إقامة الشهود على الناس يوم الحساب - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تناول الثوم ورائحة الفم الكريهة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          ما هي أعراض سرطان البنكرياس؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، أسئلة متعددة نجيب عنها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          5 طرق للوقاية من سرطان الجلد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          طرق علاج جدري الماء الدوائية والمنزلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          فحص مخزون المبيض، معلومات مهمة لكلا الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما هي أسباب العقم عند النساء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ما هي أسباب التعب والإرهاق عند النساء؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          معدل ضربات القلب الطبيعي للنساء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          ما هي أسباب اصفرار اللسان؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-11-2021, 04:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,650
الدولة : Egypt
افتراضي إقامة الشهود على الناس يوم الحساب

إقامة الشهود على الناس يوم الحساب
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي



الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ...
عِبَادَ اللهِ؛ أَمَامَنَا يَوْمٌ مَهِيلٌ، وَيَوْمٌ عَظِيمٌ، سَوْفَ يُحَاسَبُ فِيهِ الْخَلَائِقُ..

وَتُقَامُ فِيهِ عَلَيْهِمُ الشُّهُودُ..

وَالْحِكْمَةُ -وَاللهُ أَعْلَمُ- مِنْ إِقَامَةِ الشُّهُودِ؛ لِبَيَانِ كَمَالِ عَدْلِ اللهِ؛ وَإِعْذَارِهِ لِلْعَالَمِينَ؛ لِذَا أَقَامَ عَلَيْهِمْ الشُّهُودَ، وَنَوَّعَ وَعَدَّدَ تِلْكَ الشُّهُودَ؛ وَكَثَّرَهَا؛ حَتَّى تَنْقَطِعَ الْحِجَجُ؛ وَتُقَرَّ الْجُمُوعُ بِعَدْلِ اللهِ الْمُطْلَقِ؛ وَإِلَّا فَاللهُ تَعَالَى مُطَّلِعٌ عَلَى عِبَادِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِأَسْرَارِهِمْ وَمَا يَخْفَى مِنْ أَعْمَالِهِمْ ﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ﴾ [الأنعام: 59].

وَالشُّهُودُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كُثْرٌ، وَمُتَعَدِّدُونَ، وَمُتَنَوِّعُونَ.

وَمِنْهُمْ: مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِاللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ [الحج: 78].

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَوْفَ يَشْهَدُ عَلَى أُمَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [يونس: 47]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا * يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثًا ﴾ [النساء: 41-42].

فَالرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهِيدٌ عَلَى أُمَّتِهِ وَعَلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ، قَاَل تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَـؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين ﴾[النحل:89].

وَفِي الصَّحِيحِ، قَاَل -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ نُوحٌ وأُمَّتُهُ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ -جَلَّ ذِكْرُهُ-: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ﴾ [البقرة: 143]. وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.

وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ، وَيَجِيءُ النَّبِيُّ وَمَعَهُ الثَّلَاثَةُ، وَأَكْثرُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَقَلُّ، فَيُقَالُ لَهُ: هَلْ بلَّغْتَ قَوْمَكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فيُدْعَى قَوْمُهُ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فتُدْعَى أُمَّةُ مُحَمَّدٍ، فَيُقَالُ: هَلْ بلَّغَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: وَمَا عِلْمُكُمْ بِذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا بِذَلِكَ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغُوا، فَصَدَّقْنَاهُ، قَالَ: فَذَلِكُمْ قَولُهُ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا). أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه.

وَالرُّسُلُ شُهُودٌ عَلَى أَقْوَامِهِمْ، فَيَشْهَدُ كُلُّ رَسُولٍ عَلَى أُمَّتِهِ حَتَّى تُقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَاء رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُون ﴾ [يونس: 47]. فَإِذَا جَاءَ الرُّسُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قُضِيَ بَيْنَهُمْ، وَسَمَّاهُ اللهُ تَعَالَى شَهِيدًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ [النحل: 84].

فَنَبْعَثُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا الرَّسُولَ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُون ﴾ [القصص: 75].

وَسَوْفَ تَكُونُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَاهِدَةً عَلَى الْخَلْقِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير ﴾ [الحج: 78].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ﴾ [البقرة: 143].

وَالْمَلَاِئكَةُ -عَلَيْهِمُ السَّلَامُ- سَوْفَ يَكُونُونَ شُهُودًا عَلَى النَّاسِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيد ﴾ [ق: 21].

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ (أَيْ: مَلَكًا يَسُوقُهُ لِلْمَحْشَرِ، وَمَلَكًا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِأَعْمَالِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ)، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيد * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيد * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيب * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيد ﴾ [ق: 23-26]

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَنَا اللهُ وَإِيَّاهُ-: (فَالسَّائِقُ أَحْضَرَهُ إِلَى عَرْصَةِ الْحِسَابِ؛ فَلَمَّا أَدَّى الشَّهِيدُ مَا عَلَيْهِ؛ أَمَرَهُمَا اللهُ تَعَالَى بِإِلْقَائِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).

قَالَ أَنَسٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ)؟ قَالَ: قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنَ الظُّلْمِ؟ فَقَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَسِيبًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا)، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَسَوْفَ تَشْهَدُ جَوَارِحُ الْإِنْسَانِ عَلَيْهِ، فَسَوْفَ تَشْهَدُ الْأَلْسُنُ، وَالْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ، وَالْأَسْمَاعُ، وَالْأَبْصَارُ، وَالْجُلُودُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [النور: 24]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاء اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون * حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون ﴾ [فصلت: 19-20]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُون ﴾ [فصلت: 22].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون ﴾ [يس: 65].

وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَضَحِكَ، فَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مِمَّا أَضْحَكُ؟) قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْني مِنَ الظُّلْمِ؟ قَاَل: يَقُولُ: بَلَى، قَالَ: فَإنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إلَّا شَاهِدًا مِنِّي، فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، فيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، ثمَّ يُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي، فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، فَيَقُولُ: بُعْدًا لَكُنَّ، وَسُحْقًا، فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَسَوْفَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ رَأَى الْعَبْدُ الْحَقَّ؛ وَتَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ اللهَ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ، وَرَأَى كُلَّ مَا عَمِلَ مَكْتُوبًا فِي صَحِيفَتِهِ، وَقَامَتْ عَلَيْهُ الشُّهُودُ حَتَّى مِنْ نَفْسِهِ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا بُرْهَانَ لَهُ وَلَا حُجَّةً؛ أَقَرَّ وَاعْتَرَفَ بِمَا جَنَى وَاقْتَرَفَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِين ﴾ [الأنعام: 130]، وَالْأَرْضُ سَوْفَ تَكُونُ شَاهِدَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ أَذْنَبَ عَلَيْهَا.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ﴾ [الزلزلة: 4-5]، قَالَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟) قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (أَخْبَارُهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا؛ أَنْ تَقُولَ عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا؛ قَالَ: فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَقَالَ التِّرمِذيُّ حَدِيْث حَسَن.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَاخْتِمْ بِالصَّالِحَاتِ آجَالَنَا.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا، أمَّا بَعْدُ:
عِبَادَ اللهِ؛ وَأَعْظَمُ شَهَادَةٍ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ سُبْحَانَهُ الْعَظِيمُ، فَهَذِهِ قَاصِمَةُ الظَّهْرِ لِكُلِّ مُجْرِمٍ، وَلِكُلِّ جَبَّارٍ، فَهُو لَا يَسْتَطِيعُ إِنْكَارًا، وَلَا تَكْذِيبًا يَوْمَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَعْظَمُ شَهِيدٍ؛ الْقَوِيِّ الْعَزِيزِ الْمُحِيطِ.


قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 96]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ﴾ [فصلت: 53]. وَقَالَ تَعَاَلى: ﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِين ﴾ [يونس: 61]. وَقَالَ تَعَالَى: إ﴿ ِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا ﴾ [الأحزاب: 55].

فَعَلَيْنَا عِبَادَ اللهِ أَنْ نُعِدَّ لِلْأَمْرِ عُدَّتَهُ، وَنَحْسُبُ حِسَابَهُ، وَقَانَا اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَوَالِدِينَا، وَذَرَارِينَا، وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ.


اللَّهُمَّ احْفَظْنَا بِحِفْظِكَ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى؛ وَاحْفَظْ لِبِلَادِنَا الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالسَّلَامَةَ وَالْإِسْلَامَ، وَانْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا؛ وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ أَعْدَائِنَا؛ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيِّينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ؛ وَنَسْأَلُهُ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. وَقُومُوا إِلَى صَلَاتِكمْ يَرْحَـمـْكُمُ اللهُ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.05 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.33 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]