|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها (1) د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري إن أعظم ما يدعى إليه من العلم: العلم الذي يعرف العبد بربه سبحانه وتعالى، فإن العبد إذا عرف ربه حق المعرفة فعرف عظيم أسمائه وجليل صفاته علم كيف يعبد الله ويدعو إليه على بصيرة، فمن كان أخبر بغيره كان أعرف بالسبل المقربة إليه وبالطريق الموصلة إليه، يقول ابن القيم رحمه الله في علم الدعوة إلى الله: والبصيرة على ثلاث درجات من استكملها فقد استكمل البصيرة: بصيرة في الأسماء والصفات، وبصيرة في الأمر والنهي، وبصيرة في الوعد والوعيد.[1] وقد أمرنا الله تعالى أن نتعرف عليه سبحانه، وفي الحديث الصحيح: "تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة"، وإنما يكون التعرف على الله بالتعرف على أسمائه وصفاته وأفعاله الحسنى، فربنا عز وجل لما عرف نفسه في القرآن الكريم عرفها بما له من الأسماء والصفات، يقول عز وجل: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الحشر: 24]، ومرجع الضمير في قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 38] إلى سؤال تقديره من هو الرب؟ فكان الجواب بتعريف العبد بربه وأسمائه وصفاته، وهو قوله تعالى من سورة الإخلاص: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، وفي الآية الأخرى: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 49، 50].[2] أهمية معرفة معاني أسماء الله تعالى: تتضح أهمية معرفة أسماء الله إذا عرفنا أن شرف العلم من شرف المعلوم، وعلم الأسماء والصفات يبحث في معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله معرفة توجب تعظيمه وإجلاله، يقول قوام السنة الأصفهاني: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها؛ فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً: طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها. [3] أن معرفة أسماء الله وصفاته تدعو إلى محبة الله وهيبته التوكل عليه والإنابة له، وتحيي العبادات القلبية في قلب العبد، يقول العز بن عبد السلام: فهم معاني أسماء الله وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات. [4] أن معرفة أسماء الله وصفاته يقتضي الإيمان بتوحيد الربوبية والالتزام بتوحيد الألوهية، فبوابة توحيد الأولوهية وعبادة الله حق عبادته هي الإيمان بأسماء الله وصفاته، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا في الإيمان، حتى يؤمن بصفات الرّب ويعرفها معرفة تخرج عن حدّ الجهل بربه، فالإيمان بالصفات وتعرّفها هو أساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وثمرة شجرة الإحسان، فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.[5] أنه داخل في معنى الإحصاء المشار إليه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"، متفق عليه، يقول ابن القيم رحمه الله عند بيان مراتب إحصاء أسمائه الَّتي من أحصاها دخل الجنّة: المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثّانية: فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]؛ وهو مرتبتان: إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثّاني: دعاء طلب ومسألة[6]، وقال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التّعداد، وإنّما هو العمل والتعقّل بمعاني الأسماء، والإيمان بها.