إنها أزمة أخلاقية! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كَفُّ الْأَذَى وَاحْتِمَالُهُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الرجولة تعريفها وبيان آثارها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الأربعون الوقفية الموجزة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          المرأة والأسرة --------- متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 135 - عددالزوار : 92003 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 136 - عددالزوار : 89826 )           »          تأملات في قانون الأحوال الشخصية الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 197 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 489 - عددالزوار : 21768 )           »          التوازن بين حاجات الروح ومطالب الجسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          احتفال المسلمين بالكريسماس تأييد للعقائد المنحرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          قوانين الأسباب والمسببات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-07-2020, 05:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,506
الدولة : Egypt
افتراضي إنها أزمة أخلاقية!

إنها أزمة أخلاقية!


محمد ناجي بن عطية







الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسولِ الله، وبعد:













تمهيد:





وَإِنَّمَا الْأُمَمُ الْأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ

فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوا












نُلاحظ أنَّ الأمة في وقتِنا الراهن تُعاني من ضعْف، إنْ لم يكن انعدامًا في القِيم والأخلاق على كافَّة المستويات، فهناك أزمةٌ أخلاقية بين الحُكَّام والمحكومين، والرئيس ومرؤوسيه، وبين المدير والعاملين، وبين المعلِّم وطلاَّبه، وبين التاجر والمشتري، وبيْن الرَّجُل والمرأة وأولاده، وأرْحامه وجِيرانه.







تأملتُ في العصر الذي بُعِث فيه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلاحظت أمرًا عجيبًا، هو أنَّ أكثر الناس لم يكن لديهم دِين ينظِّم حياتهم، لكن كانت عندَهم منظومة مِن مكارم الأخلاق؛ مثل: الصِّدق والأمانة، والوفاء بالعهود والعقود، والكرم والنجدة وغيرها، وقد توارثوها كابرًا عن كابر، فصارتْ ثقافة تتناقلها الأجيال وتعتزُّ بها، وينتقصون مَن لا يُقيمها، بل يُعيِّرون مَن لا يلتزم بها، حتى أحجم أبو سفيان أن يكذبَ على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - حينما لاحتْ له فرصةٌ يريد أن يطعنَ في عِرْضه من خلالها، أو يشوِّه سمعته كخصم لدود، أحجم عن ذلك حتى لا يُؤثر الناسُ عنه كذبًا، وكان حينها على الكُفر ولم يؤمنْ بالله تعالى بعدُ!







وكان أحد أسباب بعثة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يتمِّم تلك المكارم ويربطها بالدِّين، ومعنى الإتمام هنا: الاستكمال والإصلاح لأمرٍ أصلُه موجود، لكن طرأ عليه بعضُ النقص، فكانتْ إحدى أضخم مهامِّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يكمِّل وينظِّم تلك الأخلاقَ ويرفعها إلى مقامِ الشعائر التعبديَّة التي يتقرَّب الناس إلى الله بها، ووعدَهم بالثواب العظيم عليها، وتوعَّد بالشرِّ المستطير لكلِّ مَن مارس مساوئ الأخلاق، إلى درجةِ أنَّه صحَّ عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال: ((بينما رجلٌ يمشي بطريقٍ وجَد غصنَ شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشكَر الله له فغفَر له))، وفي رواية لمسلم: ((لقدْ رأيتُ رجلاً يتقلَّب في الجنة في شجرةٍ قطعَها من ظهْر الطريق كانتْ تُؤذي الناس)).







وقال: ((غُفِر لامرأةٍ مُومِسةٍ مرَّت بكلْب على رأس رَكِيٍّ (بئر) يَلْهث، قال: كاد يقتله العطشُ فنزعت خُفَّها فأوثقتْه بخمارها فنزعت له مِن الماء، فغُفِر لها بذلك)).







وقال أيضًا: ((دخلتِ امرأةٌ النار في هِرَّة ربطتْها فلم تُطعمْها ولم تَدَعْها تأكُل مِن خشاش الأرض))، وحينما سألوه فقالوا: يا رسولَ الله، وإنَّ لنا في البهائم أجْرًا؟ فقال: ((نعم، في كلِّ ذات كبدٍ رطبة أَجْر)).







وكلها أحاديث صحيحة في البخاري ومسلم.







هذا الأمر أوجد أرضيةً يمكن أن يتخاطب بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع قومه؛ حتى يوصلَ إليهم ما يريد، ويَحتمي بدعوته مِن بعض شرورهم، قبل أن يعتنقوا الدِّينَ الجديد، بل إنَّه أوجد بيئةً يمكن التعايشُ فيها بين المسلِم وغير المسلِم بما يأمَن كلُّ واحد على نفسه وعِرْضه، ويبلِّغ فيه دِينَه.







وبالمقارنة مع عصرِنا - وخاصَّة في بعض مجتمعاتنا العربية والمسلِمة - نرى أنه قد انعدم عند الكثير كِلا الأمرين، فلا دِين يلتزمون به فيرجعون إليه، ولا قِيم وأخلاق تحكُمهم، حتى يستطيعَ الناس التعايُشَ بالاعتماد عليها.







وقد أثْمرتْ تربية النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه الكرام، وفهِموا عنه مقاصدَ ربِّهم، فأقاموا الدِّين الذي عماده التوحيد وإقامة الشعائر التعبديَّة، ثم القِيم الحميدة والأخلاق الإسلامية الحَسَنة، التي أكْملها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيهم، فلا غرابةَ أن يقول عمرُ - رضي الله عنه -: "واللهِ لو عثرتْ دابَّةٌ في العراق لخشيتُ أن يسألني الله عنها: لِمَ لمْ تمهِّدْ لها الطريقَ يا عمر"! ولا غرابة أن يموتَ جميعُ الجرحى في إحدى الغزوات وشربة ماء واحِدة تدور بينهم، بدأتْ مِن أولهم ورجعتْ إليه ثم إلى إخوانه مِن بعده، ولكن بعد أن فارَقوا جميعًا الحياة، وهم أحوجُ ما يكونون إليها لإنقاذِ حياتهم، لكن خُلُق الإيثار منَعَهم من ذلك، والصور المشرِقة مِن تاريخنا العريق كثيرةٌ ومتعدِّدة.







وبالمقابل، تأملتُ في المجتمعات الغربيَّة، فوجدتُ أنهم يتعايشون (فيما بينهم) بقواسمَ مشتركة من القِيم ومكارم الأخلاق، وهي ما يُطلقون عليها: "مبادئ حقوق الإنسان"، إلى درجة أنَّه لا يمكن تصوُّر أن يُهان منهم فرد في مجتمعهم أو خارجه وفيهم عينٌ تطرف، فتقوم الدنيا ولا تقعُد حتى يأخذوا الحقَّ له، صغيرًا كان أم كبيرًا، ذكرًا كان أم أنثى، ليس ذلك فحسبُ، وإنَّما ألحقوا بهم مَن يحمل جنسياتِهم مِن غيرهم!







وأخْبرني قريبٌ لي عاش زمنًا طويلاً في إحدى تلك البلدان - بل قد تواتَر لديَّ النقل في ذلك - أنَّ نظام تلك البلد يَقضي أنَّ لكلِّ فرد الحقَّ في الحياة الكريمة، وله الحق أن يأكُل ويشرب ويتعالَج ويعيش مكرمًا في بلده، على حسابِ حكومته، فإنْ كان من القادرين على العمل، دفَع ضرائب للحكومة؛ نسبةً معلومة مِن دخله، وإنْ كان عاطلاً، التزمتِ الحكومة بدفْع ما يكفيه مِن معاش حتى يدبِّر نفْسه بعمل، ولو قضى عمرَه كله على تلك الحال.







وأعجب مِن ذلك أنَّ تلك الدول ترعى أناسًا من غير جنسياتِهم، عاشوا فيها منذُ زمن عمالاً، ولما كَبِروا وعجزوا عن العطاء والعمَل، أُحيلوا على المعاش التقاعدي، وألحقوا بهم زوجاتِهم، فيدفعون لهم معاشاتٍ شهريةً بما يكفيهم، حتى يتوفَّاهم الله، وتأتيهم بتلقائية عجيبة، دون الحاجة إلى كثرة إلحاح أو مطالبة أو مماطلة، وهناك حالات (كثيرة) وقفتُ عليها بنفْسي.







نلاحظ أنَّه حتى لو لم يوجدْ دِين، فتوجد قِيم وأخلاق، على الأقل يستطيع الإنسانُ أن يعيش حرًّا كريمًا، لا يُهان ولا يُبخس حقه، فضلاً عن أن يُظلم أو تُؤخذ الحقوق التي هي أصلاً مِلْكٌ له، وقد استحقَّها، فضلاً عن أن يعتدى على حقه أو يُغتصب ملكُه، وأنا أتكلَّم عن ظواهر وقواعد عامَّة وقوانين نافِذة وسارية المفعول، تعيشها أممٌ وشعوب، ولا أتكلَّم عن حالة أو حالات فرديَّة أو جماعيَّة.







