
18-09-2022, 02:22 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,443
الدولة :
|
|
رد: المحرر في أسباب نزول القرآن ___ متجدد

المحرر في أسباب نزول القرآن
المؤلف: خالد بن سليمان المزيني
المجلد الاول
سورة التوبة
من صــ 608 الى صـ 616
الحلقة (99)
101 - قال الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (114)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
1 - أخرج البخاري وأحمد ومسلم والنَّسَائِي عن المسيب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة، جاءه رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فوجد عنده أبا جهل ابن هشام، وعبد اللَّه بن أبي أمية بن المغيرة، قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي طالب: (يا عَمِّ قل لا إله إلا اللَّه، كلمة أشهد لك بها عند اللَّه). فقال أبو جهل وعبد الله بن أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب، فلم يزل رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعرضها عليه، ويعودان بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب. وأبى أن يقول: لا إله إلا اللَّه. فقال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أما واللَّه لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك) فأنزل اللَّه فيه: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ .. ).
2 - وأخرج أحمد والترمذي والنَّسَائِي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: سمعت رجلاً يستغفر لأبويه وهما مشركان. فقلت: أيستغفر الرجل لأبويه وهما مشركان؟ فقال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فذكرت ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منزلت: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) إلى قوله: (تَبَرَّأَ مِنْهُ) قال: (لما مات).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هاتين الآيتين الكريمتين وقد أورد جمهور المفسرين هذين الحديثين وغيرهما في سبب النزول منهم الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير.
أما حديث علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فقد تبين من دراسة إسناده أنه حديث ضعيف لا ينهض للاحتجاج به. ولهذا قال ابن العربي بعد روايته: (وهذه أضعف الروايات) اهـ.
وأما حديث المسيّب في قصة أبي طالب فقال عنه ابن العربي بعد سياقه لعدد من الروايات: (وإما أن تكون الرواية الأولى هي الصحيحة ويخبر به عما فعل النبي، وينهى المؤمنين أن يفعلوا مثله تأكيداً للخبر، وسائر الروايات محتملات) اهـ.
وقد نبه ابن عطية على أن حديث أبي طالب هو سبب النزول عند جمهور العلماء فقال: (واختلف المفسرون في سبب هذه الآية. فقال الجمهور ومداره على ابن المسيب وعمرو بن دينار، نزلت في شأن أبي طالب. ثم ساق الحديث) اهـ.
لكن أبى بعض أهل العلم أن يكون سبب نزولها قصة أبي طالب. فقد نقل القرطبي: عن الحسين بن الفضل أنه قال: (وهذا بعيد؛ لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام، والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمكة) اهـ.
وقال ابن عاشور: (وأما ما روي في أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في استغفار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي طالب أو أنها نزلت في سؤاله ربه أن يستغفر لأمه آمنة حين زار قبرها بالأبواء فهما خبران واهيان لأن هذه السورة نزلت بعد ذلك بزمن طويل) اهـ.
ولم يكتف بتوهية الحديث الثابت في الصحيحين بل زاد على ذلك قولاً لم يدل عليه دليل صحيح فقال: (ولعل المسلمين لما سمعوا تخيير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الاستغفار للمشركين ذهبوا يستغفرون لأهليهم وأصحابهم من المشركين طمعاً في إيصال النفع إليهم في الآخرة فأصبح ذلك ذريعةً إلى اعتقاد مساواة المشركين للمؤمنين في المغفرة فينتفي التفاضل الباعث على الرغبة في الإيمان فنهى الله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمؤمنين معاً عن الاستغفار للمشركين بعد أن رخصه للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة في قوله: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) اهـ.
وتبعهم على ذلك الحافظ ابن حجر فقد ذكر عدداً من التعليلات أسوقها باختصار:
1 - (قال ويظهر أن المراد أن الآية المتعلقة بالاستغفار نزلت بعد أبي طالب بمدة، ويوضح ذلك ما سيأتي في التفسير بلفظ (فأنزل اللَّه بعد ذلك) (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا).
