تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 137900 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42199 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5456 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 27-02-2023, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى ____ متجدد

تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي
الجزء السابع

سُورَةُ صَ
الحلقة (464)
صــ 91 إلى صــ 100






[ ص: 91 ] قوله تعالى: أصطفى البنات قال الفراء: هذا استفهام فيه توبيخ لهم، وقد تطرح ألف الاستفهام من التوبيخ، ومثله: أذهبتم طيباتكم [الأحقاف: 20]، و "أذهبتم" يستفهم بها ولا يستفهم ، ومعناهما واحد . وقرأ أبو هريرة، وابن المسيب، والزهري، وابن جماز عن نافع، وأبو جعفر، وشيبة: "وإنهم لكاذبون اصطفى" بالوصل غير مهموز ولا ممدود; قال أبو علي: وهو على [وجه] الخبر، كأنه قال: اصطفى البنات على البنين كما يقولون، كقوله: ذق إنك أنت العزيز الكريم [الدخان: 49] .

قوله تعالى: ما لكم كيف تحكمون لله بالبنات ولأنفسكم بالبنين؟! أم لكم سلطان مبين أي: حجة [بينة] على ما تقولون، فأتوا بكتابكم الذي فيه حجتكم .

وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا فيه ثلاثة أقوال .

أحدها: أنهم قالوا: هو وإبليس أخوان، رواه العوفي عن ابن عباس; قال الماوردي: وهو قول الزنادقة والذين يقولون: الخير من الله، والشر من إبليس .

والثاني: أن كفار قريش قالوا: الملائكة بنات الله، والجنة صنف من الملائكة يقال لهم: الجنة، قاله مجاهد .

والثالث: أن اليهود قالت: إن الله تعالى تزوج إلى الجن فخرجت من بينهم الملائكة، قاله قتادة، وابن السائب .

فخرج في معنى الجنة قولان . أحدهما: أنهم الملائكة . والثاني: الجن .

فعلى الأول، يكون معنى قوله: ولقد علمت الجنة أي: علمت الملائكة إنهم أي: إن هؤلاء المشركين لمحضرون النار .

[ ص: 92 ] وعلى الثاني، ["ولقد علمت الجنة] إنهم" أي: إن الجن أنفسها "لمحضرون" الحساب .

قوله تعالى: إلا عباد الله المخلصين يعني الموحدين . وفيما استثنوا منه قولان .

أحدهما: أنهم استثنوا من حضور النار، قاله مقاتل . والثاني: مما يصف أولئك، وهو معنى قول ابن السائب .

قوله تعالى: فإنكم يعني المشركين وما تعبدون من دون الله، ما أنتم عليه أي: على ما تعبدون بفاتنين أي: بمضلين أحدا، إلا من هو صال الجحيم أي: من سبق له في علم الله أنه يدخل النار .
وما منا إلا له مقام معلوم . وإنا لنحن الصافون . وإنا لنحن المسبحون . وإن كانوا ليقولون . لو أن عندنا ذكرا من الأولين . لكنا عباد الله المخلصين . فكفروا به فسوف يعلمون . ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين . إنهم لهم المنصورون . وإن جندنا لهم الغالبون . فتول عنهم حتى حين . وأبصرهم فسوف يبصرون . أفبعذابنا يستعجلون . فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين . وتول عنهم حتى حين . وأبصر فسوف يبصرون . سبحان ربك رب العزة عما يصفون . وسلام على المرسلين . والحمد لله رب العالمين .

ثم أخبر عن الملائكة بقوله: وما منا والمعنى: ما منا ملك إلا له [ ص: 93 ] مقام معلوم أي: مكان في السموات مخصوص يعبد الله فيه، وإنا لنحن الصافون قال قتادة: صفوف في السماء . وقال السدي: هو الصلاة . وقال ابن السائب: صفوفهم في السماء كصفوف أهل الدنيا في الأرض .

قوله تعالى: وإنا لنحن المسبحون فيه قولان . أحدهما: المصلون . والثاني: المنزهون لله عز وجل عن السوء . وكان عمر بن الخطاب إذا أقيمت الصلاة أقبل على الناس بوجهه وقال: يا أيها الناس استووا، فإنما يريد الله بكم هدي الملائكة، وإنا لنحن الصافون، وإنا لنحن المسبحون .

