|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() النص بين النسق والسياق (كتاب الكتاب في تعلم العربية - الجزء الثاني أنموذجا) غدير عبدالمجيد عبد الله الخدام تعرضُ هذه الورقةُ لمعنى كلٍّ مِن السياق والنسق، إضافةً إلى أهم الأنساق اللُّغوية، ثم تستعرض عشرةَ نصوصٍ مِن كتاب: (الكتاب في تعلم العربية/ الجزء الثاني)، في محاولة للوقوف على السياق الثقافي فيها، والتوقف عند أهم الأنساق التي لوحظت في كل نص من نصوص الكتاب. أولاً: معنى السياق والنسق: أ) معنى السياق: لا بد من الإشارة إلى أن هناك نوعينِ من المعاني لكلمة السياق: الأول: هو المعنى المرتبط بالواقع المادي. والثاني: هو المعنى المعنوي الذي جاء بعد المعنى المادي أو الحسي. ومن معاني كلمة الساق[1]: (الساق لكل شجر وإنسان وطائر). ومن المعاني أيضًا: قام فلانٌ على ساقٍ[2]، فالعرب كانوا يذكرون الساقَ إذا أرادوا شدَّة الأمر والإخبار عن هولِه، يقال: (قام القوم على ساقٍ، يريدون الكدَّ والمشقة)، ويكنَّى عن الساق بالنفس، مثلما ورد عن علي بن أبي طالب في حرب الشراة عندما قال: (لا بد لي من قتالهم ولو تلفت ساقي). ومِن المجاز[3]: هو يسوق الحديث أحسنَ سياق، وكذلك ساق الحديث وسرَده، وسياق الكلام: أسلوبه ومجراه. والسياق يعني[4]: تعاقب سلسلة مِن الظاهرات في وحدةٍ؛ كتعاقب الظاهرات الفيسيولوجية والسيكولوجية. ويقال[5]: وقعتْ هذه العبارة في سياق الكلام؛ أي مُدْرَجة فيه. ومجرى الأحداث في رواية أو مسرحية[6] أو تسلسل الأحداث مترابط؛ بحيث تتألف منها حبكة ببداية وتنامٍ ونهاية، يطلق على هذه العملية مسمى: سياق، كما توجد قاعدة وضعها أرسطو تقتضي ألا يكون للروايةِ أو المسرحية سوى حبكةٍ واحدة، وهي قاعدة (وحدة السياق)، وقد أقرَّها الكلاسيكيون في منتصف القرن السابع عشر، وطوَّرها الرومانسيون مع محافظتهم على وحدة الإثارة. (ب) معنى النسق: وللنسق مَعنيانِ أيضًا؛ أحدهما مادي والآخر معنوي، ومن معاني النسق[7]: نسق ينسق نسقًا، فهو ناسق، والمفعول منسوق، ونسَق ونسَّق، ومنه التنسيق، بمعنى واحد، وهو التنظيم، ونسقتُ الكلام نسقًا: عطفتُ بعضه على بعض ورتَّبته، وهذا كلام متناسق، وقد تناسق. والنسق[8]: مجموعة من العناصر يرتبطُ بعضها ببعض؛ بحيث تكون كلًّا منظمًا، وتتالت آراؤه في نسق فكري، وتناسقت وانتسقت، وتنسقت؛ أي تتابعتْ. والنسق اللفظي هو[9]: الترتيب النَّحْوي للكلمات في الجملة أو العبارة. والتنسيق هو[10]: ترتيبُ أجزاءٍ شتى وتنظيمُها، من أجل الحصول على كلٍّ متماسك مترابط، أو تنظيمُ الأعمال في مؤسسة أو مشروع أو إدارة، على نحوٍ يكفُلُ حسنَ سيرها، ويحقق الانسجام بين عناصرها. والسؤال: ما الرابط بين النسق والسياق[11]؟ "السياق متشعبٌ واسعُ المعاني، يغوص في أعمق أعماق الحياة الإنسانية، والنسق يتولَّى تنظيم هذه الحياة، ويعمل النسقُ على التنظيم المؤسسي الفاعل، في حين يبرز السياق كقوةٍ مؤسسة، ويأتي النسق لينظِّم الاتجاهات المتنوعة داخل البيت المؤسسي أو السياقي، والعَلاقة بينهما عَلاقةُ الكليات بأجزائها؛ حيث الكليات سياقٌ والأجزاء أنساقٌ، والنص سياقٌ يحيل إلى دلالات متنوعة تتشابك في منظومة متكاملة إلى أن تبلغَ الدلالة الكلية، بينما النسق تفرُّعات النص الداخلية تتحاور داخله وتتجاور، محدثة نقاشًا عميقًا، وربما انتهتْ إلى دلالات متخالفة متضادَّة، إنما تصب في الدلالة الكلية النهائية، وقد يُحدث أحيانًا اهتزازًا في سلطة اللغة، لكن ذلك يؤدي إلى تكوُّن ونُشُوء سلطة جديدة غالبًا، ولنا في مثال الرسالة المحمدية خيرُ شاهدٍ على ذلك؛ إذ إنَّ الحياة العربية سارتْ ردحًا طويلًا وَفْق سلطة لُغَوية محدَّدة، ثم بزَغ الفجر الإسلاميُّ بسلطة جديدة، أزاحتْ جانبًا السلطةَ الجاهلية المغروسة في نفوس أهلها". "السياق السُّلطوي الإسلامي قاد المرحلة الراهنة آنذاك، ولم يستنسخْ قواعد اللعبة الجاهلية، بل أوجد قواعدَ جديدةً سار الناس وَفْقَها في تنظيم جميع شؤونهم؛ حيث رسم طريق المؤمنين منذ لحظة ميلادهم وصولًا إلى نتيجة حيواتهم الكلية إما الجنة وإما النار". "وفي الطرفِ الأخير البعيد وجدت التكتلات المناهضة للسلطة القادمة من السماء؛ حيث أصرت على اتباع السلطة اللُّغوية القديمة الجاهلية مسترشدة بها، وهذا ما ولَّد نسقًا ونسقًا مضادًّا داخل السياق اللُّغوي، استمر فترة مِن الزمان ثم تلاشى النسق المضاد بعد أن وهنت قواه وخارت عزيمته، فآثر الاستسلام للوافد الجديد وانضم إليه، فأصبح السياق اللُّغوي سياقًا إسلاميًّا مهيمنًا على العقلية العربية، واختفى النسق المضاد أو كاد". ويقول محمد بن زيان في مقالةٍ له بعنوان في النقد الثقافي[12]: (إنَّ النص الإبداعي يرجع إلى نسق وسياق، وبين النسق والسياق عَلاقةٌ جدلية تفاعلية؛ فالنسق متَّصِل بالتشكل عبر التراكم التاريخي لمنظومة الأفكار والعلامات، والتشكل يحدث خلال سياقات، والسياقات متصلة بأنساق قيمية وثقافية، وإحالة النص مرتبطة بمكونات ومؤثرات يظل المبدع يكابد لكيلا يظل أسيرًا لها). ولا شك أن ثمة ارتباطًا بين الخطاب والأنساق الثقافية[13]؛ "لأن جميع الأنساق الثقافية تهدفُ إلى إيصال رسالة ما، ولكي تقوم بعملها لا بد من توفر المرسل والمستقبل والخطاب، وهو الرسالة المراد إيصالها"، فما هو الخطاب؟ الخطاب هو[14]: "نسق إمكانية الوصول إلى المعرفة"، فهو يشمل كل أشكال الحياة الثقافية وقطاعاتها؛ حيث تتعدَّد الخطابات وتتنوع؛ مثل الخطاب السياسي، أو الأدبي، أو الديني، أو الإعلامي، وغيرها، فكل أنواع الخطاب تنضوي في السياق الشمولي أو الخطاب (خطاب الثقافة). وقد احتوت الثقافة العربية على ثلاثة أنساق متقاطعة؛ هي[15]: • نسق الفضائل الدينية. • نسق الفضائل القبلية الثقافية. • نسق قبائلي (متفرع عن النسق الثاني). "فإذا كان النسق الأول دينيًّا يستمد عطاءه الخطابي من الإسلام، فإن النسق الثاني قبليًّا استمد خطابًا من الثقافة، فتقاطع مع النسق الأول الديني ودعمه؛ لكونهما يحملان همًّا مشتركًا هو هم الفرد العربي". "والنسق الثالث القبائلي وُلِد مِن رحم القبيلة، واتَّخذ لنفسه خطابًا مضادًّا للنسق الثاني، نسق الفضائل القبلية الثقافية، بل عمل على معارضته والانتقاص منه". ويُلاحظ مما سبق أن العَلاقة بين السياق والنسق هي عَلاقة الجزء بالكل، وقد كتب الدكتور الغذامي معرفًا النقد الثقافي بأنه: "فرعٌ من فروع النقد النصي العام، ومِن ثم فهو أحد أهم علوم اللغة وحقول الألسنية، معني بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه"، فإذا كان هناك سياق أو خطاب ثقافي عام فلا بد من البحث بداخله عن الأنساق المضمرة؛ لأنها قد تنسجم مع السياق الثقافي العام وقد تختلف عنه. إن النقد الثقافي معنِيٌّ بالبحث عن النسق من ناحية أنه خطاب في سياق عامٍّ، فقد نجد النسق الاجتماعي أو الاقتصادي أو الديني... إلخ - تحت سياق عام، ولكن في مقالات أخرى نجد عَلاقة مختلفة؛ إذ إن بعض الدارسين نظر إلى الأنساق اللُّغوية على أنها مستويات اللغة (الصوتية والصرفية والنَّحْوية والبيانية، وصولًا إلى الدلالية)، وكيف تخدم هذه الأنساق الأربعة السياقَ العامَّ الذي أراده الكاتب أو المؤلف أو الشاعر... إلخ. وسأتوقف عند المستويات اللُّغوية بوصفها أنساقًا، وأفصل قليلًا في كل مستوى منها[16]: 1- "النسق الصوتي: وهو انتظام الحروف أو الألفاظ واندماجها وانضمامها، ويُعنَى الدارس في هذا النسق بالتوقف عند صفات وخصائص الحروف والألفاظ؛ كالمهموس والمجهور مثلًا وأثرهما في النص، ويمكن التمييز بين مجموعات الحروف حسب صفات مشتركة؛ وهي: مكان لفظ الحرف، طريقة اللفظ، وكيفية انضمام المقاطع والألفاظ معًا، ويُعنَى الدارس كذلك بملاحظة تكرار بعض الأنساق الصوتية، أو عدم وجود بعضها الآخر، وتأثير ذلك على دلالة النص. 2- النسق الصرفي: ويُعنَى بطريقة انتظام الوحدات الصرفية؛ بحيث تعطي معنًى عندما تكون في نسق، أما إذا جاءت دون نسق، فإنها لا تكوِّن معنى، فلو أخذنا الصوامت التالية (ك، ت، ب)، فإننا نلاحظ أنها ليستْ دالَّة على معنى بدون تنسيق، ولو أعدنا تنسيقها وربطها في كلمة واحدة هي (كتب)، لكانتْ دالة على الكتابة. 3 _النسق النَّحْوي (الإعرابي): يُعنَى هذا النوع من الأنساق بطريقة ترتيب أجزاء الجملة، في الجملة الاسمية أو الفعلية، وحذف جزء مِن الأجزاء الرئيسية للجملة، أو تقديم جزء على جزء آخر، أو تأخير جزء على جزء آخر، فهناك نسقٌ عامٌّ معروف في الجملة الفعلية مثلًا، وهو الفعل ثم الفاعل ثم المفعول به، وفي الجملة الاسمية المبتدأ فالخبر، فمثلًا لو قلنا: (وجد قلبها حائرًا)، هذا الترتيب للجملة يأتي على النسق العام المعروف دون انزياح أو تغيير؛ حيث يلاحظ وجود الفعل ثم الفاعل ثم المفعول به وهكذا، ثم يأتي الحال وهو الفضلة في الجملة بعد استكمال الأجزاء الرئيسية لها (عمدة الجملة) (الفعل والفاعل). ولو قال قائل: حائرًا وجد قلبها؛ لحدث تقديم للحال (الفضلة) على العمدة، وهنا خرج القائل عن النسَق المعروف العام، ويدرس الدارس لعَلاقة النسق النَّحْوي بالدلالة أثر هذا التقديم على المعنى. 4- النسق البياني: إن المستويات السابقة (الصوتية، الصرفية، والنَّحْوية) مرتبطة معًا؛ فالأصوات معًا عندما تنتظم في نسق تؤلِّف كلمات، والكلمات تؤلف جُملًا، والجُمَل تعطي المعنى، والمعاني ترتبط بسياق أو مقام، والمعاني هي غاية هذه المستويات، وغاية المعاني هي التعبير للآخرين والإفصاح عمَّا في النفس، وهنا يأتي دورُ البيان؛ حيث يؤدَّى المعنى الواحد بطرق مختلفة غير مباشرة مع وجود قرائن لفظية ومعنوية، وهذه الطرق طرق تصويرية تهدف إلى رسم صور مؤثرة على النفس والعقل معًا. 5- النسق الدلالي: وهو رأس الهرم في المستويات السابقة؛ حيث تنتظم الجمل معًا لتعطي معنًى، والدارس للنسق الدلالي يُعنَى بالتغييرات التي تحدث على المعنى والعَلاقات بين المضامين وتحليل مضمون الجمل والعبارات". ثانيًا: نظرة في مفهوم النسق والسياق في كتاب (الكتاب) الجزء الثاني: عن كتاب الكتاب[17]: يأتي كتاب (الكتاب في تعلُّم العربية) / الجزء الثاني، في عشرة نصوص رئيسية موجهة للطلبة الناطقين بغير العربية، تتناول مواضيع متنوِّعة في سياق ثقافي عربي، يعكس الهُوِيَّة التاريخية تارةً، والأدبية تارةً أخرى؛ إذ تتناول الوحدة الأولى نصًّا بعنوان: (ابن بطوطة وأطول رحلة في التاريخ). ويأتي نصُّ الوحدة الثانية تحت عنوان: (أعياد واحتفالات، ذكريات رمضانية من الشام). أما النص في الوحدة الثالثة، فينتقل بنا إلى: (بدايات الصحافة العربية). ويأتي النص الرابع تحت عنوان: (مهمة الجامعة). وتعرض لنا الوحدة الخامسة المُعَنْوَنة بـ: (شخصيات من الأدب العربي الحديث) شخصيةَ توفيق الحكيم. وتحمل الوحدة السادسة عنوان: (من رائدات الحركة النسائية العربية)، ويعرض نص هذه الوحدة شخصية هدى شعراوي رائدة الحركة النسائية قبل الثورة. أما الوحدة السابعة، وهي: (ألف ليلة وليلة)، فتعرض لنا نصًّا بعنوان: (ألف ليلة وليلة وحكاية التاجر والجني من هذا الكتاب). وتحمل الوحدة الثامنة عنوان: (من التاريخ الاجتماعي العربي والإسلامي)، وتعرض لنا نصًّا بعنوان: (المؤسسات الاجتماعية في الحضارة العربية). أما الوحدة التاسعة: (الفصحى والعامية)، فتقدم لنا نصًّا بعنوان: (قضية الفصحى والعامية). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |