موسم الحصاد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1130 - عددالزوار : 129888 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370012 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-10-2020, 05:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,803
الدولة : Egypt
افتراضي موسم الحصاد

موسم الحصاد


د. محمد هيثم الخياط




كانَ القَمْحُ قد اسْتَغْلَظَ وَاسْتَوَى على سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُرَّاعَ!





وَلَمْ يُصَدِّقْ قَمْحَانُ عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَرَى صَدِيقَيْهِ الحَمِيمَيْنِ الجُنْدُبَ وَالجُدْجُدَ يَشُدَّانِ الرِّحَالَ لِمُغَادَرَةِ الحَقْلِ بِسُرْعَةٍ؛ فَقَفَزَ مِنْ سُنْبُلَتِهِ وهُوَ يَصْرُخُ: ((إِيْهِ!! إِلى أَيْنَ أَنْتُما ذاهِبَانِ؟)).


فَقَالَ الجُدْجُدُ وَهُوَ يَتَنَهَّدُ: ((لَنْ نَذْهَبَ قَبْلَ أَنْ نُوَدِّعَكَ.. وَلكِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نَرْحَلَ بِسُرْعَةٍ وَنُغَادِرَ هذا الحَقْلَ قَبْلَ وُصُولِ ذلِكَ الوَحْشِ المُخِيفِ!)).


وَقَبْلَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ مِنْهُمَا عَنْ مَعْنَى مَا سَمِعَهُ رَآهُمَا يَثِبَانِ وَيَقْفِزَانِ مِنْ نَبْتَةٍ إلى أُخْرى وَيَبْتَعِدَانِ إلى أَنْ غَابَا عَنْ نَاظِرَيْه.


لَمْ يَطُلْ عَجَبُ قَمْحَانَ. فَقَدْ سَمِعَ ضَجَّةً هَادِرَةً، وَرَأى وَمِيضَ شَفَرَاتٍ فُولاَذِيَّةٍ وَأَدْرَكَ أَنَّ (الوَحْشَ) قَدْ دَخَلَ الحَقْلَ... فَوَلّى الأَدْبَارَ، وَلاَذَ بالفِرَارِ، فالأَمْرُ خَطِيرٌ لا يَحْتَمِل التَرَيُّثَ أَوِ الانْتِظَارَ!


اِخْتَبَأَ قَمْحَانُ خَلْفَ حَجَرٍ صَغِيرٍ وَأَخَذَ يَرْقُبُ شَفَرَاتِ الحَصَّادَةِ تَلْتَهمُ السَنَابِلَ، وَالهَلَعُ يَمْلأُ قَلْبَهُ.

رَأى الوَحْشَ يَلْتَهِمُ كُلَّ مَا في طَرِيقِهِ ثُمَّ يَلْفِظُهُ حُزَمًا أَنِيقَةً وَاحِدَة تِلْوَ أُخْرى.
وَلكِنْ مَاذَا جَرى لِرَفِيقَاتِهِ حَبَّاتِ القَمْحِ؟


كَانَتْ تَتَأَلَّقُ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَمْسِ بَعْدَ أَنْ نُزِعَتْ عَنْهَا قُشُورُهَا وَكانَتْ تُلقَى في أَكْيَاسٍ ضَخْمَةٍ.

وَدَفَعَهُ الفُضُولُ إلى اللَحَاقِ بِهِنَّ، فَسَاعَدْنَهُ على تَسَلُّقِ أَحَدِ الأَكْيَاسِ وَانْدَسَّ بَيْنَهُنَّ.
وَلَمْ يَلْبَثْ إلاَّ قَلِيلاً حَتَّى جَاءَتِ الشَاحِنَاتُ وَحَمَلتِ الأَكْيَاسَ وَابْتَعَدَتْ بِهَا.

وَعنْدَ وُصُولِ الأَكْيَاسِ إِلى الطَاحُوْنَةِ دُهِشَ قَمْحَانُ لِسَمَاعِهِ لُغَاتٍ أَجْنَبيَّةً مُتَعَدِّدَةً لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمِعَهَا مِنْ قَبْلُ، وقَرَّرَ أَنْ يَجدَ أَجْوِبَةً لِبَعْضِ أَسْئِلَتِهِ؛ فَاقْتَرَبَ مِنْ غَرِيبٍ بَدَا أَنَّهُ خَبِيرٌ ومُهِمٌّ.

عَرَّفَهُ الغَرِيبَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ لَهُ مُفَسِّرًا: ((إِنَّ القَمْحَ يَأْتِي إلى الطَاحُونَةِ مِنْ مُخْتَلِفِ بِقَاعِ العَالَمِ بَعْدَ أَنْ يَجْريَ فَحْصُهُ طِبِّيًا لِفَصْلِ السَلِيمِ مِنْهُ عَنِ المَرِيضِ. ثُمَّ يَتِمُّ مَزْجُ الحُبُوبِ السَلِيمَةِ بِنسبٍ مُتَفَاوِتَةٍ لإِنْتَاجِ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ الدَّقِيقِ)).


ثُمّ بَيَّنَ الخَبِيرُ لِقَمْحَانَ كَيْفَ تُغْسَلُ الحُبُوبُ أَولاً غَسْلاً جَيَّدًا للاِطْمِئْنَانِ إِلى أَنَّهَا أَصْبَحَتْ نَظِيفَةً، ثم تُجَفَّفُ وَتُلْقَى في الغِرْبالِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُنَقَّى، وَيُنْزَعَ عَنْهَا كُلُّ القَشِّ والأَجْسَامِ الغَرِيبَةِ الَّتِي تَكُونُ عَالِقَةً بِهَا.


فَقَالَ قَمْحَانُ لِنَفْسِهِ: ((هذا هُوَ السبب إذَنْ فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ الآنَ مِنَ النَضَارَةِ وَالتَأَلُّقِ وَالجَمَال!!)).

ثُمَّ قَالَ لِصَاحِبِهِ: ((وَمَا الّذِيْ يَحْدُثُ بَعْدَ ذلك؟)).

فقَالَ الخَبِيرُ مُوَضِّحًا:


((تُنْقَلُ الحُبُوبُ بالحِزَامِ النَاقِلِ لِتُطْحَنَ في آلاَتٍ ضَخْمَةٍ فَتَتَحَوَّلَ إِلى دَقِيقٍ.
ثُمَّ يُنْخَلُ الدَقِيقُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ لِفَصْلِ النُخَالَة عَنْهُ فَيُصْبِحُ طَحِينًا أَبْيَضَ جَمِيلَ المَنْظَرِ)).

ثُمَّ تَابَعَ قَائِلاً: ((إِنّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَغْتَرُّون بالمَظْهَرِ وَيُفَضِّلونَ الدَقِيقَ الأَبْيَضَ وَالخُبْزَ الأَبْيَضَ، مَعَ أَنَّ الطَحِينَ المُحْتَوِيَ على النُّخَالَةِ هُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً لَهُمْ وَأَعْظَمُ نَفْعًا)).


دُهِشَ قَمْحَانُ عِنْدَمَا عَلِمَ أَنَّ القَمْحَ يُزْرَعُ في كُلِّ بِقَاعِ العَالَمِ.

وَزَادَتْ دَهْشَتُهُ عِنْدَمَا أَنْبَأَهُ الخَبِيْرُ أَنَّ الإِنْسَانَ عَرَفَ زِرَاعَتَهُ مُنْذُ عُصُورِ مَا قَبْلَ التَارِيخ، وَمَا زَالَ يَزْرَعُهُ حَتّى اليَوْم!


وَأَرْدَفَ الخَبيرُ قَائِلاً: ((هَلْ فَكَّرْتَ يَوْمًا بِوَفْرَةِ المَآكِلِ الّتي يَدْخُلُ الدَقِيقُ في صُنْعِها؟ مَاذَا كَانَ يَحْدُثُ لِلْعَالَمِ بِدُونِ الخُبْزِ وَأَنْوَاعِ الكَعْكِ وَالبَسْكَوِيتِ؟ وَمَاذَا كَانَ سَيُصِيبُ الإِيطَالِيِّينَ لَوْلا المَعْكَرُونَةُ؟ وَسُكّانَ بِلاَدِ الشَّامِ دُوْنَ البُرْغُلِ؟ وَالفِرَنْسِيِّينَ دُوْنَ الأَهِلَّةِ المُحَلاَّةِ؟ وَأَهْلَ المَغْرِبِ دُوْنَ الكُسْكُسِ؟)).


كَانَتِ الزِيَارَةُ الّتِي قَامَ بِهَا قَمْحَانُ للِطَاحُونَةِ مُثِيرَةً حَقًا. فَقَدْ تَعَلَّمَ أَشْيَاءَ جَدِيدَةً كَانَ يَجْهَلُهَا مِنْ قَبْلُ. وَلكِنْ حَانَ الوَقْتُ لِكَيْ يَذْهَبَ. فَلَوَّحَ لأَصْدِقَائِهِ مُوَدِّعًا وَانْطَلَقَ فِي طَرِيقِ العَوْدَةِ إلى حَقْلِهِ.

لكِنَّهُ ذُهِلَ عِنْدَمَا رَأَى حَقْلَهُ وَقَدِ امْتَلأَ بِنَبَاتِ الذُّرَةِ وَالفِصْفِصَةِ.
وَلَمّا سَأَلَ إِحْدَاهَا عَنْ سِرِّ وُجُودِهَا هُنَاكَ أَجَابَتْهُ بِأَنَّ هذِهِ طَرِيقَةٌ في الدَّوْرَاتِ الزِرَاعِيَّةِ تُهَيِّئُ الأَرْضَ للِمَوَاسِمِ التَالِيَةِ، وتُغْنِيهَا. فَإِنْ كانَ يَرْجُو أَنْ يَنْبُتَ مِنْ جَدِيدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْهَبَ إلى الحَقْلِ المُجَاوِرِ.


مَا إنْ وَصَل قَمْحَانُ إلى الحَقْلِ المُجَاوِرِ حَتَّى هَتَف الجُنْدُبُ وَالجُدْجُدُ قَائِلَيْنِ: ((أَيْنَ كُنْتَ طَوَالَ هذِهِ المُدَّةِ يا قَمْحَانُ؟)) فَقَصَّ عَلَيْهمَا قَمْحَانُ كُلَّ مُغَامَرَاتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: ((وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمَا الله وَسَأَلْقَاكُمَا في العَامِ القَادِمِ)).


وَسَرْعَانَ مَا فَتَحَ لِنَفْسِهِ ثَقْبًا صَغِيرًا في الأَرْضِ وَنَزَل فِيهِ وَاخْتَفى..


قَالَ الجُدْجُدُ: ((لَقَد الْتَحَقَ بِحَبَّاتِ القَمْحِ الّتِي بُذِرَتِ مُنْذُ أُسْبُوْعٍ. هَيّا بِنَا يَا صَدِيقِي الجُنْدُبُ، فَسَنَرَاهُ في الرِّبَيعِ القِادِم إِنْ شَاءَ اللهُ)).

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.41 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.46%)]