|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
دور المربين في إعداد الأجيال القادمة عبدالإله جاورا و جبريل تال المنشورة الثانية للبرنامج الشهري مع العلماء في الدين والحياة في إذاعة (جيك) بمدينة واوندي عنوان اللقاء دور المربين في إعداد الأجيال القادمة مع فضيلة الشيخ/ هارون سامسا إمام وخطيب في المسجد الجامع للمركز الإسلامي للدعوة إلى الكتاب والسنة بدكار المقدمة: الحمد لله الذي أمر نبيه وصفيه بالقراءة، وقال عز من قائل: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1 - 5]. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل في حديث رواه أبو أمامة: ((إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت، لَيصلُّون على معلِّمي الناس الخير))؛ رواه الترمذي وقال: حديث حسن. وبعد: يا أمة اقرأ، فعنوان هذا اللقاء هو: دور المربي في إعداد الأجيال القادمة. فالله أسأل أن ينير عقولنا وقلوبنا، لنكون من معلمي الناس الخير، آمين! عناصر الموضوع: يا أمة اقرأ، إن الحديث عن دور المربي يتطلب الحديث عما يجعله مربيًا جيدًا من الناحية العلمية؛ لذا أجد نفسي مضطرًّا لتقديم ملخص عن بعض مدخلات تكوين المربين، وهذا الملخص يتناول النقاط التالية: 1- نبذة قصيرة عن تطور التربية. 2- أهم العوامل التي ساهمت في ظهور مؤسسات التعليم الرسمية. 3- الوظائف الاجتماعية للتربية. 4- المدرسة الابتدائية. 5- ملامح المدرسة الابتدائية. 6- أهداف التعليم الابتدائي. 7- بعض التعريفات السلوكية للتعلم. 8- مثلث العملية التربوية، وأهم عناصر هذا المثلث. 9- وأخيرًا: دور المربي أخلاقيًّا. أولاً: نبذة عن تطور التربية: ما فتئ الإنسان منذ فجر التاريخ يبحث عن الخلود، عن طريق البقاء على نوعه بالتكاثر، عن طريق الزواج وغيره، وعن طريق الوسائل التي يعتقد أنها تحقق له هذا الخلود، مثل: العِلم، والمعرفة، والثقافة، والطعام والشراب، والمسكن والملبَس... إلخ. لقد تحدث القرآنُ الكريم عن هذه الرغبة عند الإنسان بوضوح في قصة آدم، عندما أغراه إبليس اللعينُ بتحقُّق هذه الرغبة عن طريق الأكل من الشجرة الممنوعة؛ قال تعالى في سورة الأعراف عن إبليس: ﴿ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾ [الأعراف: 20]. وفي سورة طه قال تعالى: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه: 120]. الأمر إذًا هو البحث عن الخلود؛ لذا كان همُّ الإنسان منذ الوهلة الأولى لنزوله إلى الأرض هو البحث عن الخلود، بواسطة البحث عن وسائل تساعده على البقاء، فكان للأب في البداية الدور الأساسي في البحث عن مصادر الرزق، مثل: الصيد، وجني الثمار، وفنون تسلق الأشجار، وبناء الأكواخ والمخابئ، إلى غير ذلك من أسباب الحياة البسيطة، ثم نقل هذه الخبرة إلى الناشئة. أما الأم فكانت تدرب البنت طرق إعداد الأطعمة، وأساليب الحفاظ عليها، وطرق جلب الماء. كان الوالدان يقومان بهذه المهمة لبساطة الحياة، وضآلة الخبرة الإنسانية، ولصِغر حجم الأسرة. ثم لما تطورت الحياة البشرية وتعقدت العلاقات الإنسانية، وبدأت الخبرة تتراكم، وانتقل الإنسان شيئًا فشيئًا من حياة البداوة إلى بدايات التمدن، من حيث التنظيم والاستقرار وقيام علاقات متشابكة، تطلب نوعًا من الوئام والتعايش السلمي، مما فرض على المجموعة التقارب في الأفكار والرغبات والسلوك، ولا يتم ذلك إلا بوحدة الثقافة عن طريق وحدة التربية والتعليم؛ لتتم وحدة الانتماء إلى القبيلة، أو القرية، أو الوطن، أو الأمة. عند ذلك بدأت المؤسسات الدينية وبيوتات كبار القوم تهتم بتربية الأولاد في المساجد والكنائس وفي الدور، وهذا النوع من التربية كان للنخبة فقط لفترة طويلة. ثم توالى تطور الإنسان، واتسعت الأسرة، وقامت المجتمعات الكبيرة، وأنشئت الدول، وتعددت مصادر الأفكار والخبرة، وانتقل الإنسان أكثر من حياة البداوة والتنقل إلى حياة التحضر والاستقرار، مما فرض