فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (5-6) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4712 - عددالزوار : 1720864 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 24272 )           »          كيفية إزالة الصور من النسخ الاحتياطى فى صور جوجل دون حذفها من الجهاز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          تحديث كبير لتليجرام يتيح دمج هاتفك بجهاز التليفزيون.. أعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          طريقة تشغيل ChatGPT بلمسة واحدة على ايفون 16.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حماية اللاب توب من السرقة.. 8 خطوات أساسية لتأمين جهازك وبياناتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          إزاى ترجع اللاب توب المسروق أو الضائع.. خطوات بسيطة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تحديث جديد لواتساب .. إنشاء أيقونات المجموعات بالذكاء الاصطناعى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لمستخدمى واتساب.. كيف تحمى بياناتك عند تغيير موبايلك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          الإسلام في أفريقيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 5427 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-03-2019, 05:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,717
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (5-6)

فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (5-6)

إدارة الملتقى الفقهي

فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (5-6)
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَةِ الَّتِي فِي الْحَيْضِ الْمُبْتَلَى بِهَا شَطْرُ النِّسْوَةِ فِي الْحَجِّ وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ: مِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ حَائِضًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَحِيضُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: امْرَأَةٌ تَحِيضُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَطُوفَ إلَّا حَائِضًا وَعِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَرَى شَيْئًا مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ الَّتِي تَرَاهَا بَعْدَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِيمَنْ تَحِيضُ فِي خَامِسٍ إلَى تَاسِعٍ وَيَبْقَى حَيْضُهَا إلَى سَابِعَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَوَقَفَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَرَمَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَطَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ وَهِيَ حَائِضٌ وَلَمْ يُمْكِنْهَا عُمْرَةٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: امْرَأَةٌ وَقَفَتْ وَرَمَتْ الْجِمَارَ وَتُرِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَحَاضَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ فَلَمْ تَطُفْ وَكَتَمَتْ وَكَانَتْ تُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَلَمْ تَعْتَمِرْ وَرَجَعَتْ وَلَمْ تَفْعَلْ لَا طَوَافًا وَلَا عُمْرَةً وَلَا دَمًا .

فَأَجَابَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمَّا " الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى ": فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْحَائِضَ تَقْضِي جَمِيعَ الْمَنَاسِكِ. وَهِيَ حَائِضٌ؛ غَيْرَ الطَّوَافِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثَّابِتَةِ عَنْهُ وَاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: {الْحَائِضُ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ } {وَأَمَرَ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ لَمَّا نُفِسَتْ بِذِي الحليفة أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُحْرِمَ } {وَأَمَرَ عَائِشَةَ لَمَّا حَاضَتْ بِسَرِفِ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَلَا تَطُوفَ قَبْلَ التَّعْرِيفِ }. فَهَذِهِ الَّتِي قَدِمَتْ مَكَّةَ وَهِيَ حَائِضٌ قَبْلَ التَّعْرِيفِ لَا تَطُوفُ بِالْبَيْتِ لَكِنْ تَقِفُ بِعَرَفَةَ وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا فَكَيْفَ إذَا كَانَتْ تَرَى شَيْئًا مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ. و " الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ " لِلْفُقَهَاءِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: هَلْ هِيَ حَيْضٌ مُطْلَقٌ أَوْ لَيْسَتْ حَيْضًا مُطْلَقًا. وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّهَا إنْ كَانَتْ فِي الْعَادَةِ مَعَ الدَّمِ الْأَسْوَدِ وَالْأَحْمَرِ فَهِيَ حَيْضٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ يُرْسِلْنَ إلَى عَائِشَةَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فَتَقُولُ لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا فَكُنَّ يَجْعَلْنَ مَا قَبْلَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ حَيْضًا. وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. وَلَيْسَ فِي الْمَنَاسِكِ مَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ إلَّا الطَّوَافَ فَإِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا الطَّوَافُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَفِيهِ نِزَاعٌ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ لَا تَجِبُ لَهُ الطَّهَارَةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. ثُمَّ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الطَّهَارَةِ هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ كَمَا هِيَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ أَمْ هِيَ وَاجِبَةٌ إذَا تَرَكَهَا جَبَرَهَا بِدَمِ كَمَنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد. أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ: وَهِيَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطٌ فِيهَا فَإِذَا طَافَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ حَائِضًا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ثُمَّ عَلِمَ أَعَادَ الطَّوَافَ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ وَاجِبٌ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ جَبَرَهُ بِدَمِ؛ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْجُنُبُ وَالْحَائِضُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ وَالْمُحْدِثُ عَلَيْهِ شَاةٌ. وَأَمَّا أَحْمَد فَأَوْجَبَ دَمًا وَلَمْ يُعَيِّنْ بَدَنَةً وَنَصَّ فِي ذَلِكَ عَلَى الْجُنُبِ إذَا طَافَ نَاسِيًا فَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: عَلَيْهِ دَمٌ. فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْن ِ فِي الْمَعْذُورِ خَاصَّةً كَالنَّاسِي. وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ الرِّوَايَتَيْن ِ مُطْلَقًا فِي النَّاسِي وَالْمُتَعَمِّد ِ وَنَحْوِهِمَا. وَاَلَّذِينَ جَعَلُوا ذَلِكَ شَرْطًا احْتَجُّوا بِأَنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَالصَّلَاةِ كَمَا فِي النسائي وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَ لَكُمْ فِيهِ الْكَلَامَ فَمَنْ تَكَلَّمَ فَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرِ } وَهَذَا قَدْ قِيلَ إنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عريان } وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } نَزَلَتْ لَمَّا كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً إلَّا الْحُمْسَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَطُوفُونَ فِي ثِيَابِهِمْ وَغَيْرُهُمْ لَا يَطُوفُ فِي ثِيَابِهِ يَقُولُونَ: ثِيَابٌ عَصَيْنَا اللَّهَ فِيهَا فَإِنْ وَجَدَ ثَوْبَ أحمسي طَافَ فِيهِ وَإِلَّا طَافَ عريانا فَإِنْ طَافَ فِي ثِيَابِهِ أَلْقَاهَا فَسُمِّيَتْ لِقَاءً. وَكَانَ هَذَا مِمَّا ابْتَدَعَهُ الْمُشْرِكُونَ فِي الطَّوَافِ وَابْتَدَعُوا أَيْضًا تَحْرِيمَ أَشْيَاءَ مِنْ الْمَطَاعِمِ فِي الْإِحْرَامِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ } {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ } وَقَوْلَهُ: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً } - كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرَاةً - {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ }. فَمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ مِنْ إيجَابِ الطَّهَارَةِ وَالسِّتَارَةِ فِي الطَّوَافِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِاللُّزُومِ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ شَرْطًا فِيهِ كَالصَّلَاةِ فَفِيهِ نِزَاعٌ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطِ قَالَ: إنَّ الْحَجَّ قَدْ وَجَبَ فِيهِ أَشْيَاءُ تُجْبَرُ بِدَمِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْحَجِّ فَإِذَا تَرَكَهَا الْحَاجُّ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا جَبَرَهَا بِدَمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَهَلْ يَجِبُ فِيهَا مَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا أَمْ لَا ؟ أَمْ لَا تَبْطُلُ إذَا تَرَكَهُ نِسْيَانًا هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ. فَأَبُو حَنِيفَةَ يُوجِبُ فِيهَا مَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِهِ مُطْلَقًا كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالطُّمَأْنِين َةِ كَذَلِكَ أَحْمَد فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِهِ إذْ أَوْجَبَ الْجَمَاعَةَ وَلَمْ يَجْعَلْهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ يُوجِبُ فِيهَا مَا إذَا تَرَكَهُ سَهْوًا جَبَرَهُ بِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ كَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَكَذَلِكَ مَالِكٍ يُوجِبُ فِيهَا مِنْ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا مَا إذَا تَرَكَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يُعِدْ بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي مَذَاهِبِهِمْ .
