مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 774 - عددالزوار : 117707 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3620 )           »          قسمة غنائم حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          القرآن يذكر غزوة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          مشاهد من معركة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          غزوة هوازن "حنين" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          ليلة هي من أقسى ليالي الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أحكام فقهية وقعت في مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-05-2024, 06:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة : Egypt
افتراضي مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ

مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ


يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف




قالَ الْمُصَنِّفُ -رحمه الله-: "وَهِيَ تِسْعَةٌ: حَلْقُ الشَّعْرِ وَتَقْليمُ الْأَظْفارِ؛ فَمَنْ حَلَقَ أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَ شَعَراتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ فَدَى، وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخيطًا فَدَى، وَإِنْ طَيَّبَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ أَوْ ادَّهَنَ بَمُطَيِّبٍ أَوْ شَمَّ طِيبًا أَوْ تَبَخَّرَ بِعودٍ وَنَحْوِهِ فَدَى. وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا مَأْكولًا بَرِّيًّا أَصْلًا وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ أَوْ تَلِفَ في يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ وَلَا يَحْرُمُ حَيَوانٌ إِنْسِيٌّ وَلَا صَيْدُ الْبَحْرِ وَلَا قَتْلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ وَلَا الصَّائِلِ. وَيَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ وَلَا يَصِحُّ وَلَا فِدْيَةَ وَتَصِحُّ الرِّجْعَةُ، وَإِنْ جامَعَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فَسُدَ نُسُكُهُمَا وَيَمْضِيانِ فيهِ وَيَقْضِيانِهِ ثانِي عامٍ وَتَحْرُمُ الْمُباشَرَةُ؛ فَإِنْ فَعَلَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ؛ لَكِنْ يُحْرِمُ مِنَ الْحِلِّ لِطَوافِ الْفَرْضِ].
الْكَلامُ هُنَا سَيَكونُ كَالتَّالِي:
أَوَّلًا: تَعْريفُ مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ.
الْمَحْظوراتُ: جَمْعُ "مَحْظورٌ"، وَالْمَحْظورُ في اللُّغَةِ: الْمَمْنُوعُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى:﴿ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾[الإسراء: 20]؛ أي: مَمْنوعًا.
الْمَحْظورُ اصْطِلاحًا: هُوَ الْمَمْنُوعُ شَرْعًا[1]، أَوْ هُوَ الْمُحَرَّمُ الْمُعاقَبُ عَلَى فِعْلِهِ[2].
وَعَلَى هَذَا: فَيَكونُ قَوْلُهُ: (مَحْظوراتُ الْإِحْرامِ)؛ أي: مَمْنوعاتُ الْإِحْرامِ؛ فَيَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَجْتَنِبَ هَذِهِ الْمَحْظوراتِ، وَإِذَا تَرَكَهَا امْتِثالًا فَهُوَ مَأْجورٌ. أَمَّا إِذَا تَرَكَ الْمَحْظورَ مَعَ عَدَمِ نِيَّةِ الِامْتِثالِ: فَمُقْتَضَى قَوْلِ جُمْهورِ الْعُلَماءِ: أَنَّهُ لَا يُثابُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ[3] إِلَّا مَعَ النِّيَّةِ؛ فَيَحْسُنُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَسْتَحْضِرَ النِّيَّةَ عِنْدَ اجْتِنابِهِ هَذِهِ الْمَحْظوراتِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَماءُ عَلَى أَكْثَرِهَا؛ فَلَا يَجوزُ لِلْمُسْلِمِ إِذَا أَحْرَمَ بِالنُّسُكِ أَنْ يَتَلَبَّسَ بِهَا.
ثانِيًا: بَيانُ مَحْظوراتِ الْإِحْرامِ.
وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ -رحمه الله-، وَهِيَ:
الْأَوَّلُ: حَلْقُ الشَّعْرِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (حَلْقُ الشَّعْرِ).
هَذَا هُوَالْمَحْظورُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ: حَلْقُ الشَّعْرِ مِنْ جَميعِ بَدَنِهِ، وَالْمُؤَلِّفُ -رحمه الله- نَصَّ عَلَى أَنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ مِنَ الْمَحْظوراتِ؛ فَيَشْمَلُ شَعْرَ الرَّأْسِ، وَشَعْرَ الْبَدَنِ؛ كَشَعْرِ اللِّحْيَيْنِ وَالشَّارِبِ، وَكَذَلِكَ شَعْرِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، كُلُّ ذَلِكَ مَمْنوعٌ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُزيلَهُ.
