لا تعتب على فرار الأمل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1329 - عددالزوار : 138287 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42220 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5466 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-07-2020, 03:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة : Egypt
افتراضي لا تعتب على فرار الأمل

لا تعتب على فرار الأمل


عفاف عبدالوهاب صديق





إنسان وأناسي، مَهْد ولَحد، طفولة وكهولة، قسوة ولُطف، قوة وضَعف، جبروت وخضوع، عَلِم الخطأ وأراد الخطيئة، دائم البحث؛ يودُّ الكشف والاستكشاف، مهما رأى أو سَمِع لا تُخرسه الحقيقة، يود أن تكون له بصمته الخاصة، وإن مَلأت جدران السماء والأرض بصمات مَن سبقوه، إنه الذاكر والنسيّ، الشامخ والذليل، هكذا كان ظلومًا لنفسه، جهولاً عجولاً، يعمر الأرض ثم يَهدمها، وتحت الثرى سيكون نسيًا منسيًّا، الرُّوح فيه طليقة لا تموت، يقبضها الموكَّلُ بقَبْضها، تَصعد لبارئها، تترك جسد الفاجر والتَّقي، مُهمَّتها إحياء الحياة بأمر ربِّها في جسده البالي البلي، بها كانت حركته وسكونه، إنسان يَقطن رأسه الفؤاد، ويَسكن صدره القلب والوجدُ، عَجِبت لحاله؛ إمَّا يقين أو إلحاد، أراه يَهجع كما هَجَعت الصخور في أعماق المحيط؛ عشقًا لدِفء قِيعانه؛ حتى تخلَّى عنه شعاع الشمس، أثرت معه الغروب، عَجِبت لحاله عندما اختلَط فيه الحب بالغضب؛ حتى تغيَّر انتقامًا، وامتزجَت الحرية بالسفاهة؛ حتى غابَت عنه الفضيلة كامرأة بغيَّة، تتخفَّى عيون الحياء منها إن غاب عنها الخجلُ، حين ذلك لا تعتب على فرار الأمل، واعْتِب على تيبُّس الرحمة وذَهاب الوفاء لِمَن أحْبَبت، نسيت عطاءَه، فلا وجَد منك صبرًا ولا رحمة، ولا آثرتَ عليه ذاتك، فاصْعَد يا شقيًّا عَرْشَ الأنانية، وضَعْ على رأسك الخاوي تاج الندامة، صِرْتَ مثقلاً بالهموم بيديك، كم رعَّبني هروب المرء من قُدرته الطبيعيَّة، يَهديه خياله أنه خارقٌ سيَنفذ من الأشياء كما الشعاع، ويُسابق الريح بسرعة الضوء، وحين ذلك توقَّفتُ أعاتب نفسي، أُذَكِّرها بقول ربي: ﴿ وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 13]، قالت: نعم، سخَّر الله لنا كلَّ شيء، رزَقنا العقل والفَهم، ونفَذ العلماء من أقطار السماء خشوا عظمته وقدرته، أدْرَك المؤمن منهم والكافر أن العزَّ كله لبديع السماوات والأرض وفاطرهما، وما أوتوا من العلم إلاَّ قليلاً؛ فمنهم من نفَع أهل الأرض، ومنهم مَن أباد مِن سُكَّانها؛ حتى صار إنسان اليوم حريصًا على نَقْض غَزْله، فمَن أركَن العلم، توخَّى الدين، ومَن آثَر العلم، تفلَّت عنه، ولن يَستقيم الأمر إلاَّ بالعلم والدين؛ كي تستقيمَ المقاصد.

للعلم لذَّة كالماء البارد، إن شَرِبته بعد سنين العطش، تراه يُربي عروق الدماء والشعيرات،؛ فتُسَبِّح الله وهي ساكنة في الأجسام لا تُدرك صوتها، لكن الكثير بعد ارتوائه تَكبَّر ونَسِي، فلا يُسقى عَطْشى الحياة إلاَّ بقدح القهر ولَذَّة التعذيب، يظن أنَّ الحياة بالتدمير نَماء، نحن الأناسي لو أنا أدْرَكنا سبب الوجود، لعَمِلنا بلا كللٍ، ولطَعِمنا بلا جشعٍ، ولرَضِينا بلا قنوطٍ، فلا يَعترينا يأس الكفار من أصحاب القبور، ولدَاوَيْنا أسقام الفؤاد وطغوى القلوب، لكنَّا أرْجَأنا الآخرة، ونَسِينا يوم النشور.

نعم خُلِقنا لنعبدَ الله، نتوكَّل عليه في كلِّ أمرنا، لكن لا تقل: أخَذتني العبادة، متواكِلاً تنتظر رزقَ السماء بلا جُهد ولا سعي، لا تقولوا: كنا مستضعَفين في الأرض، دين الله ورسالاته حثَّ فيه الخالق على العلم والتعلُّم، وقال: "اقرأ".

كيف تَنهض أُمَّة بالعبادة دون علم وعملٍ، أرى من يتعبَّد ولا يعمل متكاسلاً عن استعمال عقله وعِلمه في عمله، ولن يُقيم بناءً، فما كان ازدهار العالَم إلا بالتفكُّر، ألا نتحسَّر على علمائنا وما قدَّموه للبشرية، أخَذ الآخر جذوعَ شجيرات علومنا، طوَّرَ من جديد بذورَها سلاحًا يَنشر رذاذ التكنولوجيا المُبيد منها والمُفيد، وما كان ازدهار العالم إلاَّ بالتفكُّر والعلم؛ لنحرصَ على أن نقرنَ الإيمان بالعلم والعمل؛ لتسودَ الرحمة بين الأناسي، ويعمَّ السلام قولاً وعملاً، يا إنسان الأرض، يقول ربي: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾ [القصص: 77].

ربنا آتِنا من لَدُنك رحمة، وعَلِّمنا من لَدُنك علمًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.40 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]