مع التحفُّظ الشديد على انعدام خُلق العَفاف وسياسات الدُّول الغربيَّة تُجاه المسلمين، فلديهم أزمةٌ أخلاقيَّة حقيقيَّة، وانحرافات خطيرة، لا سيَّما في سياساتهم الخارجيَّة، فإنها تُبنى على قاعدة المصالح، لكنِّي أعني الحديثَ عن سياساتهم الداخليَّة تجاه رَعاياهم، وكل مَن أقرُّوا له بحق الرعاية.







واليوم وفي هذه القرون، قد داهم أُمَّةَ الإسلام خطرٌ كبير وشرٌّ مستطير، وهو انهيار منظومة الأخلاق التي دعا لها دِينُنا الحنيف، وقرَّرتها الفِطر السليمة حتى في الأمم الكافِرة والشعوب الجاهليَّة، فظهر شرُّ ذلك على كلِّ المستويات، واستفحلتْ وتعمَّقت حتى صارتْ أزمةً حقيقية، تُعاني منها الأمَّة.







وفي تَقديري أنَّ هذا من أكبر المصايب والنكبات التي ابتُليت بها الأمَّة، وباب شر فُتح عليها، دخلتْ عليها منه سائرُ الشرور؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11].







وقد قرَّر فقهاؤنا - رحمهم الله تعالى - حقيقةً ذكَرها شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: "إنَّ الله يُقيم الدولة العادلة وإنْ كانتْ كافرة، ولا يُقيم الظالمة وإنْ كانت مسلِمة"، وقالوا: "الدُّنيا تدوم مع العَدل والكفر، ولا تدوم مع الظُّلم والإسلام".







إنها منظومةُ الأخلاق التي ذَكرتُ لكم عظيمَ أثرها في بقاء أو زوال الدُّول والأمم والشعوب.







تعريف الأخلاق:



أقصد بالأخلاق: القِيمَ أو المُثُل المحترَمة والمستقرة في الفِطر السليمة، التي فطر الله عليها الإنسان وكرَّمه بها، وقرَّرتها الشرائع السماوية، وهي التحلِّي بكلِّ الفضائل، وتجنُّب كلِّ الرذائل، وتنقسم قسمين:



الأخلاق الحَسَنة: وهي التي تجمع في محتواها شتَّى صنوف الفضائل من كريمِ الصِّفات وطيِّب الأفعال.







والأخلاق السيِّئة: وهي عكس الحَسَنة، وتجمع في محتواها شتَّى صنوف الرذائِل وقبيح الأفْعال.







ومِن أمثلة الأخلاق الحَسَنة: العدْل والصِّدق والكرم، والعفة والحياء، والتواضع والشجاعة، والإيثار والحِلم، والضمير والوفاء بالعهود والعقود.







وأضدادها بالترتيب؛ الظُّلم والكذب، والبخل والخِسَّة، والفجور والكبر، والجبن والأنانية، والغضب وانعدام الضمير، والغدْر ونقض المواثيق.







تعريف الأزمة الأخلاقية:



يُعرِّف بعضُهم الأزمة بأنها: "النقصُ الحاد في عامِل من العوامل، مما يُؤدِّي إلى نتائجَ مدمِّرة، تهدِّد القِيم العُليا والأهداف السامية للمجتمع".







وعلى ذلك، فالأزمة الأخلاقيَّة معناها: نقصٌ حادٌّ في القِيم والأخلاق، على مستوى الدول والمجتمعات والأفراد، مما أدَّى إلى نتائجَ مدمِّرة تهدِّد القِيم العليا والأهداف السامية في المجتمَع.







الأسباب الكامنة وراءَ الأزمة الأخلاقيَّة:



قد يتساءَل قائل: لماذا ساءتْ أحوال المسلمين، واشتدَّتْ عليهم المِحن والابتلاءات؟ ولماذا أصبح المسلِمون هدفًا للأعداء؟







والجواب:



قد قرَّره النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيما صحَّ عنه مِن حديث ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسولِ اللَّهِ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُوشِك أن تداعَى عليكم الأُمم مِن كلِّ أُفق كما تَداعَى الأكَلَة على قصعتِها، قال: قلنا: يا رسولَ الله؟ أمِن قلَّة بنا يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكن تكونون غثاءً كغُثاء السَّيْل ينتزع المهابَة مِن قلوب عدوِّكم، ويجعل في قلوبِكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حبُّ الحياة وكراهية الموت)).







أخرجه أحمد وأبو داود، وصحَّحه الألباني، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط.







فنخلص مِن هذا الحديث بثلاث نتائج:



الأولى: أنَّحبَّ الدنيا وكراهية الموت هي سببٌ لكلِّ بلاء ومُصيبة وقعتْ في الأمَّة، وما أُصيبتْ بالذلِّ إلاَّ نتيجة للذنوب والمعاصي، ونتيجة لحبِّها للدنيا وكراهيتها الموت.







الثانية: تغلغُل وتجذُّر حبُّ الدنيا في النفوس نتج عنه غيابُ الأخلاق الحَسَنة بين الناس، وانتشار ظاهِرة الأخلاق السيِّئة، فغاب التراحُم والنجدةُ فيما بينهم، وظهَر الكِبر والاستعلاء على الناس، وفشَتْ فيهم صنوفٌ غريبة مِن سوء الأخلاق.







الثالثة:تولَّدتِ الأزمة الأخلاقية واستفحلَتْ؛ بسببِ عدم الخوف مِن الآخرة ونسيان الموت وما بعْدَه مِن عذاب القبْر أو ثوابه، ونسيان الحِساب والجنَّة والنار، فصار أكثرُ الناس لا يخافون الله ولا يستحيون منه، واستطاعوا أن يَخدَعوا الناس ويتلاعَبون بهم بكلِّ سُهولة؛ ممَّا شجَّعهم على ممارسةِ المزيد مِن أصناف الأخلاق السيِّئة، وهم يظنُّون أنهم يحقِّقون إنجازاتٍ كبيرة، يستحقُّون الاحترام والتقدير عليها، خاصَّة في ظل سكوت الصالحين، وتشجيع المنتفِعين.







وسبب الأسباب في ذلك: جهلُ الأمة بدِينها، الناشئ عن غيابِ أو تغييب دَور العلماء (بقصْد أو بغير قصْد) عن توجيه الأمَّة، فتسلَّط على قرارها ومقدَّراتها الجهلةُ، فلا هم أداروا شؤونَ الحياة بالمنهج الشرعي السليم الذي ارْتضاه الله تعالى للبشرية، ولا ساسوها على الأقلِّ بمنهج الفِطرة السويَّة في مراعاةِ الآداب المرعيَّة والأخلاق العامَّة، فضلُّوا وأضلوا.







بعض مظاهر الأزمة الأخلاقيَّة:



سأعرِّج على بعض المظاهر التي نعيشها جميعًا - كأمثلة - على مستوى تدنِّي الأخلاق في كافة مستويات المجتمع، إلى المستوى الذي يُمكِن اعتبار أنَّه أزمة حادَّة، ولا يَعني ذِكر هذه المظاهر أنَّه لا يوجد أناس يحملون القِيم والأخلاق الحميدة، فهُم لا يزالون موجودين في كلِّ مجتمع إلى قيام الساعة، لكن القصْد الكَثْرة والغَلَبة الغالبة من الأمَّة الذين وصفهم الله تعالى بأنَّهم (قوم)؛ أي: العدد الأكثر من المجتمع.







فمِن تلك المظاهر ما يلي:



مظهر1: انتشار ظاهرة الكذِب وغياب الصِّدق في الحديث إلاَّ عند القليل ممَّن رحِم الله، وقليل ما هم:



أصبح كثيرٌ من الناس يزيِّنون الكذب، ويلوّنونه، تارةً بالأبيض والأسود، وهو كله كذِب في كذب، أو خِداع في خداع، يُبغِضه الله ولا يحبُّه، والله تعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، والرسولُ - يقول عن المنافق: ((آية المنافِق ثلاث... وذكر منها: وإذا حدَّث كذَب))، والحديث متَّفق على صحَّته بين البخاري ومسلم مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه.







والعجيب أنَّنا جميعًا - إلا من رحِم الله - نتساهل في هذا الأمر، خاصَّة في المزاح، وقد عَلِمنا أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان يمزح، لكنَّه كان لا يقول إلا حقًّا؛ بمعنى أنَّه لم يكن يكذب قطُّ حتى ولو كان مازحًا، ووعد بالجنة مَن ترَك الكذب ولو كان مازحًا، فهل سنُطيعه في ذلك، وأين بَني قومِنا من هذا السلوك القويم؟!

يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 150.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.12%)]