انفراج الكربة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الرجولةُ في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حتى لا تتَّسِعَ الأمِّيَّةُ الشرعيّةُ في صفوف أجيالنا! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          النِّعَمُ الْمَنْسيّةُ عُقوبَةٌ ربّانيّة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          بناء علاقة راسخة مع القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الرؤى والأحلام جزء من حياة الإنسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تربية النفس بين المنع والمنح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          النجاة في العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حساب الدورة الشهرية للمبتدأة والمعتادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          دُعاءِ النَّبيِّ ﷺ بعْدَ الصَّلاةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          بعض صفات النبي المصطفى ﷺ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-02-2020, 05:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 167,515
الدولة : Egypt
افتراضي انفراج الكربة

انفراج الكربة



الشيخ عبدالله الجار الله






ِنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾.









أَمَّا بَعْدُ:


فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَإِنَّ أَفْضَلَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.





عباد الله: إِنَّ دِينَ الإِسْلاَمِ يَقُومُ عَلَى دِعَامَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ، وَهُمَا حَقُّ الْخَالِقِ، وَحَقُّ الْمَخْلُوقِ، فَهُوَ دِينُ التَّوْحِيدِ وَالتَّكَافُلِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ حَيَاةَ الإِنْسَانِ مُنْفَصِلَةً عَنْ غَيْرِهِ، بَلْ جَعَلَهَا مَوْصُولَةً بِالنَّاسِ صِلَةَ الْخَيْرِ وَالإِحْسَانِ، كَمَا قَالَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ صلى الله عليه وسلم: ((الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يَأْلَفُ وَلاَ يُؤْلَفُ، وَخْيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ)). فَجَعَلَ لِلْمُؤْمِنِ سِمَةً لاَ تُفَارِقُهُ، وَوَصْفاً لاَ يَتَحَوَّلُ عَنْهُ، وَهُوَ أَنَّهُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ، وَهَذَا لَفْظٌ شَامِلٌ لِكُلِّ مَعَانِي الأَمْنِ وَالرِّفْقِ وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ، وَمُضَادٌّ لِكُلِّ مَا يُنَفِّرُ النُّفُوسَ وَيُزْعِجُ بَنِي الإِنْسَانِ. وَقَدْ خَتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَدِيثَ بِقَوْلِهِ: ((وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ))، وَهَذَا مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ الْمَجِيدِ أَنْ أَطْلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ حُدُودِ نَفْسِهِ الضَّيِّقَةِ، إِلَى أُفُقِ التَّوَاصُلِ مَعَ إِخْوَانِهِ، وَبَذْلِ الْخَيْرِ لَهُمْ، حَتَّى يَصِلَ إِلَى تِلْكَ الْخَيْرِيَّةِ الَّتِي هِيَ سِمَةٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَامَّةً، ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ وَسِمَةٌ لِلْمُؤْمِنِ خَاصَّةً ((وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ)).





عباد الله: نَعِيشُ مَا نَعِيشُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَفِيهَا مَا فِيهَا مِنْ آلاَمٍ وَمَتَاعِبَ وَعَقَبَاتٍ، نَبْحَثُ عَنْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعِيشُونَ بِالْخَيْرِ وَيَحْمِلُونَهُ لِلنَّاسِ، نَبْحَثُ عَنْ تِلْكَ النُّفُوسِ الَّتِي أَضَاءَتْ بِنُورِ الشَّرِيعَةِ، وَتَوَاصَلَتْ مَعَ النَّاسِ خَيْراً وَنَفْعاً وَحُبّاً وَإِخَاءً، فَكَانُوا حَيَاةً فِي الْحَيَاةِ، وَامْتَدَّ لَهُمْ ذِكْرُهُمْ بِالْخَيْرِ فِي الْمَلأِ الأَعْلَى، وَبِالثَّنَاءِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ فِي حَيَاتِهِمْ وَبَعْدَ مَمَاتِهِمْ.. فَطَالَتْ حَيَاتُهُمْ، وَخَرَجُوا مِنْ حِسَابِ الْعُمُرِ وَالأَيَّامِ وَالسِّنِينَ، إِلَى حِسَابِ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالأَثَرِ النَّافِعِ، وَالذِّكْرِ الْحَسَنِ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَعِنْدَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذِهِ الْحَيَاةُ تَتَقَلَّبُ بِأَهْلِهَا، حَتَّى يُصِيبَ الْبَعْضَ مِنْهُمْ مَا يُصِيبُهُ مِنْ كَرْبٍ وَهَمٍّ وَبَلاَءٍ، وَهِيَ كُرُوبٌ تَأْتِي لِلْمُؤْمِنِ فَتُعَلِّقُهُ بِرَبِّهِ، فَيَرْتَفِعُ بِالضَّرَاعَةِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالافْتِقَارِ عَلَى سُورِ الْكُرْبَةِ، وَيَهْدِمُهُ بِأَنْفَاسِ الضَّرَاعَةِ وَالذِّكْرِ وَالْقُرْبَةِ. فَهَذَا نَبِيُّ اللهِ يُونُسُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فِي الظُّلُمَاتِ يَمُدُّ يَدَ الضَّرَاعَةِ البَيْضَاءَ، مُذْعِناً لِرَبِّهِ، مُلْتَحِفاً بِالاِفْتِقَارِ، لاَئِذاً بِالتَّوْحِيدِ، مُنْطَرِحاً عَلَى عَتَبَةِ الْعُبُودِيَّةِ، مُقِرّاً بِالتَّقْصِيرِ: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ فلاَشَيْءَ يُفَرِّجُ عَنِ الْعَبْدِ كُرَبَهُ مِثْلُ الْفَزَعِ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَتَوْحِيدِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَلِذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ هُوَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ)).





وَهِيَ دَعْوةٌ جَلِيلَةٌ تَحْتَاجُ إِلَى قَلْبٍ مُنْخَلِعٍ مِنْ حَوْلِهِ وَطَوْلِهِ، مُعْتَرِفٍ بِعَجْزِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّهِ، سَاجِدٍ لَهُ عَلَى عَتَبَةِ الاِفْتِقَارِ، يُنَاجِيهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْيَقِينِ وَالصِّدْقِ، وَالإِيمَانِ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَى، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ((إِذَا حَزَبَهُ أَمْرُ صَلَّى))- أَيْ: ثَقُلَ عَلَيْهِ وَأَهَمَّهُ فَزِعَ إِلَى الصَّلاَةِ، يَفِرُّ إِلَى رَبِّهِ، مُنْطَلِقاً إِلَيْهِ مِنْ عَجْزِهِ وَفَقْرِهِ، لاَئِذاً بِكَرَمِهِ وَبِرِّهِ، وَيُنَاجِيهِ، مُتَضَرِّعاً أَسِيفَ الْقَلْبِ، مُوقِناً فِي رَبِّهِ- كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ عِنْدَ الْكَرْبِ: ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)). وَهُوَ دُعَاءٌ كُلُّهُ ثَنَاءٌ عَلَى الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الدُّعَاءِ، أَنْ يَلْهَجَ الْمَرْءُ بِالثَّنَاءِ عَلَى رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَجُودَ الْكَرِيمُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ خَزَائِنِ كَرَمِهِ الْعَظِيمِ، نَسْأَلُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ وَاسِعِ جُودِهِ وَإِحْسَانِهِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.





الخطبة الثانية


الْحَمْدُ لِلهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيَكَ لَهُ تَعْظِيماً لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً.





أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ.





عباد الله: وَمِنْ وَسَائِلِ دَفْعِ الْكُرُوبِ: مَا يُعَلِّقُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَعْضِ عِبَادِهِ مِنَ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ بِالْخَيْرِ وَيَحْمِلُونَهُ إِلَى النَّاسِ، مِنْ أَولَئِكَ الَّذِينَ أَشَرْنَا إِلَيْهِمْ، فَكَانُوا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ أَيْنَمَا حَلُّوا نَفَعُوا.





أُولَئِكَ الَّذِينَ يُحِبُّونَ إِزَاحَةَ الْهُمُومِ عَنِ الْقُلُوبِ، وَيَجِدُونَ مِنَ الْفَرْحَةِ وَالسَّعَادَةِ الَّتِي تُصِيبُ قُلُوبَهُمْ مَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللهُ عِنْدَمَا يَفَرِّجُ اللهُ عَنْ مَكْرُوبٍ كَرْبَهُ بِسَبَبِهِمْ، وَاللهُ سُبْحَانَهُ هُوَ الشَّكُورُ الَّذِي يُثِيبُ الْعَبْدَ وَيُكْرِمُهُ وَيُضَاعِفُ لَهُ الأَجْرَ وَالثَّوَابَ، بِإِعَانَتِهِ إِخْوَانَهُ، وَتَفْرِيجِ كُرُوبِهِمْ، وَإِسْعَادِ قُلُوبِهِمْ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾.





