شذور البيان من خبر وفد نصارى نجران - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 138073 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42209 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5462 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-02-2022, 07:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي شذور البيان من خبر وفد نصارى نجران

شذور البيان من خبر وفد نصارى نجران
محمد السيد حسن محمد




تمهيد وتقديم:



حين كان فتح الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأن نور الإسلام قد انفتحت قلوب قوم به، ولما كان صداه قد وسع الأرجاء، ولما كان ضياؤه قد عم الأنحاء، وإذ لا مفر من فتح مبين، أو صلح وإلى حين، ومنه كان توارد الوفود، وتوافد البعوث، وإذ كان منهم هذا وفد نجران، وحين طلبوا منه صلى الله عليه وسلم أن يبعث معهم رجلا أمينا، ولما كان رده صلى الله عليه وسلم، وأن نعم: لأبعثن معكم رجلا أمينًا حق أمين.







وهذا قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لوفد نصارى نجران، وإذ كان يمثلهم العاقب والسيد، وإذ كان معهم الأسقف أبو الحارث، وكانوا أصحاب نجران، وأكابر النصارى فيهم، وحين وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذ كانوا يحملون رسالتهم عنهم، ولما كانوا من أهل مشورتهم، ومن ذوي رئاستهم أيضا.







ولكن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم كان قد أماط عن سؤالهم لثامًا، ولما قد انبلج من بين أيديهم معا صلح، والصلح خير، وإذ كان خيرًا لكلا الطرفين معًا.







وأعالجه في تسع عشرة مسألة هي:



المسألة الأولى: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام



وإنما كان قوله صلى الله عليه وسلم: لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين. وإنما هو تلبية لندائهم، وهو أيضا برهان تلبية الخصوم، وفيما يطلبون، ومن حيث كانت طلباتهم مشروعة، ولأن الناس كانوا قد طلبوا خيرا، وحين استأنسوا خيرا من هذا الطلب، ولا سيما وما عندهم عن هذا النبي من نبأ خير، وإذ كان ليس يرد سائلا! وأنه ولا شك قيم على عقد المصالحة، وأنهم لا شك سوف يسمعون القرآن والدين. من هذا الأمين الذي طلبوه، بل وطلبهم ذلك أيضا، وحيث: وقع في حديث أنس عند مسلم: أن أهل اليمن قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام فأخذ بيد أبي عبيدة وقال: « هذا أمين هذه الأمة »، فإن كان الراوي تجوز عن أهل نجران بقوله: (أهل اليمن) لقرب نجران من اليمن وإلا فهما واقعتان والأول أرجح[1].







ولأن القوم كانوا حديثي عهد بهذا الصلح الذي أبرموه مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وهو ما يحتاج إلى معالجة ومتابعة ولا شك؛ لإجرائه وإمضائه على وجهه.







المسألة الثانية: هذا فن إداري



وهذا الذي نفيده، متابعة الأعمال؛ ولإنجازها على وقتها ووجهها الذين رسما لها، ومن كفؤ أمين، عملا إداريا ممتازا. وهذا الذي قال الله تعالى عنه: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص:26].







ولكن هذا الطلب، وإنما جاء تلبية لرغبة هذا الوفد، وهذه ولا شك مندوحة لهم وفضل ورضاء، ولما كانت بوادر صدق التزامهم بعقدهم مع هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وهذا الذي حكى القرآن العظيم عنهم، وحين كانوا وكما أنهم للمسلمين أقرب مودة، وكما قال الله تعالى: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ ﴾ [المائدة:82].







وحين كانت رغبتهم في إسناد أعمال المتابعة لرجل يتميز بالكفاءة والأمانة، وهما عاملان حاسمان هامان في العمل الإداري، ومنهما ترتقي المنشأة وتعلو، وبهما تسمق وتسمو. وكما قلت آنفا، ولسوف يسمعون منه الشرع والفقه والدين.







المسألة الثالثة: عظم شأن الأمانة



ولكن الناس وحين قد طلبوا أمينا، ولا يرسلن معهم النبي صلى الله عليه وسلم إلا أمينا!







وهذا من علو شأن هذه الصفة في الوجود، ولأهميتها وتفردها، ولما كانت علامة فارقة على علامات الساعة الصغرى، وحين عزت يوما! وإذ لا يكاد أحد يؤدي الأمانة، وحتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا! ومن دليل تأكيده الطلب غير مرة! وحين قالوا: وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا.







وهذا من إيجاب تحصيلها ومن دليل تفعيلها، ولما كانت موجودة وبحق، ولدى كل عبد أواه حليم، وإنما كان حريا إعمالها، وتطويرها، وتهذيبها، وجعلها شارة على كل عبد منيب.







