فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نقص المعلّمين .. أزمة عالمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لجوء المدارس إلى أدوات الترجمة بالذكاء الاصطناعي لدعم متعلمي اللغة الإنجليزية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          سؤال الحقيقة والفعل في فلسفة القيم إشكالات وإيضاحات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 7 )           »          الرؤية الكونية الإسلامية والعلم الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الإسلام والعقلانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أهمية مَلَكَة العقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          سعة الوجود ومحدودية الوجدان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          وقفة تأمل في غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الرد الجميل المجمل على شبهات المشككين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          هل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ربه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 07-07-2022, 10:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,581
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام


فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الرابع
الحلقة (157)

من صــ 433 الى صـ 440






وَهَكَذَا الْأَمْرُ مَعَ الشِّيعَةِ: يَجْعَلُونَ الْأُمُورَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، الَّتِي تَعُمُّهُ وَغَيْرَهُ، مُخْتَصَّةً بِهِ حَتَّى رَتَّبُوا عَلَيْهِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ مِنَ الْعِصْمَةِ، وَالْإِمَامَةِ، وَالْأَفْضَلِيَّةِ، وَهَذَا كُلُّهُ مُنْتَفٍ فَمَنْ عَرَفَ سِيرَةَ الرَّسُولِ، وَأَحْوَالَ الصَّحَابَةِ، وَمَعَانِيَ الْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ اخْتِصَاصٌ بِمَا يُوجِبُ أَفْضَلِيَّتَهُ، وَلَا إِمَامَتَهُ، بَلْ فَضَائِلُهُ مُشْتَرَكَةٌ، وَفِيهَا مِنَ الْفَائِدَةِ إِثْبَاتُ إِيمَانِ عَلِيٍّ، وَوِلَايَتِهِ، وَالرَّدُّ عَلَى النَّوَاصِبِ الَّذِينَ يَسُبُّونَهُ، أَوْ يُفَسِّقُونَهُ، أَوْ يُكَفِّرُونَهُ، وَيَقُولُونَ فِيهِ مِنْ جِنْسِ مَا تَقُولُهُ الرَّافِضَةُ فِي الثَّلَاثَةِ.

فَفِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ الثَّابِتَةِ رَدٌّ عَلَى النَّوَاصِبِ، كَمَا أَنَّ فِي فَضَائِلِ الثَّلَاثَةِ رَدًّا عَلَى الرَّوَافِضِ.
وَعُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَقْدَحُ فِيهِ الرَّوَافِضُ، وَالْخَوَارِجُ، وَلَكِنَّ شِيعَتَهُ يَعْتَقِدُونَ إِمَامَتَهُ، وَيَقْدَحُونَ فِي إِمَامَةِ عَلِيٍّ، وَهُمْ فِي بِدْعَتِهِمْ خَيْرٌ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ الَّذِينَ يَقْدَحُونَ فِي غَيْرِهِ، وَالزَّيْدِيَّةُ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مُضْطَرِبُونَ فِيهِ.
وَأَيْضًا فَالِاسْتِخْلَافُ فِي الْحَيَاةِ نَوْعُ نِيَابَةٍ، لَا بُدَّ مِنْهُ لِكُلِّ وَلِيِّ أَمْرٍ، وَلَيْسَ كُلُّ (مَنْ) يَصْلُحُ لِلِاسْتِخْلَافِ فِي الْحَيَاةِ عَلَى بَعْضِ الْأُمَّةِ يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَخْلَفَ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ فِي حَيَاتِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْخِلَافَةِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ كَبَشِيرِ بْنِ (عَبْدِ) الْمُنْذِرِ، وَغَيْرِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مُطَالَبٌ فِي حَيَاتِهِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْقِيَامِ بِحُقُوقِ النَّاسِ كَمَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ وُلَاةُ الْأُمُورِ، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَعَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ، فَفِي حَيَاتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ جِهَادُ الْأَعْدَاءِ، وَقَسْمُ الْفَيْءِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ، وَاسْتِعْمَالُ الْعُمَّالِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ بَعْدَهُ، وَبَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
فَلَيْسَ الِاسْتِخْلَافُ فِي الْحَيَاةِ كَالِاسْتِخْلَافِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْإِنْسَانُ إِذَا اسْتَخْلَفَ أَحَدًا فِي حَيَاتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ، وَمَا يَأْمُرُ بِهِ مِنَ الْبَرِّ كَانَ * الْمُسْتَخْلَفُ وَكِيلًا مَحْضًا يَفْعَلُ مَا أَمَرَ بِهِ الْمُوَكَّلُ، وَإِنِ اسْتَخْلَفَ أَحَدًا عَلَى أَوْلَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، كَانَ * وَلِيًّا مُسْتَقِلًّا يَعْمَلُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يَكُنْ * وَكِيلًا لِلْمَيِّتِ.

وَهَكَذَا أُولُو الْأَمْرِ إِذَا اسْتَخْلَفَ أَحَدُهُمْ شَخْصًا فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَأْمُرُهُ بِهِ فِي الْقَضَايَا الْمُعَيَّنَةِ، وَأَمَّا إِذَا اسْتَخْلَفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِوِلَايَتِهِ، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّ * هَذَا التَّصَرُّفَ مُضَافٌ إِلَيْهِ لَا إِلَى الْمَيِّتِ بِخِلَافِ مَا فَعَلَهُ فِي الْحَيَاةِ بِأَمْرِ مُسْتَخْلِفِهِ فَإِنَّهُ يُضَافُ إِلَى مَنِ اسْتَخْلَفَهُ لَا إِلَيْهِ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ هَذَا!؟
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ: إِنَّ مَنِ اسْتَخْلَفَ شَخَّصَا عَلَى بَعْضِ الْأُمُورِ، وَانْقَضَى ذَلِكَ الِاسْتِخْلَافُ: إِنَّهُ يَكُونُ خَلِيفَةً بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَكِنَّ الرَّافِضَةَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ بِالْمَعْقُولِ، وَالْمَنْقُولِ.

[فَصْلٌ في حديث الْمُؤَاخَاة]
قال شيخ الإسلام:
قَالَ الرَّافِضِيُّ: " السَّادِسُ: حَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ. رَوَى أَنَسٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمُبَاهَلَةِ، وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَعَلِيٌّ وَاقِفٌ يَرَاهُ وَيَعْرِفُهُ، وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدٍ، فَانْصَرَفَ بَاكِيًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا فَعَلَ أَبُو الْحَسَنِ، قَالُوا: انْصَرَفَ بَاكِيَ الْعَيْنِ، قَالَ: يَا بِلَالُ، اذْهَبْ فَائْتِنِي بِهِ، فَمَضَى إِلَيْهِ، وَدَخَلَ مَنْزِلَهُ بَاكِيَ الْعَيْنِ فَقَالَتْ لَهُ فَاطِمَةُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَلَمْ يُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ قَالَتْ: لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ، لَعَلَّهُ إِنَّمَا ادَّخَرَكَ لِنَفْسِهِ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا عَلِيُّ أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا أَدَّخِرُكَ لِنَفْسِي، أَلَا يَسُرُّكَ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَبِيِّكَ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَأَتَى الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنِّي، وَأَنَا مِنْهُ، أَلَا إِنَّهُ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، فَانْصَرَفَ فَاتَّبَعَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ يَا أَبَا الْحَسَنِ، أَصْبَحْتَ مَوْلَايَ، وَمَوْلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» فَالْمُؤَاخَاةُ تَدُلُّ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ ".
وَالْجَوَابُ أَوَّلًا: الْمُطَالَبَةُ بِتَصْحِيحِ النَّقْلِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْزُ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى كِتَابٍ أَصْلًا، كَمَا عَادَتُهُ يَعْزُو، وَإِنْ كَانَ عَادَتُهُ يَعْزُو إِلَى كُتُبٍ لَا تَقُومُ بِهَا الْحُجَّةُ، وَهُنَا أَرْسَلَهُ إِرْسَالًا عَلَى عَادَةِ أَسْلَافِهِ شُيُوخِ الرَّافِضَةِ يَكْذِبُونَ وَيَرْوُونَ الْكَذِبَ بِلَا إِسْنَادٍ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، لَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ، فَإِذَا سُئِلَ: وَقَفَ وَتَحَيَّرَ.
الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، لَا يَرْتَابُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، وَوَاضِعُهُ جَاهِلٌ كَذَبَ كَذِبًا ظَاهِرًا مَكْشُوفًا يَعْرِفُ أَنَّهُ كَذِبٌ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ بِالْحَدِيثِ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ أَحَادِيثَ الْمُؤَاخَاةِ لِعَلِيٍّ كُلُّهَا مَوْضُوعَةٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُؤَاخِ أَحَدًا، وَلَا آخَى بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ، وَلَا بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا بَيْنَ أَنْصَارِيٍّ وَأَنْصَارِيٍّ، وَلَكِنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي أَوَّلِ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ.
وَأَمَّا الْمُبَاهَلَةُ فَكَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ سَنَةَ تِسْعٍ، أَوْ عَشْرٍ مِنِ الْهِجْرَةِ.
الرَّابِعُ: أَنَّ دَلَائِلَ الْكَذِبِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَيِّنَةٌ مِنْهَا: أَنَّهُ قَالَ: " لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْمُبَاهَلَةِ وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ "، وَالْمُبَاهَلَةُ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ النَّصَارَى، وَأَنْزَلَ اللَّهُ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْأَمْرِ سَنَةَ عَشْرٍ أَوْ سَنَةَ تِسْعٍ لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى ذَلِكَ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُبَاهِلِ النَّصَارَى لَكِنْ دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ فَاسْتَنْظَرُوهُ حَتَّى يَشْتَوِرُوا فَلَمَّا اشْتَوْرَوْا، قَالُوا: هُوَ نَبِيٌّ، وَمَا بَاهَلَ قَوْمٌ نَبِيًّا إِلَّا اسْتُؤْصِلُوا فَأَقَرُّوا لَهُ بِالْجِزْيَةِ، وَلَمْ يُبَاهِلُوا، وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِالْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُؤَاخَاةٌ.
الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ كَانَتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنِ الْهِجْرَةِ فِي دَارِ بَنِي النَّجَّارِ، وَبَيْنَ الْمُبَاهَلَةِ وَذَلِكَ عِدَّةُ سِنِينَ.
السَّادِسُ: أَنَّهُ كَانَ قَدْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلِيٌّ كِلَاهُمَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مُؤَاخَاةٌ، بَلْ آخَى بَيْنَ عَلِيٍّ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُؤَاخِ عَلِيًّا، وَهَذَا مِمَّا يُوَافِقُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ إِنَّمَا كَانَتْ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَمْ تَكُنْ بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ.
السَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: " «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى» "، إِنَّمَا قَالَهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَصْلًا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُوَالَاةِ فَالَّذِينَ رَوَوْهُ ذَكَرُوا أَنَّهُ قَالَهُ بِغَدِيرِ خُمٍّ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَتَكَرَّرْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَصْلًا.
الثَّامِنُ: أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُؤَاخَاةِ، وَأَنَّ فِيهَا عُمُومًا وَإِطْلَاقًا لَا يَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ وَالْإِمَامَةَ، وَأَنَّ مَا ثَبَتَ لِلصِّدِّيقِ مِنَ الْفَضِيلَةِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا»، وَإِخْبَارُهُ: أَنَّ أَحَبَّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، وَشَهَادَةُ الصَّحَابَةِ لَهُ أَنَّهُ أَحَبُّهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا رَوَى مِنَ الْمُؤَاخَاةِ بَاطِلٌ نَقْلًا وَدَلَالَةً.

