المعايير النصية الخارجية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4942 - عددالزوار : 2041141 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4516 - عددالزوار : 1310567 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1109 - عددالزوار : 129464 )           »          زلزال في اليمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 4854 )           »          ما نزل من القُرْآن في غزوة تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أوليَّات عثمان بن عفان رضي الله عنه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          القلب الطيب: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          رائدة صدر الدعوة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          طريق العودة من تبوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 24-10-2022, 11:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,763
الدولة : Egypt
افتراضي المعايير النصية الخارجية

المعايير النصية الخارجية
بوطاهر بوسدر




(تابع)



ثالثًا: المقصدية éIntentionalit:
ترتبط المقصدية في اللغة بعدة دلالات، فابن فارس في "مقاييسه" يُورد ثلاثة أصولٍ للقصد، يدلُّ أحدُها على إتيان شيء وأَمِّه، والآخرُ على اكتنازٍ وامتلاءٍ في الشيء، والثالثُ يدلُّ على الكسر[1].

وهناك دلالات أخرى؛ كالاستقامة، والتبيين، والسهولة، والعدل، والاعتدال؛ ففي "اللسان": "القصد: استقامة الطريق، قصَد يقصِد قصْدًا، فهو قاصد، وقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ ﴾ [النحل: 9]؛ أي: على الله تبيين الطريق المستقيم... وطريق قاصد: سهل مستقيم... والقصد: العدْل... والقصد في الشيء: خلاف الإفراط، وهو ما بين الإسراف والتقتير" [2].

أمَّا في الاصطلاح، فالمقصد يختلف من مجالٍ إلى مجالٍ، ففي الاصطلاح الشرعي: المقصد: هو الأهداف التي يسعى الشَّرْع إلى تحقيقها في حياة الناس من خلال الأحكام الشرعية، إنها "الغايات التي وُضِعت الشريعة لأجل تحقيقها، لمصلحة العباد"[3].

أما عند أهل البلاغة والنقد، فالقصد مرتبط بنيَّة المتكلِّم، وما يُريد تبليغَه، وغايته من كلامه، وقد ناقش العرب مفهوم القصد أو المقصدية في أبواب مختلفة من مؤلَّفاتهم، كما نجد في مباحث الخبر والإنشاء، ومثال ذلك ما نجد عند الجُرجاني الذي تناول مقاصد المتكلِّم بالدراسة، وقسَّمها إلى مقاصدَ ظاهرةٍ، ومقاصدَ خفيةٍ، فالأُولى سمَّاها المعنى، والثانية سمَّاها معنى المعنى، وهو يقصدبالمعنى "المفهومَ من ظاهرِ اللفظِ والذي تَصِلُ إليه بغير واسطة، و"بمعنى المعنى": أن تَعْقِل من اللفظِ معنًى، ثم يُفضي بكَ ذلك المعنى إلى معنى آخرَ"[4].

كما اتَّفق أهل البلاغة على ضرورة توافُر القَصْد في الكلام، "فالدلالة عندهم هي فهم المقصود، لا فهم المعنى مطلقًا"[5].
ويجعل أبو هلال العسكري القصد مُرادِفًا للمعنى؛ حيث يقول: "المعنى هو القصْد الذي يقع به القول على وجهٍ دون وجهٍ، فيكون معنى القصد ما تعلَّقَ به الكلام"[6].

كما جعل العرب القصْد معيارًا للتفريق بين الخبر والإنشاء، فالخبر: هو الكلام الذي يُقصَد فيه المطابقة بين النسبة الكلامية والنسبة الخارجية، والإنشاء: هو الكلام الذي لا يُقصد فيه ذلك، وهذا المعيار اقترحه "إبراهيم الشيرازي" في "شرح اللمع"، وأكد عليه مجموعة من العلماء، ومنهم "الدسوقي" في شرحه لمختصر التفتازاني[7]، وبدخول القصْد في دراسة الخبر والإنشاء دخلت هذه الدراسة إلى حيِّز التداولية.

أما في الاصطلاح النقدي والنصِّي، فجذور المقصدية أو القصدية تعود للعصور الوسطى؛ حيث "سادت نظرية القصد في فكر فلاسفة الأوربيين، ثم طوَّر "هوسرل" هذه النظرية حتى أصبحت أساسًا معرفيًّا لفلسفته الظاهرية"[8]، ويرى "هوسرل" أن للنصِّ الأدبي قصديةً في ذهن ووعي المؤلِّف، يترجمها من خلال اللغة.

وهكذا فالنصُّ الأدبي عند "هوسرل" "سيكون تجسيدًا محضًا لمظاهر العالم والحياة كما تجلَّت في وعي المؤلِّف، وسوف يثبت المعنى في هذا النص (مرة واحدة وإلى الأبد، وهو يتطابق مع الموضوع الذهني الذي يحمله المؤلِّف في عقله، أو يقصده وقت الكتابة)[9].

إلا أن الإغراق في فكرة المقصدية يجعل القارئ مجرد مستقبِل سلبيٍّ لما في ذهن المبدع الذي يتحوَّل إلى مُبلِّغ وناقل للوقائع، وهذا يعني أن الأدب مجرد أداة للتوصيل أو سجل للحفظ؛ من أجل هذا لا بدَّ من التقليل من شأن المقصدية، تلك المقصدية الكلية على الأقل، فالإبداع لا يكون صورةً واضحة المعالم في ذهن المبدع، بل إن الشاعر مثلًا يلج عالم القصيدة ليجد نفسه أمام احتمالات عديدة، ومشاريع مختلفة، ومسارات مُتعدِّدة، وعليه أن يتفاعل آنيًّا معها، وهذا يعني غياب أو تراجع المقصدية الكلية في عملية الإبداع.

إن البحث في القصد أو المقصدية عرَف اهتمام باحثين آخرين، منهم "غرايس" الذي فرَّق بين حالات تحمل دلالة مقصدية، وحالات تكون بلا قصد؛ "فتراكُم الغمام يدلُّ على أنَّ السماء قد تُمطر، وهو حدث له دلالة ليس وراءها قصْد، أما قولنا لأحد الناس: "اقرأ"، أو: "أغلِق الباب"، فهو قولٌ ذو دلالة مقصدية واضحة"[10]، وهذا يعني أن المقصدية مبحث تداولي يرتبط بمباحث التداولية؛ ولذلك يصِفُ البعض التداولية بأنها "دراسة الطرق التي تتجلَّى بها المقاصد في الخطاب، ومن أبرز الخطابات التي تدلُّ على ذلك تلك الخطابات التي تشتمل على الأفعال اللغوية، سواء أكانت تقف عند المستوى الإنجازي، أم تتجاوزه إلى المستوى التأثيري"[11].

لقد أصبحت المقصدية عند البعض منهجًا نقديًّا، فــ"جيروم" تطرَّق في كتابه "النقد الفني" لمجموعة من المناهج النقدية، وكان منها المنهج القصدي؛ أي: ذلك المنهج الذي يهتمُّ بمقصد المؤلِّف وكيفية تعبيره عن هذا المقصد، ويؤكد "جيروم" أن النقد القصديَّ له إرهاصات في القرن الثامن عشر، كما نجد عند "بوب" و"جونسون"، وهو حاضر في نظريات أدبية، منها الرومانسية التي أولت الاهتمام بشخصية الفنان وعبقريته[12].

وقد فرَّق "جيروم" بين القصد النفسيِّ والقصد الجمالي، فالأول مرتبط بالمؤلِّف؛ أي: ذلك التصوُّر القَبْلي للعمل في ذهن المبدع قبل الإبداع، أما الثاني فمرتبط بالنصِّ نفسه، ويرى "جيروم" أن القصد النفسيَّ قد يكون مضلِّلًا في تفسير العمل الفني؛ وذلك لأنه يصعُب الوصول لهذا القصد، كما أنه قد يكون قصدًا متعدِّدًا، ومُتغيِّرًا أثناء التجربة الإبداعية، أمَّا القصد الجمالي، فهو قصد العمل الذي "يحثُّ الناقد على أن يتساءل: ماذا يحاول هذا العمل أن يُحقِّقه بوصفه أداةً للتعبير الجمالي؟"[13]، وإذا وضع الناقد يده على قصد العمل، انتقل إلى التساؤل عن مدى تحقيق العمل لهذا القصد، مما يفرض المقاربة الداخلية.

وفي لسانيات النص نجد أن القصدية مع "بوجراند" تتضمَّن "موقف مُنشئ النصِّ من كونه صورةً ما من صور اللغة، قصد بها أن تكون نصًّا يتمتَّع بالسَّبْك والالتحام، وأنَّ مثل هذا النَّص وسيلةٌ من وسائل متابعة خُطَّة معينة للوصول إلى غاية معيَّنة"[14]، ويعني هذا أنَّ "منشئ النَّص ينسج نصَّه باستخدام الوسائل اللغويَّة الملائمة، فهو يستثمِرُ نَصَّه ليُقدِّمه للقارئ محبُوكًا ومتماسِكًا يحقِّق فيه مقاصده"[15].

رابعًا: المقبولية éAcceptabilit:
يرتبط هذا المعيار بالمتلقي أساسًا، وبمدى قبوله للنص، وهذا يعني ارتباطه بالتداولية، مثله مثل معيار المقصدية، فهذان المعياران يؤكِّدان تداولية النص أو الخطاب، وهما مرتبطان لدرجة يصعُب معها أحيانًا الفصل بين المقصدية عند المتكلِّم، والمقبولية عند المتلقي، هذا بالإضافة إلى أنَّ "الجوانب المقصديَّة والمقبولية لا غِنى عنها في تشكيل الخطاب وفهمه"[16].

يرى "بوجراند" أن المقبولية أو التقبلية تتضمَّن "موقف مستقبِل النص إزاء كون صورةٍ ما من صور اللغة ينبغي لها أن تكون مقبولةً، من حيث هي نصٌّ ذو سَبْك والتحام"[17]، وتتوقَّف التقبلية على مجموعة من العوامل، منها ما يتعلَّق بالنص في ذاته، كاتِّساقه وانسجامه، ومنها ما يتعلَّق بالسياق حيث "يؤكِّد جُلُّ علماء النص أنَّ أحد معايير الحكم على النص بالقبول هو مدى ملاءمته للسياق الذي يرِد فيه"[18]، هذا بالإضافة إلى معرفة المتلقي وخلفيته الفكرية وعلاقته ومعرفته بنوع النص ومنتجه.

إن المقبولية تختلف من مُتلَقٍّ لآخَر، وهذا يعني أن النص الواحد قد يُحقِّق معيار التقبلية عند مُتَلقٍّ، ولا يُحقِّقه عند آخَر، مما يحيل على اختلاف القرَّاء والمتلقِّين بصفة عامة، وتجدُر الإشارة إلى أن المتلقِّي لا يكون حازمًا وصارمًا في تقبُّله للنصِّ بحيث إذا وجد ما يخلُّ باتِّساقه وانسجامه رَفَضَه، بل على العكس من ذلك، في كثيرٍ من الحالات يسعى المتلقِّي لتقبُّل النصِّ من خلال العمل على سدِّ ثغراته التي قد تكون مقصودةً من المؤلِّف في بعض الأحيان.

إن عمل المتلقِّي في هذه الحالة يُشبه من جهة التداولية مبدأ التعاون[19] الذي جاء به "غرايس" في نظريته التداولية عن المحادثة؛ إذ إن المتكلم لا يقول كلَّ شيء، بل يعتمد على تعاون المتلقِّي من أجل الوصول لمقصده وتحقيق التواصُل؛ كما يشبه من جهة النقد ما نجد في نظرية التلقِّي من أنواع القرَّاء، وخاصةً القارئ الأعلى مع "ريفاتير"، والقارئ الضمني مع "أيزر"، والقارئ النموذجي مع "أمبيرتو أيكو".

لا شكَّ أن العرب القدامى كان لهم مساهمة في قضية المقبولية، فنجدهم يقبلون التركيب ويرفضونه حسب قواعد نحوية ودلالية؛ فمثلًا في كتاب "سيبويه" نجد بابًا بعنوان: "هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة"، قال فيه: "فمنه [من الكلام] مستقيم حسن، ومحال، ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب؛ فأمَّا المستقيم الحسن، فقولك: أتيتك أمسِ، وسآتيك غدًا، وأمَّا المحال، فأنْ تنقض أوَّل كلامك بآخِره، فتقول: أتيتُك غدًا، وسآتيك أمسِ، وأمَّا المستقيم الكذب، فقولك: حملتُ الجبل، وشربتُ ماء البحر، ونحوه، وأمَّا المستقيم القبيح، فأن تضع اللفظ في غير موضعه؛ نحو قولك: قد زيدًا رأيت، وكي زيد يأتيك، وأشباه هذا، وأمَّا المحال الكذب، فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمسِ"[20].

لقد درس هذا النصَّ عددٌ من الدارسين قديمًا وحديثًا، ففي القديم تناوله بالشرح والتفسير[21] "أبو سعيد السيرافيُّ" (ت 368 هـ) في شرحه لكتاب "سيبويه"، و"أبو هلال العسكريُّ" (ت 395 هـ) في كتابه "الصناعتين"، و"الشنتمري" (ت 476 هـ) في "النكت في تفسير كتاب سيبويه"، وحديثًا حاول بعض الباحثين دراسة كلام سيبويه، ومنهم "ميشال زكريا"[22]،و"حماسة عبداللطيف"[23]، و"نهاد الموسى[24]"، ويؤكد جميع الباحثين على اعتماد "سيبويه" على معايير لقبول الكلام واستقامته، رغم اختلافهم في طبيعة هذه المعايير: هل هي نحوية أم دلالية؟
يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.81 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.00%)]