وَالْإِزالَةُ إِمَّا أَنْ تَكونَ بِالْحَلْقِ، أَوْ بِالتَّقْصيرِ، أَوْ بِالنَّتْفِ وَالْحُكْمُ واحِدٌ، وَالدَّليلُ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:﴿ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ ﴾[البقرة: 196].
وَظاهِرُ الْآيَةِ بَلْ صَريحُهَا: أَنَّ الْمَحْظورَ هُوَ حَلْقُ الرَّأْسِ فَقَطْ، لَكِنْ أَلْحَقَ الْعُلَماءُ شَعْرَ الْبَدَنِ كُلَّهُ بِشَعْرِ الرَّأْسِ قِياسًا؛ فَكَمَا يَحْرُمُ حَلْقُ الرَّأْسِ عَلَى الْمُحْرِمِ، فَكَذَلِكَ شَعْرُ سائِرِ بَدَنِهِ، فَالْعِلَّةُ واحِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّ فِي حَلْقِ كُلِّ مِنْهُمَا تَرْفيهًا مُنافِيًا لِلْمَقْصودِ مِنَ الْإِحْرامِ[4]، وَهَذَا قالَ بِهِ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَجَماهيرُ الْعُلَماءِ سَلَفًا وَخَلَفًا، بَلْ حَكاهُ بَعْضُهُمْ إِجْماعًا[5]، عَلَى خِلافٍ بَيْنَهُمْ في تَحْديدِ الْكَفَّارَةِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الْمَحْظورُ الثَّانِي: تَقْليمُ الْأَظْفارِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَتَقْليمُ الْأَظْفارِ".
وَهَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الثَّانِي، وَهُوَ: تَقْليمُ الْأَظافَرِ، أَوْ قَصُّهَا مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهورِ الْعُلَماءِ، بَلْ حَكاهُ بَعْضُهُمْ إِجْماعًا[6]، عَلَى خِلافٍ بَيْنَهُمْ في الْقَدْرِ الَّذِي تَثْبُتُ بِهِ الْكَفَّارَةُ. وَالدَّليلُ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ﴾[الحج: 29]؛ إِذْ فَسَّرَ بَعْضُ الصَّحابَةِ كَابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- وَغَيْرِهِ قَضاءَ التَّفَثِ: بِأَنَّهُ حَلْقُ الرَّأْسِ، وَتَقْليمُ الْأَظافِرِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ[7].

وَعَلَى هَذَا التَّفْسيرِ: فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَظْفارَ كَالشَّعْرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْرِمِ؛ لَا سِيَّمَا أَنَّهَا مَعْطوفَةٌ بِـ: (ثُمَّ) عَلَى نَحْرِ الْهَدْيِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ، وَقَصَّ الْأَظْفارِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكونَ بَعْدَ النَّحْرِ[8].وَاللهُ أَعْلَمُ.
تَنْبيهٌ: قَوْلُهُ: "فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَةَ شَعْراتٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ). لَوْ قالَ: "فِدْيَةٌ" لَكانَ أَوْلَى، وَإِنْ كانَ الْفُقَهاءُ يُطْلِقونَ الدَّمَ عَلَى الْفِدْيَةِ.
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ -رحمه الله-: (فَمَنْ حَلَقَ، أَوْ قَلَّمَ ثَلاثَةَ شَعْراتٍ: فَعَلَيْهِ دَمٌ). هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحابِ، وَهُوَ: مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ، وَإِنْ حَلَقَ شَعْرَةً واحِدَةً، أَوْ بَعْضَهَا: فَعَلَيْهِ إِطْعامُ مِسْكينٍ، وَشَعْرَتَيْنِ، أَوْ بَعْضَ شَعْرَتَيْنِ: فَطَعامُ مِسْكينَيْنِ، وَثَلاثَ شَعْراتٍ: فَعَلَيْهِ دَمُ؛ فَلَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ إِلَّا إِذَا حَلَقَ ثَلاثَ شَعَراتٍ فَأَكْثَرَ، وَهِيَ: أَقَلُّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ[9].