ثم عاد إلى الإخبار عن المشركين، فقال: وإن كانوا ليقولون اللام في "ليقولون" لام توكيد; والمعنى: وقد كان كفار قريش يقولون قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: لو أن عندنا ذكرا أي: كتابا من الأولين أي: مثل كتب الأولين، وهم اليهود والنصارى، لكنا عباد الله المخلصين أي: لأخلصنا العبادة لله عز وجل .

فكفروا به فيه اختصار، تقديره: فلما آتاهم ما طلبوا، كفروا به، فسوف يعلمون عاقبة كفرهم، وهذا تهديد لهم .

ولقد سبقت كلمتنا أي: تقدم وعدنا للمرسلين بنصرهم والكلمة قوله: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [المجادلة: 21]، إنهم لهم المنصورون بالحجة، وإن جندنا يعني حزبنا المؤمنين لهم الغالبون بالحجة أيضا والظفر . فتول عنهم أي: أعرض عن كفار مكة حتى حين أي: حتى تنقضي مدة إمهالهم . وقال مجاهد: حتى نأمرك بالقتال; [ ص: 94 ] فعلى هذا، الآية محكمة . وقال في رواية: حتى الموت; وكذلك قال قتادة . وقال ابن زيد: حتى القيامة; فعلى هذا، يتطرق نسخها . وقال مقاتل بن حيان: نسختها آية القتال .

قوله تعالى: وأبصرهم أي: انظر إليهم إذا نزل العذاب . قال مقاتل بن سليمان: هو العذاب ببدر; وقيل: أبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون ما أنكروا، وكانوا يستعجلون بالعذاب تكذيبا به، فقيل: أفبعذابنا يستعجلون؟! .

فإذا نزل يعني العذاب . وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران، والجحدري ، وابن يعمر: "فإذا نزل" برفع النون وكسر الزاي وتشديدها بساحتهم أي: بفنائهم وناحيتهم . والساحة: فناء الدار . قال الفراء: العرب تكتفي بالساحة والعقوة من القوم، فيقولون: نزل بك العذاب وبساحتك . قال الزجاج : فكان عذاب هؤلاء القتل فساء صباح المنذرين أي: بئس صباح الذين أنذروا العذاب .

ثم كرر ما تقدم توكيدا لوعده بالعذاب، فقال: وتول عنهم . . . . الآيتين .

ثم نزه نفسه عن قولهم بقوله: سبحان ربك رب العزة قال مقاتل: يعني عزة من يتعزز من ملوك الدنيا .

قوله تعالى: عما يصفون أي: من اتخاذ النساء والأولاد .

[ ص: 95 ] وسلام على المرسلين فيه وجهان . أحدهما: تسليمه عليهم إكراما لهم . والثاني: إخباره بسلامتهم .

والحمد لله رب العالمين على هلاك المشركين ونصرة الأنبياء والمرسلين .
[ ص: 96 ] سُورَةُ صَ

وَيُقَالُ لَهَا: سُورَةُ دَاوُدَ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ [كُلُّهَا] بِإِجْمَاعِهِمْ

فَأَمَّا سَبَبُ نُزُولِ أَوَّلِهَا، فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قُرَيْشًا شَكَوَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ؟ فَقَالَ: "يَا عَمِّ، إِنَّمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَذِلُّ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمُ الْجِزْيَةَ بِهَا الْعَجَمُ"، قَالَ: كَلِمَةٌ؟ قَالَ: "كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ"، قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"، فَقَالُوا: أَجْعَلَ الْآَلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟! فَنَزَلَتْ فِيهِمْ: ص وَالْقُرْآنِ إِلَى قَوْلِهِ: إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ . كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ .

[ ص: 97 ] وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى "صَ" عَلَى سَبْعَةِ أَقَوْالٍ .

أَحَدُهَا: أَنَّهُ قَسَمٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْ أَسْمَائِهِ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِمَعْنَى: صَدَقَ مُحَمَّدٌ، رَوَاهُ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

وَالثَّالِثُ: صَدَقَ اللَّهُ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَعْنَاهُ: صَادِقٌ فِيمَا وَعَدَ . وَقَالَ الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ: الصَّادِقُ اللَّهُ تَعَالَى .

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآَنِ، أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ، قَالَهُ قَتَادَةُ .

وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ اسْمُ حَيَّةٍ رَأْسُهَا تَحْتَ الْعَرْشِ وَذَنَبُهَا تَحْتَ الْأَرْضِ السُّفْلَى، حَكَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ، وَقَالَ: أَظُنُّهُ عَنْ عِكْرِمَةَ .

وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ بِمَعْنَى: حَادِثِ الْقُرْآَنِ، أَيِ: انْظُرْ فِيهِ، قَالَهُ الْحَسَنُ، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرُوا، مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ، [وَالْحَسَنُ]، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ . قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: فَيَكُونُ الْمَعْنَى: صَادِ بِعَمَلِكَ الْقُرْآَنُ، أَيْ: عَارَضَهُ . وَقِيلَ: اعْرِضْهُ عَلَى عَمَلِكَ، فَانْظُرْ أَيْنَ هُوَ [مِنْهُ] .

وَالسَّابِعُ: أَنَّهُ بِمَعْنَى: صَادَ مُحَمَّدٌ قُلُوبَ الْخَلْقِ وَاسْتَمَالَهَا حَتَّى آَمَنُوا بِهِ وَأَحَبُّوهُ، حَكَاهُ الثَّعْلَبِيُّ، وَهَذَا عَلَى قِرَاءَةِ مَنْ فَتَحَ، وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي رَجَاءٍ، وَأَبِي الْجَوْزَاءِ، [ ص: 98 ] وَحَمِيدٍ، وَمَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو . قَالَ الزَّجَّاجُ : وَالْقِرَاءَةُ "صَادْ" بِتَسْكِينِ الدَّالِّ، لِأَنَّهَا مِنْ حُرُوفِ التَّهَجِّي . وَقَدْ قُرِئَتْ بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ; فَمَنْ فَتَحَهَا، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ . أَحَدُهُمَا: لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَالثَّانِي: عَلَى مَعْنَى: أُتْلُ "صَادْ"، وَيَكُونُ [صَادْ] اسْمًا لِلسُّورَةِ يَنْصَرِفُ; وَمَنْ كَسَرَ، فَعَلَى ضَرْبَيْنِ . أَحَدُهُمَا: لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْضًا . وَالثَّانِي: عَلَى مَعْنَى: صَادِ الْقُرْآَنُ بِعَمَلِكَ، مِنْ قَوْلِكَ: صَادَى يُصَادِي: إِذَا قَابَلَ وَعَادَلَ، يُقَالُ: صَادَيْتُهُ: إِذَا قَابَلَتْهُ .

قَوْلُهُ تَعَالَى: ذِي الذِّكْرِ فِي الْمُرَادِ بِالذِّكْرِ ثَلَاثَةُ أَقَوْالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ الشَّرَفُ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ . وَالثَّانِي: الْبَيَانُ، قَالَهُ قَتَادَةُ . وَالثَّالِثُ: التَّذْكِيرُ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ .

فَإِنْ قِيلَ: أَيْنَ جَوَابُ الْقَسَمِ بِقَوْلِهِ: "صَ وَالْقُرْآَنِ ذِي الذَّكَرِ"؟

فَعَنْهُ خَمْسَةُ أَجْوِبَةٍ .

أَحَدُهَا: أَنْ "صَ" جَوَابٌ لِقَوْلِهِ: "وَالْقُرْآَنِ"، فَـ "صَ" فِي مَعْنَاهَا، كَقَوْلِكَ: وَجَبَ وَاللَّهِ، نَزَلَ وَاللَّهِ، حُقٌّ وَاللَّهِ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ، وَثَعْلَبُ .

[ ص: 99 ] وَالثَّانِي: أَنَّ جَوَابَ "صَ" قَوْلُهُ: "كَمْ أَهْلَكْنَا مَنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ"، وَمَعْنَاهُ: لَكُمْ، فَلَمَّا طَالَ الْكَلَامُ، حُذِفَتِ اللَّامُ، وَمِثْلُهُ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا قَدْ أَفْلَحَ [الشَّمْسِ: 1 وَ 9]، فَإِنَّ الْمَعْنَى: لَقَدْ أَفْلَحَ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا اعْتَرَضَ بَيْنَهُمَا كَلَامٌ، تَبِعَهُ قَوْلُهُ: "قَدْ أَفْلَحَ"، حَكَاهُ الْفَرَّاءُ، وَثَعْلَبٌ أَيْضًا .

