تذكير الصائم باحتساب الأجور وابتغاء الغنائم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير قوله تعالى: ﴿وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في ...﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الطهارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          قبسات من علوم القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 525 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القادر، القدير، المقتدر) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حقوق الزوجة على زوجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 115 )           »          غابة الأسواق بين فريسة الاغترار وحكمة الاغتناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          فرق بين الطبيب والذباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 644 - عددالزوار : 136502 )           »          عفة النفس: فضائلها وأنواعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          من تبصَّر تصبَّر! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-04-2021, 12:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,451
الدولة : Egypt
افتراضي تذكير الصائم باحتساب الأجور وابتغاء الغنائم

تذكير الصائم باحتساب الأجور وابتغاء الغنائم



الشيخ : عبد الله بن محمد البصري













عناصر الخطبة

1/أمران يجب استصحابهما في رمضان 2/ أعمال جليلة مجتمعة في رمضان



اهداف الخطبة

تذكير الصائم بأهمية الإيمان والاحتساب في الأعمال الصالحة / تنبيه الناس إلى أهمية التنوع في الطاعات




اقتباس


وَلِئَلاَّ تَمُرَّ أَيَّامُ الشَّهرِ المَعدُودَاتُ وَتَذهَبَ لَيَالِيهِ النَّيِّرَاتُ وَنَحنُ في سَهوٍ وَغَفلَةٍ، فَيَندَمَ مُفَرِّطٌ وَيَخسَرَ كَسُولٌ – فَإِنَّ هَا هُنَا أَمرَينِ عَظِيمَينِ جَلِيلَينِ، يَحسُنُ بِنَا استِصحَابُهُمَا مِن أَوَّلِ لَحظَةٍ مِن لَحَظَاتِ هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكَةِ .. أَمرَانِ نَصَّ عَلَيهِمَا أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ -جَلَّ وَعَلا- وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِمَا لَهُمَا مِن كَبِيرِ أَثَرٍ في بَعثِ الحَمَاسَةِ لِلعَمَلِ، وَلِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيهِمَا مِن حُصُولِ الأَجرِ لِلعَامِلِ وَاستِكمَالِهِ الثَّوَابَ ..








الصِّيَامُ وَالقُرآنُ يَشفَعَانِ


إِلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ


جمعيات البر والتحفيظ.










أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم -أَيُّهَا النَّاسُ- وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ -جَلَّ وَعَلا- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ).

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: بِمَغِيبِ شَمسِ هَذَا اليَومِ -بَلَّغَنَا اللهُ تِلكَ السَّاعَةَ المُبَارَكَةَ- يَدخُلُ شَهرُ الصِّيَامِ وَالقِيَامِ، وَيَبلُغُ الحَيُّ مِنَّا مَوسِمَ القُرآنِ وَالإِحسَانِ؛ فَهَنِيئًا لِنَفسٍ مُدَّ لها وَأُفسِحَ في أَجَلِهَا.

وَلِئَلاَّ تَمُرَّ أَيَّامُ الشَّهرِ المَعدُودَاتُ وَتَذهَبَ لَيَالِيهِ النَّيِّرَاتُ وَنَحنُ في سَهوٍ وَغَفلَةٍ، فَيَندَمَ مُفَرِّطٌ وَيَخسَرَ كَسُولٌ – فَإِنَّ هَا هُنَا أَمرَينِ عَظِيمَينِ جَلِيلَينِ، يَحسُنُ بِنَا استِصحَابُهُمَا مِن أَوَّلِ لَحظَةٍ مِن لَحَظَاتِ هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكَةِ .. أَمرَانِ نَصَّ عَلَيهِمَا أَعلَمُ النَّاسِ بِرَبِّهِ -جَلَّ وَعَلا- وَمَا ذَاكَ إِلاَّ لِمَا لَهُمَا مِن كَبِيرِ أَثَرٍ في بَعثِ الحَمَاسَةِ لِلعَمَلِ، وَلِمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيهِمَا مِن حُصُولِ الأَجرِ لِلعَامِلِ وَاستِكمَالِهِ الثَّوَابَ، وَمِن ثَمَّ فَلا بُدَّ لِكُلِّ بَاغٍ لِلخَيرِ مُقبِلٍ عَلَى رَبِّهِ أَن يَضعَهُمَا نُصبَ عَينَيهِ وَأَمَامَ نَاظِرَيهِ؛ لِئَلاَّ يَكَلَّ أَو يَمَلَّ، أَو يَطُولَ بِهِ الأَمَدُ فَيَقسُوَ قَلبُهُ وَيَخمُدَ نَشَاطُهُ، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- فِيمَا صَحَّ عَنهُ: " مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " وَقَالَ: " مَن قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ " وَقَالَ: " مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ ".

أَوَعَيتُمُ الآنَ هَذَينِ الأَمرَينِ الجَلِيلَينِ؟ أَعَرَفتُم تِلكُمَا القُوَّتَينِ الدَّافِعَتَينِ؟ إِنَّهُمَا الإِيمَانُ وَالاحتِسَابُ..

نَعَم -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- الإِيمَانُ بِمَا جَاءَ بِهِ المُبَلِّغُ عَن رَبِّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَاحتِسَابُ الأَجرِ مِنَ الكَرِيمِ الرَّحِيمِ -سُبحَانَهُ-، فَلا شَكَّ وَلا رَيبَ فِيمَا جَاءَ بِهِ مَن لا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى (إِن هُوَ إِلاَّ وَحيٌ يُوحَى) وَلا رِيَاءَ في عِبَادَةٍ، وَلا ابتِغَاءَ سُمعَةٍ بِطَاعَةٍ، وَلا طَلَبَ ثَنَاءٍ أَو مَدحٍ بِإِحسَانٍ، لَكِنَّهُ التَّصدِيقُ بِالخَبَرِ اليَقِينِ، وَاحتِسَابُ الأَجرِ مِمَّن (لَهُ الحَمدُ في الأُولى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكمُ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ).

قَالَ -سُبحَانَهُ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبلِكُم لَعَلَّكُم تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِديَةٌ طَعَامُ مِسكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيرًا فَهُوَ خَيرٌ لَهُ وَأَن تَصُومُوا خَيرٌ لَكُم إِن كُنتُم تَعلَمُونَ * شَهرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِن أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ وَلِتُكمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَلَعَلَّكُم تَشكُرُونَ).

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: " بُنِيَ الإِسلامُ عَلَى خَمسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ محمدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَومِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ البَيتِ ".

وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " إِنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدخُلُ مِنهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ لا يَدخُلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيرُهُم. يُقَالُ: أَينَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ فَيَدخُلُونَ مِنهُ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغلِقَ فَلَم يَدخُلْ مِنهُ أَحَدٌ ".

وَقَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " الصِّيَامُ وَالقُرآنُ يَشفَعَانِ لِلعَبدِ يَومَ القِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ، مَنَعتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهوَةَ فَشَفِّعْني فِيهِ. وَيَقُولُ القُرآنُ: مَنَعتُهُ النَّومَ بِاللَّيلِ فَشَفِّعْني فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ ".

وَقَالَ -سُبحَانَهُ-: (إِنَّ الَّذِينَ يَتلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقنَاهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرجُونَ تِجَارَةً لَن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُم أُجُورَهُم وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).

وَقَالَ -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ).

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: بِمِثلِ هَذِهِ الأَوَامِرِ وَذَاكَ التَّرغِيبِ نَزَلَتِ الآيَاتُ، وَبِمِثلِ ذَلِكَ الإِيجَابِ وَتِلكَ الأُجُورِ صَحَّتِ الأَحَادِيثُ وَالرِّوَايَاتُ، وَلِمَن تَدَبَّرَ كِتَابَ اللهِ وَتَأَمَّلَ سُنَّةَ رَسُولِهِ مِن أَمثَالِهَا كَثِيرٌ وَكَثِيرٌ، وَإِنَّ فِيهِمَا ممَّا يَضِيقُ المَقَامُ عَن حَصرِهِ لَمَا يَبعَثُ الهِمَمَ وَيُوقِدُ العَزَائِمَ، وَيَحدُو الأَروَاحَ إِلى بِلادِ الأَفرَاحِ، ممَّا لَو صَدَّقَتْ بِهِ كُلُّ نَفسٍ يَقِينًا وَاحتَسَبَت أَجرَهُ لَمَا تَوَانَت لَحظَةً عَنِ اللَّحَاقِ بِرَكبِ المُشَمِّرِينَ المُوَفَّقِينَ. وَإِنَّ تَعَطُّلَ هَذِينِ المُحَرِّكَينِ، وَخُمُودَ هَاتَينِ القُوَّتَينِ الدَّافِعَتَينِ -أَعني الإِيمَانَ بِاللهِ وَاحتِسَابَ الأَجرِ- إِنَّهُ لَمِمَّا يُثقِلُ عَلَى بَعضِ المُسلِمِينَ حُلُولَ الشَّهرِ وَيُبَطِّئُ عَلَيهِم مُرُورَهُ، وَيَضعُفُ بهم عَنِ احتِمَالِ الصِّيَامِ وَمُدَاوَمَةِ القِيَامِ، وَيَجعَلُ الطَّاعَاتِ عَلَيهِم نَوعًا مِنَ القُيُودِ الَّتي لا تَحتَمِلُهَا نُفُوسُهُم، وَهُوَ الَّذِي يَحُولُ دُونَ آخَرِينَ وَبَذلِ دُرَيهِمَاتٍ قَد تَكُونُ بها نَجَاتُهُم وَرِفعَةُ دَرَجَاتِهِم.

وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ عَلَى المُسلِمِ أَن يَسأَلَ نَفسَهُ وَهُوَ في بِدَايَةِ هَذَا المَوسِمِ العَظِيمِ: لِمَن أَصُومُ؟ وَلماذَا أَقُومُ؟ وَتِلكَ الحُرُوفُ الَّتي أَقرَؤُهَا مِن كِتَابِ اللهِ مَالي فِيهَا؟ وَذَلِكَ المَالُ الَّذِي أَدفَعُهُ مَا ثَمَرَتُهُ وَأَينَ يَذهَبُ؟ فَإِن كَانَ لا يَدرِي مَا إِجَابَةُ هَذِهِ الأَسئِلَةِ فَتِلكَ مُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَإِن كَانَ يَدرِي فَيَستَبدِلُ الأَدنى بِالَّذِي هُوَ خَيرٌ فَالمُصِيبَةُ أَعظَمُ وَأَطَمُّ، وَأَمَّا إِن كَانَ يَعِي وَعيًا تَامًّا مَا يَفعَلُهُ وَيَحتَسِبُ مَا يَبذُلُهُ فَمَا أَعظَمَ رِبحَهُ حِينَئِذٍ وَمَا أَكبَرَ فَوزَهُ!.

إِنَّنَا -مَعشَرَ المُسلِمِينَ- نَصُومُ؛ لأَنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَينَا الصِّيَامَ وَجَعَلَهُ رُكنًا مِن أَركَانِ دِينِنَا، إِنَّنَا نَصُومُ؛ طَلَبًا لِلتَّقوَى، نَصُومُ؛ ابتِغَاءً لِلجَنَّةِ وَطَمَعًا في الدُّخُولِ مِن بَابِ الرَّيَّانِ مَعَ الصَّائِمِينَ..

إِنَّنَا نَقُومُ؛ لأَنَّ نَبِيَّنَا سَنَّ القِيَامَ وَقَامَ حَتى تَفَطَّرَت قَدَمَاهُ، وَلأَنَّ لَنَا بِكُلِّ سَجدَةٍ دَرَجَةً في الجَنَّةِ..

إِنَّنَا نَقرَأُ القُرآنَ؛ لأَنَّنَا في شَهرِ القُرآنِ، وَلأَنَّ لَنَا بِكُلِّ حَرفٍ مِنهُ حَسَنَةً، وَالحَسَنَةُ بِعَشرِ أَمثَالِهَا..

إِنَّنَا نُفَطِّرُ الصَّائِمِينَ؛ لأَنَّ لَنَا بِكُلِّ صَائِمٍ مِثلَ أَجرِهِ..

إِنَّنَا نَبذُلُ مِن أَموَالِنَا مَا نَستَطِيعُ؛ لأَنَّ أَجرَ الصَّدَقَةِ مُضَاعَفٌ بِسَبعِ مِائَةِ ضَعفٍ إِلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَلأَنَّ كُلَّ امرئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَومَ القِيَامَةِ حتى يُقضَى بَينَ النَّاسِ، وَلأَنَّهَا تُطفِئُ الخَطِيئَةَ وَتَقِي مِنَ النَّارِ..

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ وَلْنُحسِنِ الظَّنَّ بِهِ وَلْنَتَوَكَّلْ عَلَيهِ، وَلْنَسْتَعِنْ بِهِ وَلا نَعجَزْ، لِنَعزِمْ عَلَى صِيَامِ الشَّهرِ وَقِيَامِهِ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا، وَلْنُكثِرْ مِنَ الخَيرِ مَا استَطَعنَا فَإِنَّ اللهَ أَكثَرُ، وَلْنُقَدِّمْ لأَنفُسِنَا مَا نَرجُو ثَوَابَهُ؛ بِصَدَقَةٍ أَو مَعرُوفٍ أَو تَفطِيرٍ، أَو دَعمٍ لِمَشرُوعَاتِ البِرِّ وَالتَّكَافُلِ، أَو تَشجِيعٍ لِبَرَامِجِ التَّوعِيَةِ وَالدَّعوَةِ، وَلْنُدَاوِمْ -وَلَو عَلَى القَلِيلِ- مِن صَالحِ العَمَلِ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتى نَمَلَّ، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " اِكلَفُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتى تَمَلُّوا، وَإِنَّ أَحَبَّ العَمَلِ إِلى اللهِ -تَعَالى- أَدوَمُهُ وَإِن قَلَّ ".

أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: (إِنَّ رَبَّكَ يَعلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيلِ وَنِصفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَن تُحصُوهُ فَتَابَ عَلَيكُم فَاقرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَرضَى وَآخَرُونَ يَضرِبُونَ في الأَرضِ يَبتَغُونَ مِن فَضلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ في سَبِيلِ اللهِ فَاقرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقرِضُوا اللهَ قَرضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).









الخطبة الثانية:






أَمَّا بَعدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ -تَعَالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ: رَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "مَن أَصبَحَ مِنكُمُ اليَومَ صَائِمًا؟ " قَالَ أَبُو بَكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: أَنَا. قَالَ: " فَمَن تَبِعَ مِنكُمُ اليَومَ جَنَازَةً؟ " قَالَ أَبُو بَكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: أَنَا. قَالَ: " فَمَن أَطعَمَ مِنكُمُ اليَومَ مِسكِينًا؟ " قَالَ أَبُو بَكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: أَنَا. قَالَ: " فَمَن عَادَ مِنكُمُ اليَومَ مَرِيضًا؟ " قَالَ أَبُو بَكرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ-: أَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: " مَا اجتَمَعنَ في امرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الجَنَّةَ ".

وقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: " إِنَّ في الجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِن بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِن ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللهُ لِمَن ألان الكَلامَ، وَأَطعَمَ الطَّعَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ".

أَلا إِنَّ مَا في هَذَينِ الحَدِيثَينِ الشَّرِيفَينِ مِن أَعمَالٍ جَلِيلَةٍ تُورِثُ دَرَجَاتٍ عَالِيَةً، قَد لا يَتَمَكَّنُ أَحَدُنَا مِن فِعلِهَا مُجتَمِعَةً إِلاَّ في هَذَا الشَّهرِ المُبَارَكِ، وَقَد لا يَستَطِيعُ تَطبِيقَهَا إِلاَّ في أَيَّامِهِ وَلَيَالِيهِ .. أَلا فَاحفَظُوا صِيَامَكُم عَن كُلِّ مَا يَنقُضُهُ أَو يُنقِصُ أَجرَهُ، وَأَلِينُوا الكَلامَ وَتَحَلَّوا بِأَحسَنِ الأَخلاقِ، قَالَ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ-: " إِذَا كَانَ يَومُ صَومِ أَحَدِكُم فَلا يَرفُثْ وَلا يَجهَلْ فَإِنِ امرُؤٌ شَاتَمَهُ أَو قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِني صَائِمٌ إِني صَائِمٌ ".

ثم احرِصُوا عَلَى قِيَامِ اللَّيلِ مَعَ الإِمَامِ في صَلاةِ التَّرَاوِيحِ، فـ " إِنَّهُ مَن قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتى يَنصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيلَةٍ ".

ثم إِنَّ إِخوَانَكُم في جمعِيَّاتِ البِرِّ وَالتَّحفِيظِ وَمَكاتِبِ الدَّعوَةِ، قَد أَعَدُّوا لَكُم مِنَ البَرَامِجِ مَا تُقَدِّمُونَ فِيهِ مِن أَموَالِكُم لأَنفُسِكُم، فَهُنَاكَ تَفطِيرُ الصَّائِمِينَ وَإِطعَامُ الطَّعَامِ، وَكَفَالَةُ الأَرَامِلِ وَالأَيتَامِ، وَثَمَّةَ حَلَقَاتُ القُرآنِ وَبَرَامِجُ الدَّعوَةِ، وَالَّتي لم تَزَلْ عَلَى مَدَارِ السَّنَةِ سَحًّا مِدرَارًا، فَحَيَّ هَلا عَلَى الخَيرِ، وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى، فَإِنَّ الدَّالَّ عَلَى الخَيرِ كَفَاعِلِهِ، وَ" مَن دَعَا إِلى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجرِ مِثلُ أُجُورِ مَن تَبِعَهُ، لا يَنقُصُ ذَلِكَ مِن أُجُورِهِم شَيئًا " وَ" مَن فَطَّرَ صَائِمًا أَو جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثلُ أَجرِهِ " وَ" مَن نَفَّسَ عَن مُؤمِنٍ كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ عَلَى مُعسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيهِ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسلِمًا سَتَرَهُ اللهُ في الدُّنيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ في عَونِ العَبدِ مَا كَانَ العَبدُ في عَونِ أَخِيهِ " وَ" خَيرُكُم مَن تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ ".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 90.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 88.60 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.91%)]