|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فهم القضية في ضوء السنن الكونية محمد عبدالرحمن صادق بداية أود أن أقول إن القضية التي أعنيها هنا هي قضية الإيمان والكفر، الخير والشر، العدل والظلم، السلام والحرب، الفضيلة والرذيلة، البناء والهدم، إلى غير ذلك من المتناقضات التي بينها صراع دائم ولا تتفق إلا إذا عاد اللبن للضرع، أو إذا دخل الجمل في سم الخياط، أو إذا أمطرت الأرض ونبتت السماء. وأود أن أقول كذلك أن المعنِي بهذا الكلام هما قطبي هذا الصراع وذلك ﴿ لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ﴾ (الأنفال من الآية 42). من المعلوم أن السنن الكونية - الإلهية منها والاجتماعية - هي سُنة الله تعالى في خلقه التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل ولا تنتهي ولا تُحابي مخلوق مهما كانت عقيدته وبذلك فالكون ينتظم والعالم يتزن والأمم تقود والحضارات تسود وفق السنن الكونية الثابتة وليس بالمعجزات الكونية الطارئة. لقد خلق الله تعالى الكون بما فيه ومن فيه في تناسق فريد وتناغم عجيب وتكامل لا يستوعبه عقل، فالعقل من مخلوقاته سبحانه فكيف لعقل بشري أن يُحط علماً بكون سرمدي أودعه الله تعالى من الأسرار ما لا قِبل لمخلوق بها؟ الشمس والقمر، الليل والنهار، البحار والأنهار، السماء والأرض، الذكر والأنثى، الخير والشر، الجنة والنار، الثواب والعقاب، الملائكة والشياطين، الإنسان والحيوان... إلى غير ذلك من المخلوقات التي لا يعلمها إلا الله تعالى. وهذا يوجب على المسلمين أمرين: • أولهما: الاتباع والانقياد لما أمر الله تعالى به في الأمور العقائدية دون أن يُعمِل المسلم فيه عقله إعمال المُفسر أو المُبرر أو المُؤول فلو كان الدين بالعقل ما قبَّل المسلمون حجراً أصماً ولا مسحوا على ظاهر الخف وتركوا أسفله. • وثانيهما: البحث والتنقيب عن سنن الله تعالى في كونه والاستنباط والربط بينها بما يحقق الاستفادة القصوى منها، وهذا يحتم على كل أمة أن تنهل من معين سابقيها الصافي الذي زادهم من الله تعالى قرباً وأن تلفظ وتبتعد عن كل ما وقع فيه سابقيها فزادهم عن الله تعالى بُعداً. أولاً: تعريف السُّنَّة: جاء في معجم اللغة العربية المعاصر: سُنَّة: طريقة، نهج، تصرُّف يتَّبعه أناسٌ من جماعة أو منطقة معيّنة. سُنَّة الطَّبيعة: قانونُها وناموسُها. • قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: " السنة هي العادة التي تتضمن أن يُفعل في الثاني مثل ما فُعِل بنظيره الأول، ولهذا أمر الله تعالى بالاعتبار ". وقال أيضاً: "... إن الله أخبر أن سنته لن تبدل ولن تتحول وسنته عادته التي يسوي فيها بين الشيء وبين نظيره الماضي ". • وقال ابن منظور رحمه الله في "لسان العرب": " وسنة الله: أحكامه وأمره ونهيه، وسننها الله للناس، بيَّنها، وسن الله سنة: أي بيَّن طريقاً قويماً، والسنة السيرة، حسنة كانت أو قبيحة. ثانياً: سمات السنن الإلهية: بإيجاز شديد لابد من التأكيد على أن السنن الإلهية لا تخضع للصدفة ولكنها مرتبطة ارتباطاً كاملاً بمشيئة الله تعالى وقدرته في وقوعها وفي كل أحوالها. • ولابد من التأكيد كذلك على أن السنن الإلهية تخضع لها كل المخلوقات - كل وفق ما خلقه الله تعالى له - بنظام ثابت واستمرارية ودقة متناهية على مدار كل الأماكن والأزمنة إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. • قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسيره: " سنة الله في خلقه يرفع من تخشَّع، ويضع من ترفَّع ". ثالثاً: ماذا يستفيد أهل الإيمان من معرفة السنن الإلهية في الأمم السابقة؟ لقد أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم بحسن الاعتبار بمن سبقونا من الأمم السابقة صالحها وطالحها، بارها وفاجرها، وذلك لأن الأديان السماوية إنما نزلت من مشكاة واحدة وأن الأمم ما هي إلا حلقات في سلسلة واحدة تكوِّن منظومة متكاملة من العبادة والاستخلاف كما يحب ربنا ويرضى. 1- تكمن أهمية معرفة أحوال الأمم السابقة أيضاً في أن سنن الله تعالى متكررة متى توفرت الأسباب وقعت النتائج دون محاباة ودون تعطيل ولا تأجيل ومن هنا يكمن العدل الإلهي المُطلق. 2- وتكمن أهمية معرفة السنن الإلهية في أحوال الأمم السابقة كذلك في اختصار الوقت والاستفادة من الكم الهائل من الخبرات البشرية المتراكمة في كل الأحوال والأطوار والظروف فلا يُعقل مثلاً في مجال العلم أن كل عالم يأتي نلزمه بأن يبدأ من الصفر بل علينا أن نلزمه بالاستفادة بجهود سابقيه والبناء عليها وإلا سندور في حلقة مُفرغة وستضيع كل الجهود وتبدد كل الامكانيات. 3- وتكمن أهمية معرفة السنن الإلهية في أحوال الأمم السابقة كذلك في أن الكفر ملة واحدة وقلوب الطغاة والجاحدين متشابهة على مر الزمان ولذلك كانت ردودهم على الأنبياء متشابهة. • قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ ﴾ (سبأ 34). •قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ ﴾ (الزخرف 23). 4- وتكمن أهمية معرفة السنن الإلهية في أحوال الأمم السابقة كذلك في حسن ترتيب الأولويات والموازنات وأن يكون كل شيء في مكانه الصحيح ووقته الصحيح بالقدر الصحيح والكيفية الصحيحة ففي السنن الإلهية كلما كانت المدخلات صحيحة كلما أدى ذلك إلى الحصول على مُخرجات صحيحة. 5- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى": " وإنَّما قص الله علينا قصص من قبلنا من الأمم، لتكون عبرة لنا، فنشبه حالنا بحالهم، ونقيس أواخر الأمم بأوائلها، فيكون للمؤمن من المتأخرين شبه بما كان للمؤمن من المتقدمين، ويكون للكافر والمنافق من المتأخرين شبه بما كان للكافر والمنافق من المتقدمين، ثُمَّ قال: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى ﴾ أي هذه القصص المذكورة في الكتاب ليست بمنزلة ما يفترى من القصص المكذوبة، كنحو ما يذكر في الحروب من السيرة المكذوبة ". رابعاً: بعض الآيات التي ذكرت فيها السنن الإلهية - في خلق الكون وفي الأمم - في القرآن الكريم: أ) بعض الآيات الدالة على سنن الله الإلهية في الكون: 1- قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ﴾ (الأنبياء 16). 2- قال تعالى: " ﴿ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ 30 وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ (الأنبياء 30 - 35). 3- قال تعالى: " ﴿ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ * مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ * وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ (فاطر 9 -13). 4- قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ * وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُم مِّن مِّثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ * وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنقَذُونَ * إِلَّا رَحْمَةً مِّنَّا وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ﴾ (يس 36 - 44). 5- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ (سورة ق 38). ب) بعض الآيات الدالة على سنن الله الاجتماعية في الأمم: 1- قال تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ * هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ (آل عمران 137 - 138). 2- قال تعالى: ﴿ يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ (النساء 26). 3- قال تعالى: ﴿ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ ﴾ (الأنفال 38). 4- قال تعالى: " ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الأَوَّلِينَ * وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ * كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ ﴾ (الحجر 10 - 13). 5- قال تعالى: " ﴿ وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذاً لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً * سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً ﴾ (الإسراء 76 - 77). 6- قال تعالى: ﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً ﴾ (الكهف 55). 7- قال تعالى: ﴿ مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ﴾ (الأحزاب 38). 8- قال تعالى: ﴿ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ (الأحزاب 60 - 62). 9- قال تعالى: ﴿ وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ﴾ (الفتح 22 - 23). 10- قال تعالى: ﴿ وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ ﴾ (إبراهيم 45). 11- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيراً 35 فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً * وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَاباً أَلِيماً * وَعَاداً وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيراً * وَكُلّاً ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلّاً تَبَّرْنَا تَتْبِيراً ﴾ (الفرقان 35 - 39). 12- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً ﴾ (الإسراء 89). 13- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ﴾ (الكهف 54). 14- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ ﴾ (الروم 58). 15- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ﴾ (الزمر 27). 16- قال تعالى: ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ﴾ (البقرة 214). 17- قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُواْ يَظْلِمُونَ ﴾ (الأعراف 161 - 162). 18- قال تعالى: ﴿ واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ (الأعراف 163). 19- قال تعالى: ﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (الأعراف 175 - 176). 20- قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴾ (النور 34). • هذه هي بعض الآيات التي ذكرت فيها السنن بنوعيها صراحة، ومن الملاحظ أن هناك نوعان من صيغ الخطاب وهما الصيغ الشرطية التي تؤكد العلاقة بين الشرط والجزاء، والصيغ الإخبارية التي تحمل معنى السنة من خلال سياق الآيات. خامساً: نماذج من الأحاديث النبوية عن سنن الله الإلهية في الكون وسننه الاجتماعية في الأمم: أ) بعض الأحاديث النبوية عن خلق الكون وتدبير أمره: لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أصحابه الكرام مما علمه الله تعالى عن بداية الخليقة وعن خلق الكون ليتدبروا آيات الله تعالى في خلقه فتزيدهم من الله تعالى حباً وقربا ويقيناً. 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " أخذ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيدي فقال " خلق اللهُ، عزَّ وجلَّ، التُّربةَ يومَ السبتِ. وخلق فيها الجبالَ يومَ الأحدِ. وخلق الشجرَ يومَ الاثنَينِ. وخلق المكروه يومَ الثلاثاءِ. وخلق النورَ يوم َالأربعاءِ. وبثَّ فيها الدوابَّ يومَ الخميسِ. وخلق آدمَ، عليه السلامُ، بعد العصرِ من يومِ الجمعةِ. في آخرِ الخلقِ. في آخرِ ساعةٍ من ساعاتِ الجمعةِ. فيما بين العصرِ إلى الليل " (رواه مسلم). 