|
ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ابن جُبارة المقدسيّ (648 - 728ه) وكتابه (المفيد في شرح القصيد) خيرالله الشريف أولاً: حياته وعِلْـمه 1- اسمه ونشأته: هو شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن محمد بن عبدالولي بن جُبارة[1] المقدسي المَرْداوي[2] الصالحي الحنبلي. ولد سنة (648ه) في سفح جبل قاسيون بدمشق في المنطقة المسماة بالصالحية التي اختارها المقادسة مكانًا لسكناهم، وأُحضر صغيرًا في الرابعة من عمره على عادتهم في إسماع الصغار دروس العلم، فسمع «السيرة النبوية» لابن إسحاق على خطيب مَرْدا، وسمع على الكَرْماني، وابن عبدالدائم، وابن أبي عمر. 2- أسرته: اشتهر بالعلم من أسرته: • والده: تقي الدين أبو عبدالله، محمد بن عبدالولي بن جُبارة المقدسي، الفقـيه الفاضل المتقـن الصالح، سمع بدمشق وبغداد، وتوفي سـنة (683ه)، ودفن بسفح قاسيون[3]. • عمه: تقي الدين أبو محمد، عبدالله بن عبدالولي بن جُبارة المقدسي، الإمام الفقيه المسنِد الثبت، المتوفى سنة (679ه) والمدفون بسفح قاسيون[4]. • من بني عمِّه: شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن عبدالولي بن جُبارة، المقـدسي المـعروف بالجزيري[5]، المسنِد الـمعمَّر (663- 758ه). • جده: عبدالولي[6] بن جُبارة: سمع منه ابن المحب، وأحمد بن يوسف الصالحي الطيار، وعبد الله بن عبدالرحمن القانوني، ومحمد بن أبي الزهر الهكاري، وعبد الرحمن ابن إبراهيم المقدسي. • أخو جـده: عبيد الله[7] بن جُبـارة المرداوي الصالحي، الفقيه الحنبلي المتوفى بجبل قاسيون سـنة (643ه ). 3- صفاته: نشأ ابن جُبارة في صلاح ودين وزهد، وكان رجلاً مباركًا، فيه صدق وقناعة وتعفف وخشونة عيش، وانقطاع وفراغ عن الرئاسة واللباس، تعلوه السكينة والوقار، وكان جمَّ الفضائل، يُعَدّ في العلماء الصالحين الأخيار. وكان إلى ذلك إمامًا مفتيًا وفقيهًا متقنًا، وأصوليًّا مناظرًا، وعلامة مقرئًا متفنّنًا، ونحويًّا ماهرًا، ولغويًّا بارعًا، عني بفن القراءات فبرز فيه وأتقنه واشتهر بذلك، فهاجر الناس إليه، ووقع الاختيار من الطلبة عليه، واشتهر بمعرفة الرأي، وتصدّر وقُصد لإقراء القراءات والعربية، وانتهت إليه مشيخة بيت المقدس، وكان مع هذه المهارة ذا تمتمة في لسانه. 4- رحلته[8]: رحل سنة 673ه - وقيل: بعد سنة 680ه - لطلب العلم إلى القاهرة، فصحب الشيخ حسن الراشدي، وأخذ عنه القراءات السبع والنحو إلى أن مات سنة 685ه، وأخذ العربية عن ابن النحّاس، والأصول عن القَرافي، والفقه عن ابن حمدان. ثم حج وجاور بمكة، وعاد إلى صالحية دمشق سنة 693ه، فأقرأ القراءات، وأخذ عنه الذهبي[9]، واشتغل عليه الناس، ثم تحوّل إلى حلب، فاشتغل عليه ابن الوردي[10]، وأقرأ بها مدة، ثم عاد إلى دمشق، فقرأ عليه البِرْزالي[11]، ثم استوطن بيت المقدس، فتصدر للإقراء والعربية، وهاجر الناس إليه. 5- من شيوخه: • أبو عبدالله، محمد بن إسماعيل المقدسي النابُلُسي الحنبلي، الشيخ الإمام الفقيه المسند خطيب مَرْدا[12]، (566-656ه): حضر عليه في دمشق في الرابعة من عمره «السيرة النبوية» لابن إسحاق، وسمع منه «جزء البطاقة»[13]. • زين الدين أبو العباس، أحمد بن عبدالدائم بن نعمة المقدسي الصالحي، الكاتب الخطيب المحدث المعمَّر[14]، (575- 668ه): أخذ عنه الحديث في دمشق. • شمس الدين أبو الفرج وأبو محمد، عبدالرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة المقدسي الصالحي الحنبلي، شيخ الإسلام وبقية الأعلام[15]، (597-682ه): أخذ عنه الحديث في دمشق. • بدر الدين عمـر بن محمد بن أبي سـعد الكَرْماني، التاجر الواعظ المعمَّر[16]، (570-668ه): أخذ عنه الحديث في دمشق. • بـهاء الدين محـمد بن إبراهيم ابن النحّاس الحلبي، شيخ العربية والآداب بمصـر[17]، (-698ه): أخذ عنه العربية في القاهرة بعد سنة 680ه. • نبيه الدين أبو علي، حسن بن عبدالله بن وَيْحِيان، الرّاشِدي التِّلِمْساني، الأستاذ المقرئ، من بني راشد قبيلة من البربر، كان بصيرًا بالقراءات وعللها، عارفًا بالعربية، صاحب عبادة وزهد وإخـلاص واشتغال بنفسه[18]، (-685ه): أخذ عنه القراءات والنحو والتصوف في القاهرة بعد سنة 680ه. • شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن إدريس القَرَافي الصُّنْهاجي المصري المالكي، الإمام العلامة[19]، (-684ه): أخذ عنه أصول الفقه في القاهرة بعد سنة 680ه. • نجم الدين أبو عبدالله، أحمد بن حمدان بن وثّاب، النُّمَيري الحرّاني الحنبلي، القاضي الأصولي[20]، (603-695ه): تفقه عليه في المذهب الحنبلي في القاهرة بعد سنة 680ه. 6- من تلامذته: • علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف بن محمد البِرْزالي الشافعي، الحافظ، مؤرخ العصر، محدث الشام، صاحب «التاريخ» و«المعجم الكبير»[21]، (663-739ه): أخذ عنه أجزاء حديثية في دمشق ثم في القدس سنة (693ه) وبعدها. • شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن عبدالرحمن بن عبدالمنعم بن نِعْمة النابُلُسي، الإمام الفقيه العابر[22]، (628-697ه): تلا عليه في دمشق بعض الختمة لابن عامر سنة 693ه وبعدها. • شمس الدين أبو عبدالله، محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي التُّرْكُماني، الإمام الحافظ محدّث العصر[23]، (673-748ه): أخـذ عنه سـنة (693ه) وبعدها في دمشق «مجلس البطاقة»، وجلس إليه، وسمع بحوثه، وروى عنه. • زين الدين، عمر بن مظفر ابن الوردي، المعرّي الحلبي الشافعي، إمام اللغة والفقه والنحو والأدب، ذو التصانيف[24]، ( -749ه): أخذ عنه في حلب ثم في القدس سنة (693ه) وبعدها. • شمس الدين أبو المعالي، محمد بن أحمد بن علي ابن اللّبّان، المقرئ[25]، (710-776ه): أفرد عليه قراءة نافع، ثم أبي عمرو، ثم عاصم، ثم حمزة إلى أثناء سورة «الزُّمَر»، وسمع منه «التيسير» للداني. • أبو العباس، أحـمد بن محـمد بن يحيى بن نَحْلة[26] النابُلُسي، سبـط السَّلْعُوس[27]، (687-732ه): قرأ عليه بعض القراءات في دمشق. • أبو إسحاق، إبراهيم بن أحمد بن عبدالواحد بن علوان الشامي الجريري، نزيل القاهرة[28]، (709- 800ه): أجازه ابن جُبارة. • عبدالرحمن بن أبي بكر بن أبي العباس أحمد بن علي النِّفْزي الكَرْكي الشافعي[29]، (قبل 700-772ه): تلا عليه بالروايات في دمشق سنة 693ه. • شرف الدين أبو العباس، أحمد بن عثمان القَرَمي الصوفي، (بعد 660-731ه): تلا عليه بالروايات في دمشق سنة (695ه). • فخر الدين عثمان بن إسحاق الدمشقي: سيُذكر في وصف النسخة (ب). • عبدالله بن سليمان المَرَّاكُشي[30]: تلا عليه بالروايات في دمشق سنـة (693ه). 7- مؤلفاته: أ- في علوم القرآن: 1- «المفيد في شرح القصيد». 2- «الفتوحات المكية والقدسية في شرح الشاطبية»: نعت الذهبي هذا الكتاب بالجودة[31]، وهو الشرح الثاني للشاطبية الذي ألفه ابن جُبارة بعد كتابه «المفيد»، يؤخذ هذا من قول ابن جُبارة في مقدمة «الفتوحات» - الورقة 1/ ب: (وسميته «المفيد في شرح القصيد»، ثم أضفت إليه «الفتوحات المكية والقدسية في شرح الشاطبية»). ويتضح من خلال المقارنة بين مخطوطي الكتابين أن الكتاب الثاني «الفتوحات» يوافق الأول - أي كتاب «المفيد» - في عبارته كثيرًا مع الحذف، والإضافات الكبيرة، والصياغة الجديدة. ذُكر الكتاب في أغلب المصادر دون تصريح بعنوانه السالف، وانفرد القَسْطلاني فذكره بعنوانه الصريح مع السند الذي أدى إليه الكتاب[32]. وصفت مصادر ترجمة المؤلف هذا الشرح بالكبير المطول المشهور، فحدد ابن الوردي حجمه في أربعة مجلدات[33]، ولا تدع نسخة الكتاب الخطية الوحيدة التي بين يدي مجالاً للشك في هذا الحجم[34]. أما شهرة الكتاب المشار إليها فتعود إلى أمرين: 1- شَبَه عنوان الكتاب بعنوان كتاب ابن عربي «الفتوحات المكية»، وهو الكتاب المشهور الذي أثار ضجة كبرى، ولا غرو في اختيار ابن جُبارة هذا العنوان لكتابه، وهو الرجل المتصوف الزاهد الذي أخذ التصوف وعلم القراءات عن شيخه حسن الراشدي. 2- ما تضمنه الكتاب من شرح يمكن تسميته (الشرح الإشاري)[35]، وهو ما توحي به الألفاظ من معانٍ خفية، وما ترمز إليه من دلالات غير ظاهرة، واحتمالات بعيدة. وهذا النوع من الشرح هو الذي أدى بأصحاب مصادر ترجمة المؤلف إلى نقد الكتاب ومؤلفه، فبدأ الذهبي – وهو المؤرِّخ المُنْصِف - فوصف الشرح الكبير لشيخه ابن جُبارة بقوله: (حشاه بالاحتمالات البعيدة، وأودع فيه الدُّرّة وأُذُن الجرَّة)[36]، ثم وصف شيخه بعد قليل بقوله: (ذهنه جيد من حيث الفهم، لا من حيث التحقيق ... فمن أغرب شيء حدثني به ابن النابُلُسي وأعجبِه عن ابن جُبارة أنه قال في قول الشاطبي [البيت رقم (254) من «الشاطبية»]: وفي الهمز أنحاءٌ وعند نحاتِه ** يضيءُ سناه كلما اسودّ أَلْيَلاَ يحتمـل قول الناظم في هذا البيت ست مئة ألف احتمال، وثمانون ألف احتمال. فانظر إلى هذا الهوَس المفرِط! فلو كتبت هذه الاحتمالات التي لا وجود لعشر معشارها