أديم الأرض في أعين الشعراء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كلام نفيس لابن القيم في الجواب عن سبب تسلط الكفار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          وقفات ثلاث بعد توقف القصف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          احذر مقاربة الفتنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صفات المنافقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          روح وقلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          قراءة الورد القرآني يومياً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          السوشيال ميديا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          " گم من کاسية في الدنيا عارية يوم القيامة " (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ثواب حسن تبعل المرأة لزوجها، واتباعها موافقته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          وَإِنْ وُقِّعَ الصُّلحُ وأُوْقِفَتِ الحربُ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 29-09-2020, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,465
الدولة : Egypt
افتراضي أديم الأرض في أعين الشعراء

أديم الأرض في أعين الشعراء


محمد عبدالرحيم الخطيب



ينصرفُ مصطلح "أديم الأرض" - حين يُطلقه الشُّعراء في أشعارهم - إلى ظاهر الأرض، وترابِها، وما نسير عليه منها.

واللاَّفت للنَّظر هو أن بعض الشُّعراء - بما لدَيْهم من خيالٍ مُجنَّح، ورؤيةٍ للأمور المعتادَة بشكل فلسفي - قد نَظروا إلى أديم الأرض نظرةً تُخالف تلك النظرة السَّائدة الَّتي ينظر بها عمومُ الناس إليه.

في بيتِ شعرٍ للمتنبي نلمح بصيصًا للفكرة التي نتكلَّم عنها؛ إذْ يَنظر الشاعر فيه نظرةَ متعجِّبٍ من أمر الناس مع الموت، ومع الموتى الرَّاحلين؛ إذْ يُلجئُنَا الموتُ إلى أن يَدفن بعضُنا بعضًا؛ على ما في ذلك من صعوبةٍ على قلوب الأحياء الذين يُضْطَرون إلى دفن أحبابهم بأيديهم، ومع مرور الأيام وكرِّ السنين يتَوافد الدَّافنون الجددُ إلى الأجداث، فيصبحون - بِسَيْرهم على قبور الأقدمين - سائرين - عن غير وعيٍ منهم - على رؤوس الأوائل الرَّاحلين الذين صارت أجسادهم جزءًا لا يتجزَّأ من الأرض التي ابتلعَتْهم، وغيَّبتهم في أحشائها، ولربَّما سار حفيدٌ - عن جهلٍ منه - على قبر جدٍّ له كان يملأ الأرضَ مهابة ووقارًا وعِلمًا؛ يقول:
يُدَفِّنُ بَعْضُنَا بَعْضًا وَتَمْشِي
أَوَاخِرُنَا عَلَى هَامِ الأَوَالِي![1]



ولعلَّه متأثِّرٌ في قوله هذا بقول النَّابغة:
حَسْبُ الْخَلِيلَيْنِ أَنَّ الأَرْضَ بَيْنَهُمَا
هَذَا عَلَيْهَا، وَهَذَا تَحْتَهَا بَالِي[2]



• • • •

ثم نُطالع قصيدةَ "ضجعة الموت رقدة"[3]؛ لأبي العلاء المعرِّيّ؛ وفيها نلمح فكرة أديم الأرض قد استوَتْ على سُوقِها، وصارت أشدَّ عمقًا وفلسفة من ذي قبلُ، ولعلَّ أبا العلاء قد تأثَّر في قصيدته هذه - من ضمن ما تأثَّر - بالمتنبِّي، فالتقطَ هذه الفكرة منه، وعمَّقَها، وجعلها أبعد غَورًا، وأعمق فِكرًا، بحكم قوَّته الفكرية المركوزة فيه.

ولَم يَقصُرْ أبو العلاء اهتمامه بفكرة أديم الأرض حول تعجُّبِه من الناس الذين يتبادلون دَور الدافن، ودور السَّائر على المدفونين الأقدَمِين، كما فعل المتنبِّي؛ بل طوَّر تلك الفكرة، ورأى - بعميقِ فلسفته - أنَّ الأرض - كلَّ الأرض - وكلَّ أديمٍ نسير عليه منها؛ إنما هو بقيَّة من رُفات الأقدمين، ومزيجٌ من التراب المخلوط بأجساد الأولين، يقول:
خَفِّفِ الوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْ
أَرْضِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَجْسَادِ




وإذا كان مضمون قصيدة "ضجعة الموت رقدة" - الَّتي حملَتْ فكرة أديم الأرض الفلسفيَّة لدى أبي العلاء - قد نال استحسانَنا؛ فإننا لا نستطيع أن نغفل إعجابنا بتلك اللُّغة الشعرية التي حملَت ذلك المضمون، وقد تمثَّل ذلك في خطابٍ شعري خبَري، سهلٍ ممتنِع، مليءٍ بالحكمة والفلسفة، غير ممزوج بلغة معجميَّة؛ يقول:
صَاحِ هَذِي قُبُورُنا تَمْلَأُ الرّحْ
بَ فَأَيْنَ القُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ

خَفِّفِ الوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْ
أَرْضِ إِلاَّ مِنْ هَذِهِ الأَجْسَادِ

وَقَبِيحٌ بِنَا وَإِنْ قَدُمَ العَهْ
دُ هَوَانُ الآبَاءِ وَالأَجْدَادِ

سِرْ إِنِ اسْطَعْتَ فِي الْهَوَاءِ رُوَيْدًا
لاَ اخْتِيَالاً عَلَى رُفَاتِ العِبَادِ

رُبَّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْدًا مِرَارًا
ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الأَضْدَادِ

وَدَفِينٍ عَلَى بَقَايَا دَفِينٍ
فِي طَوِيلِ الأَزْمَانِ وَالآبَادِ



• • • •

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.61 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.89 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]