شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13156 - عددالزوار : 348103 )           »          الحياة الإيمانية والحياة المادية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 65 )           »          وَتِلْكَ عَادٌ... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 191 )           »          معركة شذونة.. وادي لكة.. وادي برباط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 124 )           »          أخــــــــــلاق إسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 563 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2525 )           »          من أساليب التربية في القرآن الكريم ، أسلوب الحكيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 154 )           »          موقظة في تعريف عقد البيع في الفقه الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 107 )           »          الوجيز في أحكام التداولات المالية المعاصرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 131 )           »          حكم التورق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 111 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 24-09-2021, 03:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,280
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي

شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع
(باب صلاة الجماعة)
شرح فضيلة الشيخ الدكتور
محمد بن محمد المختار بن محمد الجكني الشنقيطي
الحلقة (127)

صـــــ(1) إلى صــ(6)

شرح زاد المستقنع - باب صلاة أهل الأعذار
الإسلام دين يسر ورحمة، ومن تيسيره على العباد أن جعل لمن كان به عذر صفة خاصة في الصلاة بحسب استطاعته، فمن كان مريضاً صلى قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب، ويومئ إيماءً، ومن كان في سفينة وقدر على القيام في الصلاة قام، وإن لم يقدر صلى قاعداً، ومن كان على راحلة وحضر وقت الفرض وكان هناك وحل ونحوه، صلى على راحلته وهذا كله يدل على يسر الإسلام ورحمته بالناس.
صفة صلاة أهل الأعذار
[كيفية صلاة المريض]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله: [باب صلاة أهل الأعذار].
أي في هذا الموضع سأذكر لك جملة من المسائل والأحكام التي تتعلق بالمعذورين.وهذا الباب من أهم الأبواب، نظراً لأنه تعم به البلوى،
خاصة وأن المرضى يكثر تساؤلهم:
كيف يصلون؟ وقد يكون الإنسان مريضاً في نفسه أو في جسده، وقد يكون في بيته المريض فيسأله، وقد يسأل عامة الناس عن مثل هذه المسائل والأحكام.وقد اعتنت نصوص الكتاب ونصوص السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ببيان الرخص وأهل الأعذار.فبعد أن فرغ رحمه الله من أهل الأعذار في شهود الصلاة مع الجماعة شرع في أهل الأعذار الذين يعذرون في صفة أداء الصلاة.فهناك من يعذر في شهود الصلاة، وهناك من يعذر في كيفية أداء الصلاة، وهذا الباب من أهم الأبواب؛ لأن مسائل الناس تكثر عنه، وهو صلاة المريض وما في حكمه.
قال رحمه الله تعالى: [تلزم المريض الصلاة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب] قوله: [تلزم المريض الصلاة قائماً] أي: إذا أطاق ذلك وقدر عليه،
والأصل في ذلك قوله سبحانه وتعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة:6]، فدل على أن من يصلي يكون قائماً.
وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته: (إذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة ثم كبر)، وقال عليه الصلاة والسلام لـ عمران بن حصين: (صل قائماً).فالأصل أن يصلي الإنسان قائماً، والمريض مطالب بالصلاة قائماً، ولكن إذا أطاق القيام، وأما إذا كان عاجزاً عنه ففيه التفصيل.وهذا هو نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله عمران بن حصين، وكانت بـ عمران رضي الله عنه وأرضاه بواسير فاشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما يجده،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
(صل قائماً)، فدل هذا على الأصل.
ولذلك نقول: الأصل في المصلي أن يصلي قائماً بنص الكتاب ونصوص السنة التي ذكرنا، ولقوله عليه الصلاة والسلام لـ عمران وهو مريض: (صل قائماً).
قوله: [فإن لم يستطع فقاعداً].أي: لا يستطيع أن يقوم، كأن يكون الإنسان مصاباً بالشلل والعياذ بالله، فإنه حينئذٍ ينتقل إلى الرخصة، فشرط إيجاب القيام الاستطاعة والقدرة،
لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286].
والمريض إذا لم يستطع القيام فله حالات:
الحالة الأولى: أن لا يستطيعه بالكلية، فحينئذٍ يصلي جميع الصلوات قاعداً بلا إشكال.
الحالة الثانية: أن يطيق بعض القيام دون بعض، فحينئذٍ يلزمه القيام بقدر ما يطيق،
ويأتي هذا على صورتين:
الأولى: أن يستطيع القيام من أول الصلاة ثم يضعف، فالرخصة له بعد ضعفه،
فنقول له:
افتتح الصلاة وصل قائماً، فإذا أحسست بالعناء والمشقة جلست.
الثانية: أن يكون العكس، كأن يبتدئ الصلاة عاجزاً ثم يجد الخفة والنشاط،
فنقول:
تُلزَم بالقيام، ويلزمك أن تتم قائماً.وقد أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم الصورة الثانية، حيث كان في قيام الليل يصلي قاعداً لما بدُن وكثر لحمه عليه الصلاة والسلام وأسن صلوات الله وسلامه عليه، فكان لا يطيق طول القيام؛ لأنه كانت ركعته بما يقارب البقرة وآل عمران والمائدة، حتى إن قدمه تتفسخ من طول القيام صلوات الله وسلامه عليه.
فلما كبر وضعف في آخر سنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي قاعداً،
تقول أم المؤمنين:
حتى إذا بقي قدر مائة قام.فجعل الإطاقة بعده،
ولذلك يقولون:
إذا كان الإنسان بمثل هذه الحالة فالأفضل أن يجعل ذلك في الثانية.أما إذا كان في الفرض فإنه يبتدئ بقدرته، ثم إذا وجد الضعف ترخص عند وجود الضعف.وأما جلسة المريض فهناك من يجلس متربعاً، وهناك من يجلس مفترشاً، وهناك من يجلس متوركاً كجلسة التشهد، فهل يصلي قاعداً متربعاً، أو يصلي قاعداً كقعدة التشهد؟ هذه المسألة فيها قولان للعلماء، فمن العلماء من قال يتربع.
وفيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وآثار عن بعض أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وقال بعضهم بل يفترش.
وقد أشار إليهما الإمام ابن المنذر رحمه الله في الأوسط، وكذلك أشار إليها الإمام الطبري في اختلاف الفقهاء.هذان الوجهان مشهوران عن أهل العلم،
فالذين يقولون:
يجلس جلسة المتشهد قالوا: لأنها جلسة صلاته، إذ لا يعرف في الصلاة أن يجلس متربعاً، وإنما جلسته في الصلاة لما يُصلي ويبلغ الجلسة بين السجدتين أو التشهد، ما عهدنا من الشرع أنه يجلس كجلسة التشهد.
وبناءً على ذلك قالوا:
إنه يجلس مفترشاً.والصحيح أنه يجلس جلسة المفترش، ولا حرج عليه أن يجلس جلسة المتربع، خاصة إذا كان يحتاج إليها، أما جلسة الافتراش فإنها أشبه عند طائفة من السلف رحمة الله عليهم؛ لأنها هي جلسة الصلاة.والحديث الذي ورد في تربعه عليه الصلاة والسلام فيه كلام لا يخلو من ضعف،
فقالوا:
إنه يجلس جلسة المتشهد.والدليل على أنه يجوز له أن يصلي على هذه الصورة أن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق،
فقال عليه الصلاة والسلام:
(صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)، فمن جلس متربعاً فهو قاعد، ومن جلس مفترشاً فهو قاعد،
لقوله عليه الصلاة والسلام في المفترش:
(إذا قعد أحدكم للتشهد)، فسمَّى جلسة التشهد ووصفها بكونها قعدة.ولذلك يكون الافتراش أولى وأشبه لأنه على صفة الصلاة؛
لقوله: (إذا قعد أحدكم للتشهد)، ولأنها جلسة معهودة، فهو أولى وأحرى.
لكن هنا مسألة وهي: لو أن إنساناً يصلي قاعداً بين القائم والجالس، كمن يصلي على كرسي ونحوه، فهذا فيه تفصيل، فإن كان جلوسه لوجود العلة وما يوجب ارتفاقه بعلو ونشز فلا إشكال في جواز ذلك وحله.
وأما إذا كان من دون حاجة، كأن يرى ذلك أيسر له، وأريح لنفسه وأجم لجسمه فإنه حينئذٍ ينبغي عليه أن يجلس في الأرض؛ لأنه ليس هناك ما بين القيام والقعود، فإما أن يقف على الأصل الذي أمر به الشرع، وإما أن يجلس؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)، فلم يجعل ما بينهما موضعاً للرخصة، وإذا كان به علة أو مرض يمتنع معه نزوله إلى الأرض، كمن يكون به الضرر تحت ركبته، أو يكون عنده مرض يمنعه من النزول إلى الأرض فحينئذٍ يجلس على كرسيه.فإذا جلس على كرسيه يبتدئ تكبيرة الإحرام واقفاً فيكبر، ثم إذا أطاق القيام قرأ الفاتحة وصلى قائماً بقدر ما يطيق، ثم يجلس إذا لحقه العناء والمشقة، أما أن يكون قادراً على القيام ويجلس مباشرة ويكبر وهو جالس فلا يجزيه، إنما يجزيه أن يكبر قائماً؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(إذا قمت إلى الصلاة فاستقبل القبلة وكبر).فدل على أن التكبير يكون حال القيام،
وعلى هذا فلابد وأن يفصل في مثل هذا بالآتي:
أولاً: أنه لا يجلس على الكرسي من دون حاجة، وإن جلس خالف الأصل الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لـ عمران: (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً)، فهذا ليس بقائم ولا قاعد في الصورة، وإن كان قاعداً في الحكم.ثانياً: أن يكون محتاجاً لهذا الجلوس، فيكبر تكبيرة الإحرام قائماً ثم يجلس، ولا يكبرها وهو جالس متى أطاق التكبير وهو قائم.
قوله: [فإن لم يستطع فعلى جنب] هذا هو تكملة حديث عمران: (فإن لم تستطع فعلى جنب)، والجنب: هو شق الإنسان الأيمن أو الأيسر.وقد اختلف العلماء في تعيين الجنب،
فقال بعضهم:
على جنبه الأيمن ويستقبل القبلة، وذلك لأنها صفة مَن في اللحد؛ إذ يوجه للقبلة على هذه الصفة.وقال بعضهم: على شقه الأيمن أو الأيسر أيهما شاء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق.والمذهب الأول أحوط،
خاصة وأن الحديث يقول:
(قبلتكم أحياءً وأمواتاً)، وهو حديث حسنه بعض العلماء رحمة الله عليهم، والعمل بالإجماع عليه في القبور.
وبناءً على توجيه الميت في قبره على هذه الصفة لفضل اليمين نقول:
إذا أطاق الجنب الأيمن فإنه أولى وأحرى وفيه خروج من الخلاف،
وفيه استئناس بالسنة المقيدة:
(قبلتكم أحياءً وأمواتاً).فدل على أن استقبال القبلة حال الاضطجاع إنما يكون بالشق الأيمن لا بالشق الأيسر، وهذا إذا أطاقه.وأما إذا لم يطق الشق الأيمن فإنه ينتقل إلى الشق الأيسر ولا حرج، فإذا انتقل إلى الشق الأيسر فإنه يجعل القبلة في وجهه.فيصلي على جنبه على التفصيل الذي ذكرناه من كونه إذا كان يطيق الجنبين يصلي على جنبه الأيمن للحديث الذي ذكرناه، ولاستقبال القبلة استئناساً بالفعل بالميت حال تقبيله في لحده.وأما إذا كان لا يطيق الأيمن، أو فيه حرج عليه ومشقة فينتقل إلى الأيسر، لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]،
فيدخل الشق الأيسر لعموم قوله:
(فإن لم تستطع فعلى جنب)، وهذا على جنب.
قال رحمه الله تعالى: [فإن صلى ورجلاه إلى القبلة صح].
وذلك بأن يكون مستلقياً كهيئة النائم،
فقالوا:
تصح صلاته.وهذا قول طائفة من السلف رحمة الله عليهم، وله أصل،
وهو قوله عليه الصلاة والسلام:
(صلاة النائم على النصف من صلاة القاعد)، فجعل النائم -وهو من استلقى- آخذاً نصف صلاة القاعد،
كما في حديث:
(صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم، وصلاة النائم على النصف من صلاة القاعد)، قالوا: فسماه مصلياً حال استلقائه على قفاه.
وبناءً على ذلك فإنه إذا اضطجع ونام على قفاه ووجهه إلى السماء قالوا: يُرفع صدره قليلاً، وهو التقبيل للميت، فيكون جذعه الأعلى إلى جهة القبلة، بحيث لو قام كان أول ما يباشره القبلة، وهكذا يكون التقبيل، وكذلك في الصلاة.وهذا وجه صلاة المريض مستلقياً مع القدرة على القيام للمداواة
قال رحمه الله تعالى: [ولمريض الصلاة مستلقياً مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب مسلم] قوله: [لمريض الصلاة مستلقياً] هذا إذا كان العذر الدواء والعلاج، كما في بعض الأمراض الجراحية في بعض الأعضاء التي لا يستطيع معها أن يركع ولا يسجد ولا يقف، فحينئذٍ إذا كان على الفراش بحيث لا يستطيع أن يقوم فإنه يصلي على هذه الحالة.
كذلك لو كان يتداوى، فلو كان المرض في عينيه وأُلزم بوضع معين لا يستطيع معه القيام ولا يستطيع معه الركوع ولا السجود،
وقيل له:
إن قمت أو ركعت أو سجدت فإنه سيحدث الضرر فإنه في هذه الحالة يصلي وهو مستلقٍ، لكن بشرط أن يكون ذلك بشهادة طبيب مسلم.ووجه هذا أن احتمال وقوع الضرر بغلبة الظن كوجوده؛
لأن القاعدة:
(الغالب كالمحقق)، فلما غلب على ظننا أنه لو صلى قائماً أو ركع أو سجد يصاب بالضرر والأذى، أو أن علاجه لا يتمكن منه الطبيب، فإنه حينئذٍ يعتبر هذا رخصة، كما لو كان مريضاً لا يطيق القيام والركوع والسجود.وهذا قول جمع من السلف، وأُثر عن ابن عباس رضي الله عنه، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً روي عن ابن عباس أنه شدد في ذلك،
حتى قالوا:
إن سبب العمى الذي بلي به رضي الله عنه وأرضاه أنه نصحه الطبيب في علاجٍ وضعه له أن لا يسجد، فامتنع وسجد فكُفَّ بصره رضي الله عنه وأرضاه، فهذا مما ذكروه.
فالشاهد أنه كان بعض السلف يشدد في هذه المسألة ويقول: التداوي ليس كالمرض الذي يمنع.والصحيح أنه ينزل منزلة المرض المانع، وإنه إذا كان بالإنسان عملية جراحية، أو يتداوى من مرض في جوفه أو في صلبه أو في عينيه، أو نحو ذلك من الأمراض التي تكون في مواضع الجسم المختلفة،
وقيل له:
إنه لا يتم علاجك إلا إذا امتنعت من الركوع، أو امتنعت من السجود، أو امتنعت من القيام فإنه يمتنع، بشرط أن يكون الطبيب الذي يخبره عدلاً مسلماً.
والسبب في ذلك أنها أمور الديانات، وأمور الديانات لا يُجتزأ فيها إلا بشهادة الثقة العدل، وأما إذا كان غير ثقة وغير عدل فإنه يُنتقل إلى من هو أعدل منه.فإذا وجد الطبيب المسلم الذي يشهد له بهذا فلا إشكال،
وحينئذٍ إذا قال له الطبيب الكافر:
ينبغي عليك أن تصلي مستلقياً.فإنه لا يسمع قوله حتى يشهد الطبيب المسلم؛ لأن وجود الطبيب المسلم يغني عن شهادة الكافر.
والسبب في ذلك أن الكافر لا يُوثق بقوله في الديانات، وقد كان بعض أئمة السلف رحمة الله عليهم -مثل الإمام أحمد رحمه الله- يستطب عند اليهودي والنصراني،
فيقول الراوي:
كان يستطبه بمعنى أنه يتعالج عنده ويعتمد على ما يصفه له من دواء.فإذا نهاه عن أمر من أمور الديانة،
كأن يقول له:
لا تصم.أو: صلِّ قاعداً.لم يطع في ذلك لمكان التهمة، وهذا إذا لم يوجد المسلم، وإذا وجد المسلم فعلى حالتين:
الأولى: أن يوجد العدل وغير العدل، فحينئذٍ ينبغي اعتبار شهادة العدل دون غير العدل.
الثانية:
أن لا يوجد العدل، بأن يكون الأطباء ليس فيهم مَن تتوفر فيه شروط الشهادة المعتبرة، فحينئذٍ يؤخذ بأمثلهم.وهذه قاعدة قررها جمع من المحققين، كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن فرحون في تبصرة الحكام، حيث بين فيها أنه يرجع إلى الأمثل في مثل هذا إذا تعذر وجود العدل في أهل الصنعة.
فالقاضي لو احتاج إلى قول أهل الخبرة في الخصومات والنزاعات من مهندسين أو أطباء ولم يجد العدل فإنه يأخذ أمثلهم، وهو من وُجدت فيه صفات أفضل من غيره.وعلى هذا فإما أن يوجد المسلم والكافر، فلا يجوز أن يقبل شهادة الكافر مع وجود شهادة المسلم، وإما أن لا يوجد الطبيب المسلم، كأن يكون هذا المرض الذي به لا يحسنه إلا طبيب كافر، أو في بلد ليس فيه إلا كفار، فحينئذٍ يأخذ بشهادة أمثلهم، وله أن يأخذ بذلك.
وهذه المسألة تكلم عليها الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية بكلام نفيس في الفتاوى المصرية، بيّن فيه رحمة الله عليه أن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستعانة بالكافر والمشرك إذا أُمنت منه المفسدة، وذكر لذلك الأدلة الصحيحة،
ومنها حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم استأجر رجلاً من بني الديل هادياً خريتاً).وهو عبد الله بن أريقط، والحديث ثابت في الصحيحين، ووجه ذلك أنه مكَّنه من السير معهما في الهجرة، والهجرة يُسلك فيها مسالك وعرة، ومسالك لا يسلكها الناس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد التخفي عن العيون، ومع ذلك مكنه النبي صلى الله عليه وسلم من السير بهما لمكان الثقة.
وكذلك ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في الزاد،
فقال:
وكانت خزاعة عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسلمهم وكافرهم.فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ بأخبارهم مع أنهم مع الشرك والكفر، لكن علم فيهم الثقة والأمانة.وكذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر الصحابة أن يستطبوا الحارث بن كلدة، وكان على دين قومه،
ومع هذا قال:
لم يمنعه الكفر أن يأمرهم أن يستطبوه.فالشاهد من هذا كله أنه لا مانع من أخذ شهادة الطبيب الكافر إذا لم يوجد طبيب مسلم في هذا المرض الذي يحتاج المسلم لعلاجه، أو كان المسلم في بلد فيه كفار وأطباء كفار ولا يوجد المسلم فإنه يعمل بشهادتهم وقولهم.
[كيفية الصلاة في السفينة]
قال رحمه الله تعالى:
[ولا تصح صلاته في السفينة قاعداً وهو قادرٌ على القيام] الإشكال في الصلاة في السفن أنها تتقاذفها الأمواج، ولا يستقر الراكب فيها، خاصة عند اشتداد الموج.ولذلك تكون أحوالهم مختلفة -أعني الملاَّحين، أو من يكون في السفينة-، فإن أطاقوا القيام بأن سكن الموج، وأمكنهم أن يقوموا فإنه يجب عليهم أن يقوموا ويصلوا قياماً، فلو أنهم في هذه الحالة وهم قادرون على الصلاة قياماً صلوا قعوداً بطلت صلاتهم؛ لأن الفريضة القيام فيها ركن كما بيناه، وهذا في الحالة الأولى، وهي أن يطيقوا القيام ويؤمن الضرر.
الحالة الثانية: أن يوجد الضرر في قيامهم، كأن يسقط الإنسان، أو يغرق، أو يسقط ويتضرر بسقوطه، كما يكون بجوار شيء عالٍ، أو على نشز داخل السفينة، فلو اضطربت به الأمواج وهو قائم ربما سقط، ففي هذه الحالة يجوز لهم أن ينتقلوا إلى القعود إن غلب على ظنهم فوات الوقت.أما لو غلب على ظنهم أن الموج سيهدأ كأن يقطعوا مسافة ويغلب على ظنهم سكون الموج، فإنهم يؤخرون الصلاة حتى يقطعوا هذه المسافة ويهدأ الموج، ثم يصلون الفرض.فإن أُمن الضرر فإنهم يصلون قياماً.وإن لم يؤمن الضرر فإنهم يصلون قعوداً.
وإن شكوا فإن الأصل وجوب القيام عليهم ولزومه، فيصلون قياماً حتى يطرأ الضرر، فإن طرأ عليهم الضرر أثناء القيام قعدوا.
[جواز الصلاة على الراحلة خشية التأذي]
قال رحمه الله تعالى: [ويصح الفرض على الراحلة خشية التأذي لوحل لا للمرض] أي: تصح الصلاة -أي: الفريضة- على الراحلة إذا خشي الأذى من الأرض إذا كانت السماء قد أمطرتها، وفي هذا حديث الترمذي،
وكذلك أحمد في مسنده:
(أن النبي صلى الله عليه وسلم أدركته الصلاة عند المضيق والسماء ممطرة والأرض بها بلة، فأقام عليه الصلاة والسلام الصلاة ثم تقدم وصلى بهم).
وهذا الحديث حديث ضعيف، وذكر الإمام الترمذي رحمه الله بعد إيراده للحديث أن العمل عند أهل العلم على هذا الحديث، واختاره جمع من السلف رحمة الله عليهم، فعندهم يصلي إذا كان هناك ضرر ومشقة بالطين والوحل.
ولكن -نظراً لضعف الحديث- إذا أمكن الإنسان أن يحتاط ويستبرئ لدينه فإنه أولى وأحرى.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,525.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,523.73 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.11%)]