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ قَوْلُهُ: "إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ" [ص: 14]، حَكَاهُ الْأَخْفَشُ .

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ قَوْلُهُ: "إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ" [ص: 64]، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا نَجِدُهُ مُسْتَقِيمًا فِي الْعَرَبِيَّةِ، لِتَأَخُّرِهِ جِدًّا عَنْ قَوْلِهِ: "وَالْقُرْآَنُ" .

وَالْخَامِسُ: أَنَّ جَوَابَهُ مَحْذُوفٌ، تَقْدِيرُهُ: وَالْقُرْآَنُ ذِي الذِّكْرِ مَا الْأَمْرُ كَمَا يَقُولُ الْكُفَّارُ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَحْذُوفِ قَوْلُهُ: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ ، ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، وَإِلَى نَحْوِهِ ذَهَبَ قَتَادَةُ . وَالْعِزَّةُ: الْحَمِيَّةُ وَالتَّكَبُّرُ عَنِ الْحَقِّ . وَقَرَأَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَأَبُو رَزِينٍ ، وَابْنُ يَعْمُرَ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَمَحْبُوبٌ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: "فِي غِرَّةٍ" بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ . وَالشِّقَاقُ: الْخِلَافُ وَالْعَدَاوَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْكَلِمَتَيْنِ مَشْرُوحًا [الْبَقَرَةِ: 206، 138] .

ثُمَّ خَوَّفَهُمْ بِقَوْلِهِ: كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ يَعْنِي الْأُمَمَ الْخَالِيَةَ فَنَادَوْا عِنْدَ وُقُوعِ الْهَلَاكِ بِهِمْ . وَفِي هَذَا النِّدَاءِ قَوْلَانِ . أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الدُّعَاءُ . وَالثَّانِي: الِاسْتِغَاثَةُ .

[ ص: 100 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ وَقَرَأَ الضَّحَّاكُ، وَأَبُو الْمُتَوَكِّلِ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ، وَابْنُ يَعْمُرَ: "وَلَاتَ حِينَ" بِفَتْحِ التَّاءِ وَرَفْعِ النُّونِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ حِينَ يَرَوْهُ فِرَارٌ . وَقَالَ عَطَاءٌ: فِي لُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ "لَاتَ" بِمَعْنَى "لَيْسَ" . وَقَالَ وَهَبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: هِيَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ . وَقَالَ الْفَرَّاءُ: "لَاتَ" بِمَعْنَى "لَيْسَ"، وَالْمَعْنَى: لَيْسَ بِحِينِ فِرَارٍ . وَمِنَ الْقُرَّاءِ مَنْ يَخْفِضُ "لَاتَ"، وَالْوَجْهُ النَّصْبُ، لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى "لَيْسَ"، أَنْشَدَنِي الْمُفَضَّلُ:


تَذَكَّرَ حُبَّ لَيْلَى لَاتَ حِينًا وَأَضْحَى الشَّيْبُ قَدْ قَطَعَ الْقَرِينَا


قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: كَانَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالْأَخْفَشُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ يَذْهَبُونَ إِلَى أَنَّ التَّاءَ فِي قَوْلِهِ: "وَلَاتَ" مُنْقَطِعَةٌ مِنْ "حِينَ" قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْوَقْفُ عِنْدِي عَلَى هَذَا الْحَرْفِ "وَلَا"، وَالِابْتِدَاءِ "تَحِينُ" لِثَلَاثِ حُجَجٍ .

إِحْدَاهُنَّ: أَنَّ تَفْسِيرَ ابْنِ عَبَّاسٍ يَشْهَدُ لَهَا، لِأَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ حِينَ يَرَوْهُ فِرَارٌ; فَقَدْ عَلِمَ أَنْ "لَيْسَ" هِيَ أُخْتُ "لَا" وَفِي مَعْنَاهَا .

وَالْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّا لَا نَجْدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ "وَلَاتَ"، إِنَّمَا الْمَعْرُوفَةُ "لَا" .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,660.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,658.33 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.10%)]