2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا أبا هُرَيْرةَ، إنَّ اللَّهَ خلقَ السَّمَواتِ والأرضِ وما بينَهُما في ستَّةِ أيَّامٍ، ثمَّ استَوَى علَى العرشِ يومَ السَّابعِ، وخلقَ التُّربةَ يومَ السَّبتِ، والجبالَ يومَ الأحَدِ، والشَّجرَ يومَ الاثنَينِ، والشَّرَّ يومَ الثُّلاثاءِ، والنُّورَ يومَ الأربعاءِ، والدَّوابَّ يومَ الخَميسِ، وآدمَ يومَ الجمُعةِ في آخرِ ساعةٍ منَ النَّهارِ بعدَ العصرِ، خَلقَه مِن أديمِ الأرضِ بأحمرِها وأسودِها، وطيِّبِها وخبيثِها، مِن أجلِ ذلِكَ جعلَ اللَّهُ مِن آدمَ الطَّيِّبَ والخبيثَ " (خرجه الألباني في مختصر العلو بإسناد جيد). 3- عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كتَبَ اللهُ مقاديرَ الخلائقِ قبل أن يخلقَ السَّماواتِ والأرضَ بخمسينَ ألفَ سنةٍ. قال وعرشُه على الماءِ ". وفي روايةٍ: مثلُهُ. غير أنَّهما لم يَذكرا: وعرشُه علَى الماءِ (رواه مسلم). ب) بعض الأحاديث النبوية عن أحوال الأمم السابقة وسنن الله تعالى فيهم: لقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم كذلك على ربط المسلمين بسيرة وأحوال من سبقوهم وذلك للعبرة والاتعاظ والعمل بالصالح منها والبعد كل البعد عن ما كان سبباً في غضب الله عليهم وسبباً في هلاكهم. وعندمل يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فهو يعلمنا أن ما أتى به الأنبياء إنما نزل من مشكاة واحدة وأن دورنا كمسلمين هو أن نأخذ الدين من معينه الصافي لا غبش فيه ولا كدر. 1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مثَلِي ومثلُ الأنبياءِ من قبلِي كمثلِ رجلٍ بنَى بنيانًا فأحسنَهُ وأجملَهُ. إلَّا موضعَ لبنةٍ من زاويةٍ من زواياهُ. فجعلَ النَّاسُ يطوفونَ به ويَعجبونَ له ويقولونَ: هلَّا وُضِعَتْ هذه اللَّبِنةُ! قال فأنا اللَّبِنَةُ. وأنا خاتَمُ النَّبيِّينَ. وفي روايةٍ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مثَلي ومثَلُ النَّبيِّينَ. فذكرَ نحوَهُ " (رواه مسلم). 2- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: " أُعطيتُ خمسًا، لم يُعطَهنَّ أحدٌ قَبلي: نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ، وأُحِلَّتْ لي المغانمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ قَبلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكان النبيُّ يُبعَثُ إلى قومِه خاصةً، وبُعِثتُ إلى الناسِ عامةً " (رواه البخاري). 3- عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنَّ اللهَ زوى لي الأرضَ. فرأيتُ مشارقَها ومغاربَها. وإنَّ أُمتي سيبلغُ ملكُها ما زُوىَ لي مِنها. وأعطيتُ الكنزينِ الأحمرَ والأبيضَ. وإنِّي سألتُ ربِّي لأُمتي أنْ لا يُهلكَها بسنةٍ عامةٍ. وأنْ لا يُسلطَ عليهِمْ عدوًا مِنْ سِوَى أنفسِهمْ. فيستبيحَ بيضتَهُمْ. وإنَّ ربِّي قال: يا محمدُ! إنِّي إذا قضيتُ قضاءً فإنهُ لا يردُّ. وإنِّي أعطيتُكَ لأُمتِكَ أنْ لا أُهلكَهُمْ بسنةٍ عامةٍ. وأنْ لا أُسلطَ عليهِمْ عدوًا مِنْ سِوَى أنفسِهمْ. يستبيحُ بيضتَهُمْ. ولوْ اجتمعَ عليهِمْ مَنْ بأقطارِها - أوْ قال منْ بينَ أقطارِها - حتى يكونَ بعضُهمْ يُهلكُ بعضًا، ويَسبي بعضُهمْ بعضًا "(رواه مسلم). • فيستبيحَ بيضتَهُمْ: أي جماعتهم وأصلهم ، والبيضة أيضاً العز والملك. 4- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لتتبعُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكم، شبرًا بشبرٍ وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلوا جُحْرَ ضبٍّ تبعتُمُوهم). قلنا: يا رسولَ اللهِ، اليهودُ والنصارى؟ قال: فمَنْ " (رواه البخاري). 5- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ الناسَ نزلوا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أرضَ ثمودَ، الحِجْرَ، فاستقوا من بئرها واعتجنوا بهِ، فأمرهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يُهريقوا ما استُقوا من بئرها، وأن يَعلفوا الإبلَ العجينَ، وأمرهم أن يَستقوا من البئرِ التي كانت تَرِدُهَا الناقةُ (رواه البخاري). 6- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إِيَّاكُمْ والفُحْشَ والتَّفَحُّشَ، فإنَّ اللهَ لا يحبُّ الفَاحِشَ والمتفحش، وإِيَّاكُمْ والظُّلْمَ؛ فإنَّهُ هو الظُّلُماتُ يومَ القيامةِ، وإِيَّاكُمْ والشُّحَّ، فإنَّهُ دعا من كان قبلَكُمْ فَسَفَكُوا دِماءَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَقَطَّعُوا أَرْحامَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَاسْتَحَلُّوا حُرُماتِهمْ " (صحيح الترغيب). 7- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّهُ سمع رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول " ما نهيتُكم عنهُ فاجتنبوهُ. وما أمرتكم بهِ فافعلوا منهُ ما استطعتم. فإنما أهلكَ الذين من قبلكم كثرةَ مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم ". وفي روايةٍ: عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " ذروني ما تركتُكم ". وفي حديثِ همامٍ " ما تركتم. فإنما هلكَ من قبلكم " ثم ذكروا نحوَه (رواه مسلم). 8- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ قريشًا أهمَّهم شأنُ المرأةِ المخزوميةِ التي سرقَت. فقالوا: من يُكلِّمُ فيها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فقالوا: ومن يجترئُ عليه إلا أسامةُ، حِبُّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ فكلمه أسامةُ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ (أَتشفعُ في حدٍّ من حدودِ اللهِ؟) ثم قام فاختطب فقال (أيها الناسُ! إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريفُ، تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيفُ، أقاموا عليه الحَدَّ. وايمُ اللهِ! لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقَتْ لقطعتُ يدَها). وفي حديثِ رمحٍ (إنما هلك الذين من قبلَكم) (رواه مسلم). 9- عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال: " شكونا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهو متوسِّدٌ بُردةً له في ظلِّ الكعبةِ، فقلنا: ألا تستنصرُ لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان مَن قبلكم، يؤخذ الرجلُ فيحفرُ له في الأرضِ، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشارِ فيوضع على رأسِه فيجعلُ نصفين، ويمشط بأمشاطِ الحديدِ ما دون لحمه وعظمه، فما يصدُّه ذلك عن دينه، واللهِ لَيُتمَّنَّ هذا الأمرَ، حتى يسير الراكبُ من صنعاءَ إلى حضرمَوت، لا يخاف إلا اللهَ، والذئبَ على غنمِه، ولكنكم تستعجِلون) (رواه البخاري). 10- عن أبي موسى الأشعري عبدالله بن قيس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أَعجِزتُم أن تكونوا مثلَ عجوزِ بني إسرائيلَ؟ فقال أصحابُه: يا رسولَ اللهِ وما عجوزُ بني إسرائيلَ؟ قال: إنَّ موسى لما سار ببني إسرائيلَ من مصرَ، ضَلُّوا الطريقَ، فقال: ما هذا؟ فقال علماؤهم نحن نُحَدِّثُك: إنَّ يوسفَ لما حضره الموتُ أخذ علينا مَوثِقًا من اللهِ أن لا نخرُجَ من مصرَ حتى ننقِل عظامَه معنا، قال: فمن يعلمْ موضعَ قبرَه؟ قالوا ما ندري أين قبرُ يوسفَ إلا عجوزًا من بني إسرائيلَ، فبعث إليها، فأتَتْه، فقال دُلُّوني على قبرِ يوسفَ، قالت لا والله لا أفعلُ حتى تُعطِيَني حُكمي، قال: وماحُكمُكِ؟ قالت أكونُ معك في الجنَّةِ، فكره أن يُعطِيَها ذلك، فأوحى اللهُ إليه أن أَعطِها حكمَها، فانطلقَتْ بهم إلى بُحَيرةٍ، موضعَ مُستَنْقَعِ ماءٍ، فقالت: انضِبوا هذا الماءَ، فأَنضبوا، قالت احفِروا واستخرِجوا عظامَ يوسفَ، فلما أقلُّوها إلى الأرضِ، إذ الطريقُ مثلُ ضوءِ النَّهارِ " (السلسلة الصحيحة وإسناده صحيح على شرط مسلم). 11- عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إنما أجَلُكم في أجَلِ مَن خَلا منَ الأُمَمِ، كما بين صلاةِ العصرِ ومَغربِ الشمسِ، ومَثَلُكم ومَثَلُ اليهودِ والنصارى، كمَثَلِ رجلٍ استَعمَل عُمَّالًا، فقال: مَن يَعمَلُ لي إلى نصفِ النهارِ على قيراطٍ، فعمِلَتِ اليهودُ، فقال: مَن يَعمَلُ لي من نصفِ النهارِ إلى العصرِ، فعمِلَتِ النصارى، ثم أنتم تَعمَلونَ منَ العصرِ إلى المَغرِبِ بقيراطَينِ قيراطَينِ، قالوا: نحن أكثَرُ عملًا وأقلُّ عَطاءً، قال: هل ظلمتُكم من حقِّكم؟ قالوا: لا، قال: فذاكَ فضلي أوتيه مَن شئتُ " (رواه البخاري). سادساً: بعض النماذج للسنن الإلهية في الأمم: كما ذكرنا أن الله تعالى قد أبدع خلق الكون ثم أودعه من السُنن الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل ولا تنتهي ولا تحابي مخلوق مهما كانت عقيدته وبهذا يتحقق العدل الإلهي المُطلق. • بخصوص سنن الله تعالى - الكونية منها والاجتماعية - يقول الدكتور عبد الكريم زيدان: " وكل الفرق بين الأحداث الكونية المادية وبين الأحداث الاجتماعية هو أن أسباب الأولى واضحة بينة مضبوطة، إذا عرفناها أمكننا الحكم بدقة على نتائجها وميقات هذه النتائج، فالماء مثلا ينجمد إذا بلغت درجة برودته كذا درجة، ويصل إلى الغليان إذا وصلت درجة حرارته إلى كذا درجة وبعد كذا من الوقت،وهكذا. أما أسباب الأحداث الاجتماعية فهي بمختلف أنواعها من سياسية واقتصادية وحضارية وعمرانية وغلبة ونصر وهزيمة وخذلان..إلخ.، أسباب دقيقة وكثيرة ومتشعبة ومتشابكة، وقد يعسر على الكثيرين الإحاطة بها تفصيلاً.. ولكن مع هذا العُسر يمكن للمتأمل الفاحص الدقيق أن يعرفها ويحيط بها علما، كما يمكنه الجزم بحصول نتائج معينة بناء على أسباب معينة وإن لم يمكنه الجزم بميعاد حصول هذه النتائج، فنستطيع مثلاً أن نحكم على وجه الجزم واليقين بزوال حكم أو سلطان إذا وجدناه قائماً على الظلم والاستبداد، وإن كنا لانستطيع تحديد وقت زواله على وجه الدقة والضبط كما نحدد ميعاد غروب الشمس أو شروقها.. ومن أجل هذا الفرق بين الأحداث الكونية المادية وبين الأحداث البشرية يغفل الناس كثيراً عن سنة الله في الاجتماع البشري وفي تصرفات وسلوك الأفراد والأمم، ويظنون أن أمورهم لا تخضع كما تخضع الظواهر الكونية لقانون الأسباب والمسببات ". • قال الحافظ المقدسي رحمه الله في كتاب " مفتاح دار السعادة ": "وتأمل حكمته تعالى في عذاب الأمم السالفة بعذاب الاستئصال لما كانوا أطول أعماراً وأعظم قوى وأعتى على الله وعلى رسوله، فلما تقاصرت الأعمار وضعفت القوى رفع عذاب الاستئصال، وجعل عذابهم بأيدي المؤمنين، فكانت الحكمة في كل واحد من الأمرين ما اقتضته في وقته ". يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |