رجل مكافح في هذه الحياة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 886 - عددالزوار : 119520 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8866 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21981 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 16-06-2021, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,293
الدولة : Egypt
افتراضي رجل مكافح في هذه الحياة

رجل مكافح في هذه الحياة
أسامة طبش


هو إنسان بسيط جدًّا، ولكنَّه مُكافِح في هذه الحياة، العمَل بالنسبة إليه مقدَّس! لا يتأخَّر عنه إلَّا نادرًا، ويكون ذلك بسبب مرَض حَلَّ بجسده أو طارئ حَبَسه، فمنعَه من الوصول إلى مَكان عملِه باكرًا ككلِّ صباح.


وهو بَنَّاء، يَداه تتورَّمان من شَقاء العمل، ورغم ذلك تجده نشيطًا، قلبه مُفعمٌ بالحياة، لقيمة العمَل عنده مكانةٌ خاصَّة، تجده يَحرص عليه بمُقلة عينه، ويُتقنه بما أوتي من خِبرة ومِراس في ميدانه.


الذي يُعجبك فيه دَماثَةُ خُلُقه ولِين جانبه، هو اجتماعيٌّ جدًّا، حتى إنَّه لا يتوقَّف عن المسامرة والمضاحَكة طَوال الوقتِ، هذه الرُّوح التي يَتمتَّع بها، يُخيَّل إليك أنَّها موهبة حباه اللهُ بها، كي يُخفِّف عنه من نَصَب العمل، ويُنسيَه ما يلقاه فيه من جهدٍ وسيلان العرَق على جبينه المُستنير.


أمَّا بالنسبة للدِّين، فهو يحافِظ على صلاته، ولا تَغيب عن فِكره لحظةً واحدة، لِسانُه لا يَفتر عن الذِّكر! يسمِّي باسم ربِّ البريَّةِ في كلِّ حركة أو عمَل يقوم به، في كلِّ تفصيل من تفاصيل يوم عمله، لقد مزَج بين الكدِّ في سبيل لقمة العيش وذِكر الرحمن؛ ليُحصِّل التوفيقَ الذي أراد، والإتقانَ الذي يبغي، ويُرضي نفسَه الشغوفة المجتهدة.


لقد قسَت عليه الحياة! وهذه حاله التي تَعايش معها منذ زمَن غابِر، عاش يتيمًا وحيدًا، أُجبر على أن يَجوب الآفاقَ ويَطرق بابَ صنوف من الأعمال، فحَصَّل عملَه الذي أراد وبالشكل الذي يُرضي نفسَه، كان ذلك بمثابة البلسم الشافي لقلبه! شُفي قليلًا من كمده الذي نَخِر قلبَه؛ لأنَّ الوحدة مع تقدُّم السنِّ، تُحسِّس الإنسانَ بالضَّعف الشديد والوهن، فيحتاج إلى مُعين يتَّكئ عليه فيما هو مُستقبل من أيَّام، يَحتاج إلى شعور بدفْء العائلة، والزَّوجة والأولاد من حوله، يَحتاج إلى حرارة تَسري في عروقه، يُحسُّ معها بلذَّةِ ومُتعة الحياة كإنسانٍ وكيان.


إنَّ هذا نموذج من النَّاس، يَعجُّ بهم المجتمعُ في الخفاء، قد لا يَظهرون إلينا عيانًا؛ ولكنَّهم بيننا يأكلون على موائد وحدهم، ويَشربون كؤوسَ الظَّمأ دون أنيس أو رفيق، الأمر الذي يُسعِد أنَّ الجيران وبعض الأصدقاء يُلاحِظون ضياعَ حالهم، فَيُطَبْطِبون عليهم بين الفينة والأخرى، يحاولون جهد قُوَّتهم أن يمدُّوا لهم يدَ المساعدة، هذا ما نُسمِّيه التكافُلَ الاجتماعي في أبهى حلَّته وأروع رِدائه، هناك أُخوَّة الدَّم، وهناك أيضًا أُخوَّة الدِّين والإنسانيَّة، فالإنسان يُحسُّ بأخيه الإنسان ويَعطف عليه ويرثي لحاله؛ لأنَّه يضع نفسَه مكانه، ويَتصوَّر مَشاعرَه الحزينة، وإحساسَه بالوحدة في كلِّ دقيقة.


اليُتم والوحدة وفقدان عائلة تَضمُّك بجناحيها: صعبٌ تحمُّلُه، ولكنَّ للقلب دواء شافيًا وماء بارِدًا، إن سكبْتَه عليه بَرَدَ واستكان وهدأ، والرَّحمة المسكوبة على الروح تُعطي صبرًا ويقينًا بالحياة.



يستحيل أن يُصيب الإنسانُ ما يُريد من أهداف! لا بدَّ أن يعاني من نقصٍ في جانب من جوانب حياته! ومَن عانى من نقائص عديدة أحزنَته حُزنًا شديدًا يَهديه ربُّه لأن يَغْرِف من مكانٍ آخر، قد يَخفى علينا نحن ونغفل عنه؛ لأنَّه إن غُلِّقَت أبوابٌ فُتح باب على مصراعيه، يدعوك لأن تَلِجه وتَحثَّ خطاك إليه، ولن تَخيب أبدًا؛ إنَّه باب الكِفاح والسَّعي بكل قُوَّة ورباطة جأش، مع صبْر عظيم في كلِّ حركة يدٍ أو قدم، نُور يَعلو الوجهَ فيَرسم بسمةً مشرِقة ونفسًا مَزهوَّة ملأى بالعنفوان، تُحيِّرك في حال صاحبها، وتظنه في أفضل الظُّروف، وهو قد طَوَّعها واستغلَّها؛ لأنَّه اختار الحياةَ ورفَضَ الموتَ، هذه هي قُوَّة الإنسان المُكافِح، لو استزاد منها لحَقَّق ما كان يراه مستحيلًا، وكل شيء كان بين يدَيه وفي مَرمى بصره فقط كان عليه فتْحُ عينيه؛ ليَرى بكلِّ وضوح ما كان بإمكانه فعله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.40 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]