فضل أسماء الله الحسنى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 543 - عددالزوار : 23826 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 5373 )           »          حدث في الثامن من ذي القعدة 669 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيف نحصن شبابنا من الآراء الشاذة؟؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          خلاف العلماء في حكم استقبال القبلة واستدبارها أثناء قضاء الحاجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 9620 )           »          الفرع الأول: أحكام اجتناب النجاسات، وحملها والاتصال بها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من قام من نومه فوجد بللًا في ثوبه هل يجب عليه الغسل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الحديث الرابع والعشرون: حقيقة التوكل على الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تفسير سورة الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-02-2020, 04:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,674
الدولة : Egypt
افتراضي فضل أسماء الله الحسنى

فضل أسماء الله الحسنى
الشيخ وحيد عبدالسلام بالي






أَسْمَاءُ الله الحُسْنَى كُلُّها خَيْرٌ، بَلْ كُلُّ الخيرِ لَيْسَ إِلا ثَمَرَةً لَها، وكُلُّ الفَضْلِ لَيْسَ إلا زَهْرَةً مِنْ شَجَرَتِها..
يا مُنْبِتَ الأَزْهَارِ عَاطِرَةِ الشَّذَا
هَذَا الشَّذَا الفَوَّاحُ نَفْحُ شَذَاكا

يا مُجْرِيَ الأنْهَارِ مَا جَرَيَانُها إِلَّا
انْفِعَالَةُ قَطْرَةٍ لِنَدَاكا



فَتَعَالُوا بِنَا، أَيُّها الَأحِبَّةُ، ولِتَمْشِيَ أَقْدَامُ الَمحَبَّةِ على أرضِ الاشْتِيَاقِ إلى جَنَّةِ أَسْمَاءِ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ولِنَدْخُلَ بَسَاتِينَها النَّضِرَةَ، ولِنَقْطفَ مِنْ فَضَائِلِها زَهْرَةً، وَلِنَرْتشِفَ مِنْ عَسَلِها قَطْرَةً:
1- الأَسْمَاءُ الحُسْنَى مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ:
لِمَنْ عَرَفَهَا وآمَنَ بَهَا وأَدَّى حَقَّهَا. فَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لله تِسْعَةٌ وَتِسَعُونَ اسْمًا مَائةٌ إلَّا وَاحِدَةً لا يَحْفَظُها أَحَدٌ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ".
وفي روايةٍ: "مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الَجنَّةَ"[2].

2- الأسْمَاءُ الحُسْنَى تُعَرِّفُكَ باللهِ تعالى:
عَنْ أَبِي كَعْبٍ رضي الله عنه؛ أنَّ المشْرِكِينَ قَالُوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا مُحَمَّدُ، انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4] [3].

3- الأسماءُ الحُسْنَى أَصْل كُلِّ عِبَادَةٍ:
قَالَ أبو القَاسِم التَيْمِي الأصْبَهَانِي في بيانِ أهميةِ مَعْرِفَةِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى: "قالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: أَوَّلُ فَرْضٍ فَرَضَهُ اللهُ عَلَى خَلْقِهِ مَعْرِفَتُه، فَإِذَا عَرَفَهُ النَّاسُ عَبَدُوهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فَيَنْبَغِي للمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا أَسْمَاءَ الله وَتَفْسِيرَهَا، فَيُعَظِّمُوا اللهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ".
قَالَ: "وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَى رَجُلٍ أَوْ يُزَوِّجَه أو يُعَامِلَه طَلَبَ أَنْ يَعْرِفَ اسْمَه وَكُنْيَتَه، واسْمَ أبيهِ وَجَدِّه، وَسَأَلَ عَنْ صَغِيرِ أَمْرِهِ وَكَبِيرِهِ، فَاللهُ الذي خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَنَحْنُ نَرْجُو رَحْمَتَه وَنَخَافُ مِنْ سَخْطَتِهِ أَوْلَى أَنْ نَعْرِفَ أسْمَاءَه، وَنَعْرِفَ تَفْسِيرَها"[4] اه.
فَمَثَلًا: فَمَنْ عَرَفَ أَنَّهُ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، قَوِي فِيهِ رَجَاؤُه، وَازْدَادَ فِيهِ طَمَعُه، فَقَدْ قَالَ النَّبَي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رَبَّكُم تَبَارَك وتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِه إذا رَفَعَ يَدَيهِ إليهِ أَنْ يَرُدَّهُما صِفْرًا"[5].