[7] معنى أسماء الله الحسنى: الاسم ما دلّ على ذات الشّيء وحقيقته، وأسماء الله أعلام وأوصاف، فهي تدل كذلك على صفاته العظيمة سبحانه. ويتميّز الاسم عن الفعل والحرف بعدة علاماتٍ، منها: الكسرة، التّنوين، والنِّداء؛ أي وقوع الكلمة منادى، ودخول أل، والإسناد إليه؛ أي الإخبار عنه بشيء والحكم عليه بحكم إثبات أو نفي. والحسنى مؤنّث الأحسن؛ والأحسن أفعل تفضيل من الحسن؛ وهو الجمال والكمال، والمراد أن هذه الأسماء قد بلغت في الحسن غايته وفي الكمال نهايته. وليعلم أن أسماء الله توقيفية؛ يتوقف فيها على ما جاءت به النصوص، وهي لابد أن تتضمن الكمال المطلق لله تعالى دون عيب أو احتمال نقص. مسالك لفهم أسماء الله الحسنى وعبادة الله تعالى بها: والمقصود بهذا المبحث البحث عن القواعد والوسائل التي يفقه بها العبد أسماء ربه جل وعلا، ويفهم معانيها وما دلت عليه من صفات، وما اقتضته من أحكام، وما ترتب عليها من آثار، وكيفية عبادة الله ودعاءه بها. ولنضع منهجية تحدد ذلك كان لزامًا أن نعود في بحثنا هذا للأصلين المحكمين: كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم لنتلمس منهج القرآن والسنة في عرض أسماء الله تعالى وبيان معانيها وآثارها، ولمعرفة كيف تعبد النبي صلى الله عليه وسلم أعظم العباد بها إلى ربه عز وجل، ثم بيان مسلك السلف الصالح رحمهم الله تعالى في فهمها وتقوية الإيمان بها والتعبد لله عز وجل بمعانيها ودلالاتها. ولبيان هذا المنهج سنسلك إليه من خـلال المسالك التالية: المسلك الأول: فهم دلالة معنى اسم الله تعالى من أصله اللغوي: ببيان اشتقاق الاسم واستعمالاته في كتب اللغة، وفي نصوص الكتاب والسنة؛ ليظهر جليًا أصل المعنى وما استعمل فيه من المعاني. المسلك الثاني: فهم معنى اسم الله تعالى من خلال ما دل عليه من صفات الله تعالى: وذلك باعتبار ثلاثة دلالات: دلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام، فدلالة المطابقة للاسم دلالته على الاسم والصفة معًا، ودلالة التضمن دلالته على الاسم وحده، وكل صفة وحدها إن كان الاسم يتضمن الدلالة على أكثر من صفة، ودلالة الالتزام، وهي دلالته على صفة أخرى أو أكثر بغير طريقي المطابقة والتضمن. المسلك الثالث: فهم معنى اسم الله تعالى من خلال شرح أهل العلم له: بالوقوف على عباراتهم في التعريف بهذا الاسم، ودلالات معانيه أو أحكامه أو آثاره. المسلك الرابع: معرفة ما دل عليه اسم الله تعالى من تنزيه لله عز وجل: وهذا يشمل ما تدل عليه بعض الأسماء من تنزيه مطلق لله عن كل عيب ونقص؛ كاسم الله القدوس والسلام، وما تدل عليه أكثر الأسماء من نفي أعيان النقائص، فاسم الله العليم ينفي الجهل، واسم الله القوي ينفي الضعف، والدلالة الثالثة للأسماء على تنزيه الله تنويهه سبحانه عن الشريك والمثيل سبحانه، فكل اسم بلغ في الكمال غايته وتنزه الله في كل اسم وصفة له عن المثيل، قال سبحانه: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الشورى: 11].[8] المسلك الخامس: فهم آثار اسم الله تعالى من خلال ما ارتبط به في النصوص من مخلوقات أو أحكام: فكل صفة لها مقتضى وفعل، وفعلها إما لازم، وإما متعدٍّ، ولذلك الفعل تعلق بمفعول هو من لوازمه، وهذا يشمل ما تعلق به الاسم من خلقه سبحانه وأمره وثوابه وعقابه. فتارة يرتبط ذكر الاسم بعجيب من عجائب خلق الله، أو بآية من آيات الكون، أو حكم شرعي جليل، وبالنظر في ذلك يزداد إيمان العبد بهذا الاسم. المسلك السادس: فهم كمال معنى اسم الله تعالى من خلال ما اقترن به من أسماء الله الحسنى في نصوص الكتاب والسنة: فتجمع الأسماء التي اقترن بها الاسم موضع الدراسة، وينظر في سبب وعلاقة الاقتران من خلال السياق، وينظر في توارده في نظائر ذلك. فكثيرًا ما يقترن العفو بالقدير، والعزيز بالحكيم، وفي ذلك من معاني الكمال ما يحتاج إلى تأمل خاص. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |