قضية الحس والذهن في النقد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4593 - عددالزوار : 1299809 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4138 - عددالزوار : 827593 )           »          جرائم الرافضة.. في الحرمين على مر العصور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          المستشارة فاطمة عبد الرؤوف: العلاقات الأسرية خير معين للأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348287 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 110 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 239 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 163 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 608 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2561 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-12-2022, 03:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,282
الدولة : Egypt
افتراضي قضية الحس والذهن في النقد

قضية الحس والذهن في النقد


شذا جعفر الشردوب





مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فإن قضيةَ المحاكاة الشعرية للحِس والذهن، مسألةٌ نقدية تَعرَّض لها الكثيرُ من النقاد قديمًا وحديثًا من العرب وغيرهم، وسنَعرِض في هذه الورقات خلاصةَ الموقف النقدي للنقاد العرب القدامى، ثم نُقارن به موقفَ اثنين من النقاد المعاصرين؛ هما الدكتور محمد غنيمي هلال، والناقد الغربي جويو.

أولًا: خلاصة الموقف النقدي لدى النقاد العرب القدامى:
"أجمَع النقادُ - أو كادوا - على أن التشبيه ينبغي أن يتعلق بالمرئي"[1]، "ويبدو أن إصرار النقاد على الطابع الحِسي ناجمٌ مِن نظرتهم إلى التشبيه وكأنه محاكاةٌ لعناصر الطبيعة"[2].

فيقول قدامة: "مَن أتى في شعره بأكثر المعاني التي الموصوف مركبٌ منها، ثم بأظهرها فيه وأَولاها، حتى يَحكيه بشعره ويُمثله للحس بنَعتِه"[3].

ويقول ابن طباطبا: "واعلَم أن العرب أودَعت أشعارَها من الأوصاف والتشبيهات والحِكم، ما أحاطَت به معرفتُها وأدرَكه عِيانُها، ومرَّتْ به تجاربُها، وهم أهل وَبرٍ صُحونُهم البوادي، وسُقوفُهم السماءُ، فليستْ تَعدو أوصافُهم ما رأوه منها وفيها ... فتضمَّنتْ أشعارُها من التشبيهات ما أدرَكه من ذلك عِيانُها وحِسُّها إلى ما في طبائعها وأنفسها مِن محمود الأخلاق ومَذمومها، فشبَّهت الشيءَ بمثله تشبيهًا صادقًا"[4].
وهذا يؤكِّد ما رأيناه لدى قدامة من تأكيدِ كونِ التصوير مرئيًّا محسوسًا.

ونجد عند ابن سنان تعليلًا لهذا التوجه؛ إذ يقول: "والأصل في حُسن التشبيه أن يُمثَّلَ الغائبُ الخفيُّ الذي لا يُعتاد بالظاهرِ المحسوس المُعتادِ، فيكون حُسنُ هذا لأجل إيضاح المعنى وبيانِ المراد"[5].

إذًا؛ فاشتراطُ الحسِّ عند التصوير وتغليبه، هو مذهب النقاد القدامى؛ إذ نجد مثلَ هذا عند ابن رشيق أيضًا؛ حيث يقول: "التشبيه والاستعارة جميعًا يُخرجان الأغمضَ إلى الأوضح، ويُقرِّبان البعيد؛ كما شرَط الرماني في كتابه، قال: واعلَم أن التشبيه على ضربين: تشبيه حسنٌ، وتشبيه قبيحٌ، فالتشبيه الحسنُ هو الذي يُخرج الأغمضَ إلى الأوضح، فيُفيد بيانًا، والتشبيه القبيح ما كان على خلاف ذلك. قال: وشرحُ ذلك أن ما تقع عليه الحاسةُ أوضحُ في الجملة مما لا تقع عليه الحاسةُ"[6].

ولعل الاهتمام بالسامع والمتلقِّي هو ما دفَع النقادَ إلى هذا التشديد على الحِس، وهذا ما عبَّر عنه ابن الأثير بقوله: "وقد ثبَت وتحقَّق أن فائدة الكلام الخطابي هو إثبات الغرض المقصود في نفس السامع بالتخييل والتصوير، حتى يكاد ينظر إليه عِيانًا"[7].


إلا أننا نجد بين النقاد القدامى مَن خرَج على هذا العُرف النقدي، ومنهم ابن الأثير؛ إذ قال في تقسيمه لأنواع التشبيه: "تشبيه صورة بمعنى كقول أبي تمام:
وفتَكتَ بالمالِ الجزيلِ وبالعِدا *** فَتْكَ الصَّبابةِ بالمحبِّ المُغْرَمِ

فشبَّه فتكَه بالمال وبالعِدا - وذلك صورةٌ مرئيةٌ - بفتكِ الصَّبابة، وهو فتكٌ معنوي، وهذا القسم ألطفُ الأقسام الأربعة؛ لأنه نقلُ صورةٍ إلى غير صورةٍ"[8].
فتشبيهُ المادي بالمعنوي عنده دليلٌ على براعة الشاعر.

ولدى عبدالقاهر الجُرجاني رأي خاصٌّ في هذه القضية، ففي حديثه عن ضروب الاستعارة يذكُر: "ضرب ثالث وهو الصميم الخالص من الاستعارة، وحَدُّه أن يكون الشبه مأخوذًا من الصور العقلية، وذلك كاستعارة النور للبيان والحجة الكاشفة عن الحق المزيلة للشك .... وهذا كما تَعلَم شَبَهٌ لستَ تَحصُل منه على جنس (نوع)، ولا على طبيعة وغريزة، ولا على هيئة وصورة تدخُل في الخِلقة، وإنما هو صورة عقلية".
ثم يقول: "واعلَم أن هذا الضرب هو المنزلة التي تبلغ عندها الاستعارةُ غايةَ شرفِها"[9].

إذًا؛ فالجُرجاني يُفضِّل هذا النوعَ على غيره من أنواع الاستعارة، وهذا الضربُ من الاستعارات لا يَقدِر عليه كلُّ شاعرٍ، إنما مَن مَلَك بُعدَ النظر والفكر الثاقبَ، لذا؛ تجد فيه العامةُ غموضًا وقلةَ وضوحٍ، لذلك يقول: "وها هنا تَخلُصُ لطيفة روحانية، فلا يُبصرها إلا ذَوو الأذهان الصافية والعقول النافذة، والطباع السليمة، والنفوس المستعدة لأن تَعيَ الحكمةَ، وتَعرِف فصلَ الخطاب"[10].

والخلاصة أن موقف النقاد العرب القدامى من قضية الحس والذهن، اتَّسَم بالجمود والغلو والتشديد، والتركيز على جعل الصورة مرئيةً محسوسة، إلا أن البعض - كابن الأثير والجُرجاني - أسهَموا في التخفيف من هذا الغُلو والجمود، بما أضافوه إلى النظرة النقدية من إيثار للصورة العقلية في هذا الجانب.

فما هو موقف النقد الحديث من هذه القضية؟
سوف نناقش ذلك عند محمد غنيمي هلال أولًا، وذلك بالاستناد إلى عددٍ من النصوص المقتبسة من كتابه (النقد الأدبي الحديث)؛ يقول: "الصورة التعبيرية الإيحائية أقوى فنيًّا من الصور الوصفية المباشرة؛ إذ إن للإيحاء فضلًا لا يُنكر على التصريح"[11].

فهو إذًا يُفضِّل الصورة الموحية التي تحتاج إلى إعمال العقل على الصورة الحسية المباشرة، ويَعُدُّها أقوى في الإبداع، وهذا الرأي يتَّفق مع ما ذهب إليه الجُرجاني كما مرَّ آنفًا.

ويقول هلال أيضًا: "لا يَصِح بحال الوقوفُ عند التشابه الحِسي بين الأشياء مِن مرئيات أو مسموعات أو غيرهما، دون ربط التشابه بالشعور المسيطر على الشاعر في نقل تجربتِه، وكلما كانت الصورة أكثرَ ارتباطًا بذلك الشعور، كانت أقوى صدقًا وأعلى فنًّا، ولهذا مما يُضعِف الأصالةَ اقتصارُ الشاعر في تصوير شعوره على حدود الصورة المُبتذلة التي تقف عليها الحواسُّ جميعًا، والتي هي صورة تقليديةٌ، وذلك كتشبيه الخَدِّ بالتفاح أو الورد مثلًا"[12].



يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 06-12-2022 الساعة 04:20 PM.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 77.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 75.57 كيلو بايت... تم توفير 1.74 كيلو بايت...بمعدل (2.26%)]