4- الأسْمَاءُ الحُسْنَى أَعْظَمُ الأَسْبَابِ لإِجَابَةِ الدُّعَاءِ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].
فَدُعَاءُ الله بأسمائهِ الحُسْنَى هُوَ أَعْظَمُ أَسْبَابِ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَكَشْفِ البلْوَةِ، فإنَّه يَرْحَمُ سبحانه وتعالى لأَنَّهُ الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، وَيَغْفِرُ سبحانه وتعالى لأنَّهُ الغَفورُ، وكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ اللهَ بأسمائهِ الحُسْنَى ويَتَوَسَّلُ إليه بها، فكان يقول: "أَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَه فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ - أَنْ تَجْعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلْبِي..."[6].
وَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المسْجِدَ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلَهَ إلا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتَ اللهَ بالاسْمِ الذي إذا سُئِلَ به أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ".
وفي روايةٍ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِل بِهِ أَعْطَى".
وفي روايةٍ لِأَحْمَدَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: اللهُمَّ إنِي أَسْأَلُكَ يَا اللهُ الأحَدُ الصَّمَدُ، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ"، ثلاثًا[7].

5- إنَّ اللهَ يُحِبُّ مَنْ أَحَبَّ أَسْمَاءَه الحُسْنَى:
عنْ عَاِئشَةَ رضي الله عنها؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ في صَلَاتِهِم، فَيَخْتِمُ رضي الله عنه ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "سَلُوهُ لَأَي شَيْءٍ يَصْنَعُ ذلك؟" فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأنَّها صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَخْبِرُوه أنَّ اللهَ يُحِبُّه"[8].
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أُحِبُّها. فَقَالَ: "حُبُّك إِياها أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ"[9].

6- دُعَاءُ اللهِ بأسمائِهِ الحُسْنَى أَعْظَمُ أَسْبَابِ تَفْرِيجِ الكُرُوبِ وزَوَالِ الهُمومِ:
عن ابنِ مَسعودٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ قَالَ: "مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌ ولا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِني عَبْدُك، ابْنُ عَبْدِك، ابْنُ أَمَتِك، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِك، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحَزَنَهُ وأَبْدَلَ مَكَانَه فَرَحًا". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلَا نَتَعَلَّمُها؟ فَقَالَ: "بَلَى يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ سَمِعَها أَنْ يَتَعَلَّمَها"[10].
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: "لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ ورَبُّ العَرشِ العَظِيمِ"[11].
وفي رواية للنَّسَائِي وصَحَّحَه الحَاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ: لَقَّنَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ، وأَمَرَنِي إنْ نَزَلَ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَها.

7- الأسْمَاءُ الحُسْنَى أَصْلُ كُلِّ العُلُومِ:
قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ﴾ [الحديد: 3].
وقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ، فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَك شَيْءٌ..."[12].
فَإنَّ اللهَ هُوَ الأَوَّلُ فَلَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ دُونَه إِنَّمَا هُوَ مِنْ خَلْقِهِ، وَمِنْ ثَمَرَةِ أَفْعَالِهِ، وَمِنْ آثَارِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ.
قَالَ ابنُ القَيَّمِ رحمه الله: "وَكَمَا أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ سِواهُ فَبِإيجَادِه، فَوُجُودُ مَنْ سِوَاهُ تَابِعٌ لِوُجُودِه، تَبَع المفعُولِ المخلوقِ لخالقِه، فَكَذَلِكَ العِلْمُ بِها أَصْلٌ للعِلْمِ بِكُلِّ مَا سُوَاهُ، فالعِلْمُ بأسْمَائِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وإحْصَاؤُها أَصْلٌ لِسَائِرِ العُلُومِ، فَمَنْ أَحْصَى أَسْمَاءَه كَمَا يَنْبَغِي للمَخْلُوقِ أَحْصَى جَمِيعَ العُلُومِ؛ إذْ إحْصَاءُ أَسْمَائِه أَصْلٌ لِإحْصَاءِ كُلِّ مَعْلُومٍ؛ لَأنَّ المَعْلُوَمَاتِ هِيَ مِنْ مُقْتَضَاهَا وَمُرْتَبِطَةٌ بها"[13].

وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذلك:
الأَصْلُ في الخَلْقِ أنَّ اللهَ هو (الخَالِقُ)، فلا يُوجَدُ خَلْقٌ غَيْرُ خَلْقِه، ولا يُوجَدُ خَالِقٌ سِوَاه، قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16].
والأَصْلُ في الرِّزْقِ أَنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. فَهُوَ الرَّزَّاقُ، ولا رَازِقَ سِوَاهُ، وَكُلُّ رِزْقٍ إِنَّمَا هُوَ رَاِزقُه، وَمَا مِنْ عَطَاءٍ إِلَّا وَهُوَ الذِي أَعْطَاهُ، قَالَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ مُوسَى: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50].
والأَصْلُ في الرَّحْمَةِ أنَّ اللهَ تَبَارَك وَتَعَالَى هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَكُلُّ رَحْمَةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَهَا هِي الرَّحِمُ قَدِ اشْتُقَ اسْمُها مِنِ اسْمِهِ الرَّحْمَنِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عَنْ رَبِّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِي الرَّحِمُ؛ شَقَقْتُ لَها اسْمًا مِنِ اسْمِي..."[14].
إخْوَتَاه: كُلُّ مَا نَرَاه مِنْ رَحَمَاتٍ بَيْنَ الخَلَائِقِ لَيْسَتْ إِلَّا آثارَ رَحْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِرَبِّ الأرْضِ والسَّمَاواتِ؛ الله الرحمنِ الرحيمِ تَبَارَك وتَعَالَى. قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ" - وفي حَدِيثٍ آخَرَ: "كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرضِ، فَأَمْسَكَ عِنْدَه تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً"، وفي روايةٍ: "إِنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجِنِّ والإِنْسِ والبَهَائِمِ والهَوَامِ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِها - وفي روايةٍ: "حَتَّى تَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِها خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَه يَوْمَ القِيَامَةِ"[15].
فَكُلُّ رَحْمَةٍ مَهْمَا عَظُمَتْ إِنَّمَا هِي مِنَ الله عَلَى الحَقِيقَةِ، فَأَعْظَمُ النَّاسِ رَحْمَةً بِالنَّاسِ هُوَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَدْ وَصَفَهُ اللهُ بقولهِ: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، فما هذه الرَّحْمَةُ العَظِيمَةُ والأخْلَاقُ الكريمةُ إلا نَسِيمٌ مِنْ رَحْمَةِ الله؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159].

إِخْوَتَاهُ:
كُلُّ الرَّحَمَاتِ مِنَ الله، فَلَا يُرْسِلُهَا غَيْرُه، ولا يُمْسِكُهَا سِواهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 2].
فَإِذَا لَمْ يَرْحَمِ اللهُ فَمَنْ إِذًا الَّذِي يَرْحَمُ!!
مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْكَ رَبِّي تَضَرُّعًا ♦♦♦ فَإِذَا رَدَدْتَ فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ

والأَصْلُ في الَمغْفِرَةِ أَنَّ اللهَ هُوَ الغَفَّارُ، والغَفُورُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135].
وُكلُّ عَفْوٍ وَمَغْفِرَةٍ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ مَغْفِرَةِ الله وَعَفْوِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَ عِبَادَه كيف يَعْفُونَ وَيَغْفِرُونَ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 103.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 101.96 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.66%)]