|
ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحقوق الزوجية (حق الزوج) الشيخ ندا أبو أحمد تمهيد إن الحمد لله - تعالى - نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: 70 - 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. إن الزواج حياة مشتركة بين طرفين: هما الزوج والزوجة، وهذه الشركة لا يمكن لها الاستقرار والنجاح، إلا إذا قام كل طرف بواجبه تُجاه الآخر، وبأن يعرف كل منهما ما له وما عليه. • وهذه الشركة رأس مالها الحب والمودة، وغرسها الإخلاص، وعطاؤها الإيثار والفداء والتضحية، وتُرْبَتها الرضا والقناعة، وشمسها الوضوح والصراحة، وسماؤها السكينة والطمأنينة، وبابها القَبول وحسن الاختيار، وثمرتها رضا الله - تعالى - وربحها وكسْبها سعادة الدارين، والفوز بجنات عرضها السموات والأرض. • وهذه الحقوق لا نستمدها من قانون البشر، إنما نستمدها من كتاب ربنا - عز وجل - وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ففيهما الهداية والكفاية. • وكل من الزوجين له من الحقوق، وعليه من الواجبات، وهذا مؤدَّى قوله - تعالى -: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228]. قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أي: لهن من حسن الصحبة، والعشرة بالمعروف على أزواجهن، مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن أزواجهن". وقال ابن زيد - رحمه الله -: "تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله - عز وجل - فيكم". قال القرطبي في تفسيره (3/ 123): "الآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية". وقبل الكلام عن حقوق الزوج، نبدأ بالكلام عن منزلة ومكانة الزوج عند الزوجة. لا شك أن منزلة الزوج عند زوجته عالية، وحقه عليها عظيم. 1- أخرج الإمام أحمد وغيره، والحاكم وصححه، من حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: ((زوجها))، قلت: فأي الناس أعظم حقًّا على الرجل؟ قال: ((أمه))؛ ضعَّفه الألباني في ضعيف الجامع. قال شيخ الإسلام - رحمه الله - كما في "مجموع الفتاوى" (32/ 260): "وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله، أوجب من حق الزوج". وأخرج الطبراني - في "الكبير" - عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لو تعلم المرأة حق الزوج، لم تقعد ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه))؛ صحيح الجامع (5259). 2 - في سيرة ابن هشام: لما نُعِي إلى حَمْنَة بنت جحش أخوها الذي قتِل في أُحُد، فاسترجعت واستغفرت، ثم نعي إليها خالها حمزة بن عبدالمطلب، فاسترجعت واستغفرت، ثم لَمَّا نُعِي إليها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وبكت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن زوج المرأة منها بمكان))، والحديث بتمامه عند ابن ماجه بسند فيه مقال، وفيه: "أن النساء قُمن حين رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أُحد يسألن الناس عن أهلهن، فلم يُخبَّرن، حتى أتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تسأله واحدة إلا أخبرها، فجاءته حَمْنَة بنت جحش، فقال: ((يا حَمْنَة، احتسبي أخاك عبدالله بن جحش))، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: ((يا حَمْنَة، احتسبي خالك حمزة بن عبدالمطلب))، قالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، رحمه الله وغفر له، ثم قال: ((يا حَمْنَة، احتسبي زوجك مصعب بن عمير))، فقالت: يا حرباه"[1]، وفي رواية أنها قالت: "واحزناه"، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن للمرأة لشعبة من الرجل ما هي له في شيء))، وفي رواية: ((إن زوج المرأة منها لبمكان))؛ ضعيف الجامع (1960). 3 - في مسند الإمام أحمد عن عبدالله بن أبي أَوْفَى، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها؛ حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قَتَب، لَم تمنعه))؛ صحيح الجامع (5295). 