التَّاسِعُ: أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ، وَقَعَتْ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ ; لِأَنَّهُ رُوِيَ فِيهَا أَحَادِيثُ، لَكِنَّ الصَّوَابَ الْمَقْطُوعَ بِهِ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ، وَكُلُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ رِوَايَةِ مَنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَخْطَأَ فِيهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُخَرِّجْ أَهْلُ الصَّحِيحِ * شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.
وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ إِنَّمَا هُوَ الْمُؤَاخَاةُ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَبَيْنَ الْأَنْصَارِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ لَكَانَ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ، وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَلَكَانَ يُذْكَرُ فِي أَحَادِيثِ الْمُؤَاخَاةِ، وَيُذْكَرُ كَثِيرًا فَكَيْفَ، وَلَيْسَ فِي هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَا خَرَّجَ أَهْلُ الصَّحِيحِ * مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ يَعْرِفُهَا مَنْ كَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، وَالسِّيرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَأَحْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَبَبِ الْمُؤَاخَاةِ، وَفَائِدَتِهَا، وَمَقْصُودِهَا، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، كَمَا آخَى بَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَبَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ لِيَعْقِدَ الصِّلَةَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 75)، وَهِيَ الْمُحَالَفَةُ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهَا: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} (سُورَةُ النِّسَاءِ: 33).
وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ هَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ يُورَثُ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ النَّسَبِ، أَوْ لَا يُورَثُ بِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، الْأَوَّلُ: مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّانِي: مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.

(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)

والتحريف قد فسر بتحريف التنزيل، وبتحريف التأويل.
فأما تحريف التأويل فكثير جدا، وقد ابتليت به طوائف من هذه الأمة، وأما تحريف التنزيل فقد وقع في كثير من الناس، يحرفون ألفاظ الرسول، ويروون الحديث بروايات منكرة.

وإن كان الجهابذة يدفعون ذلك، وربما يطاول بعضهم إلى تحريف التنزيل، وإن لم يمكنه ذلك، كما قرأ بعضهم وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا.
وأمّا ليّ الألسنة بما يُظَن أنه من عند الله فكوضع الوضاعين الأحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إقامة ما يظن أنه حجة في الدين، وليس بحجة، وهذا الضرب من أنواع أخلاق اليهود، وذمها كثير لمن تدبره في كتاب الله وسنة رسوله، ثم نظر بنور الإيمان إلى ما وقع في الأمة من الأحداث.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,501.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,499.38 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.11%)]