
05-11-2022, 06:21 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,564
الدولة :
|
|
الأدوات التي تجزم فعلين
الأدوات التي تجزم فعلين
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن
من أدوات الجزم للفعل المضارع أدواتٌ تجزم فعلين، وهذا هو القسم الثاني من قسمَي الجوازم[1]، وتُسمَّى هذه الأدوات أدوات الشرط، وسميت بذلك؛ لأنها تفيد تعليق أمر على أمر آخر، كما سنبين إن شاء الله تعالى الآن، وتسمى الجملة التي بدأت بأداة الشرط أسلوب الشرط أو الجملة الشرطية.
إذًا يُمكِننا أن نستخلص من هذا أن الجملة الشرطية، أو أسلوب الشرط يتكوَّن من:
1- أداة الشرط، وهي إحدى الجوازم الثلاثة عشر التي تجزم فعلين، والتي قد تقدم ذكرها، وأداة الشرط هي التي تربط بين جملة الشرط، وجملة جواب الشرط الآتي ذكرهما.
2- جملة الشرط، وهي التي تلي أداةَ الشرط، وتحتوي على فعلٍ مضارع مجزوم، يسمى فعل الشرط، وسمي بذلك؛ لتعليق الحكم عليه، وكونه شرطًا لتحقق الثاني.
3- جملة جواب الشرط وجزائه، وتأتي بعد فعل الشرط، وتحتوي أيضًا على فعل مضارع مجزوم، يسمى جواب الشرط وجزاءه.
ولقد سمي جواب الشرط؛ لأنه مترتِّب على فعل الشرط، كما يترتب الجواب على السؤال.
وسمي جزاء الشرط؛ لأن مضمونه جزاءٌ لمضمون فعل الشرط.
إذًا أسلوب الشرط أو الجملة الشرطية تتكوَّن من أداة الشرط، وجملتين تربط بينهما أداة الشرط؛ ليتبيَّن أن حصول أُولَى هاتينِ الجملتين شرطٌ لحصول ثانيتهما.
ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فهذه الآية جملةٌ شرطية، وقد تكوَّنت مِن:
1- أداة الشرط (إن)، وقد جزَمت هذه الأداةُ فعلينِ مضارعين، سيأتي ذكرهما الآن إن شاء الله تعالى؛ وكانت (إن) هنا أداة شرط؛ لأنها أفادت تعليق نصر الله سبحانه لهذه الأمة بنصرها له سبحانه بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله.
2- جملة الشرط (تنصروا الله)، وقد وليت أداة الشرط (إن)، وقد احتوت على فعل مضارع مجزوم، هو (تنصروا)، وعلامة جزمه حذف النون؛ لأنه من الأفعال الخمسة، ويسمى هذا الفعل فعل الشرط؛ لتعليق نصر الله لهذه الأمة عليه، وكونه شرطًا لتحقق ذلك.
3- جملة جواب الشرط وجزائه (ينصركم)، وقد أتَتْ هذه الجملة بعد فعل الشرط (تنصروا)، وهي تحتوي على فعل مضارع مجزوم هو (ينصركم)، وعلامة جزمه السكون، ويسمى هذا الفعل جواب الشرط وجزاءه.
وقد سمي جواب الشرط؛ لأنه مترتِّب على فعل الشرط، كما يترتب الجواب على السؤال، فنصرُ الله لنا مترتِّب على نصرنا له سبحانه.
وسمي جزاء الشرط؛ لأن مضمونه جزاء لمضمون فعل الشرط، فنحن - أمةَ الإسلام - إذا نصَرْنا الله بفعل ما سبق ذكره، جزانا سبحانه بالنصر على الأعداء وتثبيت الأقدام.
وهذه الأدوات - كما سبق ذكرها - ثلاث عشرة أداة؛ هي: إن، ما، مَن، مهما، إِذْما، أي، متى، أيان، أين، أنَّى، حيثما، كيفما، (إِذَا، في الشعر خاصة).
وهذه الأدوات الثلاث عشرة كلُّها تجعل زمنَ الفعل المضارع الذي دخلت عليه للاستقبال، فهي عكس حرفَي الجزم السابق ذكرهما (لم، لما)، فقد ذكرنا أن هذين الحرفين يَقلِبَان زمن الفعل المضارع من الحال أو الاستقبال إلى المضيِّ.
وفيما يلي الكلام على هذه الأدوات بشيء من التفصيل.
الأداة الأولى من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (إِنْ):
(إِنْ) بكسر الهمزة وسكون النون[2]، من أدوات الشرط التي تجزم فعلينِ مضارعين، أحدُهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهي حرفٌ باتفاق النحاة، وهي تفيد تعليق وقوع جواب الشرط على وقوع فعل الشرط، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، وقد بدأنا بها؛ لأنها أم الباب، فهي أمُّ أدوات الشرط كلها؛ ولذلك كان غيرها من الأدوات مما يجزم فعلين إنما جزمهما لتضمُّنه معناها، فإن قلت مثلًا: مَن يزُرْنِي أكرِمْه، فإن المعنى: إن يزرْني أحدٌ أكرمْه.
ومثال جزم حرف الشرط (إِنْ) فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قولُه تعالى: ﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ﴾ [التوبة: 50]، فـ(إن) هنا حرف شرط جازم يجزم فعلين: الأول فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تصبك)، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تسؤهم)، وكلٌّ من هذين الفعلين علامةُ جزمه السكون.
وقد أفاد الحرف (إن) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (تسؤهم) على وقوع فعل الشرط (تصبك)، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل.
ومِن عمل (إِن) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجوابه: قولُه تعالى: ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ [النساء: 133]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ ﴾ [الإسراء: 54]، وقوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 284]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا ﴾ [النور: 54]، وقوله عز وجل: ﴿ إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً ﴾ [الشعراء: 4]، وقوله سبحانه: ﴿ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ﴾ [آل عمران: 120].
الأداة الثانية من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (إذما):
(إذما) من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهي أداة شرط موضوعة للدلالة على تعليق وقوع جواب الشرط وجزائه على وقوع فعل الشرط، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل، كـ(إِنْ) تمامًا[3]؛ ولذلك كانت حرفًا على الأصح: كـ(إن)[4].
ومثال عمل حرف الشرط (إذما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: "إذما تفعَلْ شرًّا تندم"، فقد جزم حرف الشرط (إذما) هنا فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تفعل)، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تندم)، وكلا الفعلين مجزوم بالسكون، وقد أفاد حرف الشرط (إذما) هنا - كما هو واضح - تعليق وقوع جواب الشرط (تندم) على فعل الشرط (تفعل)، من غير دلالة على زمان، أو مكان، أو عاقل، أو غير عاقل[5].
الأداة الثالثة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (مَنْ):
(مَنْ) بفتح الميم، وسكون النون[6]: اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لمن يعقل[7]، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو مبني على السكون[8].
ومثال عمل اسم الشرط (من) الجزمَ في فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2]، فقد جزم اسم الشرط (مَن) في هذه الآية فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يتقِ)، وعلامة جزمه حذف حرف العلة (الياء)، والكسرة على القاف دليل عليها، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (يجعل)، وعلامة جزمه السكون.
وقد أفاد اسم الشرط (مَن) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (يجعل)، على فعل الشرط (يتقِ)، فوجود المخرج والفرج من كل شدة ومشقة شرطُه أن يتقيَ الإنسان ربَّه عز وجل، فمن لم يتق الله، وقع في الشدائد والآصار والأغلال، التي لا يقدر على التخلُّص منها، والخروج من تبعتها.
وقد دلَّ اسم الشرط (مَن) هنا على العاقل؛ إذ إنه يعود على فاعل التقوى، وفاعل التقوى عاقلٌ[9].
الأداة الرابعة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (ما):
(ما): اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لغير العاقل، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو مبني على السكون.
ومثال عمل اسم الشرط (ما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: قولُ الله تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ﴾ [المزمل: 20]، فقد جزم اسم الشرط (ما) في هذه الآية فعلينِ مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تقدِّموا)، والثاني: جواب الشرط وجزاؤه، وهو هنا الفعل المضارع (تجدوه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط وجواب الشرط حذفُ النون؛ لأنهما من الأفعال الخمسة.
وقد أفاد اسم الشرط (ما) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (تجدوه) على فعل الشرط (تقدِّموا)، وقد دل اسم الشرط (ما) على غير العاقل؛ لأنه يعود على الشيء المقدَّم من الخير، وهو غير عاقل.
ومثال عمل (ما) الجزمَ أيضًا في فعل الشرط وجواب الشرط: قوله تعالى: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 197]، وقوله عز وجل: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾ [البقرة: 106].
الأداة الخامسة من أدوات الشرط التي تجزم فعلين مضارعين: (مهما):
(مهما) اسم شرط جازم، يجزم فعلين مضارعين، أحدُهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه، وهو في الأصل موضوع لغير العاقل كـ(ما)، ثم ضمِّن معنى الشرط، فجزَم، وهو أيضًا مبنيٌّ، وبناؤه على السكون.
ومثال عمل اسم الشرط (مهما) الجزمَ في فعلين مضارعين، أولهما فعل الشرط، والثاني جواب الشرط وجزاؤه: مهما تُنفِقْ في الخير يُخلِفْه الله، فقد جزم اسم الشرط (مهما) هنا فعلين مضارعين، أولهما: فعل الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (تنفِق)، وثانيهما: جواب الشرط، وهو هنا الفعل المضارع (يُخلفه)، وعلامة جزم كل من فعل الشرط (تنفق)، وجواب الشرط (يخلف): السكونُ.
وقد أفاد اسم الشرط (مهما) هنا - كما هو واضح - تعليقَ وقوع جواب الشرط (يخلفه) على فعل الشرط (تنفق)، فإخلاف الله لك مترتَّب على إنفاقك.
وقد دلَّ اسم الشرط (مهما) هنا على غير العاقل؛ إذ إنه يدل على الشيء المنفَق في الخير، وهو غير عاقل.
ومثال عمل (مهما) الجزمَ كذلك في فعل الشرط وجواب الشرط: قول زهير بن أبي سُلْمى:
ومهما تكُنْ عند امرئٍ مِن خليقةٍ ♦♦♦ وإن خالَها تَخفَى على الناس تُعلَمِ
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|