4 - وفي مسند الإمام أحمد: ((لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صَلَح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مَفْرق رأسه قرحة، تنبجس بالقيح والصديد، ثم استقبلته تلحسه، ما أدَّت حقه)). وأخرج البيهقي والنسائي - بسند حسن - عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "أتى رجل بابنته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج، فقال لها: ((أطيعي أباك))، فقالت: والذي بعثك بالحق، لا أتزوج حتى تُخبرني ما حق الزوج على زوجته؟ فقال: حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها، أو انتثر منخراه صديدًا أو دمًا، ثم ابتلعته - ما أدَّت حقه))؛ صحيح الجامع (3148). 5 - ولهذا كانت عائشة - رضي الله عنها - تقول: "يا معشر النساء، لو تعلمْنَ بحق أزواجكنَّ عليكن، لجعلت المرأة منكن تَمسح الغبار عن وجه زوجها بنحْر وجهها[2]))، وفي رواية: "تمسح الغبار عن قدمي زوجها بنحر وجهها"؛ رواه ابن أبي شيبة. فهيا أيتها الزوجة، انظري أين أنت من زوجك؛ فإنما هو جنتك ونارك. 1 - أخرج الإمام أحمد من حديث حُصَين بن مِحصَن - رضي الله عنه - قال: حدثتني عمتي، قالت: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الحاجة، فقال: ((أي هذه! أذات بعل؟))، قلت: نعم، قال: ((كيف أنت له؟))، قالت: ما آلوه إلا ما عجَزت عنه[3]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك))؛ صحيح الجامع (1509). 2 - وأخرج الترمذي وحسنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ، دخلت الجنة)). فما هي حقوق الزوج؟ 1- طاعة الزوج في غير معصية: قال - تعالى -: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ﴾ [النساء: 34]؛ أي: مطيعات لأزواجهن، ﴿حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ﴾ [النساء: 34]. فعلى الزوجة طاعة زوجها، ما لم يأمرها بمعصية، وما لم يأمرها بشيء لا تُطِيقه، فإن أمرها بما يخالف الشرع، فلا سمع ولا طاعة، فالطاعة المطلَقة لا تكون إلا لله - عز وجل - أما طاعة المرأة لزوجها، فإنها مشروطة بما ليس فيه معصية لله - تعالى - فإن أمرها زوجها بمعصية - كأن تخلع حجابها، أو تترك صلاتها، أو أن يُجامعها في حيْضها، أو في دُبرها، أو إجبارها على سماع الأغاني، أو شرب الخمر - فإنها لا تُطيعه؛ فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما أخرجه البخاري ومسلم: ((لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف)). • وفي رواية للبخاري ومسلم: ((السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحبَّ أو كرِه، ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية، فلا سمْع ولا طاعة)). • وفي مصنف عبدالرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)). قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - كما في "فتح الباري" (9/ 304): "ولو دعاها الزوج إلى معصية، فعليها أن تمتنع، فإن أدَّبها على ذلك، كان الإثم عليه"؛ ا.هـ. إذًا طاعة الزوج واجبة، طالما أنها ليست في معصية الله، والأحاديث التي تدل على هذا المعنى كثيرة؛ منها: • ما مر بنا في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والبيهقي عن حُصَين بن مِحصَن - رضي الله عنه - قال: حدثتني عمَّتي، قالت: "أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الحاجة، فقال: ((أي هذه! أذات بعل؟))، قلت: نعم، قال: ((كيف أنت له؟))، قالت: ما آلوه إلا ما عجَزت عنه[4]، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فانظري أين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك))؛ صحيح الجامع (1509). فالزوج هو باب للمرأة؛ إما إلى الجنة في حالة رضاه عنها، أو إلى النار عند سخطه عليها بالحق. • ولا توصف المرأة بالخيرية إلا عندما تطيع الزوج، فخير النساء مَن تطيع زوجها. فقد جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أي النساء خير؟ قال: ((التي تسره إذا نظَر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره))؛ الصحيحة (1838). • ولا توصف المرأة كذلك بالصلاح إلا عندما تطيع الزوج؛ فقد أخرج ابن ماجه عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله - عز وجل - خيرًا له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها حفِظته في نفسها وماله))؛ ضعَّفه الألباني بهذا اللفظ في المشكاة، رقْم (3095). فلا خير ولا صلاح فيمَن تعصي الزوج، ومعلوم أن مخالفة الزوج وعدم طاعته يوغر صدره، ويجرح كرامته، ويُسيء إلى قوامته، فيبادلها ذلك ممانعة لما تحب، ومخالفة لما ترغب. ولكنني أهمس في أذن الزوج، وأقول له: "اتَّق الله في زوجتك، لا تستغل هذه الصلاحيات، وما حباك الله من القوامة في غير ما أمر الله، فتأمر زوجتك - مثلاً - بعدم الذهاب إلى أهلها، أو تأمرها بفعل محرَّم، أو تكلفها ما لا تُطِيق". • فالحذار، الحذار من معصية أمر الزوج وعدم طاعته؛ فقد أخرج الحاكم - بسند صحيح - عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اثنان لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما: عبد آبِق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عَصَت زوجها حتى ترجع))؛ صحيح الجامع (136). فضل طاعة الزوج: • لا شك أن طاعة الزوج فيها ما فيها من الخير الكثير، والثواب الجزيل؛ فقد أخرج البزَّار، والطبراني - وضعَّفه المنذري في "الترغيب"، لكن له شواهد لمعناه - أن أسماء بنت يزيد بن السكن - رضي الله عنها - أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلنَ بقولي، وعلى مثل رأيي، ونحن معشر النساء مقصورات مخدَّرات، قواعد بيوتكم، وإن الرجال فضِّلوا: بالجمعات، وشهود الجنائز، والجهاد، وإذا خرجوا للجهاد، حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجهه إلى الصحابة، فقال: ((هل سمعتم مقالةً أحسن سؤالاً عن دينها من هذه؟))، فقالوا: بلى يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((انصرفي يا أسماء، وأَعْلِمي مَن وراءك من النساء أن حسن تبعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتِّباعها لموافقته - يَعدل كل ما ذُكِر))، فانصرفت أسماء وهي تُهلل وتكبِّر استبشارًا بما قال لها - عليه الصلاة والسلام". • وفي رواية أخرى عند ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 363): "أن أسماء بنت يزيد بن السكن - رضي الله عنها - جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بين أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، واعلم - نفسي لك فداء - أنه ما من امرأة كانت في شرق ولا غرب، سمِعت بمخرجي هذا - أو لم تسمع - إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك وبإلهك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومَفضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضِّلتم علينا: بالجُمع، والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجًّا أو معتمرًا أو مرابطًا، حفظنا لكم أموالكم، وغزَلنا لكم أثوابكم، وربَّينا لكم أولادكم، أفما نُشارككم في هذا الخير يا رسول الله؟"، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهه كله، ثم قال: ((سمعتم مقالة امرأة قطُّ أحسن من مساءلتها عن أمر دينها من هذه؟))، قالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا، فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها، ثم قال: ((انصرفي أيتها المرأة، وأعلمي من وراءك من النساء أن حُسن تبعُّل إحداكن لزوجها، وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته - يَعدل ذلك كله))، قال: فأدبَرت المرأة وهي تُهلل وتكبر استبشارًا". فبيَّن هذا الحديث أن الأجر الذي تناله المرأة في ترتيب مسكنها، وطاعة زوجها، وتربية أولادها، يعدل أجر الرجل في جهاده واختصاصه. • قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "مجموع الفتاوى" (32/275) معلقًا على هذا الحديث: "أي أن المرأة إذا أحسنت معاشرة بَعْلِها؛ كان ذلك موجبًا لرضاء الله وإكرامه لها، من غير أن تعمل ما يختص بالرجل، والله أعلم". اهـ • فمن أرادت رضا الله - عز وجل - فعليها بطاعة الزوج؛ فقد أخرج الطبراني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((المرأة عورة، فاحبسوها في البيوت، فإن المرأة إذا خرجت إلى الطريق، قال لها أهلها: أين تريدين، قالت: أعود مريضًا، أُشيِّع جنازة، فلا يزال الشيطان بها، حتى تخرج من دارها، وما التمست المرأة رضا الله بمثل أن تَقعد في بيتها، وتعبد ربها، وتطيع زوجها)). • فعلى المرأة أن تطيع مَن يشقى لإسعادها، ومن يبذل الجهد لراحتها؛ فإن ذلك حق طبيعي للرجل، ذلك الكادح المتعَب، والمجاهد الدائب، الذي يعظم حقه، وتجب طاعته في الخير والمعروف، حتى يكون الجزاء رضا الله عنها، والفوز بالجنة. ففي مسند الإمام أحمد من حديث عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت بعلها، فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءَت)). وفي رواية: ((إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ))؛ صحيح الجامع (660). وانظري أيتها الزوجة الفاضلة إلى عِظَم طاعة الزوج؛ حيث أضاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث طاعة الزوج إلى مباني الإسلام، وهذا يدل دلالة واضحةً على مكانة الزوج، ووجوب طاعته. وقفة: • شُرِع للزوج تأديبُ زوجته إذا نَشَزت وخرجت عن طَوْعه، وهذا حق كفله الشرع للزوج؛ قال - تعالى -: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾ [النساء: 34]. فنجد في الآية أن الله - عز وجل - جعل للتأديب مراتبَ على النحو التالي: المرتبة الأولى: الوعظ بلا هجر ولا ضرْب؛ لقوله - تعالى -: ﴿فَعِظُوهُنَّ﴾؛ أي: بكتاب الله، فذكِّروهن ما أوجب الله عليهن من حسن الصحبة، وجميل العشرة للزوج، والاعتراف بالدرجة التي له عليها، ويذكِّرها بأحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تعظيم حق الزوج على زوجته، وجميل العشرة للزوج، ووجوب طاعته في المعروف، فإن لم ينفع الوعظ والتذكير بالرفق واللين، فلينتقل إلى: المرتبة الثانية: وهي الهجر في المضجع؛ لقوله - تعالى -: ﴿وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ﴾، أو ينفرد عنها بالفراش، ويجوز أيضًا أن يهجرها خارج البيت؛ لما صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه هجر نساءه واعتزلهنَّ شهرًا، والحديث عند البخاري، ولا يزيد في هجْره أكثر من أربعة أشهر، وينبغي أن يَقصد من الهجر التأديب والاستصلاح، لا التشفِّي والانتقام والمضارة"؛ ا.هـ معالم السُّنن؛ للخطابي (4/ 128). فإن لم يجد الهجر، ولم يأت بثماره ينتقل إلى: المرتبة الثالثة: وهي الضرب غير المبرِّح؛ لقوله - تعالى -: ﴿وَاضْرِبُوهُنَّ﴾، يقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: اهجرها في المَضْجَع، فإن أقبلت، وإلا فقد أذِن الله لك أن تضربها ضربًا غير مبرِّح. وإذا كان لا بد من الضرب، فلا بد للزوج أن يراعي الآتي: 1- أن الضرب ما كان إلا لإصرار المرأة على النشوز والعصيان، حتى بعد تدرُّجه معها في التأديب على ما سبَق ذكره. 2- أن يتناسب العقاب مع نوع التقصير، فلا يبادر إلى الهجر في المضجع في أمر لا يستحق إلا الوعظ والإرشاد، ولا يبادر إلى الضرب وهو لم يجرب الهجر في المضجع؛ وذلك لأن العقاب بأكثر من حجم الذنب والتقصير، ظلمٌ. 3- أن يراعي أن المقصود من الضرب: العلاج، والتأديب، والزجر لا غير، فيراعي التخفيف فيه على أبلغ الوجوه، وهو يتحقق باللكزة ونحوها، أو بالسواك ونحوه؛ كما جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حجة الوداع: ((اتقوا الله في النساء؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحلَلتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن أن لا يُوطِئن فُرُشَكم أحدًا تكرهونه، فإن فعلنَ، فاضربوهن ضربًا غير مبرِّح))، قال عطاء: قلت لابن عباس: ما الضرب غير المبرِّح؟ قال: السواك، ونحوه. 4- يتجنَّب الزوج عند الضرب المواضع المخوفة: كالرأس والبطن، وكذا الوجه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ضرب الوجه، وكذلك لا يكسر عظمًا، ولا يَشِين عضوًا، ولا يُدْمِيها، ولا يقطع لحمًا، ولا يكرر الضربة في الموضع الواحد. 5- إذا ارتدعت الزوجة وترَكت النشوز، فلا يجوز له بحال أن يتمادى في عقوبتها، أو يتجنى عليها بقول أو فعلٍ؛ لقوله - تعالى -: ﴿فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾. تنبيه: اعلم أيها الزوج أن الأفضل ترك الضرب مع بقاء الرخصة فيه، فقد اتَّفق العلماء على أن ترك الضرب والاكتفاء بالتهديد أفضل؛ وذلك للحديث الذي أخرجه ابن ماجه وأبو داود عن إياس بن عبدالله بن أبي ذباب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تضربوا إماء الله))، فأتاه عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا رسول الله ذَئِر النساء[5] على أزواجهن، فأَذِن في ضربهن، فأطاف بآل محمد نساء كثير، كلهن يشكون أزواجهن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشتكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك خياركم)). ورُوِي عنه في رواية أخرى أنه قال: ((ولا يضرب إلا شراركم)). وجاء في صحيح مسلم: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى فاطمة بنت قيس أن تتزوج أبا جهم، ثم بيَّن لها العلة من ذلك، فقال: ((أما أبو جهم، فلا يضع عصاه عن عاتقه))، ومعناه: أنه ضرَّاب للنساء، كما جاء تفسير ذلك في رواية أخرى لمسلم بلفظ: ((وأما أبو جهم، فرجل ضرَّاب للنساء)). وعليه يحمل وصفه - صلى الله عليه وسلم - إياه في رواية النسائي: ((إنه صاحب شرٍّ، لا خير فيه)). فتأمَّل كيف ذمَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذه الصفة. وها هي عائشة - رضي الله عنها - تقول كما في "صحيح مسلم": "ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده امرأةً قط، ولا خادمًا، ولا ضرب شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله". يقول ابن الجوزي - رحمه الله - كما في "أحكام النساء"، ص (82): "وليعلم الإنسان أن مَن لا ينفع فيه الوعيد والتهديد، لا يردعه السوط، وربما كان اللطف أنجحَ من الضرب، فإن الضرب يزيد قلب المعرض إعراضًا، وفي الحديث: ((ألا يستحيي أحدكم أن يجلد امرأته جلد العبد، ثم يُضاجعها))، فاللطف أولى إذا نفع"؛ ا.هـ. لكن إذا لم ينفع اللطف، ولا الوعظ، ولا الهجر، وظلت المرأة في نشوزها - فآخر العلاج الكَيُّ، فليس للرجل إلا أن يضرب، لكن بالشروط السابقة، وهذا أفضل من طلاقها، وتصدُّع بنيان الأسرة، وتمزُّق شمْلها، وتشرُّد أطفالها، ولا بد أن نعلم أن النساء يختلفن في الطباع، فمن النساء مَن لا يقيمها إلا التأديب، ومن النساء مَن تستجيب للوعظ والنصح، ومنهن من يتألَّمن بالهجر، فكلٌّ بحسب حاله وطبعه، لكن لا بد أن نراعي أن الأصل هو الرفق بالنساء على كل حال، وتحمُّل الأذى منهن، والله أعلم"؛ انظر: "عودة الحجاب"، ص (454 - 470). ألا تمتنع عنه إذا دعاها إلى فراشه: فإذا أرادها الزوج فلتجبه؛ حتى يأمن على دينه من الفتن، التي تنبعث من كل حدَبٍ وصوب، فتوفر لزوجها أسباب العفاف، وتكون له خير مُعين على طاعة رب العالمين. فعلى الزوجة ألا تمتنع عن زوجها إذا دعاها، ما دامت قادرةً على ذلك، وليس هناك مانع كالحيض أو النفاس - وله أن يتمتَّع بها في الحيض أو النفاس دون الفرْج - حتى لا تتعرَّض للعنة الملائكة، ويكون الذي في السماء ساخطًا عليها. ففي صحيح البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح)). قال الإمام النووي - رحمه الله - في "شرح مسلم" (10/ 9): "هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع؛ لأن له حقًّا في الاستمتاع بها فوق الإزار، ومعنى الحديث: أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية بطلوع الفجر والاستغناء عنها، أو توبتها ورجوعها إلى الفراش"؛ ا.هـ. وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها)). وفي هذا الحديث: أن سخط الزوج يوجب سخط الرب، وهذا في قضاء الشهوة، فكيف إذا كان في أمر الدين! وفي رواية أخرى قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا باتت المرأة مهاجرة فراشَ زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح))، وفي رواية: ((حتى ترجع)). • وعند الترمذي من حديث طَلْق بن علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فلتأته وإن كانت على التَّنُّور))؛ ومعنى الحديث: فلتُجب دعوته، وإن كانت تخبز على التنور، مع أنه شغل شاغل لا يتفرَّغ منه إلى غيره، إلا بعد انقضائه، قال ابن الملك: وهذا بشرط أن يكون الخبز للزوج؛ لأنه دعاها في هذا الحالة، فقد رضي بإتلاف مال نفسه، وتلف المال أسهل من وقوع الزوج في الزنا"؛ ا.هـ "مرقاة المفاتيح" (3/ 467). وعند البزار عن زيد بن الأرقم - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إذا دعا الرجل امرأته، فلتُجِب وإن كانت على ظهر قَتَب[6])). وفي رواية أخري عند ابن ماجه والإمام أحمد، عن عبدالله بن أبي أوْفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتَبٍ، لم تمنعه نفسها))؛ السلسلة الصحيحة (1203)، صحيح الجامع (5295). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |