|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() " المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء " الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد الردود الصريحة على الشبه الواردة على أحاديث صحيحة "المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا فَأَسْلَمَ، فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". صحيح البخاري (5397). سارع المكذبون للحديث النبوي دون رويَّة، أو بحث أو تأويل بإخلاصٍ وحسنِ ونيَّة، فأثاروا سؤالا يبث في قلوب المؤمنين الشكَّ والريب، ويطعن في هذا الحديث المتواتر بكل نقص وعيب، فقالوا: هل تركيب خلق المؤمن يخالف تركيب خلقة الكافر؟ المشاهد أنهما سواء. انظر: كتاب دفاع عن الحديث النبوي (ص: 196). والعجب من هؤلاء المكذبين؛ لو جاءهم مثلاً خبر عابر، أن علماء التشريح اكتشفوا أشياء زائدة في جسم الإنسان، تنفع وقت الحاجة إليها، كعروق في الساقين زائدة، قد تحلُّ محلَّ عروق معينة في القلب البشري، لبادروا بالتصفيق والتصديق دون مناقشة أو تحقيق، لماذا؟ لأن هناك ثقة بأولئك العلماء، ومن ثقتهم بهم نسوا أو تناسوا، أو غفلوا عن شيء مهم، وهو: من أخبرهم هل هو صادق أو كاذب؟ جادٌّ أو متلاعب؟ أما عندما يسمع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا صحيحًا متواترًا، يخالف هواه المبتلى، وعقلَه المريض، ينفجرُ بتكذيب الرواة، وينشئ لهم محكمةً وقضية، وفي التوّ يصدر حكمه، دون تحقيق أو رويّة، بأن هذا الحديث أو ذاك، من الأحاديث الموضوعة أو الإسرائيلية. أقول: هذا الحديث ليس من الأحاديث الموضوعة أو الإسرائيلية، أو حتى الضعيفة الواهية، بل هو حديث صحيح متواتر، ذكرهُ السيوطي في كتابه: الأزهار المتناثرة (ص: 13)؛ فقد رواه جمع من الصحابة رضي الله عنهم منهم: 1- عبد الله بن عمر: روى البخاري بسنده عن نافع قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ :يَا نَافِعُ! لَا تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" البخاري (5393) فتح الباري (9/ 536)، والدارمي (2/ 25). وفي رواية أخرى: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَإِنَّ الْكَافِرَ" أَوْ "الْمُنَافِقَ" فَلَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ "يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" البخاري (5394) مع فتح الباري (9/ 536). 2- عبد الله بن عمرو قَالَ: كَانَ أَبُو نَهِيكٍ رَجُلًا أَكُولًا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". فَقَالَ: فَأَنَا أُومِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. البخاري (5395) فتح الباري (9/ 536)، وأحمد (2/ 43، 74). 3- أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأكل المسلم في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء". البخاري مع فتح الباري (9/ 536)، وأحمد (2/ 57) بلفظ: "المسلم يأكل في ..."، ومالك في صفة النبي (2/ 221). وفي رواية للبخاري: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ أَكْلًا قَلِيلًا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". البخاري (5397) فتح الباري (9/ 536)، وابن ماجة (2/ 1084)، وأحمد (2/ 415، 435). وفي رواية للإمام أحمد: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معى واحد". (2/ 318)، (6/ 397) بلفظ: "إن الكافر". وفي رواية: "إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، وإن المسلم يأكل في معي واحد". أحمد (2/ 252). 4- أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء". ابن ماجة (2/ 1085). 5- جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المؤمن". سنن الدارمي (2/ 25)، وذكر النص السابق. 6- نَضْلة بن عَمْرو الغفاري قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -! إن كنت لأشرب السبعة فما أمتلئ، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن يشرب في معي واحد، وإن الكافر يشرب في سبعة أمعاء". أحمد (4/ 336). 7- سعيد بن يسار عن رجل من جهينة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الكافر يشرب في سبعة أمعاء، وإن المؤمن يشرب في معي واحد". أحمد (6/ 335). 8- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معي واحد". أحمد (6/ 335). 9- أبو بَصرة الغفاري قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - لما هاجرت، وذلك قبل أن أسلم، فحلب لي شويهة كان يحتلبها لأهله فشربتها، فلما أصبحت أسلمت، وقال عيال النبي - صلى الله عليه وسلم -: نبيت الليلة كما بتنا البارحة جياعًا، فحلب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشربتها ورَوِيْتُ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَوِيْتَ؟" فقلت: يا رسول الله قد رويت، ما شبعت ولا رويت قبل اليوم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، والمؤمن يأكل في معي واحد". أحمد (6/ 397). إن الناظر المتحرر من الهوى، والباحثَ المتبحِّرَ طلبًا للهدى في مجموع هذه الأحاديث، يجد كلمة: (كافر، منافق، مؤمن، يأكل، يشرب، معي واحد، سبعة أمعاء). والكافر: لغة من الكفر، وهو نقيض الإيمان، آمنا بالله وكفرنا بالطاغوت. =اللسان مادة: (كفر)=، ويطلق على غير المسلمين، من الزنادقة والملاحدة واليهود والنصارى الصليبيين وغيرهم. والمنافق: لغةً أصل النفاق من النفق، وهو [سَرَبٌ في الأرض مشتقٌ إلى موضع آخر، والنافقاء: جُحر الضّبّ واليَربوع. قال أبو عبيد: سمي منافقًا للنَّفَق، وهو السَّرَبُ في الأرض، وقيل: إنما سمي منافقًا، لأنه نافَق كاليربوع، وهو دخوله نافقاءه، يقال: قد نفق به ونافَقَ، وله جُحْرٌ آخرَ يقال له: (القاصعاء)، فإذا طُلِب قَصَّعَ فخرجَ من القاصعاء، فهو يدخل في النافقاء، ويخرج من القاصعاء، أو يدخل في القاصعاء، ويخرج من النافقاء، فيقال: هكذا يفعل المنافق، يدخل في الإسلام، ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه]. اللسان مادة: (نفق). المؤمن: هو كل من يؤمن بالله وكتبه وملائكته، ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشرّه. يأكل ويشرب: فالأكل يكون للأشياء الجامدة أو المتماسكة، والشرب يكون للمواد السائلة. مِعىً واحد: قال ابن سيده: المعَى والمِعي من أعفاج البطن، مذكر، قال: وروى التأنيث فيه من لا يوثق به، والجمع: الأمعاء. قال الأزهري عن الفراء: والمعى أكثر الكلام على تذكيره، يقال: هذا معى، وثلاثة أمعاء، وربما ذهبوا به إلى التأنيث، كأنه واحد دل على الجمع. وقال الليث: واحد الأمعاء، يقال: معى، ومِعْيانٍ وأمعاء، وهو المصارين. قال الأزهري: هو جميع ما في البطن مما يتردد فيه من الحوايا. سبعة أمعاء: معلوم أن الأكلةَ المأكولة، أو الشربةَ المشروبة، لابد وأن تمرَّ في الجهاز الهضمي، الذي يبدأ بالفم وما فيه من أسنان، لطحن الطعام ولسان وغدد لعابية، ثم بلعوم ومريءٌ، وهذه لا يستقر فيها الطعام طويلا، ثم معدة، ثم الاثنا عشر، ثم الأمعاء الدقيقة، ثم الغليظة، ثم المستقيم، وهذه يستقر فيها الطعام مدة من الزمن، حتى يتم بعد الهضم الامتصاص، والتخلص من الفضلات. فهذه سبعة إذا استثنينا الفم. نقل الكرماني عن الأطباء في تسمية الأمعاء السبعة أنها: المعدة، ثم ثلاثة متصلة بها دقاقٌ، وهي: الاثنا عشري، والصائم، والقولون، ثم ثلاثة غلاظ، وهي: الفانفي [بنون وفائين أو قافين]، والمستقيم، والأعور. إن علماء الإسلام وشراح الحديث والمحدثين، لم يشكوا في حديث: "المؤمن يأكل في معي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء"، وهم أعلم أهل الأرض بتخريج الأحاديث ودراسة الأسانيد، وهم وحدهم القادرون على الحكم على أي حديث بالصحة والضعف، لا المستغربين والجهال في هذا المجال، فأهل الفقه والحديث الذين يفقهون معاني الحديث، وما يستنبطونه من فوائد، لذلك يترك لهم ما استنبطوه، وما فهموه وفقهوه من هذا الحديث، وهذه بعض أقوالهم: قال أبو عمر بن عبد البر: أما حديث أبي هريرة هذا وأمثاله، فليس فيه إلا مدح المؤمن بقلّة رغبته في الدنيا، وزهده فيها، بأخذ القليل منها في قوته، وأكله ولُبسه وكسبه، وأنه (يأكل ليحيا، لا ليسمن)، كما جاء عن الحكماء، ففي الحديث: "ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًا من بطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، ثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه". أحمد (4/ 321). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |