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي...» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَكَانَةِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى: أَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنَ الْقُرْآنِ مُفْتَتَحٌ بِالْحَمْدِ؛ فَالرُّبْعُ الْأَوَّلُ مِنْهُ افْتُتِحَ بِسُورَةِ الْحَمْدِ، وَالرُّبْعُ الثَّانِي افْتُتِحَ بِسُورَةِ الْأَنْعَامِ، وَأَوَّلُهَا حَمْدٌ، وَالرُّبْعُ الثَّالِثُ افْتُتِحَ بِسُورَةِ الْكَهْفِ، وَأَوَّلُهَا حَمْدٌ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا ﴾ [الْكَهْفِ: 1]، وَرُبْعُ الْقُرْآنِ الرَّابِعُ افْتُتِحَ بِسُورَةِ فَاطِرٍ، وَأَوَّلُهَا حَمْدٌ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [فَاطِرٍ: 1]، وَبِالْحَمْدِ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بِدَايَةِ الْخَلْقِ وَنِهَايَتِهِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ فِي بِدَايَتِهِ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 1]، وَقَالَ تَعَالَى فِي نِهَايَتِهِ: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزُّمَرِ: 75].

وَالْحَمْدُ أَوَّلُ مَا نَطَقَ بِهِ الْبَشَرُ؛ فَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوَّلَ مَا خُلِقَ، وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ؛ كَانَ الْحَمْدُ لِلَّهِ هُوَ أَوَّلُ جُمْلَةٍ نَطَقَهَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا آدَمُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ.

«وَالْحَمْدُ أَوْسَعُ الصِّفَاتِ، وَأَعَمُّ الْمَدَائِحِ، وَالطُّرُقُ إِلَى الْعِلْمِ بِهِ فِي غَايَةِ الْكَثْرَةِ، وَالسَّبِيلُ إِلَى اعْتِبَارِهِ فِي ذَرَّاتِ الْعَالَمِ وَجُزْئِيَّاتِهِ، وَتَفَاصِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَاسِعَةٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَمْدٌ، وَصِفَاتُهُ حَمْدٌ، وَأَفْعَالُهُ حَمْدٌ، وَأَحْكَامُهُ حَمْدٌ، وَعَدْلُهُ حَمْدٌ، وَانْتِقَامُهُ مِنْ أَعْدَائِهِ حَمْدٌ، وَفَضْلُهُ فِي إِحْسَانِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ حَمْدٌ، وَالْخَلْقُ وَالْأَمْرُ إِنَّمَا قَامَ بِحَمْدِهِ، وَوُجِدَ بِحَمْدِهِ، وَظَهَرَ بِحَمْدِهِ، وَكَانَ الْغَايَةُ هِيَ حَمْدَهُ؛ فَحَمْدُهُ سَبَبُ ذَلِكَ وَغَايَتُهُ، وَمَظْهَرُهُ وَحَامِلُهُ، فَحَمْدُهُ رَوْحُ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيَامُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَمْدِهِ».

وَاللَّامُ فِي الْحَمْدِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، أَيِ: اسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ أَجْنَاسِ الْحَمْدِ وَصُنُوفِهِ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَدَلِيلُ ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي دُعَاءٍ لَهُ بَعْدَ غَزْوَةِ أُحُدٍ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «وَلِهَذَا كَانَ الرَّبُّ مَحْمُودًا حَمْدًا مُطْلَقًا عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَهُ، وَحَمْدًا خَاصًّا عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَى الْحَامِدِ، فَهَذَا حَمْدُ الشُّكْرِ، وَالْأَوَّلُ حَمْدُهُ عَلَى كُلِّ مَا فَعَلَهُ». «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، وَإِلَيْكَ الْمُشْتَكَى، وَأَنْتَ الْمُسْتَعَانُ، وَبِكَ الْمُسْتَغَاثُ، وَعَلَيْكَ التُّكْلَانُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ».

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ، وَاحْمَدُوهُ إِذْ هَدَاكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَعْطَاكُمْ؛ ﴿ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 198].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ عَظِيمِ شَأْنِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَعْدُودٌ فِي أَفْضَلِ الدُّعَاءِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الدُّعَاءَ يَكُونُ ثَنَاءً وَيَكُونُ سُؤَالًا، وَالْحَامِدُ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ يَصِحُّ أَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ بِالْحَمْدِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْأَلَهُ بِالْحَمْدِ؛ لِاسْتِجْلَابِ الْمَزِيدِ مِنَ النِّعَمِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إِبْرَاهِيمَ: 7]، وَالشُّكْرُ مِنَ الْحَمْدِ، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَمِنْ عَظِيمِ شَأْنِ الْحَمْدِ: أَنَّهُ أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى؛ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِأَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَأَوْصَى عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تِلْمِيذَهُ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ لَهُ: «إِنِّي لَأُحَدِّثُكَ بِالْحَدِيثِ الْيَوْمَ لِيَنْفَعَكَ اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ، اعْلَمْ أَنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْحَمَّادُونَ هُمْ: «الَّذِينَ يُكْثِرُونَ الْحَمْدَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالٍ؛ فَإِنَّ فِيهِ -مَعَ فَضِيلَةِ الْحَمْدِ- الرِّضَا عَنْهُ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالٍ».

وَالْمُؤْمِنُ لَنْ يَتْرُكَ حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى، بَلْ لَنْ يَمُرَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَاةِ وَالْأَذْكَارِ، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ فِي كَثْرَةِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْإِتْيَانِ بِالْأَوْرَادِ الْمَأْثُورَةِ الْمُؤَقَّتَةِ الَّتِي فِيهَا حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى، مَعَ كَثْرَةِ الْحَمْدِ الْمُطْلَقِ؛ لِيَعْتَادَ لِسَانُهُ عَلَى حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ آنٍ وَحَالٍ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 93.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 91.30 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.85%)]