وَمِنَ الْمُقَرَّرِ فِي شَرْعِنَا الأَغَرِّ: أَنَّ ثَوَابَ الطَّاعَةِ الْمُتَعَدِّيَةِ، أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ ثَوَابِ الطَّاعَةِ اللازمة ؛ فَصَلاَةُ الْعَبْدِ وَصِيَامُهُ وَذِكْرُهُ لَهُ، وَلَكِنَّ خَيْرَهُ الَّذِي يَتَعَدَّى إِلَى إِخْوَانِهِ، وَسَعْيَهُ فِي إِعَانَتِهِمْ وَدَعْوَتِهِمْ وَنُصْحِهِمْ وَتَعْلِيمِهِمْ: يَكُونُ أَكْبَرَ أَثَراً وَأَعْظَمَ قَدْراً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَالإِحْسَانُ إِلَى الآخَرِينَ، أَعْظَمُ نَفْعاً مِنْ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ، وَالاِعْتِكَافِ وَالذِّكْرِ.





َهَذَا لأَنَّ تِلْكَ الطَّاعَاتِ الأُخْرَى طَاعَاتٌ مُتَعَدِّيَةٌ، وَهَذَا مِنْ عَظَمَةِ هَذَا الدِّينِ الْمَجِيدِ، الَّذِي يُخَلِّصُ الإِنْسَانَ مِنْ أَنَانِيَتِهِ، وَيَجْعَلُهُ نَبْعاً لِلْخَيْرِ، وَظِلاَّ يَأْوِي إِلَيْهِ الآخَرُونَ مِنْ تَعَبِ الْحَيَاةِ وَنَصَبِهَا. وَقَدْ مَدَحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الأَنْصَارَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَذَكَرَ مِنْ نُعُوتِهِمْ ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ﴾ [الحشر:9] هَذَا هُوَ الإِيثَارُ الَّذِي يَنْفِي الأَثَرَةَ، وَيَتَغَلَّبُ عَلَى شُحِّ النَّفْسِ، وَيَسْمُو بِالإِنْسَانِ إِلَى أُفُقِ الإِنْسَانِيَّةِ الْحَقَّةِ، الَّتِي عَلَّمَنَاهَا رَسُولُنَا صلى الله عليه وسلم.





فَقَدْ قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: ((الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).





وَاللهِ إِنَّهُ لأَمْرٌ عَظِيمٌ أَنْ يُعِينَكَ اللهُ تَعَالَى، وَيُسَهِّلَ لَكَ قَضَاءَ حَاجَتِكَ، كَمَا أَعَنْتَ أَخَاكَ الْمُسْلِمَ، وَسَهَّلْتَ لَهُ قَضَاءَ حَاجَتِهِ.





إِنَّ تَفْرِيجَ الْكُرُوبِ عباد الله وَالسَّعْيَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَمَانٌ وَضَمَانٌ، يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الْحَسَنِ: ((صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ)).





اللَّهُمَّ أهدنا لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ، اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا الصِّدْقَ وَالأَمَانَةَ، وَجَنِّبْنَا الْغَدْرَ وَالْخِيَانَةَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ عِبَادِكَ الْمُتَّقِينَ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُنْدَكَ الْمُوَحِّدِينَ. اللَّهُمَّ ولاة أمرنا لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَ فِي طَاعَتِكَ وَرِضَاكَ ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنّاً سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ. اللهم احقن دماء المسلمين في كل مكان اللهم ألف بين قلوبهم واجمع كلمتهم على الحق وأصلح ذات بينهم وأهدهم سبل السلام وأهدهم إلى الحق يا رب العالمين





اللهم من أراد بلادنا بسوء في دينها أو أمننها أو استقرارها اللهم اشغله في نفسه ورد كيده في نحره وافضح يارب العالمين اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا ولوالدينا ذُنُوبَنَا جَمِيعًا، وَارْحَمْنَا بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ؛ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. اللَّهُمَّ واجْعَلْ قُلُوبَنَا مُطْمَئِنَّةً بِحُبِّكَ، وَأَلْسِنَتَنَا رَطْبَةً بِذِكْرِكَ، وَجَوَارِحَنَا خَاضِعَةً لِجَلاَلِكَ. اللَّهُمَّ وأَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الآخِرَةِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.






اللَّهُمَّ وصَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَكْرَمِينَ، وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 74.26 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.27%)]