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْفِدْيَةَ لَا تَجِبُ إِلَّا إِذَا حَلَقَ ما بِهِ إِماطَةُ الْأَذَى؛ وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْإِمامِ مالِكٍ[10]؛ لِظاهِرِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾[البقرة: 196]، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الْمَحْظورُ الثَّالِثُ: تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ بِمُلاصِقٍ.
وَهَذَا قَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلاصِقٍ: فَدَى".
هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الثَّالِثُ، وَهُوَ: تَغْطِيَةُ رَأْسِ الذَّكَرِ بِمُلاصِقٍ كَالْعِمامَةِ، وَالْغُتْرَةِ وَالطَّاقِيَةِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الرَّجُلِ الَّذِي ماتَ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُمِسُّوهُ طِيبًا وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا»[11]. وَمَعْنَى: «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ»؛أي: لَا تُغَطُّوهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَديثِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قال: مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنَ الثِّيَابِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَلْبَسُوا الْقُمُصَ، وَلَا الْعَمَائِمَ، وَلَا السَّرَاوِيلَاتِ، وَلَا الْبَرَانِسَ"[12].
وَالْعِمامَةُ: تَعُمُّ الرَّأْسَ بِالتَّغْطِيَةِ؛ فَالرَّسولُ -عليه الصلاة والسلام- مَنَعَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصودَ أَنْ لَا يُغَطِّيَ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَمِنْ هُنَا قالُوا: مِنَ الْمَحْظوراتِ تَغْطِيَةُ الْمُحْرِمِ رَأْسَهُ، وَكَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ في قَوْلِهِ: «وَلاَ الْبَرَانِسَ»، وَالْبُرْنُسُ هُوَ: كُلُّ ثَوْبٍ رَأْسُهُ فيهِ[13]، وَهَذَا اللَّفْظُ الصَّحيحُ الصَّريحُ يَدُلُّ دَلالَةً واضِحَةً عَلَى أَنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَجوزُ لَهُ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ، وَهَذَا الْمَحْظورُ مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[14].
وَسَتْرُ الرَّأْسِ أَقْسامٌ:
الْأَوَّلُ: جائِزٌ بِالنَّصِّ وَالْإِجْماعِ، وَهَذَا مِثْلُ أَنْ يَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ حِنَّاءً، أَوْ عَسَلًا؛ لِكَيْ يَهْبِطَ الشَّعْرُ.
الثَّانِي: أَنْ يُغَطِّيَهُ بِمَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّغْطِيَةُ وَالسِّتْرُ، كَحَمْلِ الْعَفَشِ وَنَحْوِهِ؛ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنُّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ السِّتْرُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَسْتُرَهُ بِمَا يُلْبَسُ عادَةً عَلَى الرَّأْسِ كَالطَّاقِيَةِ؛ فَهَذَا حَرامٌ بِالنَّصِّ.
الرَّابِعُ: أَنْ يُغَطِّيَهُ بِمَا لَا يُعَدُّ لُبْسًا لَكِنَّهُ مُلاصِقٌ يُقْصَدُ بِهِ التَّغْطِيَّةُ؛ فَلَا يَجوزُ.
الْخامِسُ:أَنْ يُظَلِّلَ رَأْسَهُ بِتابِعٍ لَهُ؛ كَالشَّمْسِيَّةِ وَالسَّيَّارَةِ؛ فَهَذَا مَحَلُّ خِلافٍ، وَالصَّحيحُ جَوازُهُ.
السَّادِسُ:أَنْ يَسْتَظِلَّ بِمُنْفَصِلٍ عَنْهُ غَيْرُ تابِعٍ كَالْخَيْمَةِ؛ فَهَذَا جائِزٌ لِلنَّصِّ[15].
الْمَحْظورُ الرَّابِعُ: لُبْسُ الذَّكَرِ لِلْمَخيطِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخيطًا: فَدَى".
هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ الرَّابِعُ، وَهُوَ: لُبْسُ الذَّكَرِ الْمَخيطَ، فَلَا يَجوزُ لِلْمُحْرِمِ، وَالْمَخيطُ: مَا خِيطَ عَلَى قَدْرِ الْبَدَنِ، أَوْ عَلَى قَدْرِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضائِهِ؛ وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: حَديثُ ابْنُ عُمَرَ في الصَّحِيحَيْنِ، وَنَصُّهُ: «قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَلْبَسَ مِنَ الثِّيَابِ فِي الإِحْرَامِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تَلْبَسُوا القَمِيصَ، وَلاَ السَّرَاوِيلاَتِ، وَلاَ العَمَائِمَ، وَلاَ البَرَانِسَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ لَيْسَتْ لَهُ نَعْلاَنِ، فَلْيَلْبَسِ الخُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْ أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ، وَلاَ تَلْبَسُوا شَيْئًا مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ، وَلاَ الْوَرْسُ، وَلاَ تَنْتَقِبُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلاَ تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ»[16].
وَهَذَا الْمَحْظورُ مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[17].
الْمَحْظورُ الْخامِسُ: الطِّيبُ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ طَيَّبَ بَدَنَهُ أَوْ ثَوْبَهُ، أَوْ ادَّهَنَ بِمُطَيّبٍ، أَوْ شَمَّ طِيبًا، أَوْ تَبَخَّرَ بِعودٍ وَنَحْوِهِ: فَدَى".
هَذَا الْمَحْظورُ الْخامِسُ، وَهُوَ: الطَّيبُ، وَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْمَحْظوراتِ: حَديثُ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما-، قال: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَلْبَسَ الْمُحْرِمُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا بِوَرْسٍ أَوْ بِزَعْفَرَانٍ»[18]. وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلامُ في الرَّجُلِ الَّذِي وَقَصَتْهُ ناقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلاَ تُمِسُّوهُ طِيبًا، وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا»[19].
وَأَيْضًا حَكَى الْإِجْماعَ غَيْرُ واحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَنَّ الطِّيبَ مِنَ الْمَحْظوراتِ[20].
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ -رحمه الله-: "أَوْ شَمَّ طِيبًا"، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَذَلِكَ إِذَا شَمَّ الطِّيبَ عَلَى وَجْهِ التَّقَصُّدِ.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلافٌ بَيْنَ الْعُلَماءِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: مَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، أَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنوعٌ مِنْ شَمِّ الطِّيبِ[21]، وَكَأَنَّ ابْنَ الْقَيِّمِ -رحمه الله- يَميلُ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ في الزَّادِ[22]، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُكْرَهُ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهورِ[23]؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: تَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرامِهِ،كَمَا في حَديثِ عائِشَةَ؛ وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى أَثَرُ رائِحَةِ الطِّيبِ.
وَمِثْلُهُ: إِذَا اسْتَعْمَلَ الْمُحْرِمُ الطِّيبَ في الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ، وَبَقِيَ أَثَرُ الطِّيبِ أَوْ الطَّعْمِ في الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ؛ فَالْمَذْهَبُ فيهِ الْفِدْيَةُ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ طِيبًا[24].
وَمِثْلُهُ: الصَّابونُ الَّذِي فيهِ طِيبٌ: فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ طِيبٌ.
وَالْحاصِلُ: عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَحْتاطَ لِعِبادَتِهِ وَحَجِّهِ، وَاللهُ أعلمُ.
الْمَحْظورُ السَّادِسُ: قَتْلُ الصَّيْدِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: "وَإِنْ قَتَلَ صَيْدًا مَأْكولًا بَرِّيًّا أَصْلًا، وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ، أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ".
هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ السَّادِسُ، وَهُوَ: قَتْلُ الصَّيْدِ، وَاصْطِيادُهُ.
وَالصَّيْدُ لِلْمُحْرِمِ عَلَى قِسْمَيْنِ:
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ:الصَّيْدُ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ، وَهَذَا نَوْعانِ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: كُلُّ صَيْدٍ مَأْكولٍ بَرِّيٍّ أَصْلًا، وَهَذَا مِثْلُ الْغِزْلانِ، وَالْوُعولِ وَالطُّيورِ.
وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (مَأْكولًا) غَيْرُ الْمَأْكولِ؛ فَلَيْسَ فيهِ فِدْيَةٌ. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (بَرِّيًّا): صَيْدُ الْبَحْرِ، وَلَوْ كانَ أَكْثَرَ عَيْشِهِ فِي الْبَرِّ؛ فَإِنَّهُ لا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ بَرِّيًّا أَصْلاً. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: (أَصْلاً): الْبَرِّيُّ وَصْفًا؛ أي: لَوْ تَوَحَّشَ أَهْلِيٌّ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ؛ فَلَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكونَ أَصْلُهُ مُتَوحِّشًا؛ سَواءٌ اسْتَأْنَسَ أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِوَحْشِيٍّ؛ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ ذَبْحُهُ وَلَا أَكْلُهُ؛ كَبَهيمَةِ الْأَنْعامِ، وَالاِعْتِبارُ في ذَلِكَ بِالْأَصْلِ لَا بِالْحالِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ؛ أي: لَوْ تَوَلَّدَ الصَّيْدُ مِنْ صَيْدٍ بَرِّيٍّ وَمِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَواناتِ الْأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقولونَ: إِذَا اجْتَمَعَ مُبيحٌ وَحاظِرٌ: غُلِّبَ جانِبُ الْحَظْرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اجْتِنابِ الْمَحْظورِ إِلَّا بِتَرْكِ الْحَلالِ؛ فَتَعَيَّنَ حينَئِذٍ الِاجْتِنابُ، وَهَذاَ أَصْلٌ عِنْدَ الْحَنابِلَةِ[25].
وَدَليلُ هَذَا مِنَ الْكِتابِ: قَوْلُهُ تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ﴾[المائدة: 95] الآية، وَأَيْضًا الْآيَةُ الْأولَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ.
وَأَمَّا دَليلُهُ مِنَ السُّنَّةِ: فَحَديثُ أَبِي قَتادَةَ فِي قِصَّةِ قَتْلِهِ الْحِمارَ الْوَحْشِيَّ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لِأَصْحابِهِ وَكَانُوا مُحْرِمينَ: "هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا"[26]. وَأَيْضًا: حَديثُ الصَّعْبِ بْنِ جُثامَةَ -رضي الله عنه-[27].
وَهَذَا الْمَحْظورُ: مَحَلُّ إِجْماعٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ[28].
وَالْحاصِلُ: أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي يَضْمَنُ فيهِ الْجزاءُ لَهُ ثَلاثَةُ شُروطٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ يَكونَ مُباحًا.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَرِّيًّا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُ مُتَوَحِّشًا؛ سَواءٌ اسْتَأْنَسَ، أَوْ لَمْ يَسْتَأْنِسْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ تَلِفَ في يَدِهِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ)؛ أي: إِذَا تَلِفَ الصَّيْدُ في يَدِ الْمُحْرِمِ فَعَلَيْهِ جَزاؤُهُ، حَتَّى وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ كَمَا لَوْ مَرِضَ ثُمَّ ماتَ؛ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ[29]، وَاللهُ أَعْلَمُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: الْحَيَوانُ الَّذِي لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ قَتْلُهُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَحْرُمُ حَيَوانٌ إِنْسِيٌّ، وَلَا صَيْدُ الْبَحْرِ، وَلَا قَـتْـلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ، وَلَا الصَّائِلِ).
أي: أَنَّ الْحَيَوانَ الَّذِي لَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ عَلَى أَنْواعٍ:
النَّوْعُ الْأَوَّلُ: الْحَيَوانُ الْإِنْسِيُّ، وَهَذَا خَرَجَ بِهِ الْمُتَوَحِّشُ، وَالْمُسْتَأْنِسُ مِثْلُ: الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَالْبَقَرِ، وَهَذَا لَا يَحْرُمُ ذَبْحُهُ بِإِحْرامٍ، أَوْ في الْحَرَمِ، وَلَوْ تَوَحَّشَ؛ وَهَذَا بِالْإِجْماعِ فيمَا أَعْلَمُ[30]؛ لِأَنَّ الِاعْتِبارَ بِماَ كانَ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ لَا فِي الْحالِ؛ لِأَنَّ الرَّسولَ -عليه الصلاة والسلام- كانَ يَذْبَحُ البُدْنَ في إِحْرامِهِ بِالْحَرَمِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: صَيْدُ الْبَحْرِ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا صَيْدَ الْبَحْرِ).
وَالدَّليلُ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ سبحانه وتعالى:﴿ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ﴾[المائدة: 96]، وَهَذَا بِالْإِجْماعِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْحَرَمِ[31]، وَأَمَّا إِنْ كانَ بِالْحَرَمِ فَفِيهِ خِلافٌ وَقَدْ جَزَمَ غَيْرُ واحِدٍ بِتَحْريمِهِ؛ وَصَحَّحَهُ في التَّصْحيحِ وَغَيْرِهِ وَالشَّارِحُ، وَشَيْخُ الْإِسْلامِ وَغَيْرُهُمْ[32]؛ لِعُمومِ قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَرَمِ: «وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ»[33]، وَلِأَنَّهُ حينَئِذٍ يَكونُ التَّحْريمُ فيهِ لِلْمَكانِ، لَا لِلْإِحْرامِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: الْحَيَوانُ الَّذِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا قَـْتُـل مُحَرَّمِ الْأَكْلِ).
قَتْلُ مُحَرَّمِ الْأَكْلِ مِنَ الدَّواب وَالْحَشَراتِ عَلَى أَقْسامٍ:
الْأَوَّلُ: مَا يُؤْذِي وَلَا يَنْفَعُ؛ فَهَذَا مَشْروعٌ قَتْلُهُ؛ بَلْ جاءَ الْأَمْرُ بِقَتْلِهِ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عائِشَةَ -رضي الله عنها-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهَا فَوَاسِقُ تُقْتَلُ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ»[34]. وَفِي رِوايَةٍ: "الْحَيَّةُ" بَدَلَ: "الْعَقْرَبِ"[35]. وَقاسَ الْعُلَماءُ عَلَيْهِنَّ مَا فِي مَعْناهُنَّ؛ بِجامِعِ الْأَذَى، فَهَذَا قَتْلُهُ مُسْتَحَبُّ بِالْإِجْماعِ[36].
الثَّانِي: مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ؛ كَالْبازِي، وَسائِرِ الْجَوارِحِ مِنَ الطُّيورِ، وَهَذَا قَتْلُهُ جائِزٌ، فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ.
الثَّالِثُ: مَا لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ؛ كَالْخَنافِسِ، فَقَدْ يَتَوَجَّهُ الْقَوْلُ بِكَراهَةِ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا فائِدَةَ فِي قَتْلِهَا، وَأَيْضًا:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾[الإسراء: 44].
الرَّابِعُ: مَا جاءَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهِ؛ كَالنَّحْلَةِ، وَالنَّمْلَةِ، وَالْهُدْهُدِ، وَالصَّرْدِ، كَمَا في حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ بِإِسْنادٍ صَحيحٍ[37].
تَكْميلٌ:
قَدْ يُعَبَّرُ عَنِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ، بِـ: "مَا سَكَتَ الشَّارِعُ عَنْهُ؛ فَهُوَ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ"، وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ: الْأَحْسَنُ.
النَّوْعُ الرَّابِعُ: الْحَيَوانُ الصَّائِلُ، وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَلَا صَائِلٌ).
أي: وَلَا يَحْرُمُ قَتْلُ الصَّيْدِ الصَّائِلِ؛ دَفْعًا عَنِ النَّفْسِ أَوْ الْمالِ؛ سَواءٌ خُشِيَ التَّلَفُ أَوْ الضَّرَرُ بِجَرْحِهِ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ الْتَحَقَ بِالْمُؤْذِياتِ؛ فَصارَ كَالْكَلْبِ الْعَقورِ[38].
مَسْأَلَةٌ: الْـمُحْرِمُ إِذَا احْتاجَ لِفِعْلِ مَحْظورٍ فَعَلَهُ وَفَدَى؛ لِقَوْلِ اللهِ تعالى:﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾[البقرة: 196]، وَلِحَديثِ كَعْبٍ -رضي الله عنه- الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ[39].
الْمَحْظورُ السَّابِعُ: عَقْدُ النِّكاحِ.
وَهَذَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (وَيَحْرُمُ عَقْدُ النِّكاحِ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا فِدْيَةَ، وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ).
هَذَا هُوَ الْمَحْظورُ السَّابِعُ، وَهُوَ: عَقْدُ النِّكاحِ، فَيَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ: عَقْدُ النِّكاحِ.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 144.04 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 142.32 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.20%)]