******
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَةِ الَّتِي فِي الْحَيْضِ الْمُبْتَلَى بِهَا شَطْرُ النِّسْوَةِ فِي الْحَجِّ وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ: مِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ حَائِضًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَحِيضُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: امْرَأَةٌ تَحِيضُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَطُوفَ إلَّا حَائِضًا وَعِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَرَى شَيْئًا مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ الَّتِي تَرَاهَا بَعْدَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِيمَنْ تَحِيضُ فِي خَامِسٍ إلَى تَاسِعٍ وَيَبْقَى حَيْضُهَا إلَى سَابِعَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَوَقَفَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَرَمَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَطَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ وَهِيَ حَائِضٌ وَلَمْ يُمْكِنْهَا عُمْرَةٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: امْرَأَةٌ وَقَفَتْ وَرَمَتْ الْجِمَارَ وَتُرِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَحَاضَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ فَلَمْ تَطُفْ وَكَتَمَتْ وَكَانَتْ تُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَلَمْ تَعْتَمِرْ وَرَجَعَتْ وَلَمْ تَفْعَلْ لَا طَوَافًا وَلَا عُمْرَةً وَلَا دَمًا .
فأجاب:وَأَمَّا " الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ ": فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إذَا حَاضَتْ وَطَهُرَتْ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ سَقَطَ عَنْهَا طَوَافُ الْقُدُومِ وَطَافَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَبَعْدَهُ وَهِيَ طَاهِرٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ طَافَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَهِيَ طَاهِرٌ ثُمَّ حَاضَتْ فَلَمْ تَطْهُرْ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ؛ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ رَخَّصَ لِلْمَرْأَةِ إذَا طَافَتْ وَهِيَ طَاهِرٌ ثُمَّ حَاضَتْ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ {وَحَاضَتْ امْرَأَتُهُ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ فَقَالُوا: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: فَلَا إذًا} .
******
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ هَذِهِ الضَّرُورَةِ الَّتِي فِي الْحَيْضِ الْمُبْتَلَى بِهَا شَطْرُ النِّسْوَةِ فِي الْحَجِّ وَكَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ فِيهِ: مِنْهُمْ مَنْ تَكُونُ حَائِضًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِحْرَامِ وَمِنْهُمْ مَنْ تَحِيضُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ. الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: امْرَأَةٌ تَحِيضُ أَوَّلَ الشَّهْرِ وَلَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَطُوفَ إلَّا حَائِضًا وَعِنْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَرَى شَيْئًا مِنْ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ الَّتِي تَرَاهَا بَعْدَ الْقَصَّةِ الْبَيْضَاءِ فَمَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِيمَنْ تَحِيضُ فِي خَامِسٍ إلَى تَاسِعٍ وَيَبْقَى حَيْضُهَا إلَى سَابِعَ عَشَرَ أَوْ أَكْثَرَ فَوَقَفَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَرَمَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَطَافَتْ لِلْإِفَاضَةِ وَهِيَ حَائِضٌ وَلَمْ يُمْكِنْهَا عُمْرَةٌ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: امْرَأَةٌ وَقَفَتْ وَرَمَتْ الْجِمَارَ وَتُرِيدُ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَحَاضَتْ قَبْلَ الطَّوَافِ فَلَمْ تَطُفْ وَكَتَمَتْ وَكَانَتْ تُرِيدُ الْعُمْرَةَ فَلَمْ تَعْتَمِرْ وَرَجَعَتْ وَلَمْ تَفْعَلْ لَا طَوَافًا وَلَا عُمْرَةً وَلَا دَمًا .
فأجاب: وَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَعَلَيْهَا أَنْ تَحْتَبِسَ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ وَعَلَى مَنْ مَعَهَا أَنْ يَحْتَبِسَ لِأَجْلِهَا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ. وَلَمَّا كَانَتْ الطُّرُقَاتُ آمِنَةً فِي زَمَنِ السَّلَفِ وَالنَّاسُ يَرِدُونَ مَكَّةَ وَيَصْدُرُونَ عَنْهَا فِي أَيَّامِ الْعَامِ كَانَتْ الْمَرْأَةُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَحْتَبِسَ هِيَ وَذُو مَحْرَمِهَا وَمُكَارِيهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفَ فَكَانَ الْعُلَمَاءُ يَأْمُرُونَ بِذَلِكَ. وَرُبَّمَا أَمَرُوا الْأَمِيرَ أَنْ يَحْتَبِسَ لِأَجْلِ الْحُيَّضِ حَتَّى يَطْهُرْنَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَحَابِسَتُنَا هِيَ ؟ " وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمِيرٌ وَلَيْسَ بِأَمِيرِ: امْرَأَةٌ مَعَ قَوْمٍ حَاضَتْ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ فَيَحْتَبِسُونَ لِأَجْلِهَا حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ أَوْ كَمَا قَالَ. وَأَمَّا هَذِهِ الْأَوْقَاتُ فَكَثِيرٌ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ أَكْثَرُهُنَّ لَا يُمْكِنُهَا الِاحْتِبَاسُ بَعْدَ الْوَفْدِ وَالْوَفْدُ يَنْفِرُ بَعْدَ التَّشْرِيقِ بِيَوْمِ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَتَكُونُ هِيَ قَدْ حَاضَتْ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَلَا تَطْهُرُ إلَى سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ وَهِيَ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُقِيمَ بِمَكَّةَ حَتَّى تَطْهُرَ؛ إمَّا لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَوْ لِعَدَمِ الرُّفْقَةِ الَّتِي تُقِيمُ مَعَهَا وَتَرْجِعُ مَعَهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الْمُقَامُ بِمَكَّةَ لِعَدَمِ هَذَا أَوْ هَذَا أَوْ لِخَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَا لَهَا فِي الْمُقَامِ وَفِي الرُّجُوعِ بَعْدَ الْوَفْدِ. وَالرُّفْقَةُ الَّتِي مَعَهَا: تَارَةً لَا يُمْكِنُهُمْ الِاحْتِبَاسُ لِأَجْلِهَا إمَّا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُقَامِ وَالرُّجُوعِ وَحْدَهُمْ وَإِمَّا لِخَوْفِ الضَّرَرِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ . وَتَارَةً يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ لَكِنْ لَا يَفْعَلُونَهُ فَتَبْقَى هِيَ مَعْذُورَةً. فَهَذِهِ " الْمَسْأَلَةُ " الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى. فَهَذِهِ إذَا طَافَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَجَبَرَتْ بِدَمِ أَوْ بَدَنَةٍ أَجْزَأَهَا ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: الطَّهَارَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ عَنْهُ وَأَوْلَى فَإِنَّ هَذِهِ مَعْذُورَةٌ؛ لَكِنْ هَلْ يُبَاحُ لَهَا الطَّوَافُ مَعَ الْعُذْرِ هَذَا مَحَلُّ النَّظَرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مِنْ يَجْعَلُهَا شَرْطًا: هَلْ يَسْقُطُ هَذَا الشَّرْطُ لِلْعَجْزِ عَنْهُ وَيَصِحُّ الطَّوَافُ ؟ هَذَا هُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ النَّاس إلَى مَعْرِفَتِهِ. فَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّمَا تَفْعَلُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَعْجِزُ عَنْهُ فَتَطُوفُ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَغْتَسِلَ - وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا - كَمَا تَغْتَسِلُ لِلْإِحْرَامِ وَأَوْلَى. وَتَسْتَثْفِرُ كَمَا تَسْتَثْفِرُ الْمُسْتَحَاضَة ُ وَأَوْلَى وَذَلِكَ لِوُجُوهِ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذِهِ لَا يُمْكِنُ فِيهَا إلَّا أَحَدُ أُمُورٍ خَمْسَةٍ: إمَّا أَنْ يُقَالَ: تُقِيمُ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ وَلَا مَكَانَ تَأْوِي إلَيْهِ بِمَكَّةَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهَا وَإِنْ حَصَلَ لَهَا بِالْمُقَامِ بِمَكَّةَ مَنْ يَسْتَكْرِهُهَا عَلَى الْفَاحِشَةِ فَيَأْخُذُ مَالَهَا أَنْ كَانَ مَعَهَا مَالٌ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَرْجِعُ غَيْرَ طَائِفَةٍ بِالْبَيْتِ وَتُقِيمُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ إحْرَامِهَا إلَى أَنْ يُمْكِنَهَا الرُّجُوعُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهَا بَقِيَتْ مُحْرِمَةً إلَى أَنْ تَمُوتَ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ تَتَحَلَّلُ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْصَرُ وَيَبْقَى تَمَامُ الْحَجِّ فَرْضًا عَلَيْهَا تَعُودُ إلَيْهِ كَالْمُحْصَرِ عَنْ الْبَيْتِ مُطْلَقًا لِعُذْرِ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ مِنْ إحْرَامِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَسْقُطْ الْفَرْضُ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَلَوْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعِ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَأُحْصِرَ فَهَلْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد: أَشْهَرُهُمَا عَنْهُ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ . وَالثَّانِي عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَكُلٌّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ احْتَجَّ بِعُمْرَةِ الْقَضِيَّةِ هَؤُلَاءِ قَالُوا: قَضَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُولَئِكَ قَالُوا: لَمْ يَقْضِهَا المحصرون مَعَهُ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَ ةٍ وَاَلَّذِينَ اعْتَمَرُوا مَعَهُ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ كَانُوا دُونَ ذَلِكَ بِكَثِيرِ وَقَالُوا: سُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَاضَى عَلَيْهَا الْمُشْرِكِينَ لَا لِكَوْنِهِ قَضَاهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ عُمْرَةً قَائِمَةً بِنَفْسِهَا. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: مَنْ تَخَافُ أَنْ تَحِيضَ فَلَا يُمْكِنُهَا الطَّوَافُ طَاهِرًا لَا تُؤْمَرُ بِالْحَجِّ لَا إيجَابًا وَلَا اسْتِحْبَابًا وَنِصْفُ النِّسَاءِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ النِّصْفِ يَحِضْنَ؛ إمَّا فِي الْعَاشِرِ وَإِمَّا قَبْلَهُ بِأَيَّامِ وَيَسْتَمِرُّ حَيْضُهُنَّ إلَى مَا بَعْدَ التَّشْرِيقِ بِيَوْمِ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَهَؤُلَاءِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَعْوَامِ أَوْ أَكْثَرِهَا لَا يُمْكِنُهُنَّ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ مَعَ الطُّهْرِ فَلَا يَحْجُجْنَ ثُمَّ إذَا قُدِّرَ أَنَّ الْوَاحِدَةَ حَجَّتْ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَة ِ إلَّا أَنْ يُسَوَّغَ لَهَا الطَّوَافُ مَعَ الْحَيْضِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤْمَرَ بِهِ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ فِي دِينِهَا وَدُنْيَاهَا مَا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ اللَّهَ يَنْهَى عَنْهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَأْمُرَ بِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: كَذَلِكَ لِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ فَالْمُحْصَرُ بِعَدُوِّ لَهُ أَنْ يَتَحَلَّلَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحْصَرُ بِمَرَضِ أَوْ فَقْرٍ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فَمَنْ جَوَّزَ لَهُ التَّحَلُّلَ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَمَنْ مَنَعَهُ التَّحَلُّلَ قَالَ: إنَّ ضَرَرَ الْمَرَضِ وَالْفَقْرِ لَا يَزُولُ بِالتَّحَلُّلِ بِخِلَافِ حَبْسِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِالتَّحَلُّلِ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ وَأَبَاحُوا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ ثُمَّ إذَا فَاتَهُ الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةِ الْفَوَاتِ فَإِذَا صَحَّ الْمَرِيضُ ذَهَبَ وَالْفَقِيرُ حَاجَتُهُ فِي إتْمَامِ سَفَرِ الْحَجِّ كَحَاجَتِهِ فِي الرُّجُوعِ إلَى وَطَنِهِ فَهَذَا مَأْخَذُهُمْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ. قَالُوا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِالتَّحَلُّلِ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَأْخَذُ صَحِيحًا وَإِلَّا كَانَ الصَّحِيحُ هُوَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَهُوَ التَّحَلُّلُ وَهَذَا الْمَأْخَذُ يَقْتَضِي اتِّفَاقَ الْأَئِمَّةِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ دَوَامُ الْإِحْرَامِ يَحْصُلُ بِهِ ضَرَرٌ يَزُولُ بِالتَّحَلُّلِ فَلَهُ التَّحَلُّلُ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ إذَا دَامَ إحْرَامُهَا تَبْقَى مَمْنُوعَةً مِنْ الْوَطْءِ دَائِمًا بَلْ وَمَمْنُوعَةً فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِمْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ بَلْ وَمِنْ النِّكَاحِ وَمِنْ الطِّيبِ وَمِنْ الصَّيْدِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِذَلِكَ. وَشَرِيعَتُنَا لَا تَأْتِي بِمِثْلِ ذَلِكَ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمُحْصَرَ بِمَرَضِ أَوْ نَفَقَةٍ يَقُولُ بِمِثْلِ ذَلِكَ - فَالْمَرِيضُ المأيوس مِنْ بُرْئِهِ وَالْفَقِيرُ الَّذِي يُمْكِنُهُ الْمُقَامُ دُونَ السَّفَرِ - كَانَ قَوْلُهُ مَرْدُودًا بِأُصُولِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ فَقِيهٌ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَرِيضَ الْمَعْضُوبَ المأيوس مِنْ بُرْئِهِ أَنْ يَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَمُوتَ بَلْ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ إنَّهُ يُقِيمُ مَقَامَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي أَصْلِ الْحَجِّ. فَأَوْجَبَاهُ عَلَى الْمَعْضُوبِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَحُجُّ بِهِ غَيْرُهُ عَنْهُ إذْ كَانَ مَنَاطُ الْوُجُوبِ عِنْدَهُمَا هُوَ مِلْكَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ الْقُدْرَةَ بِالْبَدَنِ كَيْفَ مَا كَانَ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَجْمُوعَهُمَا وَعِنْدَ أَحْمَد فِي كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَنَاطٌ لِلْوُجُوبِ فَيَجِبُ عَلَى هَذَا وَهَذَا وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمَعْضُوبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ بِبَدَنِهِ فَكَيْفَ يَبْقَى مُحْرِمًا عَلَيْهِ إتْمَامُ الْحَجِّ إلَى أَنْ يَمُوتَ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ إذَا أَمْكَنَهَا الْعَوْدُ فَعَادَتْ أَصَابَهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ نَظِيرُ مَا أَصَابَهَا فِي الْأُولَى إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهَا الْعَوْدُ إلَّا مَعَ الْوَفْدِ وَالْحَيْضُ قَدْ يُصِيبُهَا مُدَّةَ مُقَامِهِمْ بِمَكَّةَ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا إيجَابُ سَفَرَيْنِ كَامِلَيْنِ عَلَى الْإِنْسَانِ لِلْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَلَا عُدْوَانٍ وَهَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى النَّاسِ الْحَجَّ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَإِذَا أَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُفْسِدِ فَذَلِكَ بِسَبَبِ جِنَايَتِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا أَوْجَبَهُ عَلَى مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَذَلِكَ بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ لَهُ وَقْتٌ مَحْدُودٌ يُمْكِنُ فِي الْعَادَةِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْهُ فَتَأَخُّرُهُ يَكُونُ لِجَهْلِهِ بِالطَّرِيقِ أَوْ بِمَا بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ لِتَرْكِ السَّيْرِ الْمُعْتَادِ وَكُلُّ ذَلِكَ تَفْرِيطٌ مِنْهُ؛ بِخِلَافِ الْحَائِضِ فَإِنَّهَا لَمْ تُفَرِّطْ وَلِهَذَا أَسْقَطَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا طَوَافَ الْوَدَاعِ وَطَوَافَ الْقُدُومِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَصْفِيَّةَ. وَأَمَّا التَّقْدِيرُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا تَتَحَلَّلُ كَمَا يَتَحَلَّلُ الْمُحْصَرُ فَهَذَا أَقْوَى قَالَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّ خَوْفَهَا مَنَعَهَا مِنْ الْمُقَامِ حَتَّى تَطُوفَ كَمَا لَوْ كَانَ بِمَكَّةَ عَدُوٌّ مَنَعَهَا مِنْ نَفْسِ الطَّوَافِ دُونَ الْمُقَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ لَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يُسْقِطُ عَنْهَا فَرْضَ الْإِسْلَامِ وَلَا يُؤْمَرُ الْمُسْلِمُ بِحَجِّ يُحْصَرُ فِيهِ فَمَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ إذَا حَجَّ أُحْصِرَ عَنْ الْبَيْتِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْحَجُّ بَلْ خُلُوُّ الطَّرِيقِ وَأَمْنُهُ وَسَعَةُ الْوَقْتِ شَرْطٌ فِي لُزُومِ السَّفَرِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ بِمَعْنَى أَنَّ مِلْكَ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ ضِيقِ الْوَقْتِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ؟ فَيُحَجُّ عَنْهُ إذَا مَاتَ ؟ أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِحَالِ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ مَعْرُوفَيْنِ. فَعَلَى قَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا رُخْصَةً إلَّا رُخْصَةَ الْحَصْرِ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِالْحَجِّ؛ بَلْ لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَبْقَى الْحَجُّ غَيْرَ مَشْرُوعٍ لِكَثِيرِ مِنْ النِّسَاءِ. أَوْ أَكْثَرُهُنَّ فِي أَكْثَرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ مَعَ إمْكَانِ أَفْعَالِهَا كُلِّهَا لِكَوْنِهِنَّ يَعْجِزْنَ عَنْ بَعْضِ الْفُرُوضِ فِي الطَّوَافِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا خِلَافُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ فَإِنَّ الْعِبَادَاتِ الْمَشْرُوعَةَ إيجَابًا أَوْ اسْتِحْبَابًا إذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ مَا يَجِبُ فِيهَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْمَقْدُورُ؛ لِأَجْلِ الْمَعْجُوزِ بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَذَلِكَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَمَعْلُومٌ أَنَّ الصَّلَاةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ الَّتِي هِيَ أَعْظَمُ مِنْ الطَّوَافِ لَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا فَكَيْفَ يَسْقُطُ الْحَجُّ بِعَجْزِهِ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِ الطَّوَافِ وَأَرْكَانِهِ وَمِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يُقَالَ: يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّ هَذَا خِلَافُ الْأُصُولِ إذْ الْحَجُّ عِبَارَةٌ عَنْ الْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ الرُّكْنَيْنِ وَأَجَلُّهُمَا؛ وَلِهَذَا يُشْرَعُ فِي الْحَجِّ وَيُشْرَعُ فِي الْعُمْرَةِ وَيُشْرَعُ مُنْفَرِدًا وَيُشْتَرَطُ لَهُ مِنْ الشُّرُوطِ مَا لَا يُشْتَرَطُ لِلْوُقُوفِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِحَّ الْحَجُّ بِوُقُوفِ بِلَا طَوَافٍ. وَلَكِنْ أَقْرَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: يُجْزِيهَا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ. فَيُقَالُ: إنَّهَا إنْ أَمْكَنَهَا الطَّوَافُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَإِلَّا طَافَتْ قَبْلَهُ؛ لَكِنَّ هَذَا لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ بِهِ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ وَلَا قَالَ بِإِجْزَائِهِ؛ إلَّا مَا نَقَلَهُ الْبَصْرِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ التَّعْرِيفِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَنَّ هَذَا يُجْزِيهِ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ. وَقَدْ قِيلَ: عَلَى هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي الْحَائِضِ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّوَافُ إلَّا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَكِنَّ هَذَا لَا أَعْرِفُ بِهِ قَائِلًا. وَالْمَسْأَلَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ مَالِكٍ قَدْ يُقَالُ: فِيهَا إنَّ النَّاسِيَ وَالْجَاهِلَ مَعْذُورٌ فَفِي تَكْلِيفِهِ الرُّجُوعَ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ لِهَذَا الْعُذْرِ وَكَمَا يُقَالُ فِي الطَّهَارَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْن ِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد: أَنَّهُ إذَا طَافَ مُحْدِثًا نَاسِيًا حَتَّى أَبْعَدَ كَانَ مَعْذُورًا فَيَجْبُرُهُ بِدَمِ. وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْيَانُ بِأَكْثَرِ الْوَاجِبَاتِ فَكَيْفَ يَسْقُطُ بِعَجْزِهِ عَنْ بَعْضِهَا وَطَوَافُ الْحَائِضِ قَدْ قِيلَ إنَّهُ يُجْزِئُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهَا دَمٌ. وَأَمَّا تَقْدِيمُ طَوَافِ الْفَرْضِ عَلَى الْوُقُوفِ: فَلَا يُجْزِي مَعَ الْعَمْدِ بِلَا نِزَاعٍ، وَتَرْتِيبُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ يَسْقُطُ بِالنِّسْيَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَلَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَلَا بِضِيقِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ. وَأَيْضًا فَالْمُسْتَحَاض َةُ وَمَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ وَنَحْوُ هَؤُلَاءِ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ التَّعْرِيفِ بِطَهَارَةِ وَبَعْدَ التَّعْرِيفِ بِهَذَا الْحَدَثِ لَمْ يَطُفْ إلَّا بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ قَبْلَ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِأَجْلِ الْحَيْضِ فِي رَمَضَانَ وَلَكِنْ تَصُومُ بَعْدَ وُجُوبِ الصَّوْمِ. وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأُصُولَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّهُ مَتَى دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْإِخْلَالِ بِوَقْتِ الْعِبَادَةِ وَالْإِخْلَالِ بِبَعْضِ شُرُوطِهَا وَأَرْكَانِهَا كَانَ الْإِخْلَالُ بِذَلِكَ أَوْلَى كَالصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ الْوَقْتِ بِطَهَارَةِ وَسِتَارَةٍ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُجْتَنِبَ النَّجَاسَةِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا فِي الْوَقْتِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُمْكِنِ وَلَا يَفْعَلُهَا قَبْلَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا يُؤَخِّرُ الْعِبَادَةَ عَنْ الْوَقْتِ بَلْ يَفْعَلُهَا فِيهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ لِلْمَعْذُورِ فِي الْجَمْعِ لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتَانِ: وَقْتٌ مُخْتَصٌّ لِأَهْلِ الرَّفَاهِيَةِ وَوَقْتٌ مُشْتَرَكٌ لِأَهْلِ الْأَعْذَارِ. وَالْجَامِعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ صَلَّاهُمَا فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ لَمْ يُفَوِّتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا قَدَّمَهَا عَلَى الْوَقْتِ الْمُجْزِئِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَكَذَلِكَ الْوُقُوفُ لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْوُقُوفُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ فِي وَقْتِهِ لَمْ يَكُنْ الْوُقُوفُ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ مُجْزِيًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَالطَّوَافُ لِلْإِفَاضَةِ هُوَ مَشْرُوعٌ بَعْدَ التَّعْرِيفِ وَوَقْتُهُ يَوْمَ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَلْ يُجْزِئُ بَعْدَ انْتِصَافِ اللَّيْلِ لَيْلَةَ النَّحْرِ ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ. فَإِذَا تَبَيَّنَ فَسَادُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ بَقِيَ الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنَّهَا تَفْعَلُ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهَا مَا تَعْجِزُ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ النُّصُوصُ الْمُتَنَاوِلَة ُ لِذَلِكَ وَالْأُصُولُ الْمُشَابِهَةُ لَهُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُخَالَفَةُ الْأُصُولِ وَالنُّصُوصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ } إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا. كَقَوْلِهِ: {إذَا أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ } وَقَوْلِهِ {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ} وَقَوْلِهِ: {لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارِ } وَقَوْلِهِ: " حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فِيهِ " وَقَوْلِهِ: {لَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عريان } وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ وُجُوبَ ذَلِكَ جَمِيعِهِ مَشْرُوطٌ بِالْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا أَسْتَطَعْتُمْ } وَهَذَا تَقْسِيمٌ حَاصِرٌ.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 135.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 133.79 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.27%)]