فعن حذيفة بن اليمان حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين، رأيت أحدهما، وأنا أنتظر الآخر؛ حدثنا: أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم علموا من القرآن، ثم علموا من السنة. وحدثنا عن رفعها قال: ينام الرجل النومة، فتقبض الأمانة من قلبه، فيظل أثرها مثل أثر الوكت، ثم ينام النومة فتقبض، فيبقى أثرها مثل المجل، كجمر دحرجته على رجلك فنفط، فتراه منتبرًا وليس فيه شيء، فيصبح الناس يتبايعون، فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، فيقال: إن في بني فلان رجلا أمينا، ويقال للرجل: ما أعقله! وما أظرفه! وما أجلده! وما في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان. ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت؛ لئن كان مسلمًا رده علي الإسلام، وإن كان نصرانيًّا رده على ساعيه، فأما اليوم فما كنت أبايع إلا فلانًا وفلانًا[2].







ويكأنه صلى الله عليه وسلم عرف وأراد أن يرد عليهم مطمئنا، وأليس لدينا إلا الأمناء! وهذه من سطور الإسلام الأولى، وأن يكون أتباعه أمناء، أنقياء، أوفياء، أقوياء، وحين أكد صلى الله عليه وسلم ذلك وبقوله: لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين.







المسألة الرابعة: الفروق الفردية



وإن تمايز بها قوم، ولئن اختص بها فرد، وإنما هذا لأمر طبعي، جبلي، فطري، وفي كل قوم، ولا سيما ولما كانت قلوبهم مشرئبة ومتشوفة إلى الجنة، وحين كانت أعينهم مبصرة مستشرفة للمروءات، ومكارم الأخلاق.







ولما كان تطلعهم رضي الله عنهم إلى الولاية، ورغبتهم فيها؛ حرصا منهم على أن يكون أحدهم هو الأمين الموعود في الحديث، لا حرصا على الولاية من حيث هي[3].







وهذا الذي يحسب لهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لينا مرنا سهلا، وإذ يجيب طلب القوم، وإذ يلبي حاجات الناس المشروعة.







وأنت ترى مؤكدات عديدة في النص آنفا، ومن لام القسم أولا، ومن موجبها، وهو تأكيد الفعل المضارع بعدها بالنون المشددة ثانيا، ومن تكرار مفردة الأمين مرتين ثالثا، وإذ فصل بينهما كلمة(حق) رابعا، وهو ما يزيد التوكيد توكيدا مرة أخرى، وفي سياق بلاغي مهيب، كان تفرده صلى الله عليه وسلم به، وحين قال: لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين.







ولكن هذا الدين وإنما خرَّج أمناء كثرا، لا أمينا واحدا!







وبالتالي ليطمئن قلبا فريق وفد نصارى نجران، فما كان أحد في دين الإسلام إلا أمينا، أو هكذا ينبغي أن يكون، وسوف يبعث النبي العربي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم هكذا صنفا، ولأن كل أصحابه أمناء.







ولكنه وفي كل مجتمع تجد الناس ليسوا سواء، وتجد الناس متباينين في هذه المنقبة، أو ما سواها، وعلى وجود كل من أساس، ولذلك أكد النبي صلى الله عليه وسلم أمره، وأنه لسوف يبعث معهم أمينا، وهذا الذي حدث، ويوم أن أرسل إليهم من كان مشهورا بينهم بأمانته، ومن كانت هي سليقته، ومن كان عليها أحرص، وبها أدوم، سمتا شميلا، وخلقا نبيلا، ولما كان اختياره صلى الله عليه وسلم لأبي عبيدة بن الجراح، ولما كان نعته بأنه أمين هذه الأمة.







المسألة الخامسة: ما الأمين؟



والأمين هو الثقة المرضي، وهذه الصفة وإن كانت مشتركة بينه وبين غيره، لكن السياق يشعر بأن له مزيدا في ذلك، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خص كل واحد من الكبار بفضيلة، ووصفه بها، فأشعر بقدر زائد فيها على غيره، كالحياء لعثمان، والقضاء لعلي ونحو ذلك[4].







ومؤتمن القوم: الذي يثقون إليه، ويتخذونه أمينا حافظا[5].







ومنه قوله تعالى ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ﴾ [الدخان:51]. أي قد أَمِنُوا فيه الغِيَرَ[6].







وأقول: وإنما كان الأمين على وزن فعيل، وهو من المفعول أي: الذي كانت الأمانة فعله. وإنما جاءت على صيغة المبالغة؛ لكثرة معرفة صاحبها بها، ولاشتهار عمله لها. والأمين من فعيل؛ ولكثرة تميزه بها عن غيره.







ألم تر كيف كانت إحداهما بالعربية أوعى، ولأسرارها أدرى؟ وحين قال الذكر الحكيم قولها، ولما خلد القرآن المبين لسانها، إذ ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص:26].







المسألة السادسة: سبحان مقلب القلوب!



ولكننا لا ننسى أنهم جاؤوا أول ما جاؤوا للملاعنة، وحين ناصح أحدهما أخاه ألا يفعل؛ ولأنهما وإن فعلا، وكان نبيا حقا ليصيبنهم الخسار أبدا، وليس يعمهم الفلاح يوما!







ولكنهما وحين عدلا عن ذلك؛ ولأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء سبحانه، وهذا برهان أن القوم كانوا يعلمون، وكم هو عون الله تعالى لنبي قد اصطفاه للبشرية، هاديا، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا، وأنه تعالى لا يخذله، ولا يسلمه؛ ولأنه تعالى قال ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة:67].







المسألة السابعة: عِظَمُ شأنِ النبوةِ



ودل أيضا على كم هو زخم النبوة في قلوب القوم، اتبعوا نبيهم صلى الله عليه وسلم، أو لم يتبعوه، فهذا شأن آخر! وإنما جاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن الهدى والحق والصراط المستقيم.







وهذا أمر مشاهد! ولأن الناس يعبرون عن مدى حبهم لنبيهم صلى الله عليه وسلم، وها أنت إذ تراهم ليسوا يمتون إلى هديه بكثير صلة! بل وهذا الذي تراه إخلالا، وتصرما، وانحلالا!







ويكأن هذه العاطفة الجياشة، وهي لا شك عاطفة صدق، وإنما حسنٌ توجيههم، وجميلٌ تعليمهم، وهذا واجب دعاة الصدق العاملين، وهذا عمل المؤسسات الدعوية بكافة توجهاتها ومنابعها.







والملاعنة هي المباهلة، وهي أن يدعو كل واحد من المتلاعنين على نفسه بالعذاب على الكاذب والمبطل.







المسألة الثامنة: فادعهم إلى إحدى ثلاث



ولكن مجيء هؤلاء النصارى وفدا رسميا عن قومهم، وإنما كانت المصالحة، وأن هذه المصالحة هي دفع الجزية، وكبديل عن إسلامهم، أو حربهم، ولكن هذا الذي نفيد أيضا من حسن تصالحهم، وفيما يحسب لهم أولا، وفيما كان شأنا إسلاميا صرفا، ولا تنازل عنه شيئا، ولأن هذا هو إعمال لوجوب ثانيا، وهو ذلك الذي قال الله تعالى عنه ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة:29].







وعن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيرا، وقال إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن بالله تعالى وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله تعالى فلا تنزلهم، فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم[7].







المسألة التاسعة: ولاية الرجال وسمو مكانة الشقائق النساء



لكننا رأينا وكيف كان طلبهم رجلا، وكيف كان رده صلى الله عليه وسلم عليهم بكونه رجلا؛ برهان معهود ولاية الرجال، ودون شقائقهن النساء، ودلالة عظم المسؤولية، وأنه كان كفيلا بها الرجال دون النساء، ولا سيما حديثنا الآنف ذكرا، وكيف كان تمايز الرجال بها؛ ولأنهم أعظم تحملا لأثقال المهمات الصعاب، والتي ربما أنَّتْ منها شقائقهن النساء القوارير، ومنه فإن الولاية، وبهذا المستوى كان جديرا بها جنس الرجال الأكفاء، الأنقياء، الأتقياء، الأوفياء، وساما عن شقائقهن من النساء، فإن لهن أعمالا، ولربما كانت أعظم، ولعلها أضحت أقوم، ولما كانت مناسبة لعواطفهن، ومشاعرهن، وأحاسيسهن، وما به ليست تكون من عدلها عند معاشر الرجال! ومن تربيتهن نشأهن، ومن تخريجهن أجيالا كانت، وعلى مثل أو قريبا من مستوى هذا الأمين أمين هذه الأمة أبي عبيدة بن الجراح رضي الله تعالى عنه.







وإنه ولئن قامت قوارير أمتنا بهكذا مهنة، وهن أولاء النساء الفضليات الكريمات الأبيات العزيزات، فإنهن بذلك يكن قد قدمن لأمتهن عونا، وزادا، وركائز عليها يكون عماد الأمة، ومن بسط كلمتها، ومن كونها أمة طيرا مسخرات في جو السماء صافات ويقبضن، شارة عزة، وعلامة أنفة، وبرهان إباء، ودليل رفعة، وسمو، وعلو، ومن سببهن أولاء القوارير، ومن سبب أم قامت بما هي أهله، وعلى وجهه، حسبة للرحمن، وطاعة لربها العظيم الديان، المنان سبحانه.







المسألة العاشرة: ﴿ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26].



لكننا رأينا كم تسابق الأصحاب يومهم ذلك إلى هذا الفضل، وحرصا منهم عليه، ولربما ثقة في أنفسهم بالأمانة أيضا، وهذه مناقب هذا الجيل الكريم، ولقد كان حقا، ولما ينزل فيهم قرآن كريم يتلى إلى يوم الدين، وماذا أنت قائل، وحين رضي الله عنهم ورضوا عنه؟ وحين قال الله تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة:100].







فعن حذيفة بن اليمان جاء العاقب والسيد صاحبا نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يريدان أن يلاعناه، قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل؛ فوالله لئن كان نبيا فلاعنا، لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث معنا إلا أمينا، فقال: لأبعثن معكم رجلا أمينا حق أمين، فاستشرف له أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أمين هذه الأمة[8].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 105.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 103.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]