على الدولة البحث عن وسائل تساعد على الوحدة الفكرية والأخلاقية والاجتماعية للشعوب الواقعة تحت سلطتها، ولم تكن هناك وسيلة سوى التربية والتعليم، فهنا تدخلت الدولة، وأخذت التربية من المؤسسات ومن الأفراد، ونظمتها بالكيفية التي تحقق لها توحيد ميول واتجاهات المواطنين، وتنمية مواهبهم، وتقوية انتمائهم إلى الدولة، بدلاً من القبيلة أو الجهة، وهنا دعت الحاجة إلى إنشاء مؤسسات تعليمية حكومية لإنجاز هذه المهمة، مهمة التربية والتعليم. ولعل من المفيد هنا تحديد الفرق بين المصطلحين: مصطلح التعليم، ومصطلح التربية. فكانت التربية والتعليم تعنيان شيئًا واحدًا عند الأقدمين، هو التعلم المصاحب بالقدوة، ومجاراة سلوك المعلم، ولم يكن يتولى هذه المهمة إلا المشهود له بالعلم والكفاءة والورع والتقوى وحُسن السيرة، وكانت المهنة تكتسي صفة الرسالة، ويحيط بها صورٌ من القداسة والمهابة: كاد المعلمُ أن يكون رسولا ثم مع تطور الفكر الإنساني وسيطرة التقسيم المعرفي والتخصصات الفرعية على ميدان المعرفة، تم وضع معنى لكل مصطلح؛ فالتربية تعني التعلم مع التأثر والاقتداء بالمعلم، أما التعليم فيعني غرس المعارف والخبرات فقط، بدون أن يكون للمعلم تأثيرٌ سلوكي في المتعلم، وهذا النوع هو ما نشاهده اليوم في مدارسنا، الخاصة منها والعامة. ثانيًا: أهم الأسباب التي ساهمت في إنشاء المدرسة، يمكن إرجاعها إلى سبعة عوامل: 1- تراكم الثقافة، مما دعا إلى جمعها وغربلتها لتقديمها إلى الناشئة، وهذا العمل يحتاج إلى تخصص ومتخصصين. 2- ظهور الورق والكتابة واختراع الآلة، ثم الحاجة إلى تعلمها وتعليمها. 3- تطور النُّظم والطقوس الدينية، مما تطلب نوعًا من الثقافة للتعامل مع نصوص الوحي مثلاً؛ فالإسلام في العهد النبوي وما يليه مباشرة من عهد الخلفاء الراشدين كان إسلامًا يتصف بالبساطة والوضوح، ومع مرور الزمن تحوَّل إلى دِين يحتاج إلى مفسرين وفقهاء وأصوليين ومتكلمين... إلخ؛ أي: تحوَّل إلى دِين يحتاج إلى مثقفين لشرح معاني الوحي للمتدينين. 4- النمو الداخلي للمجتمعات، وما تطلبه ذلك من إعداد قيادات لمواجهة المشاكل الناتجة عن نمو المجتمع، ومتطلبات هذا النمو من النشاط وإدارته. 5- تهديد الغزو الخارجي، وظهور نظام الجيش، وما ترتب على ذلك من الحاجة إلى إعداد كوادر وقيادات عسكرية، تتولى الجانب التنظيري والتخطيطي والتدريبي والتنفيذي والتقويمي لمهام الجيوش. 6- الصراعات الاجتماعية الداخلية، وما يتصل بهذه من أيديولوجيات ومذاهب فكرية مختلفة، وما ترتب على ذلك من تهديد للقِيَم والمعتقدات الموروثة الراسخة من جانب، وضرورة المحافظة على هذه القيم وتقبُّلها من جانب آخر. 7- تقسيم العمل والأنشطة الاجتماعية الأخرى، وما استدعاه ذلك من تعليم وتخصُّص في الفنون الصناعية والمهارات الفنية. هذه أهمُّ أسباب ظهور المدرسة لتولي هذه المهام؛ إلا أنه من المعلوم يقينًا أن المدرسة ليست هي وحدها التي تقوم بهذه المهمة، إنما هي إحدى المؤسسات الاجتماعية التي يُناطُ بها مهمة القيام بالتربية والتعليم إلى جانب الأسرة والمسجد والكنيسة والشارع، وجماعة الرفاق، ووسائل الاتصال الجماهيري؛ من مسرح وسينما وحاسوب وإنترنت. ثالثًا: الوظائف الاجتماعية للتربية: إن التربية بصفتها مؤسسةً من مؤسسات المجتمع، وأداة من أدواته لتحقيق أهدافه المتنوعة والمتعددة: علمية، اقتصادية، اجتماعية... إلخ، فإن دورها الاجتماعي هو الذي يهمني في هذا العرض؛ ولذا سأكتفي بذكر بعضها: 1- محافظة الجماعة على نفسها وكيانها عن طريق الحفاظ على ثقافتها وتنقيتها ونشرها وتكييفها. 2- تحقيق استمرار الجماعة عن طريق الحفاظ على ثقافتها، ويعتبر الدِّين واللغة أهم عناصر الثقافة، وهنا تكمن أهمية الدفاع عنهما بكل وعي. 3- تحقيق تقدم الجماعة عن طريق ربطها بأصلها، الذي هو ثقافتها، وانفتاحها على الثقافات والمعارف الأخرى. 4- تحقيق الحراك السلمي للمجتمع بيسر وسلاسة؛ حيث يتم تبادل الأدوار داخل المجموعة؛ حيث يصير ابن الفلاح طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا أو وزيرًا، أو رئيسًا، ويصبح ابن الوزير أو الرئيس عاملاً عاديًّا، كل هذا بسبب التربية والتعليم. رابعًا: المدرسة الابتدائية: يعني هذا المصطلح ذلك النوع من التعليم النظامي، الذي يأخذ مكانه بصفة أصيلة في أول سلَّم التعليم، والذي يلتحق به الصغار في طفولتهم المتوسطة إلى ما قبل سن المراهقة، بقصد تحصيل بعض المعارف والمهارات الأساسية. وقد اشتهر من بين ما يحصله الأطفال في هذه المرحلة على المستوى العالمي المواد الثلاثة الأساسية التي هي: 1- القراءة لربط الصغار بالتراث، وغرس رغبة الاستكشاف فيهم. 2- الكتابة لتسجيل تجارِب الحاضر، وتمرن الصغار على المهارات اليدوية. 3- مبادئ الحساب للاتصال بأوائل العلوم التجريبية. خامسًا: ملامح المدرسة الابتدائية عالميًّا: إن المدرسة الابتدائية مجتمع يتعلم فيه الأطفال أساسًا أن يعيشوا أطفالاً، وهي بهذا الاعتبار تقدِّم إلى الطفل خبرةً تختلف عن خبرة بيئته الأسرية: 1- وهو في المدرسة طفل يعيش مع الأطفال، وفي البيت طفل يعيش مع الكبار بقيود الكبار. 2- المدرسة الابتدائية تهيئ للأطفال بيئة صحية تعليمية، تساعدهم على النمو بخطوات متناسبة. 3- المدرسة الابتدائية تشجِّع الفرد على فحص الأشياء، وعلى العمل الإبداعي، وتتيح له فرص إثبات ذاته. 4- الجو التربوي العام في المدرسة الابتدائية يؤمن بأن المعرفة والعمل واللعب أمورٌ ليست بمعزل عن بعضها، وأن كلاًّ منها يساهم في تنمية الطفل. سادسًا: أهداف التعليم الابتدائي: يعتبر الطفل نفسه محور أهداف التعليم الابتدائي؛ لذلك تدور كل الأنشطة حوله، وهذه الأهداف هي: 1- النمو الجسمي، إن فترة المدرسة الابتدائية هي إحدى الفترات التي ينمو فيها الأطفال نموًّا له قيمته وأهميته، من حيث تحصيلهم مستويات متتابعة من النضج العام، تمكِّنُهم من أعمال لم يكونوا يستطيعونها من قبل. 2- النمو العقلي، نحن في تربيتنا للأطفال نهدف إلى أن ينمو هؤلاء الأطفال نموًّا صحيًّا من الناحية العقلية. وانطلاق النمو العقلي في الاتجاه الصحيح هدف يجعلنا نتيح لهم فرص المشاهدة، والفحص، والتجريب، والوصول إلى نتائج. والمصطلح المستخدم للنمو العقلي عادة، هو مصطلح النضج، والنضج هو نمو القدرات العقلية والوجدانية لدى الكائن الحي، وبالمقابل يعني مصطلح النمو زيادة الحجم الخارجي للكائنات الحية. 3- النمو الاجتماعي، نربي في الأطفال رُوح الانتماء والولاء لمجتمعهم، ونربي فيهم الإحساس بأفراح وهموم المجتمع، وندربهم على كيفية التعامل مع قيم وعادات المجتمع، وكذلك مع مشكلات المجتمع البيئية والثقافية والاجتماعية، ونغرس فيهم روح التعاون. 4- النمو الروحي، ولما كان من أهم أهداف التربية تكوين الإنسان الكامل، والدين والتدين من أبرز خصائص الإنسان الكامل، فإن إبراز القِيَم الدينية في تنظيم العلاقات والتعامل مع الخالق أولاً، ثم مع المخلوقين، وإبراز الأدلة أو التعليلات العقلية التي يمكن بها تدعيم بعض المبادئ والقيم الدينية، فإن للمدرسة الابتدائية دورًا أساسيًّا في هذه المجالات. 5- تربية التلاميذ على التسامح والتسامح الديني، ومن المحقَّق أن الفروق الفردية والاختلاف أمر طبيعي في البشر؛ لأنه مراد الله في خلقه: ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود: 118]. ويروى عن الأصمعي قوله: الله خلق الناس متفاوتين، لو تساوَوْا هلكوا؛ ولذا فمن العبث محاولة تشكيل عقول البشر على نمط وصورة واحدة، ولم يتحقق ذلك على أيدي الرسل المؤيَّدين بالمعجزات، ولن يتحقق أبدًا في يد معلم، وليس ذلك من مهامِّه، وإنما عليه أن يساعد المتعلِّمين على اكتشاف ذواتهم وقدراتهم ومهاراتهم، كل على حِدَة، وتنمية هذه لصالحه أولاً، ولصالح المجتمع ثانيًا. يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |