من الآثار الإيمانية لتعليم وتعلم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14236 - عددالزوار : 754930 )           »          مواقف بين النبي وأصحابه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1370 )           »          ما أعظم ملك الله وقدرته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإسلام يدعو إلى التكافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حكم التفضيل بين الأنبياء عليهم السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          دعوة إلى الإصلاح ووحدة الصف والمصير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          لا تنس هذه الصدقات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الدرس الخامس والعشرون: ليلة القدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تحريم ترك الوفاء بنذر الطاعة لله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم زواج المسيار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-02-2020, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,732
الدولة : Egypt
افتراضي من الآثار الإيمانية لتعليم وتعلم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع

من الآثار الإيمانية لتعليم وتعلم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع
د. شعبان رمضان محمود مقلد





المقدمة
الحمد لله رب العالمين، أنزل كتابه هُدًى ورحمة وفرقانًا للعالمين، وجعله العُروة الوثقى وحبله المتين، مَن تمسَّك به سعد واهتدى، وفاز ونجا يوم الدين، ومن أعرض عنه خسر وغوى، وحاد عن الطريق المستقيم.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد النبي، وأزواجه أمهات المؤمنين، وذريته وآل بيته الطيبين الطاهرين، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أما بعد:
فلكل منا همَّة تسكن قلبه، وتيسر دربه، ويخطط على منوالها مستقبله، والهمم تتفاوت بين البشر، فشتَّان بين همة في الثرى وأخرى في الثريا! وعلو الهمة مبتغى كل إنسان ناجح يتطلع إلى حياة أفضل، بَيْدَ أن شروطها هنا يراد بها وجه الله تعالى وأن تكون عونًا على البذل والعطاء لهذا الدِّين.

إذًا؛ نحن لا نقصد علو الهمة لذاته؛ بل نقصد ما وراءها من رضا الله، والعمل على رفعة هذا الدِّين وعزِّه، وما يستتبع ذلك من فوز في الآخرة، ونجاة من غضب الله وعذابه، ولله در القائل:

إِذَا مَا كُنْتَ فِي أَمْرٍ مَرُومٍ
فَلاَ تَقْنَعْ بِمَا دُونَ النُّجُومِ

فَطَعْمُ المَوْتِ فِي أَمْرٍ حَقِيرٍ
كَطَعْمِ المَوْتِ فِي أَمْرٍ عَظِيمِ


أ - أهمية الموضوع، وأسباب الدراسة:
وانطلاقًا من ذلك، فإن المسلم مطالَبٌ دائمًا وأبدًا بالتمسُّك بكتاب الله تعالى حقَّ التمسك، وتطبيق منهجه في حياته كلها، وبدهي أن تكون بداية التمسك والتطبيق بالتعليم والتعلم.

ولكن الملاحظ - وبخاصة في عصرنا الحاضر - انصراف كثير من المسلمين عن تعليم القرآن وتعلُّمه، وإن أظهروا حبَّهم وتقديسهم له، إلا أن واقعهم المعيشي يغاير ذلك، ومن هنا يبدو الخلل واضحًا في حياة المسلمين أفرادًا ومجتمعات، الأمر الذي جعلهم غثاءً كغثاء السيل، وجعل الأمم تتداعى عليهم، وجعل الوهن يتمكَّن من قلوبهم، ونزعت مهابتهم - بأمر الله - من قلوب عدوهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وما من شك في أن أول آيات القرآن نزولاً، كانت دعوة صريحة للقراءة والعلم والتعلم، وما يستتبع ذلك من تطبيق لما نتعلمه ونتوصل إليه، وآثار ذلك على الفرد والمجتمع.

ومن هنا كان الدافع للكتابة في هذا الموضوع الدعوي القرآني المهم، وكذا لعدم وجود مؤلَّف خاص في هذا الموضوع - على حد علمي - وإنما هنالك إشارات متناثرة في بطون الكتب والمؤلفات، فأحببت أن أجمع هذا المتناثر، وأبرز معالمه، وأوضح مقاصده؛ علَّه يكون دعوة خيرة لكل مَن يطلع عليه من المسلمين، وطريقًا أو بداية طريق للهدى.

كما أرجو من الله تعالى أن أوفق، وأنا أقدم هذا البحث المتواضع للملتقى الثالث للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم والمجتمع بالرياض.

ب - تساؤلات البحث:
يهدف البحث إلى الإجابة عن التساؤلات التالية:
أولاً: ما المقصود بالقرآن الكريم؟ وما معنى الآثار الإيمانية؟ وما مفهوم تعليم وتعلم القرآن؟
ثانيًا: ما أهمية الدعوة والعودة إلى تعليم وتعلم القرآن الكريم؟ وما كيفية ذلك؟
ثالثًا: ما الآثار الإيمانية التي تعود على الفرد المسلم والمجتمع المسلم من تعليم وتعلم القرآن الكريم؟

ج - منهج البحث والخطوات البحثية:
استخدم الباحث منهج البحث الوصفي، وكذا منهج البحث التحليلي التأملي؛ لمحاولة الخروج بفوائد علمية مهمة دقيقة.

كما اتَّبع الباحث الخطوات البحثية المختصرة التالية:
1 - عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها من المصحف الشريف.
2 - تخريج الأحاديث من مظانها الحديثية، وإيراد حكم العلماء عليها، إن وجد.
3 - توثيق الأقوال والآثار بإرجاعها إلى مصادرها الأصلية.
4 - التأصيل العلمي للموضوعات البحثية، والوصول إلى نتائج محددة قدر الوسع والطاقة.

د - خطة البحث بالتفصيل:
جاء البحث بعنوان: "من الآثار الإيمانية لتعليم وتعلم القرآن الكريم على الفرد والمجتمع"، ثم اشتمل على ما يلي:
المقدمة: وتضمنت الحديث عن أهمية الموضوع، والباعث على دراسته، وتساؤلات البحث، ومنهج البحث وخطواته البحثية، كذلك تضمنت المقدمة خطةَ البحث بالتفصيل.

الفصل الأول: التعريف بالقرآن الكريم ومفهوم تعليمه وتعلمه.
وتحته مباحث ثلاثة:
المبحث الأول: التعريف بالقرآن الكريم، وأسمائه، وأوصافه.
المبحث الثاني: مفهوم الآثار الإيمانية.
المبحث الثالث: مفهوم تعليم وتعلم القرآن الكريم.

الفصل الثاني: أهمية الدعوة والعودة إلى القرآن الكريم.
ويشمل مباحث ثلاثة:
المبحث الأول: أهمية تعليم وتعلم القرآن الكريم.
المبحث الثاني: كيفية العودة إلى القرآن.
المبحث الثالث: تدبُّر القرآن الكريم وأهمية ذلك.

الفصل الثالث: من الآثار الإيمانية على الفرد والمجتمع المسلم من تعليم وتعلم القرآن الكريم.
وتحته مبحثان:
المبحث الأول: من الآثار الإيمانية التي تعود على الفرد المسلم من تعليم القرآن وتعلمه.
المبحث الثاني: من الآثار الإيمانية على المجتمع المسلم والأمة المسلمة.

الخاتمة: وفيها خلاصة البحث، ونتائجه، وتوصياته.
الفهارس.

وأخيرًا: نضرع إلى الله سبحانه أن ينوِّر بالقرآن العظيم قلوبنا، وأن يفتح به أبصارنا، وأن يشرح به صدورنا، وأن يحفظنا به من أمامنا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، آمين، إنه على كل شيء قدير.

الفصل الأول
التعريف بالقرآن الكريم ومفهوم تعليمه وتعلمه

المبحث الأول: التعريف بالقرآن الكريم، وأسمائه، وأوصافه:
القرآن في اللغة:
اختلف أهل اللغة في أصل كلمة (قرآن)، ويمكن اختصار وحصر أقوالهم في اتجاهين يوردهما السيوطي في قوله:
وأما القرآن، فاختُلف فيه؛ فقال جماعة: هو اسم علم غير مشتق، خاص بكلام الله، فهو غير مهموز، وبه قرأ ابن كثير، وهو مروي عن الشافعي، أخرج البيهقي والخطيب وغيرهما عنه أنه كان يهمز قرأت، ولا يهمز القرآن، ويقول: القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت؛ ولكنه اسم لكتاب الله مثل التوراة والإنجيل، وهذا هو الاتجاه الأول.

الاتجاه الثاني: يذهب إلى أن لفظ (القرآن) مشتق، وجاء في هذا الاتجاه أربعة أقوال:
1 - أن القرآن مصدر لقرأت، كالرجحان والغفران، سمي به الكتاب المقروء، من باب تسمية المفعول بالمصدر، وبه قال اللحياني وآخرون.


2 - وقال قوم - منهم الأشعري -: هو مشتق من قرنتُ الشيء بالشيء: إذا ضممتَ أحدهما إلى الآخر.


3 - وقال الفراء: هو مشتـق من القرائن؛ لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضًا، ويشابه بعضها بعضًا، وهي قرائن، وعلى القولين بلا همز أيضًا، ونونه أصلية.


4 - وقال آخرون - منهم الزجاج -: هو وصف على فعلان، مشتق من القرء، بمعنى الجمع، ومنه قرأتُ الماء في الحوض؛ أي: جمعتُه.

وبعد أن ذكر السيوطي تلك الأقوال قال: والمختار عندي في هذه المسألة ما نص عليه الشافعي - وهو الاتجاه الأول[1].

أما الشيخ الزرقاني، فيرى أن القرآن مشتق، ويقول: القرآن مصدر مرادف للقراءة، ومنه قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ﴾ [القيامة: 17، 18]، ثم نُقل من هذا المعنى المصدري، وجعل اسمًا للكلام المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من باب إطلاق المصدر على مفعوله.

وعلى الرأي المختار، فلفظ قرآن مهموز، وإذا حذف همزه فإنما ذلك للتخفيف، وإذا دخلتْه "أل" بعد التسمية، فإنما هي للمح الأصل، لا للتعريف[2].

القرآن في اصطلاح العلماء:
معلوم أن القرآن كلام الله، وأن كلام الله غير كلام البشر، ما في ذلك ريب، والقرآن يتعذر تحديده بالتعاريف المنطقية ذات الأجناس والفصول والخواص، بحيث يكون تعريفه حدًّا حقيقيًّا، ويذكر العلماء له تعريفًا يقرِّب معناه، ويميِّزه عن غيره.

يقول الدكتور محمد عبدالله دراز - رحمه الله -: أما ما ذكره العلماء من تعريفه بالأجناس والفصول كما تُعرف الحقائق الكلية، فإنما أرادوا به تقريب معناه، وتمييزه عن بعض ما عداه، مما قد يشاركه في الاسم ولو توهمًا؛ ذلك أن سائر كتب الله تعالى والأحاديث القدسية، وبعض الأحاديث النبوية، تشارك القرآن في كونها وحيًا إلهيًّا، فربما ظن ظانٌّ أنها تشاركه في اسم القرآن أيضًا، فأرادوا بيان اختصاص الاسم به، ببيان صفاته التي امتاز بها عن تلك الأنواع[3].

ومن التعاريف التي ذكرها العلماء للقرآن الكريم ما يلي:
أ - جاء في تعريفه أنه: اسم للمتلوِّ المحفوظ المرسوم في المصاحف[4].

ب - وقيل أيضًا: اللفظ المنزَّل على النبي صلى الله عليه وسلم من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس[5].

ج - ويعرفونه أيضًا بأنه: كلام الله المعجز المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم المنقول عنه بالتواتر، المتعبَّد بتلاوته[6].

د - وقيل أيضًا في تعريفه: القرآن هو كلام الله المعجز، ووحيه المنزَّل على نبيه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتواتر، المتعبد بتلاوته[7].

هـ - وقيل في تعريفه: هو كلام الله المنزَّل على خاتم الأنبياء والمرسلين، بوساطة الأمين جبريل - عليه السلام - المكتوب في المصاحف، المحفوظ في الصدور، المنقول إلينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، المختتم بسورة الناس[8].

و - وقيل في تعريف القرآن: هو المنزَّل على الرسول، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه نقلاً متواترًا بلا شبهة[9].

ومن هذه التعريفات نستطيع أن نقول: إن القرآن الكريم كلام الله تعالى الذي أنزله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم المعجز، المكتوب في المصاحف، المنقول عنه بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المبدوء بسورة الفاتحة، المختوم بسورة الناس، المحفوظ في الصدور.

أسماء القرآن وأوصافه:
للقرآن أسماء كثيرة، وهذا إن دلَّ، فإنما يدل على عظمة القرآن، فكما هو معلوم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمَّى، ولا ريب أن القرآن الكريم هو أعظم وأشرف كتاب.

ومن أسماء القرآن "الفرقان"؛ باعتبار أنه كلام فارق بين الحق والباطل، أو مفروق بعضه عن بعض في النزول، أو في السور والآيات؛ قال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

ثم إن هذين الاسمين هما أشهر أسماء النظم الكريم؛ بل جعلهما بعض المفسرين مرجع جميع أسمائه، ويلي هذين الاسمين في الشهرة هذه الأسماءُ الثلاثة: الكتاب، والذِّكر، والتنزيل[10].

وقد وردت هذه الأسماء في القرآن نفسه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10].

وقال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، وقال أيضًا: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ ﴾ [الشعراء: 192].

أما عن أوصافه، فقد وصفه الله بأوصاف كثيرة أيضًا وردت في آياته، منها قوله تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 97]، وقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 174].

ومن الأوصاف كذلك قوله: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [الأنعام: 92]، وقوله: ﴿ يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15].

ومنها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57]، وقوله: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ [فصلت: 3، 4]، وقوله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ﴾ [فصلت: 41]، وقوله: ﴿ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ ﴾ [البروج: 21].


المبحث الثاني: مفهوم الآثار الإيمانية:
الآثار: جمع أثر، والأثر جاء عنه في كتب أهل اللغة:
أثر الشيء: بقيته، والجمع آثار وأثور، وتأثرته: تتبعت أثره، والأثَر بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء، والتأثير: إبقاء الأثر في الشيء، وأثَّر في الشيء: ترك فيه أثرًا.

والأثر: الخبر، والجمع آثار، وقوله عز وجل: ﴿ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ﴾ [يس: 12]؛ أي: نكتب ما أسلفوا من أعمالهم، ونكتب آثارهم؛ أي: مَن سنَّ سنة حسنة، كتب له ثوابها، ومن سن سنة سيئة، كتب عليه عقابها، وسنن النبي: آثاره.

وأُثْر الجرح: أثَرُه يبقى بعدما يبرأ، والإِثْر: خلاصة السمن إذا سُلِئَ، وهو الخِلاص[11].

وأثر الحديث: ذكره عن غيره، والأثر (بفتحتين): ما بقي من رسم الشيء[12].

الأثر: حصول ما يدل على وجود الشيء والنتيجة[13].

الأثر له ثلاثة معانٍ: الأول: بمعنى النتيجة، وهو الحاصل من شيء، والثاني: بمعنى العلامة، والثالث: بمعنى الجزء[14].

إذًا؛ فالأثر المقصود هنا هو: الخبر والنتيجة الحاصلة من تعليم وتعلم القرآن الكريم.

والإيمان بالله عز وجل معناه: الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء ومليكه وخالقه، وأنه هو الذي يستحق وحده أن يُفرَد بالعبادة، وأنه المتَّصف بصفات الكمال كلها، المنزَّه عن كل نقص.

فالإيمان بالله تعالى يتضمن: توحيده في ربوبيته، وتوحيده في ألوهيته، وتوحيده في أسمائه وصفاته.

ومعنى توحيد الربوبية - إجمالاً -: الاعتقاد الجازم بأن الله رب كل شيء، ولا رب غيره.

وتوحيد الألوهية معناه: الاعتقاد الجازم بأن الله - سبحانه - هو الإله الحق، ولا إله غيره، وإفراده سبحانه بالعبادة.

أما توحيد الأسماء والصفات، فمعناه: الاعتقاد الجازم بأن الله عز وجل متَّصف بجميع صفات الكمال، ومنزَّه عن جميع صفات النقص، وأنه متفرد عن جميع الكائنات، وذلك بإثبات ما أثبته سبحانه لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات الواردة في الكتاب والسنة، من غير تحريف ألفاظها أو معانيها، ولا تعطيلها بنفيها، أو نفي بعضها عن الله - عز وجل - ولا بالتأويل الباطل، ولا تكييفها بتحديد كنهها وإثبات كيفية معينة لها، ولا تشبيهها بصفات المخلوقين.

وعند أهل السنة: يقع اسم الإيمان على الإقرار باللسان، والتصديق بالقلب، والعمل بالجوارح[15].

أركان الإيمان:
أما محتوى الإيمان، فهو ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في بيانه: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))[16].

فالإيمان بالله يجعل المؤمنَ يشعر بأن الله يراقبه في أفعاله، والإيمان بالملائكة يجعل المؤمن يستحيي من معصية خالقه - سبحانه - لعلمه أن الملائكة معه تحصي عليه أعماله، والإيمان بالكتب يجعل المؤمن يعتزُّ بكلام ربه - جلا وعلا - القرآنِ، فيتقرب إليه بتلاوته، والعمل بتعاليمه وأحكامه، والإيمان بالرسل يجعل المؤمن يأنس بأخبارهم وسيرهم، لا سيما سيرة المصطفى، فيتخذهم أسوة وقدوة، والإيمان باليوم الآخر ينمي في نفس المؤمن حبَّ الخير والعطاء؛ ليحوز ثوابه في الجنة، والإيمان بالقدر يجعل نفس المؤمن ترضى وتصبر.

وخلاصة معنى الآثار الإيمانية: الخبر والنتيجة الحاصلة من تعليم وتعلم القرآن الكريم، والتي توصل إلى زيادة الإيمان بالله، وطاعته، والتقرب له.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 235.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 233.47 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.73%)]