2 - أن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقًا. يعني والآية مدنية.
3 - ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية. والأصل عدم تكرر النزول. اهـ.
هذا خلاصة ما احتج به على ذلك، وقوله هذا يتضمن قول الحسين بن الفضل وابن عاشور وحينئذٍ سيكون البحث فيما ذكر جواباً للجميع.
أما قوله: (سيأتي في التفسير بلفظ (فأنزل اللَّه بعد ذلك) فلم أجد هذا في التفسير لا في سورة براءة ولا في سورة القصص.
ولو فرضنا جدلاً أنه قد وُجِد فلا يصح الاستدلال بهذا اللفظ على تأخر النزول لأن النزول لن يكون إلا بعد الحدث فالبعدية لا بد منها، لكن هل هي بعدية قريبة أو بعيدة؟ هذا أمر لا يمكن العلم به من هذا اللفظ، وإذا وجد الاحتمال سقط الاستدلال.
ثم الحافظ - رحمه الله - ناقض نفسه لأن معنى قوله: (فأنزل اللَّه بعد ذلك) أنه يرى أن القصة سبب لنزول الآية، لكن النزول تأخر، فكيف يتفق هذا مع قوله: إن الآية نزلت في استغفار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأمه، والأصل عدم تكرر النزول.
وأما قوله: (إن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقاً) وقول ابن عاشور: لأن هذه السورة نزلت بعد ذلك بزمن طويل.
فيقال: لا ريب أن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقًا، لكن هل يملك أحدٌ الاتفاق على أن هاتين الآيتين قد نزلتا بالمدينة ولم تنزلا في مكة؟
الجواب: قطعاً لا، فقد ذكر السيوطي في الإتقان: (أن بعضهم استثنى هاتين الآيتين من النزول بالمدينة لما ورد أنها نزلت في قوله - عليه الصلاة والسلام - لأبي طالب (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك)) اهـ.
ثم إذا كان الأمر محتملاً لنزول هاتين الآيتين في مكة بعد القصة مباشرة، وقال بهذا بعض أهل العلم، والقرائن التي ترجحه عديدة، أفيسوغ بعد هذا أن يحكم على هذا الحديث الذي رواه الشيخان وغيرهما بأنه خبر واهٍ كما قاله ابن عاشور؟
أو يسوغ أن تلغى دلالة الحدث على السببية ويحتج بغيره كما فعله ابن حجر؟
أما قوله: إنه ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استأذن ربه أن يستغفر لأمه فنزلت الآية.
فقد ذكر أدلة لذلك ثم قال: (فهذه طرق يعضد بعضها بعضاً).
فمنها حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: خرج رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومًا إلى المقابر ... فذكره.
قال الذهبي عنه: (هذا من غرائب الحديث).
وقال ابن كثير: (غريب).
ومنها حديث بريدة: قال كنت مع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ وقف على عسفان فنظر يميناً وشمالاً فأبصر قبر أمه آمنة فذكر الحديث.
ومنها حديث ابن عبَّاسٍ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر فذكر الحديث.
قال ابن كثير: (وهذا حديث غريب وسياق عجيب).
وهذه الأحاديث الثلاثة قد أوردها السيوطي في الدر المنثور.
ومع هذه الغرابة التي ذكرها العلماء في هذه الأحاديث. فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قال رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (استأذنت ربي أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي).
وفي لفظ آخر: قال: زار النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: (استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأُذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الموت).
فهذا حديث زيارته واستئذانه في الاستغفار وليس فيه ذكر لنزول الآية، فكيف يقال ثبت من أحاديث تقدم حالها، ويترك هذا الحديث، وحديث المسيب في قصة مرض أبي طالب؟
وإذا ثبت هذا فاعلم أن قصة ألى طالب في مرضه ووفاته وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) هي سبب نزول هاتين الآيتين الكريمتين.
والذي حمل النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هذا علمه - عليه الصلاة والسلام - بقول إبراهيم لأبيه: (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا) فظن - عليه الصلاة والسلام - أن هذا يسوغ له مع عمه فبين الله له عذر إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -.
ومما يدل على أن القصة سبب النزول قوله: (أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخشى النهي ويتوقعه، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يتأخر النزول هذا الزمن الطويل؛ لأن براءة من آخر القرآن نزولاً، أو يتأخر النهي حتى يزور قبر أمه، هذا بعيد.
ثم أيضاً مما يدل على أن زيارته لقبر أمه لا صلة لها بالموضوع، أن استغفاره لعمه كان اتباعاً لإبراهيم - عليه السلام - في استغفاره لأبيه، وهذا الاتباع في تلك الخصلة قد انقطع بنزول آية الممتحنة: (إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) والآية مدنية، وزيارة قبر أمه كان بعد الهجرة بل بعد إسلام أبي هريرة لأنه راوي الحديث، والله ينهى عن اتباع إبراهيم في تلك الخصلة، ويبين أنه ليس أُسوة فيها، فكيف يستغفر وبين يديه ما ترى؟
فإن قال قائل: ما تقول في استئذانه ربه أن يستغفر لأمه، وأنت تقول إن الآية نزلت في أبي طالب في مكة فكيف طلب الإذن؟
فالجواب: أن طلب الإذن لا يكون إلا من ممنوع، ولهذا قبل أن ينزل المنع قال: أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك.
ثم إن طلب الإذن في استغفاره لأمه بعد نزول الآية في أبي طالب ليس فيه إشكال لأن أبا طالب أدرك الدعوة والرسالة فلم يؤمن بخلاف أمه التي ماتت وله ست سنين فظن - عليه الصلاة والسلام - أن هذا الفرق مؤثر فاستأذن ربه في الاستغفار لها، فنهاه الله عن ذلك بدون قرآن.
* النتيجة:
أن استغفار رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمه أبي طالب هو سبب نزول الآيتين الكريمتين، لصحة سنده، وموافقته لسياق القرآن، وميل جمهور العلماء إليه وتصريحه بالنزول واللَّه أعلم.
***********
102 - قال الله تعالى: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (120)
* سَبَبُ النُّزُولِ:
أخرج البخاري وأحمد ومسلم والترمذي والنَّسَائِي عن كعب بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يحدث حين تخلف عن قصة تبوك فواللَّه ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومي هذا كذبًا، وأنزل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ) - إلى قوله - (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
* دِرَاسَةُ السَّبَبِ:
هكذا جاء في سبب نزول هذه الآيات الكريمة. وقد أورد جمهور المفسرين هذا الحديث في سبب نزول الآيات فمنهم من ساق الحديث بطوله، ومنهم من أشار إليه إشارة، ولم يسقه بتمامه، ومن هؤلاء الطبري والبغوي وابن العربي وابن عطية والقرطبي وابن كثير والسعدي وابن عاشور.
قال القرطبي: (وذلك أن المنافقين لم تقبل توبتهم، واعتذر أقوام فقبل عذرهم، وأخر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هؤلاء الثلاثة حتى نزل فيهم القرآن) اهـ.
وقال ابن عاشور: (والتعريف في (الثلاثة) تعريف العهد، فإنهم كانوا معروفين بين الناس وهم كعب بن مالك من بني سَلِمة، ومرارة بن الربيع العمري من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أُمية الواقفي من بني واقف، كلهم من الأنصار تخلفوا عن غزوة تبوك بدون عذر، ولما رجع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غزوة تبوك سألهم عن تخلفهم فلم يكذبوه بالعذر ولكنهم اعترفوا بذنبهم وحزنوا. ونهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الناس عن كلامهم، وأمرهم أن يعتزلوا نساءهم ثم عفا عنهم بعد خمسين ليلة، وحديث كعب بن مالك في قصته هذه مع الآخرين في صحيح البخاري مسلم طويل أغر) اهـ.
* النتيجة:
أن سبب نزول الآيات الكريمة ما جاء في قصة كعب بن مالك وصاحبيه - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لصحة السند، وموافقة السياق القرآني، وإجماع المفسرين عليه والله أعلم.
* * * * *
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|