لجاءت في ثلاث مئة ألف سطر وزيادة، وذلك يجيء في ألف كراسة، فتجلد في أربعين مجلدًا! ثم نقلتُ من خط ابن جُبارة بيت الشاطبي في وريقة، وما نصه: هذا البيت يحتمل خمس مئة وجه وأزيد من ذلك، إلى غير نهاية من الوجوه، وقد نظرت فيه، وتأملته، فوجدته كذلك كما أخبرتك به، وما أظن أحدًا يهتدي إلى ذلك إلا من هداه الله تعالى ونوّر بصيرته. انتهى. قلت: نعم، هدانا الله وبصّرنا، فإن الهمز موجود في كلام الله، وكلام الله تعالى لا يتناهى: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ البحرُ مِدادًا لِكَلِمَات رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ ﴾ [الكهف109]، فدعْ يا أيها الشخص عنك الدعاوى، والْزَمِ الورع)[37]. أما الصفدي فوصفه بالبراعة في النحو والقراءات مع اتهامه بالتخبيط[38]، وقال فيه: (عنده من الفضائل جَمْل وتفاريق، إلا أنه كان يتجازف، وينتقل بعد سعادة علمه لأجل ذاك ويتحارف)[39]. هذا وقد خلا شرح البيت (254) من «الشاطبية» في النسخة المخطوطة للكتاب تمامًا من النصَّين اللذين نقلهما الذهبي آنفًا، ويمكن عزو ذلك إلى كونهما مأخوذين من كتب أخرى للمؤلف، أَنْبَهُها كتاب «الهمز» الذي أشار ابن الجزري إلى أن ابن جُبارة قد أفرده بالتأليف[40]، كما أفرد «بيت خالصة» بالتأليف[41]، أو أن هذه النسخة التي بين أيدينا من كتاب «الفتوحات» هي نسخة معدّلة عن الكتاب أملاها المؤلف بأَخَرَة بعد أن تغيّرت حاله، وآل إلى الاعتدال في أقواله ومؤلفاته، كما قال الصفدي: (ولم يزل على حاله إلى أن كُسِر ابنُ جُبارة، وبَطَلَتْ منه تلك الرموز والإشارة)[42]. 3- «شرح عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد»: و «العقيلة» هي رائية الشاطبي المشهورة في رسم القرآن، وصف ابن الجزري[43] هذا الشرح لابن جُبارة بأنه أحسن من شرحه المتقدم ذكره للامية، وأن كليهما حسن مفيد، وقد ذكر هذا الشرح الذهبي في «معجم شيوخه» ص75، و«طبقات القراء» 2/ 1272، و«معرفة القراء الكبار» 2/ 746، والصفدي في «الوافي بالوفَيات» 8/ 26، و«أعيان العصر» 1/ 343، وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» 4/ 319، والفاسي في «ذيل التقييد» 1/ 389، والمقريزي في «المقفّى الكبير» 1/ 608، وابن مفلح في «المقصِد الأرشد» 1/ 177، والسيوطي في «بغية الوعاة» 1/ 364، والعُلَيمي في «المنهج الأحمد»5/ 24، و«الأُنس الجليل»2/ 381، والداوودي في «طبقات المفسرين»1/ 81، وابن القاضي في «درة الحِجَال» 1/ 151، وابن العماد في «شذرات الذهب» 8/ 152، والبغدادي في «هدية العارفين» 1/ 107، وابن شطّي في «مختصر طبقات الحنابلة» ص 66، والزركلي في «الأعلام» 1/ 214، وكحالة في «معجم المؤلفين» 1/ 277. وللكتاب نسختان خطيتان، أولاهما اطلعت عليها في مكتبة الأسد بدمشق برقم (306)، والثانية ذُكرت في فهرس مخطوطات الأسكوريال[44] بمدريد برقم (1407). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |