عدم استطاعتي وصل زوجتي

[ابوالوليد المسلم]

عدم استطاعتي وصل زوجتي
أ. شروق الجبوري


السؤال
أنا مسافر بعدَ زواجي بشهرَيْن، وحاوَلتُ إحضار زوجتي معي؛ ولكنَّ أهلها رفضوا وأصرُّوا على بيتٍ وحدَنا، وأمَّا أبي فقال لي: إنَّ بيتنا ضيِّق، وأنا لا أستطيعُ إيجار بيتٍ وحدي، حاولت أنْ أستدين مبلغًا من المال، لكن كلَّما طلبتُ من أحدٍ رفَض، المهمُّ انتهت صلاحية الزيارة المقدمة لزوجتي، وعملت ثانية، ولما سمع عمي قال: يمكنني أنْ أسافر نهائيًّا وما تستفيد شيئًا منَّا، تعذَّبت كثيرًا في بُعْدِ زوجتي عنِّي حتى إنِّي صِرتُ لا أكلِّمها في بعض الأحيان لمدَّة، وصار أبي يغضب كثيرًا ويقول دائمًا: لا فائدة منك، حتى قال لي: اخرُج من منزلي، فكرت أنْ أبيع سيارتي وأستأجِرُ بيتًا، علم والدي وقال لي: أنا آخُذها ولو عندي نصف مهر زَواجي، واحترت، ماذا أفعل وقلبي يحترق على أهلي كلَّ يوم، حتى صِرت أتخيَّل زوجتي دائمًا جالسة معي، وكلَّما اتَّصلت عليها قالت لي: متى تبني لنا دارًا أو تُحضِرُني عندك؟ يشهَدُ الله أنِّي أحبُّها، وأنا أرى أنَّ السَّبب هو أني ليس لدي بيت، الذي يُحيِّرني: هل هذا طبعي؟ نفسي تحدثني دائمًا أنِّي مُصاب بسحرٍ! سؤالي هو: أنِّي كلَّما شرعت في عمل فقدته، ووعدت زوجتي من جديد أنِّي آتي بها هنا؛ لأنَّ أهلها قالوا لها: إنِ استأجَرَ بيتًا عملنا لكِ زيارة، فماذا أفعل؟


الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
في البداية، نود الترحيب بانضمامك إلى (شبكة الألوكة)، ونسأل الله تعالى أنْ يسخرنا في تفريج كربتك وتقديم ما ينفعك.

أخي الكريم، فهمت من المجمل العام لرسالتك المشكلة التي تعانيها وبعض تفاصيلها، ويمكن تلخيصها بوجود عوائق تَحُول دُون اجتماعك بزوجتك في مكان إقامتك الآن، وقد أثار استِغرابي رفض والد زوجتك التحاقها بك؛ لأنَّ (حالتك لا تناسبهم)، فلماذا إذًا قبولهم بتزويجك إياها من البداية؟!
فإنْ لم يكن هناك تغيُّر في وضعك الحالي عما كان عليه حين تقدمت لزواجها، وإن لم تكن قد أخفيت عن أهل زوجتك أمرًا أو أمورًا عن هذا الوضع - أجدْ من الضروري أنْ تتَّفق مع زوجك على أنْ يتوقَّف حسم الاختيار عليكما فقط ودون تأثير أو ربط بقرار لأيِّ شخص آخر، وهذا الأمر لا بُدَّ من مناقشته والاتفاق عليه مع زوجك قبل الشروع في أيِّ خطوة أخرى، فأيُّ حل أو قرار يخصُّ وضعكما لا بُدَّ أنْ يتوقَّف على اتِّفاقك معها فقط؛ لأنَّ سماحكما بتدخُّل أيِّ شخصٍ آخَر من قبلك أو قبلها سيُواجهكما مستقبلاً بمشكلاتٍ كثيرة قد تَفُوق ما تعانونه الآن، واعلم يا أخي أنَّ هذا الاتفاق والتعاهُد بينكما هو الأساس والخطوة الأولى في حلِّ مشكلتك.
أمَّا الأمر الثاني، فيتوقَّف على قُدرتك على إعادة ترتيب وضعك الاقتصادي والأسري؛ ليُلائم حاجاتك وحاجات زوجتك، والاتفاق معها على ضرورة التعامُل مع الوضع الراهن بحسَب ما هو متاح وممكن، فبما أنَّك لا تتمكَّن من توفير السكن لها حاليًّا في محل إقامتك، لا بُدَّ من البحث عن حلولٍ مؤقتة حتى إيجاد الحل النهائي بالتخطيط المناسب؛ فبإمكانك مثلاً القيام بزيارات منتظمة إلى زوجتك، أو تنظيم زيارات مؤقَّتة لها لزيارتك؛ فالزيارة المؤقتة من قبلك أو قبلها لا تتطلَّب دفع إيجارات متواصلة لا يمكنك دفعها بشكلٍ مستمر، لكنها تتطلب تأجيرًا مؤقتًا، قد يمكنك ادِّخاره بين الحين والآخَر، ويمكنك الوصول إلى ذلك بالصبر وبالتخطيط الجيد لحياتكما، حيث أرى أنَّك بحاجةٍ ماسَّة لاعتماد التخطيط وعدم التسرُّع في اتِّخاذ القَرارات إلا بعد تهيئة لها.
ولا أنصَحُ ببيع إحدى السيارات ودفعها كإيجارات لبضعة أشهُر، وأرى في ذلك إشارةً أيضًا لضعْفٍ في التخطيط؛ لأنَّك لم تستَقرِئ فترة ما بعد انتهاء هذا المبلغ، لكن يمكنك مثلاً استِثمار مَبلغها في قطعة أرض في بلدك، أو فيما هو مُتاح، وبما يُساعِدك لاحقًا في دعمك اقتصاديًّا.
أمَّا عن اعتقادك بإصابتك بالسحر، فلا أجدُه في محلِّه، فإنَّ ما تُعانيه الآن نتيجة ضغط نفسي شديد، وشُعور بالعجز عن إيفائك بالتزاماتك تُجاه زوجتك، بالإضافة إلى ضُغوط حاجاتك إلى القُرب منها، وقد يكون لهذا كله أثرٌ في عدم تمكُّنك من الحصول على عمل؛ لأنَّك غير مهيَّأ نفسيًّا لإجراء المقابلات التي يتطلَّبها؛ لذا فإنِّي أنصَحُك بحسن الظنِّ بالله تعالى، وبكثْرة الاستغفار وتلاوة الأذكار.

وأختم بدعاء الله تعالى أنْ يصلح شأنَك، ويوسع لك في الرزق، ويجمعك بزوجتك على خير، وينعم عليكما بالسكينة.