وامتزج البياض بالسواد! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200611 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3120 - عددالزوار : 504160 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-12-2020, 03:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,443
الدولة : Egypt
افتراضي وامتزج البياض بالسواد!

وامتزج البياض بالسواد!










(قصة قصيرة)











سُرى عبدالرحمن













صافرات الإنذار تدوّي في المكان مرة ثالثة، سئمنا شنَّ الغارات بشكل مستمر.. تسقط القذيفة، ويسقط سقف منزلي، فيَصيح طفلي الرضيع وتموت زوجتي، وابنتي الكبرى تختنق!



صرنا نعيش تحت نصف سقف نحن الثلاثة، نأكل أرغفة الخبز الجافة بأطرافها المتعفِّنة ونرتوي من مياه البِرَك!

♦♦ ♦♦


إنها الحرب.. الجريمة الشَّرِسة التي يقوم بها طرفان؛ أحدهما الأسد والآخر الفريسة، لطالما تساءلتُ دومًا: ما دوافع الحروب؟ من أجل البقاء في منصب معيَّن؟ من أجل كرسيِّ سُلطة؟




إن كل هذه الأسباب ليست مبرِّرًا لسفك كل تلك الأرواح الطاهرة!

♦♦ ♦♦


كنتُ أسمع عن الانتفاضة، وعايشتُ آخر مقاومة قام بها أبناء القدس، وعشتُ ثوْرات الشعوب الأخيرة، لكن ما كان يدور في خلَدي أبدًا أن تُدنَّس دمشق، أن تبكي المآذن، وتصيح الطرقات، ما تَراود إليَّ أن خَنجرًا مسمومًا قد يُدسُّ في صدر الوطن!



سوريا العلم والإباء!



ما كان لهذه الطاهرة أن تموت، لكن الحرية لا تأتي إلا بالـ.....



الرضيع يبكي، وما من سبيل لإسكاته... طفلي الجائع الذي نام أكثر من مرة متخيلاً أن إبهامه وجبةٌ خفيفة تسدُّ جوعه!




ابنتي.. ابنة العاشرة، بذلتْ كل جهدها في أن تكون أمًّا له، وعندما تعجِز يبكي الاثنان معًا وأقف أنا مكتوف اليدين أمام هذا الأنين!


وجدت بقايا حليب مجفَّف، وحضَّرت رضعة لوليد، رغم أنها كانت أشبه بالماء، إلا أنه التقطها بنَهَمٍ، وكسرة الخبز هذه أعطيتها ابنتي.



عشتُ أيامًا عصيبة بعد موتكِ يا حبيبتي، لعنتُ الحربَ، تعلَّمت كيف أقوم بدور الأب والأم معًا، ويبدو أنني فشلت في تطبيق ذلك، أبكيكِ كثيرًا عندما ينام الصغيران!



ألُفُّ وشاحكِ حول ابنتك، في محاولة بليدة لطرد البرودة من جسدها النحيل!




أمَّ الوليد، فلتنعمي بالحياة البرزخية!
يبكي وليد مجدَّدًا.. كيف عليَّ سدُّ جوعه هذه المرة؟!


أقرب صيدلية لنا تبعد - على حد التقريب - ثلاث كيلو متراتٍ عن المنزل، بعد أن أزالت القذيفة الأخيرة صيدلية جاري اللصيقة، وقرَّرت أن أسير إليها، رغم أن جيبي من المال فارغ!


سأشتري الحليب، وأسدِّد ثمنه.. بعد حين سِرتُ في الطرقات الهادئة، السكون المهيب هذا يُنبئ أن الجميع على أهْبة الاستعداد، لصاروخ وشيك، وأنهم جاهزون لتفادي اندفاعات الرصاص، بدت لي معالم الصيدلية أخيرًا!


رغم إلحاحي على صاحبها، وانكفاء كرامتي أمامه...
أرجوك، سيموت طفلي من الجوع!
يا أخي، أحتاج المال كما يحتاج طفلك الطعام!



ووافق، بعد أن قفزت دمعة إلى خدي فرقَّ قلبُه لحالي!


صوت صافرات الإنذار أجبَرَني على حثِّ الخطى والركض نحو منزلي.


(بينما تقبع النيران في أواسط البيت على مقربة من الزاوية المتفحِّمة يحتمي الرضيع بذراعَي أخته، ومن بعيد يرى أبو الوليد ضوء اللهب ساطعًا، ودخانًا كثيفًا يتصاعد).




أقف أمام رماد منزلي بعد احتراقه، الرضْعة الفارغة على مرمى من اللهب.. يتساقط الحليب من يدي، ليَمتزج بياضه بالرماد!



صوت صافرة الإنذار يَعلو من جديد!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.22 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.57%)]