|
ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية ملتقى يختص بالاناشيد الاسلامية والخطب والمحاضرات المتنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فضائل الصحابة وواجبنا تجاههم الشيخ أحمد أبو عيد الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمداً عبد الله ورسوله. وبعد: عناصر الخطبة: أولاً: تعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ. ثانياً: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة. ثالثاً: فضائل الصحابة رضوان الله عليهم. رابعاً: واجبنا نحو الصحابة. خامساً: حكم من سب الصحابة أو آذاهم. سادساً: نماذج من سير الصحابة وفضلهم. الموضوع: أولاً: تعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ: قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ. فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى([الإصابة في تمييز الصحابة (1/ 4 - دار الكتب العلمية)]). ثانياً: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة: قال الشيخ عبد المحسن العباد: ومذهب أهل السّنّة والجماعة فيهم وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وسط بين المُفْرطين الغالين الذين يرفعون من يُعَظَّمون منهم إلى ما لا يليق إلَّا بالله أو برسله، وبين المُفرِّطين الجافين الذين ينتقصونهم ويسبونهم؛ فهم وسط بين الغلاة والجفاة؛ يحبون الصحابة جميعاً وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، فلا يرفعونهم إلى ما لا يستحقون، ولا يقصرون بهم عما يليق بهم؛ فألسنتهم رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم، وقلوبهم عامرة بحبهم. وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون، إما مصيبون ولهم أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين، بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم، وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرة والرضوان. وعدالة الصحابة عند أهل السنة من مسائل العقيدة القطعية، أو مما هو معلوم من الدين بالضرورة واعتقاد عدالةِ الصحابة وفضلهم هو مذهبُ أهلِ السنة والجماعة، وذلك لما أثنى اللهُ تعالى عليهم في كتابه، ونطقت به السنَّةُ النبويةُ في مدحهم، وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات مما يدل دلالة واضحة على أن الله تعالى حباهم من الفضائل، وخصهم من كريم الخصال، ما نالوا به ذلك الشرف العالي، وتلك المنزلة الرفيعة عنده؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة، ويليق لهذه الكرامة؛ كما قال تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124] ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: " إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى. رواه أحمد في "المسند" (1/ 379) وقال المحققون: إسناده حسن. ثالثا: فضائل الصحابة رضوان الله عليهم: 1 - هم صفوة خلق الله تعالى بعد النبيين عليهم الصلاة والسلام: فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله عز وجل ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ [النمل: 59] قال: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم طهارة القلوب، وصدق الإيمان قال تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18]. قال ابن كثير " فعلم ما في قلوبهم: أي: من الصدق والوفاء والسمع والطاعة. 2 - أثنى الله عليهم وذكر بعض صفاتهم: قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29]. قال ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن محمد صلوات الله عليه، أنه رسوله حقا بلا شك ولا ريب، فقال: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ [الفتح: 29]، وهذا مبتدأ وخبر، وهو مشتمل على كل وصف جميل، ثم ثنى بالثناء على أصحابه فقال: ﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، كما قال تعالى: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54]، وهذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار، رحيمًا بَرًّا بالأخيار، غضوبًا عبوسًا في وجه الكافر، ضحوكًا بشوشًا في وجه أخيه المؤمن، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ﴾ [التوبة: 123]، وقال النبي صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجَسَدِ بالحمَّى والسَّهَر"، وقال: "المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيانِ يشُدُّ بعضُهُ بعضًا" وشبَّك بين أصابعه، وكلا الحديثين في الصحيح. وقوله: ﴿ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾ [الفتح: 29]؛ وصفهم بكثرة العمل، وكثرة الصلاة، وهي خير الأعمال، ووصفهم بالإخلاص فيها لله عز وجل، والاحتساب عند الله جزيل الثواب، وهو الجنة المشتملة على فضل الله، وهو سَعَة الرزق عليهم، ورضاه تعالى عنهم، وهو أكبر من الأول، كما قال: ﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72]. وقوله: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29]؛ قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم ﴾ [الفتح: 29] يعني: السَّمْتُ الحَسَن. وقال مجاهد وغير واحد: يعني: الخشوع والتواضع. 3 - رضي الله عنهم وغفر لهم وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار: قال تعالى ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100]. قال ابن تيمية: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان. ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان) الصارم المسلول: 572. ومن اتباعهم بإحسان الترضي عنهم والاستغفار لهم. وقال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الفتح: 29]. وقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر: ((وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) صحيح البخاري. وعن أنس قال: جعل المهاجرون والأنصار يحفرون الخندق وينقلون التراب وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا و يقول النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجيبهم: (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة). متفق عليه. 4 - زكى الله عز وجل ظاهرهم وباطنهم: فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة، ومنها قال تعالي ﴿ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، ﴿ وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 8]. ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر: 9]. أما بواطنهم، فأمر اختص به الله عز وجل، وهو وحده العليم بذات الصدور. فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم، فقال على سبيل المثال: ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 18]. ﴿ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ [الحشر: 9]، ﴿ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾ [الفتح: 29]. ﴿ لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ﴾ [التوبة: 117]. فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم. والتوبة عمل قلبي محض كما هو معلوم... وهكذا. 5 - هم الصادقون حقا بشهادة الله لهم: قال الله جلَّ وعلا: ﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر:8]، هكذا وصفهم الله: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر:8] من هم؟ المهاجرين، ثمَّ قال عن الأنصار:﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ ﴾ [الحشر: 9] يعني المدينة ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ﴾ [الحشر: 9] يحبون المهاجرين ﴿ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]؛ هذا ثناءٌ على من ومن؟ على المهاجرين والأنصار من الصحابة. 6 - لا يستطيع احد أن يبلغ درجتهم عند الله مهما فعل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ". متفق عليه. وقد قال تعالى ﴿ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ﴾ [الحديد: 10]. وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة، وضيق الحال بخلاف غيرهم، ولأن إنفاقهم كان في نصرته - صلى الله عليه وسلم -، وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم، وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة، والتودد، والخشوع، والتواضع، والإيثار، والجهاد في الله حق جهاده، وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل، ولا ينال درجتها بشيء، والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. 7 - لهم الحظَّ الوافر والنَّصيب الكامل من الأجر: من دعوةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فعن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى له من سامع ". رواه الترمذي وابن ماجه وقال الألباني حسن صحيح. 8 - خير القرون على الإطلاق: عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي قوم بعد ذلك تسبق أيمانهم شهاداتهم أو شهاداتهم أيمانهم " أخرجه البخاري ومسلم. وإنما صار أول هذه الأمة خير القرون؛ لأنهم آمنوا به حين كفر الناس، وصدقوه حين كذبه الناس، وعزروه، ونصروه، وآووه، وواسوه بأموالهم وأنفسهم، وقاتلوا غيرهم على كفرهم حتى أدخلوهم في الإسلام. 9 - أمان لأهل الأرض بوجودهم: وعن أبي بردة عن أبيه قال: رفع - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء. فقال: " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ". رواه مسلم. وهو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشو الفجور في أقطار الأرض. رابعا: واجبنا نحو الصحابة: 1 - وجوب إكرامهم: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم) مشكاة المصابيح: 3/ 1695. 2 - اتباع هديهم: عن العرباض بن سارية قل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"...أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة". قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم: 2549 في صحيح الجامع. وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع، رقم (1810). 3 - وجوب حبهم وعدم بغضهم: عن البراء بن عازب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم أو قال قال النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق من أحبهم فأحبه الله ومن أبغضهم فأبغضه الله فقلنا له: أنت سمعته من البراء فقال إياي حدث (صحيح سنن ابن ماجة 163: أخرجه البخاري). 4 - الدعاء لهم: قال الله تعالى ﴿ وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10]. قال الإمام الرازي في "مفاتيح الغيب":إنَّ مِنْ شأن مَنْ جاء مِنْ بعد المهاجرين والأنصار، أن يذكر السابقين، وهم المهاجرون والأنصار، بالدعاء والرحمة، فمن لم يكن كذلك، بل ذكَرَهم بسوء، كان خارجًا من جملة أقسام المؤمنين بحسب نص هذه الآية. 5 - سَلامة الصَّدر: أن تكونَ قلوبُنا سليمةً تُجاه الصحابة، ليس فيها غِلٌّ، ليس فيها حِقدٌ، ليس فيها ضَغِينَةٌ، ليس فيها بَغْضَاء ليس فيها عَدَاوةٌ، وإنَّما فيها المحبَّةُ، فيها الإحسان، فيها الرِّفق، فيها المودَّة، فيها اللين، هذا نأخذه من قوله: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحشر: 10] يعني اجعلْ قلوبَنا سليمةً تجاه مَن سَبَقنا بالإيمان، وهُم إخوانُنا، بل هُم خيرُ إخوانِنا رضيَ الله عنهُم وأرضاهُم. 6 - سلامة اللِّسان: ليس فيه سب، ليس فيه طعن، ليس فيه بذاء، ليس فيه فحش، وإنما قلبٌ نظيفٌ، ولسانٌ نقيٌّ تُجاه الصَّحابة الكرامِ وأرضاهم. 7 - عدم الخوض فيما صدر بين الصحابة من خلاف فالله اعلم به: أحد السَّلف سُئِل عن هذا الأمر فقال: «تلك فتنة طهَّرَ الله منها سيوفَنا، فَلْنُطَّهِّر منها ألسنَتَنا». وقال تعالى: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة:134]. لنَفْرِض أنَّ أحدَ الصَّحابة أخطَأ فهل الله عزَّ وجلَّ يحاسبك يوم القيامة أنتَ على هَذا الخطأ؟ ﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة:134] فلماذَا تُقحِم نفسَك في هذا الَّذي شجَر بين الصَّحابة وأنتَ لستَ حسيبًا عليهم ولا رقيبًا، وأمرٌ آخَر وهُو في غاية الأهمِّيَّة: هذَا الخَطأ الَّذي لنفرضُ أنَّه وُجِدَ عند بعض الصَّحابة ما شأنه في ميزان الإسلام؟ يقول عليه الصَّلاة والسَّلام: « إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ ».متفق عليه. 8 - الدفاع عنهم: فيجب الدفاع عن عنهم من كل من يتحدث في حقهم بالباطل فهم عدول كما شهد لهم الله بذلك وهم كالنجوم وهم الثقات الذين نقلوا لنا القران والسنة النبوية فالقدح فيهم كالقدح في القران والسنة. وان لم يكن لك علم لتدافع عنهم فإياك أن تجلس أو تستمع لمن يخوضون فيهم كما قال تعالى ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعام: 68]. خامسا: حكم من سب الصحابة أو آذاهم: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (مَن سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)صحيح الجامع قال ابن عمر -رضي الله عنهما- " لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عُمره ". وقال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - " إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم - بسوء فاتهمه على الإسلام " وقال - رحمه الله تعالى - " لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساويهم ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا نقص فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ليس له أن يعفو عنه بل يعاقبه ويستتيبه فان تاب قبل منه وإن ثبت أعاد عليه العقوبة وخلده الحبس حتى يموت أو يراجع ". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - " ويمسكون عما شجر من الصحابة، ويقولون إن هذه الآثار المروية في مساوئهم منها ما هو كذب، ومنها ما قد زيد فيه، ونقص، وغُيِّرَ عن وجهه، والصحيح منه هم فيه معذورون؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون...، ولهم من السوابق، والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر عنهم إن صدر حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات مما ليس لمن بعدهم... ثم القَدْر الذي يُنكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم، ومحاسنهم من الإيمان بالله، ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما منَّ الله عليهم به من الفضائل علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله " ا.هـ. وقد اختلف أهل العلم في حكم سابِّ الصَّحابة - رضوان الله عليهم - على قولين: القول الأَوَّل: تكفير من سبّ الصَّحابة أو انتقصهم أو عابهم في عدالتهم، وهو حلال الدم إلاّ أن يتوب من ذلك. وإلى هذا القول ذهب بعض الصَّحابة كعبد الرَّحمن ابن أبزى، وبعض التَّابعين كالأوزاعي وابن عيينة والفريابي والمروزي وغيرهم. انظر: الشَّرح والإبانة لابن بطّة ص160 - 162، الصَّارم المسلول ص570. القول الثّاني: أن سابّ الصَّحابة لا يكفر، بل يُفسَّق ويُضلَّل ويؤدَّب ويُعزَّر. انظر: الصَّارم المسلول ص568، الشِّفاء للقاضي عياض 2/ 307 - 308 - 309. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |