|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() مِنَ الْمُدُنِ الَّتِي أَوْدَتْ ![]() وَأَضْحَى فَجْرُهَا ذِكْرَى ![]() أمَّا ما دفع "باشراحيل" إلى الاستنجاد بالماضي بتاريخه وجغرافِيَّته - أنَّ الأمور صارت فوق طاقة النفس البشرية، وهو يطالب "منازل الوحي" أنْ تُشاركه في رثاء جزء عزيز من الوطن... فيقول في قصيدة (لبنان) ديوان (النبع الظامئ): مَنَازِلَ الْوَحْيِ إِرْثِي الْيَوْمَ لُبْنَانَا ![]() وَاسْتَمْطِري الصَّبْرَ مِنْ عَيْنَيْكِ رَيَّانَا ![]() مَالَتْ عَلَيْهِ الْأَعَادِي فِي شَرَاسَتِهَا ![]() وَقَدْ أَحَالَتْ عَرُوسَ الشَّرْقِ بُرْكَانَا ![]() وهذا المآل لَم يكن الوصولُ إليه (بيده)، ولكن (بيد عمرو) عكس ما يقول المثل العربي، وتتوالى أبياتُ القصيدة على المنوال نفسِه: مَاذَا عَلَى الشَّرْقِ؟ نِيرَانٌ مُكَثَّفَةٌ ![]() قَدِ اسْتَبَاحَ بِهَا الْأَعْدَاءُ دُنْيَانَا ![]() يَسْتَنْجِدُ الْعَدْلَ قَلْبٌ بَاتَ مُنْفَطِرًا ![]() مِمَّا اعْتَرَاهُ فَمَنْ يُصْغِي لَهُ الْآنَا ![]() وَالْغَرْبُ غَافٍ وَأَمْرِيكَا مُؤَيِّدَةٌ ![]() وَالرُّوسُ يُحْصُونَ إِنْ أَحْصَوْا ضَحَايَانَا ![]() أمَّا هذه الصورة القاتمة للواقع، فلن تبعث في نفوسنا اليأسَ الذي يرفضُه دينُنا الحنيف، ولكنَّ النهايةَ كما في آخر القصيدة: فَلاَ تَهُونُ وَلاَ تَخْبُو عَزَائِمُنَا ![]() وَلاَ يَكُونُ لِغَيْرِ الْحَقِّ نَجْوَانَا ![]() فالحقُّ - سبحانه وتعالى - هو الملاذُ، وإذا لم نرع الحق بجلاله وصفاته، فإن العاقبة سيئة، وهذا ما ينفيه باشراحيل. وإذا كانت قصيدة (صبرا وشاتيلا) في ديوان "النبع الظامئ" نهايتها: رُبَّمَا عَادَتْ لَنَا أَمْجَادُنَا ![]() ذَاتَ يَوْمٍ نَتَسَامَى رُبَّمَا ![]() ومن المعروف أنَّ كلمةَ (رُبَّما) تُفيد الاحتمالَ الضَّعيف، أو تقليل احتمالاتِ الحدوث، على العكس من كلمتي "لعلَّ وعسى"، فإنَّ قصيدةَ (نكبة اليمن) في الديوان نفسه تجبر تلك الآلامَ التي خلفتها أحداثُ "صبرا وشاتيلا"، وألقت بظلالِها في نهاية القصيدة، وتَحكمت في الأسلوبِ الشِّعْري عند تناوُل الحدث، فنهايتها تنسجمُ مع التبعات التي استجدَّت مع الأحداث، وهو يقول فيها: فَالْمُؤْمِنُونَ رِدَاءُ الْحَقِّ يَجْمَعُهُمْ ![]() وَاللَّهُ مَوْلَى مَنِ اخْتَارَ الْهُدَى سَنَدَا ![]() سُبْحَانَهُ اللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ عِزَّتُهُ ![]() وَهْوَ الَّذِي خَلَقَ الْأَكْوَانَ مُنْفَرِدَا ![]() وباشراحيل يؤرقه حال التفرق والتشرذم، الذي تهيم فيه الأمة العربية، فيتصور أنَّ الزمانَ عاد القهقرى، فيستل قلمه ليقاومَ ذلك الاعوجاج بأسلوبِه الخاص، ويكتب قصيدة (ظلال الأمس) من "ديوان الخوف"، ويصب فيها كلمات قاسية جدًّا، منها (الزيف - وهج الغبار - الظلام - القهر - اللظى - الكي - الوهن - الريب - الإزهاق - الأعاصير - الأسى - الخيانة - التعاسة - الموت...) وهكذا فإنَّ القاموس اللُّغوي لهذه القصيدة يُوحي بمدى معاناة الشاعر وهو ينسج مشاعرَه ويَخطُّها بين القوافي والأوزان، وعلى غير عادته، يختتم باشراحيل هذه القصيدة بقوله: مَرْحَى زَمَانَ الْخَالِدِينَ بِزَيْفِهِمْ ![]() مَرْحَى زَمَانَ الْكِبْرِ عَادَ أَبُو لَهَبْ ![]() وقد وصل إلى هذه النِّهاية بعد أنْ تراءى له أنَّ "الصدقَ مات مُجندلاً بين النصب"، كما يقول هو في شطر البيت قبل الأخير. وأنا أرى أنَّ عودةَ أبي لهب معناها إعادة الأمور إلى المداولة مرة أخرى بين الحق والباطل، وكما انهزم أبو لهب، فإن عودته أيضًا مصيرها الاندحار، وإن لم يقل باشراحيل ذلك صراحةً، فإن البناء الشعري للقصيدة يوحي بذلك، فبداية القصيدة: زَيْفٌ أَطَلَّ مِنَ الزَّوَابِعِ وَاقْتَرَبْ ![]() مُتَسَرْبِلاً بِالْحِلْمِ فِي أَوْجِ النُّوَبْ ![]() يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |