|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مجالات وعظ العلماء محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله المرحوم مجالات وعظ العلماء على نوعين: أ- مواعظ لحث العلماء على إصلاح النفوس بتدارك الزلات، وتصحيح الهفوات، وإثارة الخير في أنفسهم. ب- مواعظ لحث العلماء على الإخلاص في بذل العلم، والدعوة إلى الله تعالى، والصبر في دعوتهم، والتحذير من عدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خوفاً من العقوبات الإلهية. النوع الأول: مواعظ لحث العلماء على إصلاح النفوس بتدارك الزلات، وتصحيح الهفوات، وإثارة الخير في أنفسهم: 1. الأمر بمراقبة الله تعالى في السر: إنَّ مراقبة الله تعالى في السر من الأعمال الجليلة التي تنشأ عن اتصاف المؤمن بكمال الإيمان، فكلما زاد إيمان العبد زادت مراقبته لله تعالى، قال تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ * إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الشعراء: 217 - 220] [1]. وقال تعالى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19] [2]. يقول ابن كثير رحمه الله تعالى معلقاً على الآية الثانية: (يخبر عز وجل عن علمه التام المحيط بجميع الأشياء، جليلها وحقيرها، صغيرها وكبيرها، ودقيقها ولطيفها؛ ليحذر الناس علمه فيهم، فيستحيوا من الله حق الحياء، ويتقوه حق تقواه، ويراقبوه مراقبة من يعلم أنه يراه، فإنه عز وجل يعلم العين الخائنة وإن أبدت أمانة، ويعلم ما تنطوي عليه خبايا الصدور من الضمائر والسرائر) [3]. وإذا أيقن العبد أن الله تعالى مطلع على سائر أحواله، لا يخفى عليه شيء من حاله، يعلم سريرته كما يعلم علانيته، ولا يحجزه ساتر أو مانع من رؤيته مهما استخفى عنه، أوجب له ذلك مراقبة الله في السر وخشيته كمال الخشية، كما فعل النبي يوسف - عليه الصلاة والسلام- حين راودته امرأة العزيز في كمال غناها وجمالها، وهو غلام عندها وفي سن الشهوة وخلوتهما محكمة بلا رقيب، وهو تحت الوعيد والتهديد، فامتنع وعصمه الله تعالى من الفاحشة مع كثرة الدواعي والمهيجات، لشدة مراقبته ربه وقوة يقينه قال تعالى: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23] [4]. ومراقبة الله تعالى في السر توجب للعبد الإخلاص، والخلاص من الكبائر كما ورد في الحديث، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عدل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه"[5]. ومن راقب الله تعالى في السر، حسن عمله، وعظم يقينه، ووجد حلاوة الإيمان، واطمأن قلبه، وقذف الله تعالى نوراً في قلبه، وضياءً في وجهه، ووجد سعةً في رزقه، وبركةً في أهله، وألفةً ومحبةً فيما بينه وبين الخلق، وانعكس ذلك على حياته بالتوفيق والرضا والسعادة. عن عون بن عبدالله - رحمه الله - قال: (كان أهل الخير يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات وتلقاهن بعضهم بعضاً: من عمل لآخرته كفاه الله دنياه، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح ما بينه وبين الناس، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) [6]. 2. الوصية بالتقوى: التقوى وصية الله تعالى لجميع الأمم، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131] [7]. كتب ابن السماك الواعظ رحمه الله تعالى إلى أخ له، أما بعد: أوصيك بتقوى الله، الذي هو نجيك في سريرتك، ورقيبك في علانيتك، فاجعل الله من بالك على كل حال، في ليلك ونهارك، وخف الله بقدر قربه منك وقدرته عليك، واعلم أنك بعينه ليس تخرج من سلطانه إلى سلطان غيره، ولا من ملكه إلى ملك غيره، فليعظم منه حذرك، وليكثر منه وجلك، والسلام[8]. إنَّ التقوى تعصم صاحبها من كثير من الدنايا والسيئات، وإذا ما ألمَّ بشيء منها، فإنها تحمله على الإقلاع عنها، وعدم الإصرار عليها، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201] [9]. أما القلوب التي خلت منها، فإن تذكيرها بالتقوى لا يزيدها إلا تكبراً ونفوراً، قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾ [البقرة: 206] [10]، [11]. 1. التحذير من القول على الله تعالى بغير علم: إنَّ من الذنوب العظيمة أن يقول العالم على الله تعالى ما لا علم له به، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33] [12]. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى عند قوله تعالى: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، (فهذا أعظم المحرمات عند الله، وأشدها إثماً؛ فإنه يتضمن الكذب على الله، ونسبته إلى ما لا يليق به، وتغيير دينه وتبديله، ونفي ما أثبته، وإثبات ما نفاه، وتحقيق ما أبطله، وإبطال ما حققه، وعداوة من والاه وموالاة من عاداه، وحب ما أبغضه وبغض ما أحبه، ووصفه بما لا يليق به في ذاته وصفاته وأقواله وأفعاله. فليس في أجناس المحرمات أعظم عند الله منه، ولا أشد إثماً، وهو أصل الشرك والكفر، وعليه أسست البدع والضلالات، فكل بدعة مضلة في الدين، أساسها القول على الله بلا علم) [13]. والقول على الله تعالى بلا علم، من نزغات الشيطان التي يصطاد بها بعضاً من أهل العلم، قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 168، 169] [14]. عن مسروق رحمه الله تعالى قال ![]() فالمنهج الشرعي الذي سار عليه سلف هذه الأمة - رحمهم الله تعالى -، أنه إذا سئل عما لا يعلمه قال: لا أعلمه، أو لا أدري. يقول خالد بن أسلم رحمه الله تعالى : (خرجنا نمشي مع عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فلحقنا أعرابي؛ فسأله عن إرث العمة، فقال: لا أدري، قال: أنت ابن عمر ولا تدري، قال: نعم اذهب إلى العلماء، فلما أدبر قبل ابن عمر يديه، وقال: نعم ما قلت) [20]. وقال الحكماء: (من العلم أن لا تتكلم فيما لا تعلم، بكلام من يعلم؛ فحسبك خجلاً من نفسك وعقلك، أن تنطق بما لا تفهم، وإذا لم يكن إلى الإحاطة بالعلم من سبيل، فلا عار أن تجهل بعضه، وإذا لم يكن في جهل بعضه عار، فلا تستحي أن تقول: لا أعلم، فيما لا تعلم) [21]. واعلم أن قول المسؤول (لا أدري) لا يضع من قدره، كما يظنه بعض الجهلة، بل يرفعه؛ لأنه دليل على عظم محله، وقوة دينه، وتقوى ربه، وطهارة قلبه، وكمال معرفته، وحسن تثبته. وإنما يأنف من قول (لا أدري) من ضعفت ديانته، وقلَّت معرفته؛ لأنه يخاف من سقوطه من أعين الحاضرين، وهذه جهالة ورقَّة دين، وربما يشتهر خطؤه بين الناس، فيقع فيما فرَّ منه، ويتصف عندهم بما احترز عنه[22]. 2. الحث على اغتنام الأوقات بالطاعة والعلم: إن اغتنام الأوقات بالطاعات المختلفة، والسعي في نشر العلم، له تأثير واضح في سلوك الموعوظ فهي تزكي نفسه، وتزيد مراقبته لله تعالى في السر والعلن، فينزجر عن المعاصي، ويسارع إلى فعل الخير، ويحيا حياة طيبة، وينال الجزاء الحسن من رب البريات، يقول الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ ﴾ [الرعد: 29] [23]. ويقول الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97] [24]. لذا يجب على العلماء وغيرهم، المبادرة باغتنام الأوقات قبل أن لا يقدروا عليها ويحال بينهم وبينها، إما بمرض أو موت. وأن يعرفوا قدْر الأوقات التي هي خزائن أعمالهم، وإن أفضل ما يغتنم به الوقت فعل الطاعة، ومدارسة العلم. عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -لرجل وهو يعظه: "اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناءك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك"[25]. فأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اغتنام الوقت، والتحذير من إضاعته. يقول غنيم بن قيس رحمه الله تعالى : (كنا نتواعظ في أول الإسلام: ابن آدم: اعمل في فراغك لشغلك، وفي شبابك لكبرك، وفي صحتك لمرضك، وفي دنياك لآخرتك، وفي حياتك لموتك) [26]. وأنشد ابن هبيرة الوزير الحنبلي رحمه الله تعالى ، قائلاً: والوقت أنفس ما عنيت بحفظه ♦♦♦ وأراه أسهل ما عليك يضيع[27]. ويذكر الإمام الغزالي - رحمه الله تعالى- كلاماً جميلاً بأن الإنسان لا يفرح بزيادة أيامه إلا بالتزود فيهما بعلم ينفعه أو عمل صالح؛ لأنهما رفيقاه في قبره، حيث يقول: (وأوقاتك عمرك، وعمرك رأس مالك، وعليه تجارتك، وبه وصولك إلى نعيم الأبد في جوار الله تعالى، فكل نفس من أنفاسك جوهرة لا قيمة لها؛ إذ لا بدل له، فإذا فات فلا عود له. فلا تكن كالحمقى المغرورين الذين يفرحون في كل يوم بزيادة أموالهم مع نقصان أعمارهم. فأي خير في مال يزيد وعمر ينقص؟ ولا تفرح إلا بزيادة علم أو عمل صالح، فإنهما رفيقاك يصحبانك في القبر، حيث يتخلف عنك أهلك ومالك وولدك وأصدقاؤك)[28]. النوع الثاني: مواعظ لحث العلماء على الإخلاص في بذل العلم، والدعوة إلى الله تعالى وأن يكون القرآن العظيم نبراساً يُهتدى به، والصبر في دعوتهم، والتحذير من عدم القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، خوفاً من العقوبات الإلهية: 1. الوصية بالإخلاص في بذل العلم: الإخلاص من أعظم الصفات التي تجب على العلماء، فهم لا يريدون بعلمهم رياءً ولا سمعةً، ولا ثناءً من الناس، بل يريدون وجه الله تعالى. قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾ [النساء: 125] [29]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : قوله (أسلم وجهه ): أي أخلص قصده وعمله لله، (وهو محسن ): في عمله فيكون الله هو معبوده بالعمل الصالح؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: (اللهم اجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه شيئاً) [30]. ومما يؤكد على أن ملقي العلم لا بد له من نية خالصة لوجه الله تعالى، وإن لم يكن كذلك فإنه لا يقبل منه ولا ينفعه، ما جاء عن أبي أمامة الباهلي- رضي الله عنه- قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"، فأعادها ثلاث مرات يقول له: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"، ثم قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً، وابتغى به وجهه"[31]. وقد كان السلف - رحمهم الله تعالى - يوصي بعضهم بعضاً بالإخلاص في العمل، فقد كان الفضيل بن عياض - رحمه الله تعالى- كثيراً ما يوصي أصحابه بالإخلاص في أعمالهم، وأن تكون موافقة لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -[32]. والنية يعتريها ما يعتريها من حب تصدر أو حب شهرة أو غير ذلك من حظوظ الدنيا، لكن المسلم الصادق هو الذي يجاهد نفسه حتى يقودها إلى ما يحبه الله تعالى ويرضاه، كما قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69] [33]. فتصحيح النية يشق على النفس، فتحتاج فيه إلى مجاهدة، لأنها تتغير وتتحول؛ لذا يحتاج المسلم إلى ردها، وإلى توجيهها، ولكن الله تعالى ييسر له ذلك أذا أخلص نيته[34]. عن معاوية بن قرة رحمه الله تعالى قال: (كنت نازلاً على عمرو بن النعمان بن مقرن رحمه الله تعالى ، فلما حضر رمضان. جاءه رجل بألفي درهم من قبل مصعب بن الزبير رضي الله عنه فقال: إن الأمير يقرئك السلام ويقول: إنا لن ندع قارئاً شريفاً إلا وقد وصل إليه منا معروف؛ فاستعن بهذين على نفقة شهرك هذا، فقال: عمرو، اقرأ على الأمير السلام، وقل له: والله ما قرأنا القرآن نريد به الدنيا، ورده عليه)[35]. 2. الوصية بالدعوة إلى الله تعالى، وأن يجعل القرآن العظيم نبراساً يُهتدى به: يقول العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى : (إنَّ الدعوة إلى الله شأنها عظيم، وهي من أهم الفروض والواجبات على المسلمين عموماً وعلى العلماء بصفة خاصة، وهي منهج الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، وهم الأئمة فيها - عليهم الصلاة والسلام - فالدعوة إلى الله طريق الرسل وطريق أتباعهم إلى يوم القيامة، والحاجة إليها، بل الضرورة معلومة، فالأمة كلها من أولها إلى آخرها بحاجة شديدة، بل في ضرورة إلى الدعوة إلى الله، والتبصير في دين الله، والترغيب في التفقه فيه والاستقامة عليه، والتحذير مما يضاده أو يضاد كماله الواجب أو ينقص ثواب أهله ويضعف إيمانهم. فالواجب على أهل العلم بشريعة الله أينما كانوا أن يقوموا بمهمة الدعوة؛ لأن الناس في أشد الضرورة إلى ذلك في مشارق الأرض ومغاربها، ونحن في غربة من الإسلام وقلة من علماء الحق، وكثرة من أهل الجهل والباطل والشر والفساد، فالواجب على أهل العلم بالله وبدينه أن يشمروا عن ساعد الجد، وأن يستقيموا على الدعوة وأن يصبروا عليها يرجون ما عند الله من المثوبة ويخشون مغبة التأخر عن ذلك والتكاسل عنه، والله سبحانه وتعالى أوجب على العلماء أن يبينوا، وأوجب على العامة أن يقبلوا الحق وأن يستفيدوا من العلماء وأن يقبلوا النصيحة، يقول الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33] [36] فأحسن الناس قولاً من دعا إلى الله وأرشد إليه وعلم العباد دينهم وفقههم فيه وصبر على ذلك وعمل بدعوته ولم يخالف قوله فعله ولا فعله قوله، هؤلاء هم أحسن الناس قولا وهم أصلح الناس وأنفع الناس للناس وهم الرسل الكرام والأنبياء وأتباعهم من علماء الحق) [37]. ولمَّا نزل بهرم بن حيان العبدي رحمه الله تعالى الموت، قالوا له: يا هرم أوصنا، قال: أوصيكم أن تقضوا عني ديني، قالوا: بم توصي؟ فتلا آخر سورة النحل ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ﴾ [النحل: 125] ، حتى بلغ ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128] [38] [39]. 3. الحث على الصبر في مقام الدعوة إلى الله تعالى: يقول الشيخ سعيد بن علي القحطاني حفظه الله تعالى : (الصبر في الدعوة إلى الله تعالى من أهم المهمات، ومن أعظم الواجبات على الدعاة إلى الله تعالى، ولهذا أمر الله تعالى به إمام الدعاة وقدوتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ ﴾ [الأحقاف: 35] [40]. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |