|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#11
|
||||
|
||||
![]() الموافقات أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الجزء الخامس الحلقة (191) صـ171 إلى صـ 180 ومنه ألا يذكر للمبتدئ من العلم ما هو حظ المنتهي ، بل يربي بصغار [ ص: 171 ] العلم قبل كباره ، وقد فرض العلماء مسائل مما لا يجوز الفتيا بها وإن كانت صحيحة في نظر الفقه ، كما ذكر عز الدين بن عبد السلام في مسألة الدور في الطلاق لما يؤدي إليه من رفع حكم الطلاق بإطلاق ، وهو مفسدة . من ذلك سؤال العوام عن علل مسائل الفقه وحكم التشريعات ، وإن كان لها علل صحيحة وحكم مستقيمة ، ولذلك أنكرت عائشة على من قالت : لم تقضي الحائض الصوم ، ولا تقضي الصلاة ؟ وقالت لها : أحرورية أنت ؟ وقد ضرب عمر بن الخطاب صبيغا وشرد به لما كان كثير السؤال عن أشياء من علوم القرآن لا يتعلق بها عمل ، وربما أوقع خبالا وفتنة وإن كان صحيحا وتلا قوله تعالى : وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] فقال هذه الفاكهة فما الأب ؟ ثم قال : ما أمرنا بهذا . إلى غير ذلك مما يدل على أنه ليس كل علم يبث وينشر ، وإن كان حقا ، وقد أخبر مالك عن نفسه أن عنده أحاديث وعلما ما تكلم فيها ، ولا حدث بها ، وكان يكره الكلام فيما ليس تحته عمل ، وأخبر عمن تقدمه أنهم كانوا يكرهون [ ص: 172 ] ذلك فتنبه لهذا المعنى . وضابطه أنك تعرض مسألتك على الشريعة; فإن صحت في ميزانها; فانظر في مآلها بالنسبة إلى حال الزمان وأهله; فإن لم يؤد ذكرها إلى مفسدة فاعرضها في ذهنك على العقول; فإن قبلتها; فلك أن تتكلم فيها إما على العموم إن كانت مما تقبلها العقول على العموم ، وإما على الخصوص إن كانت غير لائقة بالعموم ، وإن لم يكن لمسألتك هذا المساغ; فالسكوت عنها هو الجاري على وفق المصلحة الشرعية والعقلية . فصل . هذه الفرق ، وإن كانت على ما هي عليه من الضلال; فلم تخرج من الأمة ، ودل على ذلك قوله : " تفترق أمتي " فإنه لو كانت ببدعتها تخرج من الأمة لم يضفها إليها . وقد جاء في الخوارج : " في هذه الأمة كذا " فأتى ب " في " المقتضية [ ص: 173 ] أنها فيها وفي جملتها . وقال في الحديث : " وتتمارى في الفوق " ولو كانوا خارجين من الأمة لم يقع تمار في كفرهم ، ولقال : إنهم كفروا بعد إسلامهم . [ ص: 174 ] فإن قيل : فقد اختلف العلماء في تكفير أهل البدع ; كالخوارج والقدرية وغيرهما . [ ص: 175 ] فالجواب : أنه ليس في النصوص الشرعية ما يدل دلالة قطعية على خروجهم عن الإسلام ، والأصل بقاؤه حتى يدل دليل على خلافه ، وإذا قلنا بتكفيرهم; فليسوا إذا من تلك الفرق ، بل الفرق من لم تؤدهم بدعتهم إلى [ ص: 176 ] الكفر ، وإنما أبقت عليهم من أوصاف الإسلام ما دخلوا به في أهله ، والأمر بالقتل في حديث الخوارج لا يدل على الكفر ; إذ للقتل أسباب غير الكفر ، كقتل المحارب والفئة الباغية بغير تأويل ، وما أشبه ذلك; فالحق ألا يحكم بكفر من هذا سبيله ، وبهذا كله يتبين أن التعيين في دخولهم تحت مقتضى الحديث صعب ، وأنه أمر اجتهادي لا قطع فيه; إلا ما دل عليه الدليل القاطع للعذر ، وما أعز وجود مثله . [ ص: 177 ] المسألة العاشرة النظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا كانت الأفعال موافقة أو مخالفة ، وذلك أن المجتهد لا يحكم على فعل من الأفعال الصادرة عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلا بعد نظره إلى ما يؤول إليه ذلك الفعل ، مشروعا لمصلحة فيه تستجلب ، أو لمفسدة تدرأ ، ولكن له مآل على خلاف ما قصد فيه ، وقد يكون غير مشروع لمفسدة تنشأ عنه أو مصلحة تندفع به ، ولكن له مآل على خلاف ذلك ، فإذا أطلق القول في الأول بالمشروعية; فربما أدى استجلاب المصلحة فيه إلى المفسدة تساوي المصلحة أو تزيد عليها; فيكون [ ص: 178 ] هذا مانعا من إطلاق القول بالمشروعية ، وكذلك إذا أطلق القول في الثاني بعدم مشروعية ربما أدى استدفاع المفسدة إلى مفسدة تساوي أو تزيد ، فلا يصح إطلاق القول بعدم المشروعية ، وهو مجال للمجتهد صعب المورد إلا أنه عذب المذاق محمود الغب جار على مقاصد الشريعة . والدليل على صحته أمور : أحدها : أن التكاليف - كما تقدم - مشروعة لمصالح العباد ، ومصالح العباد إما دنيوية وإما أخروية ، أما الأخروية فراجعة إلى مآل المكلف في الآخرة ليكون من أهل النعيم لا من أهل الجحيم ، وأما الدنيوية; فإن الأعمال - إذا تأملتها - مقدمات لنتائج المصالح; فإنها أسباب لمسببات هي مقصودة للشارع ، والمسببات هي مآلات الأسباب; فاعتبارها في جريان الأسباب مطلوب ، وهو معنى النظر في المآلات . لا يقال : إنه قد مر في كتاب الأحكام أن المسببات لا يلزم الالتفات إليها عند الدخول في الأسباب ، لأنا نقول - وتقدم أيضا - : أنه لا بد من اعتبار المسببات [ ص: 179 ] في الأسباب ، ومر الكلام في ذلك والجمع بين المطلبين ، ومسألتنا من الثاني لا من الأول; لأنها راجعة إلى المجتهد الناظر في حكم غيره على البراءة من الحظوظ; فإن المجتهد نائب عن الشارع في الحكم على أفعال المكلفين ، وقد تقدم أن الشارع قاصد للمسببات في الأسباب ، وإذا ثبت ذلك لم يكن للمجتهد بد من اعتبار المسبب ، وهو مآل السبب . والثاني : أن مآلات الأعمال إما أن تكون معتبرة شرعا أو غير معتبرة; فإن اعتبرت فهو المطلوب ، وإن لم تعتبر أمكن أن يكون للأعمال مآلات مضادة لمقصود تلك الأعمال ، وذلك غير صحيح; لما تقدم من أن التكاليف لمصالح العباد ، ولا مصلحة تتوقع مطلقا مع إمكان وقوع مفسدة توازيها أو تزيد . وأيضا; فإن ذلك يؤدي إلى ألا نتطلب مصلحة بفعل مشروع ، ولا نتوقع مفسدة بفعل ممنوع ، وهو خلاف وضع الشريعة كما سبق . والثالث : الأدلة الشرعية والاستقراء التام أن المآلات معتبرة في أصل المشروعية; كقوله تعالى : يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون [ البقرة : 21 ] . [ ص: 180 ] وقوله : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون [ البقرة : 183 ] . وقوله : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام الآية [ البقرة : 188 ] . وقوله : ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله الآية [ الأنعام : 108 ] . وقوله : رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل الآية [ النساء : 165 ] . وقوله : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج [ الأحزاب : 37 ] . وقوله : كتب عليكم القتال وهو كره لكم الآية [ البقرة : 216 ] . وقوله : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب [ البقرة : 179 ] . وهذا مما فيه اعتبار المآل على الجملة .
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |