|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() سلسلة كيف نفهم القرآن؟[1] رامي حنفي محمود تفسير الربع الاخير من سورة الرعد كاملا بأسلوب بسيط تفسير الربع الأخير من سورة الرعد الآية 19، والآية 20، والآية 21:﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾ يعني: هل الذي يَعلم أنّ ما جاءكَ أيها الرسول ﴿ مِنْ رَبِّكَ ﴾ هو ﴿ الْحَقُّ ﴾ - وذلك لِوُضوح علاماته - فيُؤمن به بمجرد ظهوره ﴿ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى ﴾ عن الحق لا يؤمن به؟! لا يستويانِ أبدًا، ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ يعني: إنّ الذين يَتَّعظون بالقرآن وأدِلَّته هم أصحاب العقول السليمة، وهم ﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ﴾ أي العهد الذي أمَرَهم به سبحانه - من السمع والطاعة لأوامره التي وَصَّاهم بها في كتابه - ﴿ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ أي لا يَنقضون العهود المؤكدة التي عاهَدوا اللهَ على الالتزام بها (ما لم تكن إثمًا أو قطيعة رَحِم)، ﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ﴾ كالأرحام والمحتاجين، ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ بفِعل ما أمَر واجتناب ما نَهى ﴿ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾ أي: ويَخافون أن يُحاسبهم اللهُ على كل ذنوبهم، ولا يَغفر لهم منها شيئًا، فحينئذٍ لا يَرجون إلا رحمته، ولا يُحسِنون الظنّ إلا به، حتى يَغفر لهم ذنوبهم ويَقبل منهم أعمالهم. الآية 22، والآية 23، والآية 24:﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ ﴾ أي: وهم الذين صبروا على الأذى، وصبروا على الطاعة، وصبروا عن المعصية (طلبًا لرضا ربهم)، ﴿ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾ أي: وأدَّوا الصلاة على أتمِّ وجوهها (بخشوعٍ واطمئنان)، ﴿ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ أي وأخرَجوا من أموالهم: (الزكاة المفروضة والصدقات المُستحَبة) ﴿ سِرًّا وَعَلَانِيَةً ﴾: أي في الخَفاء والعَلَن، ﴿ وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ ﴾ أي: ويَدفعون السيئةَ بالحسنة فتمحوها (والمعنى أنهم يَتوبون من المعاصي، ويَجتهدون في فِعل الطاعات حتى يَمحوا بها السيئات، وكذلك يكونون حَلِيمينَ على الجُهَلاء، وصابرينَ على مَن يؤذونهم) ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ أي لهم العاقبة المحمودة في الدار الآخرة، وهي ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي جنات الخلود ﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ ويقيمون في نعيمها الدائم (الذي خَلا من التعب ومن جميع المُنَغِّصات والمُنَكِّدات)، ﴿ وَمَنْ صَلَحَ ﴾ أي ومعهم الصالحونَ ﴿ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ﴾ -والذرية هي الأبناء (ذكورًا كانوا أو إناثًا) - ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴾ لِتَهنئتهم بدخول الجنة - قائلينَ لهم -: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾: أي سَلِمْتم مِن كل سُوءٍ بسبب صَبْركم في الدنيا، ﴿ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾: أي فنِعْمَ العاقبة المحمودة في الدار الآخرة، وهي الجنة. الآية 25: ﴿ وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ ﴾ يعني: وأمّا الأشقياء الذين لا يُوفون بعهد الله﴿ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ ﴾ أي مِن بعد عَهْدِهِ الذي أخَذَهُ عليهم - بتوحيدهِ - وَهُم في ظَهر أبيهم آدم (وقد أكَّدَ سبحانه هذا العهد بإرسال الرسُل وإنزال الكُتب)، ﴿ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ بعمل المعاصي ونَشْر الشرك والفساد ﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ أي لهم الطرْد من رحمة اللهِ ﴿ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ﴾: أي لهم العاقبة السيئة في الدار الآخرة، وهي جهنم (التي يَذوقونَ فيها العذابَ الشديدَ الذي يَسُوءهم). الآية 26:﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ يعني: اللهُ وحده الذي يُوَسِّع الرزق على مَن يشاءُ مِن عباده ﴿ وَيَقْدِرُ ﴾: أي ويُضَيِّق على مَن يَشاءُ منهم (فالتصرّف كله بيديه سبحانه، وله الحِكمةُ البالغة في تضييق الرزق وتوسعته؛ لأنه - سبحانه - الأعلمُ بما يُصلِح عباده مِن الفقر والغنى)، ﴿ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ أي: وفَرِحَ الكفار بالسعة في الحياة الدنيا (ولم يَعلموا أنّ اللهَ يُعطي الدنيا لمن يُحب ولمن لا يُحب؛ لأنها لا تساوي عنده جناح بَعوضة)، ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ ﴾ يعني: وما هذه الحياة الدنيا بالنسبة للآخرة إلا شيءٌ قليل (يُتمتَّعُ به قليلًا ثم يَزولُ سريعًا). الآية 27، والآية 28:﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: ﴿ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ﴾ يعني: هَلاَّ أُنزَلَ اللهُ مُعجزة مَحسوسة على محمد، كمُعجِزة موسى وعيسى، ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ ﴾ من المُعاندين، فلا يَهتدون ولو رأوا جميع المُعجِزات، ﴿ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ ﴾ أي: ويَهدي سبحانه - إلى دينه - مَن رجع إليه بالإيمان والطاعات، وتابَ إليه من الشرك والعِصيان، وهؤلاء هم ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾ بالحق لَمَّا جاءهم ﴿ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ وتوحيده، ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ يعني: ألاَ بطاعة الله وذِكره تطمئن القلوب المؤمنة وتَأنس، وتَسعد بخالقها (واعلم أنّ أفضل الذكر هو ما كانَ باللسان مع حضور القلب، ويَجوز الذكر باللسان فقط - فالذي يَذكر خيرٌ من الذي لا يَذكر - ولكنه أقلّ درجةً مِمن يَذكر بلسانه وقلبه). الآية 29:﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ ﴾ أي لهم حياةٌ طيبة في الدنيا، ﴿ وَحُسْنُ مَآَبٍ ﴾ أي: ولهم مَرجع حَسَن في الآخرة إلى جنة اللهِ ورضوانه، (واعلم أنّ طُوبَى هي شجرةٌ في الجنة، مَسِيرة مائة عام، تَخرج ثياب أهل الجنة من أكمامها، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم) (انظر حديث رقم: 3918 في صحيح الجامع). الآية 30، والآية 31: ﴿ كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ ﴾ يعني: وكما أرسلنا المُرسَلين قبلك أيها الرسول، فكذلك أرسلناكَ ﴿ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ ﴾ أي قد مَضَتْ مِن قبلها أُمَم المُرسَلين، ﴿ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ﴾: أي لتقرأ القرآنَ على هذه الأُمَّة (تذكيرًا لهم وتعليمًا، ونِذارةً وبِشارة)، ﴿ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ ﴾ أي: ولكنّ كفار قومك يَجحدون بوحدانية الرحمن واستحقاقه وحده للعبادة، ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ هُوَ رَبِّي ﴾، ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾ أي لا معبودَ بحق إلا هو، ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾: أي عليه اعتمدتُ وَوَثقتُ في حِفظي ونَصري وفي كل أموري ﴿ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾ يعني: وإليه وحده رجوعي بالإيمان والطاعة، والدعاء عند الكرب والحاجة، وتوبتي فيما عاتبني عليه ربي. ♦ ثم رد الله تعالى على الكافرين الذين طلبوا إنزال المُعجزات على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ﴿ وَلَوْ أَنَّ قُرْآَنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ ﴾ يعني: ولو أننا أنزلنا قرآنًا يُقرأ، فتزول به الجبال عن أماكنها ﴿ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ ﴾: يعني أو تتشقق به الأرض أنهارًا ﴿ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى ﴾: يعني أو يَحيا به الموتى وتُكَلَّم - كما طلبوا منك - ما آمَنوا به إلا أن يَشاء الله. ♦ وهذا يُشبه قوله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴾، ولذلك قال بعدها: ﴿ بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ﴾ يعني: بل للهِ وحده الأمر كله في إنزال المُعجزات وفي هداية مَن يَشاء، ﴿ أَفَلَمْ يَيْئَسِ الَّذِينَ آَمَنُوا ﴾: يعني: أفلم يَعلم المؤمنونَ ﴿ أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ من غير مُعجِزة؟، إذًا فليَتركوا له الأمْرَ سبحانهُ يَفعل ما يشاء ويَحكم ما يريد، (واعلم أن اللفظ: "يَيْئَس" يأتي أحيانًا بمعنى "يَعلم"، وهذا في إحدى لغات العرب، وقد نزل القرآن بلُغَة العرب). ﴿ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ ﴾ أي تَنزل بهم مصيبةٌ - بسبب كُفرهم - فيُصيبهم عذابها، ﴿ أَوْ تَحُلُّ ﴾: يعني أو تنزل تلك المصيبة ﴿ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ ﴾ فيُصيبهم الخوف مِن تجاوُزها إليهم، ولا يزالون كذلك ﴿ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ﴾ بالنصر عليهم (كما حدث في فتح مكة) ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾، (واعلم أن القارعة هي المصيبة التي تَقرع القلوب بالخوف والفزع والهم والحزن، وقد سَمَّى اللهُ يوم القيامة بالقارعة لشدته وأهواله). الآية 32: ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ أيها الرسول كما استهزأ الكفار بدَعْوَتك ﴿ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ﴾: أي فقد أمهلتُ الكافرين المُستهزئين من الأمم السابقة حتى قامت عليهم الحُجَّة ﴿ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ﴾ بعقابي، ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾؟! لقد كان شديدًا مُهلِكًا، (وفي هذا تهديدٌ ووعيدٌ لكفار قريش، وفيه أيضًا تصبير للنبي صلى الله عليه وسلم على ما يَلقاهُ مِن أذى قومه). الآية 33، والآية 34:﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ يعني: هل الذي خلق النفس البشرية ويَرزقها ويَعلم أعمالها ويُحاسبها عليها - وهو الله سبحانه - أحَقّ أن يُعبَد، أم هذه المخلوقات العاجزة التي لا تَعلم شيئًا عن عابِدِيها؟! ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ ﴾ مِن خَلْقه يَعبدونهم، ﴿ قُلْ ﴾ لهم - أيها الرسول -: ﴿ سَمُّوهُمْ ﴾: أي اذكروا صفاتهم - فإنكم لن تجدوا فيها شيئًا يَجعلهم يَستحقون العبادة - ﴿ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ ﴾: يعني أم تُخبِرونَ اللهَ بشركاء في أرضه لا يَعلمهم؟! ﴿ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ ﴾: يعني أم تُسَمُّونهم "شركاء" بمجرد إطلاق اللفظ عليهم من غير أن يكون لهم حقيقة؟! ﴿ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ ﴾ يعني: بل حَسَّنَ الشيطانُ للكفار قولهم الباطل وصَدَّهم عن دين الله، ﴿ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ أي فليس له أحدٌ يُوفقه إلى الحق والرشاد، ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ بالقتل والأسْر والذل والفضيحة، ﴿ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَقُّ ﴾ أي أثقل وأشد ﴿ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ ﴾: أي وليس لهم مانع يَمنعهم من عذاب الله تعالى. الآية 35: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ﴾ أي: وَصْف الجنة - التي وَعَدَ اللهُ بها عباده المتقين - أنها ﴿ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ أي أنهارُ الماء والعسل واللبن والخمر، ﴿ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ﴾: أي طعامها لا يَنقطع، وظِلُّها لا يَزول ولا يَنقص، ﴿ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾ أي: هذه الجنة هي عاقبة الذين خافوا اللهَ فاجتنبوا معاصيه وأدَّوا فرائضه، ﴿ وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ ﴾ أي وعاقبة الكافرينَ هي نار جهنم (نسألُ اللهَ العافية لنا ولإخواننا المؤمنين مِن شرِّ جهنم). الآية 36:﴿ وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ ﴾ أي: والذين أعطيناهم الكتاب من اليهود والنصارى - مِمَّن آمَنَ بك منهم - كعبدالله بن سَلام والنَجاشي ﴿ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾ من القرآن، لمُوافقته لِمَا عندهم، ﴿ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ ﴾ أي: ومِن المُتَحَزبين على الكفر ضِدَّكَ يُنكِرون بعض المُنَزَّل عليك، ﴿ قُلْ ﴾ لهم أيها الرسول: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ ﴾، وهذا كقوله تعالى في آيةٍ أخرى: ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾، فإذا كنتم تُنكِرونَ بعض القرآن، فخُذوا منه ما لا تستطيعونَ إنكاره (وهو عدم الشرك باللهِ تعالى)، فقد كان النصارى يَتبرؤون من الشرك، وفي نفس الوقت يَعبدون عيسى عليه السلام. ♦ وهذا مِن بلاغة القرآن: (إلزامُ الطرف الآخر بالحُجَّة)، فإنه قال لهم أولًا: (أُمِرْتُ أن أعبد الله)، لأنه لا يَختلف في ذلك أحدٌ من أهل الكتاب، ثم قال لهم بعد ذلك: (ولا أُشْرِكَ به)، وذلك لإبطال عبادتهم لعيسى عليه السلام. ♦ ثم أمَرَه سبحانه أن يقول لهم: ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُو ﴾: أي أدعو الناسَ إلى توحيد اللهِ وعبادته (كسائر الرسل مِن قبلي)، فأنا مأمورٌ بالدعوةِ إليه وحده بهذا القرآن، وليس لي أن أختار منه شيئًا وأترك الآخر، فليس معنى أنكم تنكرون بعضه، أن أتَّبع أهوائكم وأُبَلِّغكم ما يُرضِي أسماعكم، وإنما أُبَلِّغكم كل ما يُوحَى إليّ من ربي ﴿ وَإِلَيْهِ مَآَبِ ﴾ يعني: وإليه وحده أَرجع في كل أموري، وإليه وحده مَرجعي بعد موتي فيُجازيني بما قمتُ به من الدعوة إلى دينه. الآية 37: ﴿ وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ﴾ يعني: وكما أنزلنا الكتب على الأنبياء بلسان أقوامهم، فكذلك أنزلنا إليك هذا القرآن بِلُغَة العرب لتَحكُمَ به، ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ يعني: ولئن اتَّبعتُ أهواء المشركين في عبادة غير اللهِ تعالى ﴿ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ﴾ - بأنك على الحق وهُم على الباطل - ﴿ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ ﴾: أي ليس لك حينئذٍ مِن ناصرٍ يَنصرك ويَمنعك من عذاب اللهِ تعالى. الآية 38: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ - هذا رَدٌّ مِن اللهِ تعالى على المشركين الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما لك تتزوج النساء؟)، فإنما هو بَشَرٌ كسائر الرسل مِن قبله - ﴿ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآَيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ - وهذا رَدٌّ عليهم أيضًا عندما قالوا: (لو كانَ رسولًا لأَتَى بما طَلَبْنا من المعجزات)، فليس في استطاعة رسولٍ أن يأتي بمعجزةٍ أرادها قومه إلا بإذن الله -فـ ﴿ لِكُلِّ أَجَلٍ ﴾ - يعني لكل أمْرٍ مُحَدّد بوقت -: ﴿ كِتَابٌ ﴾ كَتَبَ اللهُ فيه ذلك الأجل، لا يَتقدم عنه ولا يَتأخر. الآية 39: ﴿ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ﴾ أي يَنسخ اللهُ ما يشاء من الشرائع والأحكام بحسب حاجة عباده، ويُبْقِي ما هو صالحٌ لهم ونافع، فما مَحَاهُ تعالى فهو المنسوخ، وما أبقاهُ فهو المُحكَم (وفي هذا رَدّ على إنكارهم لِنَسْخ بعض الأحكام، كاستقباله لبيت المَقدس ثم الكعبة)، فأعلَمَهم سبحانه أنه ذو إرادة ومَشيئة لا تَخضعان لإرداة الناس ومَشيئاتهم، ﴿ وَعِنْدَهُ ﴾ تعالى ﴿ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ وهو اللوح المحفوظ الذي حَوَى كل المقادير، فلا يَدخله تبديلٌ ولا تغيير، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: (رُفِعَتْ الأقلام وجَفَّت الصحف). ♦ وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم: (مَن سَرّهُ أن يُبسَط له - (أي يُوَسَّع له) - في رزقه، ويُنسَأ له - (أي يُؤخَّر له) - في أجَله: فليَصِل رَحِمَه)، فهذا معناه أن اللهَ تعالى كتب في اللوح المحفوظ أن فلانًا يَصل رَحِمَه، ولذلك سأوَسِّع له في رزقه كذا، وأؤخِّر له أجَله إلى وقت كذا، (فصِلَةُ الرحم سببٌ في توسعة الرزق وطول العمر)، وكذلك الحال في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يَرُدُّ القضاءَ إلا الدعاء)، فإن الدعاء سببٌ في رَد البلاء عن العبد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسلم يدعو بدعوةٍ ليس فيها إثم ولا قطيعة رَحِم، إلا أعطاهُ اللهُ بها إحدى ثلاث: إما أن يُعَجِّل له دَعْوَته، وإمّا أن يَدخِرها له في الآخرة، وإما أن يَصرف عنه من السوء مِثلها) (انظر صحيح الترغيب والترهيب ج:2). الآية 40، والآية 41:﴿ وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ ﴾ يعني: وإمَّا أن نُرِيَكَ - أيها الرسول - في حياتك بعض العقاب الذي توَعَّدْنا به أعداءك (كما حدثَ في بدر) ﴿ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾ قبل أن نُرِيَكَ ذلك فيهم: ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ﴾: أي ففي الحالتين ما عليك إلا تبليغ الدعوة، ﴿ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ﴾ والجزاء. ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾؟ وذلك بفتح المسلمين لبلاد المشركين وإلحاقها ببلاد المسلمين، وبهذا تنقص أرض الكفر، وتزداد أرض الإيمان، ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ (وذلك لأن حُكمه سبحانه مُشتمِلٌ على العدل التام، أما غَيره تعالى فقد يُصِيبُ في قوله ويُخطئ، وقد يَعدِلُ في حُكْمِهِ ويَظلم)، ﴿ وَهُوَ ﴾ سبحانه ﴿ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ فلا يَشغله شيءٌ عن آخر، ولا يُتعِبُهُ إحصاءٌ ولا عدد. الآية 42: ﴿ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ أي دَبَّرَوا المَكايد لِرُسُلهم (كما فَعَلَ هؤلاء معك)، ﴿ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا ﴾ أي فيُبطِلُ سبحانه مَكْرَهم، ويُعيده عليهم مِن حيث لا يشعرون، لأنه سبحانه ﴿ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ مِن خيرٍ أو شر (ومِن ذلك عِلمُهُ تعالى بمَكْرهم)، فأين مَكْرُ مَن يَعلمُ كل شيء مِن مَكْرِ مَن لا يَعلم شيئًا؟! أفلا يَفهم كفار قريش هذا فيَكُفوا عن مَكْرهم برسول اللهِ ودَعْوَتِه؟! ﴿ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ ﴾ - عند لقاء ربهم يوم القيامة - ﴿ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ﴾: أي لمن تكون العاقبة المحمودة في الدار الآخرة؟ إنها للرسل وأتْباعهم، (وفي هذا تهديدٌ ووعيدٌ للكافرين). الآية 43: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ للنبي محمد: ﴿ لَسْتَ مُرْسَلًا ﴾: أي ما أرسلك اللهُ إلينا، ﴿ قُلْ ﴾ لهم: ﴿ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ فشهادته تعالى لي بالنبوَّة هي ما أعطاهُ لي من المُعجِزات الباهرات (كانشقاق القمر وغير ذلك)، وكذلك وَحْيُهُ إليَّ بهذا القرآن الذي أُنذِرُكُم به، والذي لا يستطيعُ أن يقوله بَشَر، وأنتم تعلمون ذلك لأنكم أبْلغ البَشَر، هذا أولًا، وثانيًا: ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ﴾: أي وتَكفيكم أيضًا شهادة علماء اليهود والنصارى، مِمّن آمَنَ برسالتي، واتَّبعَ الحق فصَرَّحَ بتلك الشهادة ولم يَكتمها. [1] وهي سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأن ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير. • واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحديًا لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحيانًا نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |