تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 137917 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42200 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5456 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 30-01-2023, 10:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد


تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء السادس
تَفْسِيرِ سُّورَةِ الْبَقَرَة(367)
الحلقة (381)
صــ 7 إلى صــ 24




[ ص: 7 ] القول في تأويل قوله تعالى ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )

قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : الذين يربون .

و " الإرباء " الزيادة على الشيء ، يقال منه : " أربى فلان على فلان " إذا زاد عليه " يربي إرباء " والزيادة هي " الربا " " وربا الشيء " إذا زاد على ما كان عليه فعظم " فهو يربو ربوا " . وإنما قيل للرابية [ رابية ] ؛ لزيادتها في العظم والإشراف على ما استوى من الأرض مما حولها من قولهم : " ربا يربو " . ومن ذلك قيل : " فلان في رباوة قومه " يراد أنه في رفعة وشرف منهم . فأصل " الربا " الإنافة والزيادة ، ثم يقال : " أربى فلان " أي أناف [ ماله حين ] صيره زائدا . وإنما قيل للمربي : " مرب " ؛ لتضعيفه المال الذي كان له على غريمه حالا أو لزيادته عليه فيه لسبب الأجل الذي يؤخره إليه فيزيده إلى أجله الذي كان له قبل حل دينه عليه . ولذلك قال - جل ثناؤه - : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ) . [ آل عمران : 131 ] . [ ص: 8 ]

وبمثل الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل :

ذكر من قال ذلك :

6235 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال في الربا الذي نهى الله عنه : كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني ؟ فيؤخر عنه .

6236 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

6237 - حدثني بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة : أن ربا أهل الجاهلية : يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى ، فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء ، زاده وأخر عنه .

قال أبو جعفر : فقال - جل ثناؤه - : الذين يربون الربا الذي وصفنا صفته في الدنيا " لا يقومون " في الآخرة من قبورهم " إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " يعني بذلك : يتخبله الشيطان في الدنيا ، وهو الذي يخنقه فيصرعه " من المس " يعني : من الجنون .

وبمثل ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

6238 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، [ ص: 9 ] عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله - عز وجل - : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " يوم القيامة في أكل الربا في الدنيا .

6239 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .

6240 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا ربيعة بن كلثوم قال حدثني أبي ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : ذلك حين يبعث من قبره .

6241 - حدثني المثنى قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم قال : حدثنا ربيعة بن كلثوم قال حدثني أبي ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : يقال يوم القيامة لآكل الربا : " خذ سلاحك للحرب " وقرأ : " لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : ذلك حين يبعث من قبره .

6242 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " الآية . قال : يبعث آكل الربا يوم القيامة مجنونا يخنق .

6243 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد عن قتادة قوله : [ ص: 10 ] " الذين يأكلون الربا لا يقومون " الآية ، وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة ، بعثوا وبهم خبل من الشيطان .

6244 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : " لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : هو التخبل الذي يتخبله الشيطان من الجنون .

6245 - حدثت عن عمار قال : حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن الربيع في قوله : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان . وهي في بعض القراءة : ( " لا يقومون يوم القيامة " ) .

6246 - حدثنا المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير عن جويبر عن الضحاك في قوله : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " قال : من مات وهو يأكل الربا بعث يوم القيامة متخبطا ، كالذي يتخبطه الشيطان من المس .

6247 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " يعني : من الجنون .

6248 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله : " الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس " . قال : هذا مثلهم يوم القيامة ، لا يقومون يوم القيامة مع الناس إلا كما يقوم الذي يخنق من الناس ، كأنه خنق ، كأنه مجنون . [ ص: 11 ]

قال أبو جعفر : ومعنى قوله : " يتخبطه الشيطان من المس " يتخبله من مسه إياه . يقال منه : " قد مس الرجل وألق ، فهو ممسوس ومألوق " كل ذلك إذا ألم به اللمم فجن . ومنه قول الله - عز وجل - : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا ) [ الأعراف : 201 ] ومنه قول الأعشى :


وتصبح عن غب السرى وكأنما ألم بها من طائف الجن أولق


فإن قال لنا قائل : أفرأيت من عمل ما نهى الله عنه من الربا في تجارته ولم يأكله ، أيستحق هذا الوعيد من الله ؟

قيل : نعم ، وليس المقصود من الربا في هذه الآية الأكل ، إلا أن الذين نزلت فيهم هذه الآيات يوم نزلت كانت طعمتهم ومأكلهم من الربا ، فذكرهم بصفتهم معظما بذلك عليهم أمر الربا ، ومقبحا إليهم الحال التي هم عليها في مطاعمهم ، وفي قوله - جل ثناؤه - : [ ص: 12 ] ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) [ سورة البقرة : 278 - 279 ] الآية ، ما ينبئ عن صحة ما قلنا في ذلك ، وأن التحريم من الله في ذلك كان لكل معاني الربا ، وأن سواء العمل به وأكله وأخذه وإعطاؤه ، كالذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله :

6249 - " لعن الله آكل الربا ، ومؤكله ، وكاتبه ، وشاهديه إذا علموا به " .
القول في تأويل قوله : ( ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا )

قال أبو جعفر : يعني ب " ذلك " - جل ثناؤه - : ذلك الذي وصفهم به من قيامهم يوم القيامة من قبورهم كقيام الذي يتخبطه الشيطان من المس من الجنون فقال - تعالى ذكره - : هذا الذي ذكرنا أنه يصيبهم يوم القيامة من قبح حالهم ووحشة قيامهم من قبورهم ، وسوء ما حل بهم من أجل أنهم كانوا في الدنيا يكذبون ويفترون ويقولون : " إنما البيع " الذي أحله الله لعباده " مثل الربا " ؛ وذلك أن الذين كانوا يأكلون من الربا من أهل الجاهلية ، كان إذا حل مال أحدهم [ ص: 13 ] على غريمه ، يقول الغريم لغريم الحق : " زدني في الأجل وأزيدك في مالك " . فكان يقال لهما إذا فعلا ذلك : " هذا ربا لا يحل " . فإذا قيل لهما ذلك قالا " سواء علينا زدنا في أول البيع أو عند محل المال " . فكذبهم الله في قيلهم فقال : " وأحل الله البيع " .
القول في تأويل قوله تعالى ( وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 275 ) )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - : وأحل الله الأرباح في التجارة والشراء والبيع " وحرم الربا " يعني الزيادة التي يزاد رب المال بسبب زيادته غريمه في الأجل ، وتأخيره دينه عليه . يقول - عز وجل - : فليست الزيادتان - اللتان إحداهما من وجه البيع والأخرى من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل - سواء . وذلك أني حرمت إحدى الزيادتين وهي التي من وجه تأخير المال والزيادة في الأجل وأحللت الأخرى منهما ، وهي التي من وجه الزيادة على رأس المال الذي ابتاع به البائع سلعته التي يبيعها ، فيستفضل فضلها . فقال الله - عز وجل - : ليست الزيادة من وجه البيع نظير الزيادة من وجه الربا ؛ لأني أحللت البيع ، وحرمت الربا ، والأمر أمري والخلق خلقي ، أقضي فيهم ما أشاء ، وأستعبدهم بما أريد ، ليس لأحد منهم أن يعترض في حكمي ، ولا أن يخالف أمري ، وإنما عليهم طاعتي والتسليم لحكمي . [ ص: 14 ]

ثم قال - جل ثناؤه - : " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى " يعني ب " الموعظة " التذكير والتخويف الذي ذكرهم وخوفهم به في آي القرآن ، وأوعدهم على أكلهم الربا من العقاب . يقول - جل ثناؤه - : فمن جاءه ذلك " فانتهى " عن أكل الربا وارتدع عن العمل به وانزجر عنه " فله ما سلف " يعني : ما أكل ، وأخذ فمضى قبل مجيء الموعظة والتحريم من ربه في ذلك " وأمره إلى الله " يعني : وأمر آكله - بعد مجيئه الموعظة من ربه والتحريم وبعد انتهاء آكله عن أكله - إلى الله في عصمته وتوفيقه ، إن شاء عصمه عن أكله وثبته في انتهائه عنه ، وإن شاء خذله عن ذلك " ومن عاد " يقول : ومن عاد لأكل الربا بعد التحريم ، وقال ما كان يقوله قبل مجيء الموعظة من الله بالتحريم من قوله : " إنما البيع مثل الربا " فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني : ففاعلو ذلك وقائلوه هم أهل النار ، يعني نار جهنم ، فيها خالدون .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

6250 - حدثني موسى قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله " أما " الموعظة " فالقرآن ، وأما " ما سلف " فله ما أكل من الربا .
[ ص: 15 ] القول في تأويل قوله تعالى ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم ( 276 ) )

قال أبو جعفر : يعني - عز وجل - بقوله : " يمحق الله الربا " ينقص الله الربا فيذهبه كما : -

6251 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس : " يمحق الله الربا " قال : ينقص .

وهذا نظير الخبر الذي روي عن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :

6252 - " الربا وإن كثر فإلى قل " . .

وأما قوله : " ويربي الصدقات " فإنه - جل ثناؤه - يعني أنه يضاعف أجرها ، يربها وينميها له .

وقد بينا معنى " الربا " قبل " والإرباء " وما أصله بما فيه الكفاية من إعادته . [ ص: 16 ]

فإن قال لنا قائل : وكيف إرباء الله الصدقات ؟

قيل : إضعافه الأجر لربها ، كما قال - جل ثناؤه - : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة ) [ سورة البقرة : 261 ] ، وكما قال : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة ) [ سورة البقرة : 245 ] وكما : -

6253 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا عباد بن منصور عن القاسم : أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله - عز وجل - يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد ، وتصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل - : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ) [ سورة التوبة : 104 ] و " يمحق الله الربا ويربي الصدقات " . . [ ص: 17 ]

6254 - حدثني سليمان بن عمر بن خالد الأقطع قال : حدثنا ابن المبارك عن سفيان عن عباد بن منصور عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة ولا أراه إلا قد رفعه قال : إن الله - عز وجل - يقبل الصدقة ، ولا يقبل إلا الطيب . " . [ ص: 18 ]

6255 - حدثني محمد بن عمر بن علي المقدمي قال : حدثنا ريحان بن سعيد قال : حدثنا عباد عن القاسم عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب ، ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله ، حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد ، وتصديق ذلك في كتاب الله - عز وجل - : ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) . . [ ص: 19 ]

6256 - حدثني محمد بن عبد الملك قال : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن أيوب عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن العبد إذا تصدق من طيب تقبلها الله منه ، ويأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله . وإن الرجل ليتصدق باللقمة فتربو في يد الله أو قال : " في كف الله - عز وجل - حتى تكون مثل أحد ، فتصدقوا " . .

6257 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا المعتمر بن سليمان قال [ ص: 20 ] سمعت يونس عن صاحب له ، عن القاسم بن محمد قال : قال أبو هريرة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله - عز وجل - يقبل الصدقة بيمينه ، ولا يقبل منها إلا ما كان طيبا ، والله يربي لأحدكم لقمته كما يربي أحدكم مهره وفصيله ، حتى يوافى بها يوم القيامة وهي أعظم من أحد " . . [ ص: 21 ]

قال أبو جعفر : وأما قوله : " والله لا يحب كل كفار أثيم " فإنه يعني به : والله لا يحب كل مصر على كفر بربه ، مقيم عليه ، مستحل أكل الربا وإطعامه " أثيم " متماد في الإثم ، فيما نهاه عنه من أكل الربا والحرام وغير ذلك من معاصيه ، لا ينزجر عن ذلك ولا يرعوي عنه ، ولا يتعظ بموعظة ربه التي وعظه بها في تنزيله وآي كتابه .
القول في تأويل قوله تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( 277 ) )

قال أبو جعفر : وهذا خبر من الله - عز وجل - بأن الذين آمنوا يعني الذين صدقوا بالله وبرسوله ، وبما جاء به من عند ربهم من تحريم الربا وأكله ، وغير ذلك من سائر شرائع دينه " وعملوا الصالحات " التي أمرهم الله - عز وجل - بها ، والتي ندبهم إليها " وأقاموا الصلاة " المفروضة بحدودها ، وأدوها بسننها " وآتوا الزكاة " المفروضة عليهم في أموالهم ، بعد الذي سلف منهم من أكل الربا قبل مجيء الموعظة فيه من عند ربهم " لهم أجرهم " يعني ثواب ذلك من أعمالهم وإيمانهم وصدقتهم " عند ربهم " يوم حاجتهم إليه في معادهم ولا خوف عليهم " يومئذ من عقابه على ما كان سلف منهم في جاهليتهم وكفرهم قبل مجيئهم موعظة من ربهم من أكل ما كانوا أكلوا من الربا بما كان من إنابتهم وتوبتهم إلى الله - عز وجل - من ذلك عند مجيئهم الموعظة من ربهم ، [ ص: 22 ] وتصديقهم بوعد الله ووعيده " ولا هم يحزنون " على تركهم ما كانوا تركوا في الدنيا من أكل الربا والعمل به ، إذا عاينوا جزيل ثواب الله تبارك وتعالى ، وهم على تركهم ما تركوا من ذلك في الدنيا ابتغاء رضوانه في الآخرة ، فوصلوا إلى ما وعدوا على تركه .
القول في تأويل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ( 278 ) )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بذلك : " يا أيها الذين آمنوا " صدقوا بالله وبرسوله " اتقوا الله " يقول : خافوا الله على أنفسكم فاتقوه بطاعته فيما أمركم به ، والانتهاء عما نهاكم عنه " وذروا " يعني : ودعوا " ما بقي من الربا " يقول : اتركوا طلب ما بقي لكم من فضل على رءوس أموالكم التي كانت لكم قبل أن تربوا عليها " إن كنتم مؤمنين " يقول : إن كنتم محققين إيمانكم قولا وتصديقكم بألسنتكم بأفعالكم . .

قال أبو جعفر : وذكر أن هذه الآية نزلت في قوم أسلموا ولهم على قوم أموال من ربا كانوا أربوه عليهم ، فكانوا قد قبضوا بعضه منهم ، وبقي بعض ، فعفا الله - جل ثناؤه - لهم عما كانوا قد قبضوه قبل نزول هذه الآية ، وحرم عليهم اقتضاء ما بقي منه .

ذكر من قال ذلك :

6258 - حدثني موسى بن هارون قال : حدثنا عمرو قال : حدثنا أسباط عن السدي : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا " إلى : " ولا تظلمون " قال : نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة ، كانا [ ص: 23 ] شريكين في الجاهلية ، يسلفان في الربا إلى أناس من ثقيف من بني عمرو وهم بنو عمرو بن عمير ، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله " ذروا ما بقي " من فضل كان في الجاهلية " من الربا " .

6259 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال حدثني حجاج ، عن ابن جريج قوله : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " قال : كانت ثقيف قد صالحت النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن ما لهم من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع . فلما كان الفتح ، استعمل عتاب بن أسيد على مكة ، وكانت بنو عمرو بن عمير بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة ، وكانت بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية ، فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير . فأتاهم بنو عمرو يطلبون رباهم ، فأبي بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ، ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد ، فكتب عتاب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله " إلى " ولا تظلمون " . فكتب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عتاب وقال : " إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب " وقال ابن جريج عن عكرمة قوله : " اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا " قال : كانوا يأخذون الربا على بني المغيرة ، يزعمون أنهم مسعود وعبد ياليل وحبيب وربيعة ، بنو عمرو بن عمير ، فهم الذين كان لهم الربا على بني المغيرة ، فأسلم عبد ياليل وحبيب وربيعة وهلال ومسعود .

6260 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا جويبر ، [ ص: 24 ] عن الضحاك في قوله : " اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " قال : كان ربا يتبايعون به في الجاهلية ، فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رءوس أموالهم .
القول في تأويل قوله تعالى ( فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله )

قال أبو جعفر : يعني - جل ثناؤه - بقوله : ( فإن لم تفعلوا ) فإن لم تذروا ما بقي من الربا .

واختلف القرأة في قراءة قوله : " فأذنوا بحرب من الله ورسوله " .

فقرأته عامة قرأة أهل المدينة : " فأذنوا " بقصر الألف من " فآذنوا " وفتح ذالها ، بمعنى كونوا على علم وإذن .

وقرأه آخرون وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين : " فآذنوا " بمد الألف من قوله : " فأذنوا " وكسر ذالها ، بمعنى فآذنوا غيركم ، أعلموهم وأخبروهم بأنكم على حربهم .

قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب في ذلك قراءة من قرأ : " فأذنوا " بقصر ألفها وفتح ذالها ، بمعنى اعلموا ذلك واستيقنوه ، وكونوا على إذن من الله - عز وجل - لكم بذلك .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 23 ( الأعضاء 0 والزوار 23)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,942.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,940.78 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.09%)]