خضرة الدمن - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير سورة العاديات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تفسير قوله تعالى: {ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حذف الياء وإثباتها في ضوء القراءات القرآنية: دراسة لغوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 200513 )           »          تفسير سورة النصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          المصادر الكلية الأساسية التي يرجع إليها المفسر ويستمد منها علم التفسير تفصيلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تفسير سورة القارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          {ألم نجعل الأرض مهادا} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تعريف (القرآن) بين الشرع والاصطلاح: عرض وتحرير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3120 - عددالزوار : 503846 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-12-2020, 12:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,443
الدولة : Egypt
افتراضي خضرة الدمن

خضرة الدمن


أنيس الشربجي



في شبابنا اليوم - إلا من عصم ربك - ظاهرة بينة مستعلنة هي شدة كلفهم بالمظاهر وتعلقهم بالشكل: يتأنقون في ألبستهم ويتكاثرون بتنوعها، ويشتدون في تجميل طالعهم ويتفاخرون بحسن وجوههم، ولا يكاد يسترعي اهتمام الشاب شيء اليوم أكثر من اهتمامه بتحسين هندامه وصقل قوامه وتجميل شارته، وهذا الكلف الشديد والولع المفرط ما أراه ينسب إلا إلى التخنث والميوعة والتهلهل وقبح الدخائل، وقديماً قال العرب: ترى الشبان كالدخل وما أدراك ما الدخل فإن الإنسان لا يصرف كل هذا الاهتمام على تزييف ظاهره وتمويه شكله إلا إذا أفلست فيه الحقيقة وبشع الجوهر، أو زاغ عن السبيل القويم وضل الجادة وأرجو أن يكون شبابنا ممن زاغ وزل فذلك أهون ممن قبحت دخائلهم وانطووا على النفوس العفنة والعقول المنتنة، ومما لا شك فيه أن جمال الوجوه لا يقاس بجمال النفوس وأن اتساق الظاهر دون تناسق الباطن وأن الشكل الحسن والألبسة الفاخرة البهية على فطنة راكدة وقلت مأفون كالمستنقع الآسن البراق لا ينطوي إلا على حمأ مسنون، يقول الشاعر:
جمال الوجه مع قبح النفوس
كقنديل على قبر المجوس


لكن أكثر شبابنا - وا أسفاه - على أن الجمال شكل لا فكرة، وعرض لا جوهر، وظاهر لا حقيقة، فاهتموا بالظواهر وتستروا بالألبسة... ولو أنك كشفت عما وراءها لراعك هذا الفراغ الموحش، والفقر المعيب، والكزازة المنكرة، والقبح المخيف، وليس هذا كله بخاف على الناس لأن ألبسة هؤلاء الشباب مهما غلت في القيمة، وعلت في الجودة، كثوب الرياء يشف عما تحته، وإن هم وإياها إلا كالأنصاب المزخرفة المزركشة لا تعدو أن تكون حجراً أصم.

ويا ليت الذين أراهم على هذا النمط من الغلو في التأنق والتجمل والزهو بالخرق يفعلون ذلك عن بصيرة وفكرة إنما هم يتبعون الأجنبي وما يريد الأجنبي إلا دمارهم وهلاكهم، وما ينفث فيهم إلا الضلالة والعمى، وقد أصبحنا بحمد الله ملكيين أكثر من الملك فاني لست أشك أن الأجانب يعجبون أشد العجب من حذقنا وقابليتنا للتمدن! حيث عدوناهم في هذه المظاهر البراقة حتى لنوشك أن نصبح فيها أساتذتهم:
وكان فتى من جند إبليس فارتقى
به الأمر حتى صار شيخاً لإبليس




وترى هؤلاء الشباب فوق ذلك مستكبرين معاندين يكادون ينكرون أبائهم ويعيبون عليهم أنهم كانوا يلبسون الخف الأحمر، والقمباز الديما وأنهم كانوا يقنعون من اللباس بما يظهرهم غير مبتذلين، ولم يكونوا يطيلون الوقوف على المرآة يصفقون شعورهم ويزججون حواجبهم ويصقلون خدودهم (بالبويا) والمساحيق، كلا ولم يكن عند أحدهم عشرة بذلات ولا خمسة أحذية على غناهم إذ ذاك وفقرنا الآن وخصبهم وجدبنا وقلة المتطفلين عليهم وكثرتهم اليوم عندنا... فهؤلاء الشباب لا يكادون يفهمون كيف كان آباءهم منذ ربع قرن فقط يعيشون ويحسبونهم من القرون البائدة حين كان الإنسان يخصف على جسمه من ورق الأشجار.

أنا لا أقول بوجوب اطراح كل اهتمام بالشكل والظاهر، ولا بالرجوع إلى أزياء الماضين وعاداتهم والتغافل عن مقتضيات العصر وحاجاته، وإني أعلم جد العلم أن بعض كمالي الأمس قد أصبح ضرورياً اليوم، وأن للمظهر الحسن تأثيراً كبيراً في النفوذ والأخذ وسلطاناً عظيماً في حياتنا الحضرية، لكن الذي آخذه علينا هذا التبذير في التنمق، والإسراف في التجمل، وهذا التخنث في التزين والتبهرج، مما صرفنا عن جد الأمور وحاد بنا عن صوابها ونافعها.

وأعلم جيداً أيضاً أن الإنسان مطبوع على حب الزينة وعلى الظهور بالشكل الحسن الملائم. وهناك من يقول إن الإنسان الأول لم يستعمل اللباس دفعاً للحر أو القر وإنما للزينة والبهرجة، لأن الإنسان بإمكانه أن يستغني عن اللباس وأن يعتاد على تغيرات الطبيعة بدليل ما نراه في هذا العصر عند المتمدنين والمتوحشين على السواء ولله الحمد ولهم على قولهم شواهد وبراهين كثيرة لا محل لذكرها الآن، فإذا صح قولهم وكان اللباس للزينة، يكون من طبيعة الإنسان أن يختار أوفقه وأظرفه، وأحسنه شكلاً، وأبدعه هنداماً، على أنه بعد كل ذلك لا يعدو أن يكون زينة لا يحسن الإفراط بها فتنقلب على العكس تشويهاً ونفوراً، عدا أن للإنسان مقاصد جليلة يجب أن لا تصرفه عنها الأعراض والمظاهر فيجعلها غاية وبغية وأملا ً.


والمظاهر خداعة أعيذك من السقوط في شركها، وأربأ بك أن تغتر بحسن السمت والشارة أو تستسلم لكلام معسول منمق، فكما أن هناك من يضللون الناس بأزيائهم ويخدعونهم ببهرجتهم كذلك أن من الناس من يخدع بكلام ظريف ناعم ولكنه جلد أفعى... ومن الأصحاب أصحاب في الظاهر وعند المنفعة فإياك أن تغتر بهم مهما أظهروا لك من الإخلاص والوداد، فلشد ما تؤلم الخيبة في رفيق أخذته على كلامه وظاهره، وخالطته حتى جرى مع دمائك في عروقك فإن بليت بصديق لا يرعى للصداقة حرمة وكنت - أيا صاحبي - ألوفاً عطوفاً فنكبت في عاطفتك وصدمت بالخيبة السوداء، فانطوِ على قلبك واحتسب عند الله جرحاً كلما شَعَب انتكأ...

فهذا كله خديعة الظاهر...

المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الأولى، العدد التاسع، 1354هـ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.22 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]